الخميس 27 يونيو 2024

محمية بشعبها وجيشها لن تُفشِلوا مصـــــر أبـــدًا..

5-8-2017 | 13:31

بقلم: جمال أسعد

الصراع سيظل سمة مميزة لحياة الإنسان على الأرض من أجل البقاء والاستمرار، ويمكن لهذا الصراع أن يكون إيجابيًا وأن يكون سلبيًا. فالإيجابى هنا يعنى أن هذا الصراع يأخذ الأشكال المشروعة والطبيعية بهدف الحفاظ على الحياة وتوفير المتطلبات التى تحفظ الحياة وتساعد على استمراريتها، الشيء الذى جعل الإنسان يبدع ويخترع، ما يجعله غير خاضع للطبيعة ولقوى الشر الإنسانية وغير الإنسانية، وهنا يمكن أن يتعاون الإنسان مطلق إنسان فى هذا الإطار الإيجابى وبالقطع فهذا النوع الإيجابى من هذا الصراع هو الذى حافظ على الإنسان والحياة، وهو الذى أبدع الحضارة واستحسن التقدم.

أما هذا الصراع فى صورته السلبية وهذا ما يتوافق مع ثنائية الخير والشر. هو ذلك الصراع الذى تحوطه الأنانية ويغذيه الاستبداد، ويسيطر عليه مبدأ الأقوى الذى يسيطر على الأضعف. وهنا ومن هذا المنطلق كانت الظاهرة الاستعمارية منذ البداية تأخذ الأشكال المختلفة وتتدثر بالأساليب المتعددة بهدف السيطرة والاستحواذ وتحت مسميات كثيرة ومتباينة، هنا كانت تمارس هذه القوة وذاك الاستبداد وهذا الصراع عن طريق ما يسمى بالحروب. وبالطبع قد أخذت هذه الحروب الأشكال وتعاملت مع الأساليب التى تتوافق مع تطور الإنسان وتقدم البشرية. فكانت الحروب لا تملك غير الأدوات المتاحة للقتال، فكان بالحجارة ثم تطور إلى القتال بالنبال والسهام، ثم كانت الخناجر والرماح والسيوف. وهذه الحروب قد أطلق عليها فيما بعد حروب الجيل الأول. ومع التطور الذى واكب الحياة فى مناحيها كان هذا التطور لا يسقط شكل وأساليب وأدوات هذه الحروب، فكان الجيل الثانى من الحروب وهو الذى اعتمد على البارود والأسلحة النارية الصغيرة التى تطورت وتحولت إلى رصاص وقذائف صواريخ ودانات دبابات وطائرات وغواصات وبوارج وسفن حربية. وهذه الحرب هى التى كانت والتى اشتعلت منذ بدايات القرن العشرين فى الحرب العالمية الأولى ثم الثانية. تلك الحروب التى راح ضحيتها الملايين من البشر، حيث كانت تشتبك فيها الجيوش بعضها بالبعض الآخر، والمنتصر هو من يستوعب ضربات العدو ويردها دون أن ينهار. ولازالت آثار هذه الحروب تؤتى فعلها ونعانى من آثارها حتى الآن فى المنطقة حيث آثار معاهدة سايكس - بيكو ١٩١٦ التى أفرزت وعد بلفور ١٩١٧ حتى كانت الدولة الصهيونية العنصرية، التى لازالت تقوم بالدور المرسوم الذى تجاوز الحروب التقليدية. ثم بعد ذلك وجدنا ما يسمى بالجيل الثالث من الحروب، وهى بالحروب الاستباقية، وهى التى تتم بغير اشتباك مباشر بين جيشين على الأرض، وإنما يتم حسمها بالصواريخ بعيدة المدى وطائرات لا تراها قوات الدفاع الجوى لإمكانياتها المتطورة. وهذه الحروب تم استعمالها على أرض الواقع بعد ضرب وتفجير مبنى التجارة العالمى بأمريكا فى ١١/٩/٢٠١١ فكانت تلك الحروب الاستباقية ضد أفغانستان للسيطرة على المنطقة بما فيها من نفط ولإمكانية السيطرة على منطقة تجاور الاتحاد السوفيتى الذى انهار بمخطط أمريكى وبمساعدة بعض الدول العربية والإسلامية استغلالًا للعاطفة الدينية.

كما كانت هذه الضربة الاستباقية لأفغانستان مقدمة وتمهيدًا لسحق العراق فى عام ٢٠٠٣ بهدف القضاء على نظام صدام حسين المناوئ لأمريكا والمهدد لإسرائيل بحجة وجود أسلحة دمار شامل والادعاء ينشر الديمقراطية، التى هى الاسم السرى والكودى لنشر الفوضي. ولاشك فالجيل الثالث هذا من الحروب قد حوّل أفغانستان والعراق إلى دول فاشلة وشبه فاشلة. الشيء الذى فتح المجال للتطوير والتطوير إلى أعلى، فكان ما يسمى بالجيل الرابع من الحروب. الذى يحقق الوصول إلى تحقيق الأهداف دون حروب عسكرية مباشرة، حيث البديل هو زرع كل عوامل الفشل داخل الدولة المستهدفة، مثل العمل على إفشال الأجهزة الحكومية من القيام بدورها. وتأكيدًا لهذا الفشل لابد أن تسقط قطعة من أرض الدولة فى يد قوة أخرى معادية، مثل ما حدث فى العراق وسوريا واليمن وليبيا. ومثل ما يحاولون الآن فعله فى سيناء حيث لم يجعلهم الجيش المصرى يحققون هذا الحلم لا فى سيناء أو غيرها. كما يجب لإفشال الدولة التشكيك فى شرعية مؤسسات الدولة من رئيس وحكومة وبرلمان وهيئات أخرى؛ حتى يمكن وصف هذه القرارات بغير الشرعية، وبالطبع لكى يتم هذا لابد له من أدوات، فيكون الإرهاب هو أهم هذه الأدوات، فيتم مساعدة ذلك الإرهاب بالتمويل المالى والإمداد العسكرى واللوجيستى والإيواء والحماية ناهيك عن الدور الإعلامى المساند لذلك الإرهاب إضافة إلى العمل لإنشاء ومساعدة قواعد إرهابية غير وطنية ومتعددة الجنسيات إضافة إلى شن حروب متطورة للغاية من خلال الإعلام، خاصة تلك المواقع المتعددة فى السوشيال ميديا والتى يعتمدون عليها فى التجنيد وإشعال الحروب النفسية، بهدف زعزعة الثقة وكسر الإرادة وتفتيت التوحد وشرخ التوافق. إضافة إلى استخدام كل الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والطائفية واستخدام حرب العصابات واستغلال وتوظيف حركات التمرد.

ولدور مصر ولموقعها وبمكانها ولمكانتها ولتاريخها وحضارتها دائمًا وأبدًا نجد هؤلاء المستعمرين وأؤلئك المستغلين دائمًا ما يستهدفون مصر. فمصر طوال تاريخها، وبالرغم من كل الظروف التى مرت وتمر بها، ستظل مصر بدورها التاريخى محافظة على استقلالها ملكًا لأهلها غير متنازلة عن دورها العربى والإقليمي. ولذلك كان من الطبيعى وبعد الربيع العربى الذى استغل التحركات والهبات الجماهيرية لرفض الأنظمة الحاكمة التى كانت قد فقدت شرعيتها الدستورية والجماهيرية لصالح قوى الشر التى تنفذ مخطط إعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية تحقيقًا للمخطط الأمريكى الصهيونى المعلن منذ عام ١٩٨٣ والذى أكد وركز على أن مصر هى الجائزة الكبرى فى هذا المخطط. كان المخطط قد نفذ فى العراق لتحويلها إلى ثلاث دول سنية وشيعية وكردية. قسم السودان إلى شمال وجنوب، مازالت محاولة إفشال الدول العربية تسير بخطى خطيرة مثل ما نرى الآن فى سوريا واليمن وليبيا وما يحاك للبنان. ومصر ذلك الهدف الأهم والذى سقط فى المخطط عندما تم اختطاف هبة ٢٥ يناير لصالح جماعة الإخوان التى سلمت وأعلنت عمليًا، ومنذ البداية، بل وافتخرت بدورها فى تنفيذ المخطط. فعندما تعود مصر للمصريين ولدورها التاريخى فى يونيه ٢٠١٣ . فهذا يعنى أن مصر ويونيه قد أفشلا هذا المخطط، وقد ظهر هذا فى رد الفعل المتشنج ضد يونيه وضد السيسى ونظامه.

فكان الإرهاب والتنظيمات الإرهابية والطابور الخامس والحرب النفسية والإصرار على شن هذا الجيل الرابع بهدف إفشال الدولة المصرية. وجدنا هذا التشكيك المستمر فى شرعية نظام يونيه ورئيسه وحكومته وبرلمانه؛ حيث يوصف النظام الذى جاء ثورة شعبية بأنه إنقلابى، فى الوقت الذى يصفون فيه ٢٥ يناير بالثورة. نجد التشكيك فى كل المشروعات القومية بعدم ضرورتها الآن فى ظل المشاكل الاقتصادية الخانقة. وجدنا إثارة الفتنة الطائفية بين المصريين المسلمين والمسيحيين بضرب وتفجير الكنائس والرحلات الكنسية بهدف نشر الذعر وشرخ الوطن وإثارة الفتنة. نجد ذلك الخطاب والفكر الدينى الذى يعتمد على تفسير وتأويلات واجتهادات لا تهدف لغير رفض الآخر الدينى وغير الديني. وجدنا محاولات اختراق الظروف الاجتماعية واستغلال المشاكل الاقتصادية بهدف فقد الثقة فى النظام السياسى حتى يفقد شرعيته الجماهيرية، وجدنا هذا التشكيك الحقير فى قواتنا المسلحة ونعتها بأسخف النعوت؛ حيث يعلمون أن قواتنا المسلحة الوطنية هى خير درع وأمضى سيف يحمى الوطن. والمصريون يعلمون دور الجيش الوطنى فى القتال وفى الاستعداد والقدرة ودوره أيضًا فى المشاركة فى البناء وخطط التنمية وحل الأزمات، حيث إنه جيش الشعب وليس جيش النظام، فهو يحافظ على الوطن لكل المواطنين. ومع ذلك نقول بالرغم من هذه الحروب وتلك التحديات وتلك المصاعب وهذه المشاكل ولكن الشعب المصرى يقول بتاريخه إنه قادر على الصمود والتحدى والحفاظ على استقلاله وسلامة وطنه، حمى الله مصر وشعبنا العظيم.