جاء إعلان الحكومة التونسية أمس عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء، للحصول على قرض بقيمة 9ر1 مليار دولار لمدة 48 شهرا، ليطرح العديد من التساؤلات حول جدوى هذا القرض في إنعاش الاقتصاد واستعادة مسار النمو في تونس.. حيث تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول هذا الاتفاق، فمنهم من يراه بداية جيدة وفرصة مواتية لإطلاق عملية إصلاح اقتصادي خلال الفترة المقبلة، ومنهم من يرى أنه جاء دون المأمول والمتوقع.
ويرى وزير المالية والاقتصاد التونسي الأسبق حكيم بن حمودة- في تصريح لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى تونس- أن الاتفاق في مجمله خطوة جيدة، خاصة أن الحكومة التونسية ظلت لأكثر من عامين تسعى للحصول على هذا القرض، مضيفا أن موافقة صندوق النقد على مستوى الخبراء، ستصل بلا شك بتونس للحصول على الموافقة النهائية على القرض من قبل المجلس التنفيذي للصندوق، ولن تكون هناك مشكلات في هذا الأمر.
وقال ابن حمودة إنه رغم أهمية وإيجابية هذه الخطوة، إلا أن الحكومة التونسية ستواجه تحديين مهمين، الأول وهو أن قيمة هذا القرض وهي 1.9 مليار دولار، غير كافية لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة لعام 2022، والتي تقدر بـ19.9 مليار دينار، ولم تتمكن الحكومة حتى الآن سوى من توفير حوالي 5 مليارات دينار فقط، وهو ما يتطلب ضرورة التوصل وبسرعة لاتفاقات مع جهات دولية مانحة آخرى، مثل البنك الدولي أو البنك الأوروبي أو البنك الإسلامي أو البنك الإفريقي، للحصول على تمويلات إضافية لسد عجز الموازنة لهذا العام.(الدولار الأمريكي يساوي 3.26 دينار تونسي)
وتابع أن الحكومة التونسية ملزمة بتوفير ما يقرب من 4.5 مليار دولار لسد عجز الموازنة العامة قبل نهاية العام الحالي، ولذلك بات التحرك نحو الجهات الآخرى أو الدول الصديقة لتونس للحصول على تمويلات إضافية، أمرا حتميا وضروريا.
وأضاف ابن حمودة أن التحدي الثاني يتمثل في مدى قدرة الحكومة على تطبيق اشتراطات صندوق النقد الدولي، وكيفية تنفيذها على أرض الواقع، وهو ما قد يثير العديد من الإشكاليات خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أنه رغم هذه المخاوف إلا أن الاتفاق في مجمله يعد خطوة إيجابية وجيدة للحد من الضغط على الميزانية العامة للدولة.
ويتفق الدكتور عزالدين سعيدان الخبير الاقتصادي والمالي مع ما طرحه وزير الاقتصاد والمالية التونسي الأسبق، معتبرا أن الاتفاق يمثل فرصة جيدة لدفع عجلة الاقتصاد التونسي حال أحُسن استغلاله، وربما يمثل بداية حقيقية لمرحلة إصلاح اقتصادي يترقبها التونسيون منذ سنوات طويلة.
وأضاف سعيدان- في تصريح لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى تونس- أن قرض صندوق النقد الدولي، سيفتح المجال أمام الدولة التونسية للحصول على تمويلات إضافية من بعض الدول الآخرى على المستوى الثنائي، مما يعيد حالة الثقة من جديد في الاقتصاد التونسي، خاصة بعدما تراجع التصنيف الائتماني لتونس خلال السنوات القليلة الماضية، مشددا على ضرورة القيام بإصلاحات اقتصادية عاجلة، حتى يتسنى للحكومة الحصول على قروض أخرى لمدة كافية وبشروط مقبولة.
ومن جانبها، ترى الدكتورة سامية زوالي الخبيرة الاقتصادية، أن قيمة القرض وهي 1.9 مليار دولار، جاءت دون المأمول ودون المتوقع، حيث كانت الحكومة التونسية تخطط للحصول على 4 مليارات دولار.
وقالت زوالي إن هذا القرض لن يكون كافياً لحل جميع المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد التونسي، مشددة على ضرورة عمل السلطات التونسية على إيجاد حلول شاملة في أقرب وقت ممكن.
وتوقعت زوالي أن يتم توجيه هذا القرض لسد نفقات الأجور وخدمة الديون الداخلية والخارجية، وتسديد فواتير النفط والوقود المتأخرة، ولكن لا ننتظر أن يتم توجيه هذا القرض للاستثمارات، خاصة أن تونس تشهد في الوقت الحالي ارتفاعاً في نسبة التضخم وصلت في شهر سبتمبر الماضي إلى 9.1%، بعد أن كانت 8.6% خلال شهر أغسطس الماضي.
وكانت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري قد قالت إن التوصل لهذا الاتفاق سيمكن من استعادة الاستقرار على المستوى الاقتصادي والمالي للدولة التونسية، ويعد مؤشرا جيدا بالنسبة للمانحين الدوليين.
وأعلنت الحكومة التونسية، أمس، التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بصندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لمدة أربع سنوات، فيما يظل الاتفاق النهائي مرتبطا بموافقة المجلس التنفيذي للصندوق، والذي من المقرر أن يناقش طلب تونس في شهر ديسمبر القادم.
وأعلن الصندوق، في وقت سابق، أن هذا الاتفاق يندرج ضمن آلية "صندوق التسهيل الممدد"، والتي تهدف إلى استعادة الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي وتعزيز الأمن الاجتماعي، وتكثيف الإصلاحات لإرساء مناخ ملائم لتحقيق النمو الشامل وفرص العمل المستدامة.