الإثنين 13 مايو 2024

الفتوى.. والتنمية المستدامة

مقالات16-10-2022 | 21:07

تسببت الفتاوى المضللة والفاسدة خلال العقود الأخيرة.. التى أطلقها تجار وسماسرة الدين والفتوى فى إشاعة الخراب والدمار والقتل وسفك الدماء.. وإهدار الثروات والموارد.. وإسقاط الأوطان.. وتفشى الإرهاب والخوف.. وفقدان الأمن والاستقرار.. فبعد تغييب وتزييف عقول الناس والشباب بالباطل ودفعهم إلى الانتحار من أجل الزعم بأنهم سيدخلون الجنة والفوز بالحور العين.. فإنه من المهم بناء منظومة قوية لتصدير وترسيخ الفتاوى الصحيحة والمنضبطة.. حتى يأمن الناس.. وتأمن الأوطان.. لذلك جاء المؤتمر العالمى السابع للافتاء الذى يعقد سنوياً فى مصر وبمشاركة 91 دولة فى توقيته ليجسد قمة دينية عالمية.. تتبنى عنواناً مهماً وعبقرياً.. وهو «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة» فلا شك أن الفتوى الصحيحة التى تعبر عن جوهر الدين تدعم الأمن والاستقرار والبناء والتنمية المستدامة.. تطبيقاً لتعاليم الدين فى إعمار الكون والخير والأمن والسلام و الازدهار والقضاء تماماً على دعاوى وفتاوى الهدم والتدمير والإرهاب والخوف الذى رفضته الأديان السماوية التى ترسخ الرحمة والطمأنينة والأمن والعمل والبناء.

إن الاهتمام بالفتاوى هو عنصر حيوى فى الحرب على التشدد والتطرف والتكفير والإرهاب.. وهو أيضاً مواجهة حقيقية للهدم باسم الدين.. والمؤتمر العالمى السابع للافتاء ترسيخ وتجسيد حقيقى لدعوة مصر بأهمية المواجهة الدولية للإرهاب والتشدد والتطرف لخطورتها على الأمن والسلام والتنمية المستدامة فى العالم.. القمة الدينية تعد دعماً للقمة العالمية للمناخ التى تستضيفها مصر الشهر المقبل بما يؤكد المكانة المرموقة التى تحظى بها مصر والثقة الدولية التى نالتها بجدارة واستحقاق بفضل رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى.

من المهم أن نعود لأصل الأشياء، وأسباب ودوافع الخراب والدمار والقتل وسفك الدماء وإسقاط الأوطان ومن المهم التعرف على جذور الكوارث والتهديدات التى تحدق بالأوطان والشعوب، كل هذا وذاك جرى بسبب فتاوى مضللة ووعى مزيف وتجارة بالدين من أجل تحقيق أهداف سياسية أو استهداف دول وشعوب بعينها بدلاً من الحروب التقليدية والنظامية.

قولاً واحداً، من اعتنق الفكر المتطرف والمتشدد والتعصب و التشنج، ومن قتل وذبح وحرق ودمر وخرب وتآمر على الدول ومن كذب وروج الشائعات واستحل حرمة دماء وأمن واستقرار الأوطان والشعوب، جاء بسبب فتاوى مضللة روجتها جماعات التكفير والتشدد والضلال والإرهاب، ربما فى ظل غياب من أقدم على العمليات الإرهابية والانتحارية.. من استهدف الدولة الوطنية وعاث فى الأرض تدميراً وقتلاً وفوضى وإرهاباً وهذه الدول التى سقطت وضاعت ودمرت واستنزفت ثرواتها ومقدراتها وغابت عنها ملامح البناء والتنمية والأمل فى المستقبل وشردت شعوبها، وأصبحت أسيرة فى يد جماعات الإرهاب والقتل، وأسكنت مخيمات ومعسكرات اللاجئين، أو غرقت فى المحيطات والبحار لم يكن ذلك يحدث إلا بفكر مضلل، وفتاوى فاسدة ووعى مزيف.. نجح مشايخ الفتن وأدوات الخيانة فى ترسيخه فى عقول الشباب لتدمير أنفسهم وأوطانهم.. وان يكونوا أدوات فى أيدى أعداء الوطن والمتاجرين بالدين.

يحضرنى فتاوى الإرهابيين وتجار الدين عندما يجلسون مع الشباب قبل أن يلفوا أجسامهم بالأحزمة الناسفة، ليفجروا أنفسهم وينتحروا للانتقام من أوطانهم أو قتل الآخرين وبطبيعة الحال بانتحارهم يعدونهم بالجنة، وحور العين، وأنها فى انتظارهم، لم يفكر الشباب الذين استسلموا للفتاوى الشيطانية التى غيبت عقولهم تحت مسميات السمع والطاعة.. ان يسألوا هذا الإرهابى الذى يعدهم بالجنة وحور العين، لماذا لم تفعلها أنت وتفوز بالجنة وحور العين؟ وهو أمر يؤكد انهم مجرد تجار وسماسرة دين جندتهم أجهزة مخابرات معادية للدين والوطن من أجل تدمير أنفسهم وأوطانهم وللأسف الشديد ينتظرون سوء المنقلب والمصير.. فما فعلوه ليس له علاقة بالدين.. أو الشريعة أو السنة، فالإسلام دين رحمة وحفاظ على الأوطان والنفس يرسخ الخير والسلام والبناء والعمران، فهى سنة الله فى أرضه.

الحقيقة لفت نظرى عنوان المؤتمر العالمى السابع للافتاء الذى تنظمه الأمانة العامة لدور الإفتاء فى العالم والذى يترأسه الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية ويعقد سنوياً فى مصر، ليجسد قمة دينية عالمية تقودها مصر العظيمة، وتأتى فى توقيت مهم وهو استضافة مصر لقمة المناخ كوب- 27 وتأتى هذه القمة الدينية العالمية والتى تشارك فيها 91 دولة وهو عدد هائل وكبير يليق بالثقة الدولية فى مصر.. وجاء عنوان المؤتمر السابع للافتاء عبقرياً وفى توقيته، وهو «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة» فلا أحد ينكر ان آثار الفتاوى المضللة أفرزت تداعيات وكوارث خطيرة ومدمرة، حصدت الدول والشعوب نتائجها.. فى مشاهد الفوضى والدمار والخراب والفتن والاقتتال والقتل وضياع الدول والشعوب بسبب فتاوى مضللة أطلقها المتآمرون من تجار الدين وسماسرة الفتاوى الهدامة التى لا تمت بصلة إلى تعاليم الدين السمحة التى تحافظ على الانسان والأوطان، ونشر الخير والسلام والعمران والبناء.

ربما يكون هذا المقال مرتبطاً بمقال أمس صناعة العالم الجليل، فما أحوجنا إلى علماء أجلاء ينيرون الطريق أمام الناس إلى الهداية، والاعتدال والمحبة والوسطية والتعايش والبناء والتنمية وإسعاد الانسان وإعمار الأرض فالأساس وجوهر الأديان هو إعمار الأرض وسعادة الانسان (ولقد كرمنا بنى آدم) ونهى الإسلام عن قتل النفس إلا بالحق لكن هؤلاء الإرهابيين استباحوا كل شيء الحرمات، وأضاعوا الأمن والاستقرار وهدموا الدول والأوطان، وعاثوا فساداً وإفساداً وقتلاً وترويعاً وهو ما لا يمت للإسلام بصلة من قريب أو بعيد بمناسبة المؤتمر العالمى السابع للافتاء الذى يعقد فى مصر اليوم تحت عنوان «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة» أطرح بعض الأسئلة المهمة كم تحتاج الدول التى تعرضت للدمار والسقوط والخراب والفوضى والهدم لتعود إلى طبيعتها وسيرتها الأولى بمقاييس التكلفة الحالية؟ الاجابة ربما مئات أو آلاف المليارات من الدولارات حتى يعود البناء إلى طبيعته وإلى أصله والسبب الأساسى الذى تبحث عنه الفتاوى المضللة والفاسدة التى ليس لها علاقة بالدين والسؤال الثاني.. كم تحتاج الدول التى سقطت ودمرت وعاثت فيها الفوضى والخراب والهدم من الوقت لتعود إلى سيرتها الأولي؟ وما هو الوقت الذى فقدته هذه الدول خلال معركتها مع الفوضى والإرهاب والجماعات المضللة ان عادت هذه الدول إلى طبيعتها وسيرتها الأولى واستردت أمنها واستقرارها واستعادت الدولة الوطنية فيها ومؤسساتها؟

السؤال المهم أيضاً كم من الثروات والموارد والمقدرات أهدرت خلال سنوات المعركة وضاعت على الشعوب التى سقطت دولها؟

السؤال المهم أيضاً ماذا جنت الشعوب التى استسلمت للأكاذيب والشائعات والفتاوى المضللة والتحريض والتشويه، هل حصدت الخير والنماء والأمن والاستقرار والحرية والازدهار أم الفوضى والقتل و الفقر والتشرد؟

الحقيقة أن هذا التجمع العالمى على أرض مصر.. أرض الأديان والرسالات والحضارات هو قمة دينية بالمعنى الحقيقى للكلمة جاءت نتاج ثقة وجهد ومكانة وفكر خلاق على مدار 8 سنوات.. وهو تجسيد حقيقى لنداء الرئيس عبدالفتاح السيسى بأهمية المواجهة الدولية الجماعية للإرهاب بصدق ونوايا جادة ومواجهة شاملة، فهذا التلاحم والتكاتف العالمى الذى يجمع 91 دولة من دول العالم يشكل احد مسارات المواجهة الدولية الشاملة للفتاوى المضللة والفاسدة التى خدع بها الإرهابيون وقوى الشر، الشباب الأبرياء ليسقطوا فى مستنقع التشدد والتكفير والإرهاب فهذا الاحتشاد العالمى استجابة حقيقية لرؤية مصر فى أهمية المواجهة الدولية الشاملة لظاهرة الإرهاب التى تشكل آفة خطيرة تدمر جهود البناء والتنمية المستدامة.

العنوان الذى اختاره المؤتمر العالمى السابع للافتاء.. «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة» شديد الارتباط والواقعية بالعصر الذى نعيشه فالانضباط فى الفتاوى والتبحر فى الدين والعلم الحقيقى يفرز فى النهاية فتاوى تبنى ولا تهدم، ترسخ الأمن والاستقرار الذى ستنطلق منه أهداف وجهود التنمية المستدامة، ولا تهدم أو تدمر فإذا تحدثنا عن الآثار الكارثية والتداعيات المدمرة للفتاوى المضللة من هدم وتدمير وتخريب وفوضى وسلب الأمن والاستقرار واهدار الثروات والموارد وتعطيل البناء والتنمية فإن الفتاوى المنضبطة والتى تخرج من جوهر الدين الصحيح، وتعاليمه السمحة ومن العلم الواسع والادراك الحقيقى لاحتياجات الانسان.. والوعى بمتطلبات البناء والتنمية والتقدم تمثل حجر الأساس فى عملية التنمية المستدامة.

الحقيقة عندما نقرأ سنوات الفوضى والإرهاب التى جرت فى أتون الربيع العربى المشئوم نستطيع أن نكتشف تداعيات وكارثية الفتاوى المضللة والمدمرة وإذا رسخت الأوطان والدول الفتاوى التى تقوم على العلم والإلمام بالدين وجوهره السمح وتعاليمه التى ترسخ الاحتو اء والبناء والرحمة فإن الدول لا محالة تحصد الأمن والاستقرار والأمان ومن هنا ينطلق الإبداع فى العمران والبناء والتنمية المستدامة، لتجنى الشعوب التقدم والازدهار فلا يمكن ان نستطيع العمل والبناء واستغلال الثروات والموارد ويتفقد المشروعات والخطط فى ظل فتاوى مضللة تدفع الشباب إلى القتل والتخريب واشاعة الفوضى واغتيال الحاضر والمستقبل.

لا تنمية مستدامة بدون أمن واستقرار ولا أمن واستقرار بدون وعى حقيقى وفهم صحيح، وفى مقدمة الوعى الفتاوى الصحيحة التى تعبر عن جوهر وصحيح الدين وهى ما نطلق عليه الفتاوى المنضبطة لذلك من المهم ان تنشط دور الافتاء فى العالم فى تقديم الفتاوى الصحيحة للناس خاصة الشباب المتحمس الذى يسهل اصطياده واتاحة كافة الوسائل للوصول إليهم، وأحسنت دار الافتاء المصرية فى التركيز على الوسائل التكنولوجية الحديثة فى مجال الاتصالات خاصة وانها تستعد لاطلاق مبادرة مهمة فى ختام المؤتمر.. وهى الإعلان عن بدء التشغيل الكامل لبرنامج فتوى (برو) الذى يتيح الفتاوى للمسلمين فى الغرب باللغات المختلفة يجيب عنها مجموعة من المفتين المتخصصين والمؤهلين لهذه المهمة، وهو ما يوفر ويتيح الفتاوى المنضبطة ويهدف أيضا إلى حماية المسلم فى مجتمعات الغرب من الفكر المتطرف أو الإلحادى وضبط الخطاب الإفتائي.

الدولة المصرية اهتمت بضبط الفتاوى والتصدى لحالة الفتوى التى عاشتها البلاد على مدار عقود فى ظل تنامى نشاط الجماعات المضللة والإرهابية والإجرامية وتجار الدين وسماسرة الفتوى فلم نشهد هذا النشاط المكثف والعلمى المدروس لدار الافتاء المصرية إلا فى السنوات الأخيرة خاصة فى ظل توسعها فى المحافظات والجامعات لأداء دور ومهمة جوهرية وحتمية لمواجهة آفة التطرف والتشدد والإرهاب التى جاءت بسبب فتاوى مضللة وفاسدة، كذلك استخدمت دار الافتاء المصرية ووظفت التكنولوجيا الحديثة فى اتاحة الفتاوى الصحيحة والمنضبطة من موقع إلكترونى باللغات الأجنبية فذلك الانتشار وعقد الندوات والمؤتمرات وايصال رسالة إصلاح منظومة الفتاوى بعد تعرضها لحالة من الفوضى على أيدى الجماعات الضالة والتكفيرية ليس فقط على صعيد مصر والمنطقة ولكن على الصعيد الدولي، وبات العالم يكن الاحترام والتقدير والثقة للجهود المصرية.. وقد رأينا نتائج الزيارة المهمة التى قام بها الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية للعاصمة الإنجليزية لندن ليتعرف الناس فى الغرب على صحيح الدين والحصول عليه من مصادره الآمنة والموثوق فيها والتى تجسد سماحته وتعاليمه التى ترسخ بناء الإنسان والعمل والبناء والتنمية والاحترام المتبادل والتعايش والتسامح، وإزالة الصورة المشوهة عن الإسلام والتى رسختها جماعات الإرهاب والقتل والعنف والفتن الطائفية فالمسلم الحقيقى يحترم كافة الأديان السماوية ولا يجبر أحداً على الاعتقاد، فهو اختيار أكد عليه الإسلام.. لذلك هناك دعوات غربية للعلماء المصريين، للاستعانة بهم فى تبيان وسطية الإسلام والاعتدال والتسامح والتعايش والرحمة حتى يأمنوا شرور التكفيريين والإرهابيين.

الحقيقة أن المؤتمر العالمى السابع للإفتاء تحت عنوان «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة» هو قوة إضافية ومضافة إلى ترسيخ الاعتدال والوسطية والتصدى للفتاوى الباطلة والمضللة والفاسدة التى أدت إلى الخراب والتدمير والخوف والإرهاب وغياب الأمن والاستقرار والإفقار والتشرد.

كل ما يجرى من كوارث لحقت بالأوطان والشعوب جاء من جراء فتاوى فاسدة لا تمت للدين بصلة، أنها رسالة مصرية قوية تدعم السلام والبناء والتنمية المستدامة وإعمار الكون.. وأن يسود الأمن والسلام والاستقرار هذا العالم.

بالوعى الحقيقى والفهم الصحيح، وصحيح الدين والفتاوى المنضبطة وجهود الحفاظ على الهوية.. تحيا الأوطان.. وتأمن من الأفكار الضالة، والأكاذيب والشائعات والتحريض والمؤامرات فقد أصبحت الجهود الخلاقة لبناء الوعى الحقيقى وترسيخ الاعتدال والتعايش والدين الصحيح.. والفتاوى المنضبطة أساسيات فى بقاء واستمرار وخلود الأمن والأوطان فلا يجب ان تفرط الدول فى هذه الأعمدة الأساسية التى تقوم عليها وأن تنشط فى إشاعة الوعى الحقيقى والفهم الصحيح عبر مختلف الوسائل وتحرص على الإتاحة للفتاوى الصحيحة والمنضبطة والرد على شواغل وتساؤلات الناس خاصة الشباب من خلال علماء أجلاء من أهل الذكر والاختصاص والتواصل المستمر معهم.. لأن ذلك فيه حفاظ على الأوطان ومواصلة البناء والتنمية المستدامة.

Dr.Radwa
Egypt Air