أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على ضرورة نشر مفاهيم التسامح في كافة أوساط المجتمع لتصبح ثقافة شعوب وأمة، لا أن تصبح ثقافة نخب فقط.
جاء ذلك في مداخلة للدكتور محمد مختار جمعة اليوم خلال إدارته للجلسة الأولى في اليوم الثاني لمؤتمر التسامح والتنمية المستدامة في الوطن العربي الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالتعاون مع المجلس العالمي للتسامح والسلام، وعقدت الجلسة تحت عنوان مكافحة الكراهية ونشر ثقافة التسامح في الخطاب الديني بين الواقع والمأمول.
وقال الدكتور محمد مختار جمعة إن الحوار والنقاش على مستوى النخبة من السياسيين والكتاب وعلماء الدين يجمع على أهمية التسامح ويتحدث بلسان واحد في هذا الشأن.
ولكنه أكد على ضرورة الخروج من دائرة النخبة وتحويل مفاهيم التسامح إلى ثقافة شعوب وأمة بل والإنسانية جمعاء.
وقال إن هذا يتطلب النزول لأرض الواقع في جميع الميادين، سواء عبر الخطاب الديني في المساجد والكنائس، وكذلك عبر الخطاب الثقافي، من خلال نزول النخب سواء من علماء الدين أو المثقفين لإجراء لقاءات مباشرة في القرى والنجوع والتجمعات البدوية والمدارس والمصانع وكافة قطاعات المجتمع، ولا يكتفي فقط بما يبث عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على أهميتها، ولكن تظل اللقاءات المباشرة شديدة الأهمية.
وقال إن التحدي الأهم أمام أمتنا هو الخروج من ثقافة النخب إلى ثقافة المجتمعات الواسعة.
وأكد على أهمية المواطنة المتكافئة التي لا تفرق بين فئات المجتمع، وفي الوقت ذاته فإن المواطنين يكون عليهم مسؤوليات تجاه أوطانهم.
من جانبه، أكد الدكتور محمد مطر سالم الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة أن استراتجية الخطاب الديني في الإمارات تقوم تعزيز قيم التسامح الديني ، التي جاءت بها رسالات الأنبياء، فقد أجمعت تعاليمهم على التعاون، وتحقيق الأخوة الإنسانية، كما نص القرآن الكريم: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).
وأشار إلى أنه من أبرز تلك القيم: احترام الكرامة الإنسانية، والتعارف والتواصل، والتعايش والتكامل بين جميع المكونات والجنسيات وأتباع الديانات، مع ضمان حرية المعتقد؛ وحق المواطنة، دون تمييز لأجل دين أو جنسية.
وقال لقد تركزت مبادراتنا لتعزيز قيم التسامح والسلام في الخطاب الديني على محورين: المحور الأول: يستهدف القائمين على الخطاب الديني، وهم الأئمة والخطباء والوعاظ وغيرهم من المكلفين بالتثقيف الشرعي، حيث يتم اختيارهم ضمن معايير تضمن الكفاءة العلمية، والأهلية الشرعية، والسلامة الفكرية من براثن الأفكار المتطرفة، والتوجهات المنحرفة؛ لما يعرف بتيارات الإسلام السياسي، وجماعات الفكر الإرهابي، ويلتزم القائمون الخطاب الديني بوثيقة التسامح، و الالتزام كذلك بقانون مكافحة الكراهية والتعصب الذي يقوم على تجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ونبذ خطاب الكراهية.
من جانبه، قال الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف إن الإنسان يعيش في عالم متعدد الديانات والمذاهب والثقافات المختلفة والمتعددة، وإذا نظر الإنسان إلى من حوله من بني البشر من أصدقائه وجيرانه وغيرهم سيرى بكل وضوح تام التعددية والاختلاف، وهذا يعني أنه لا مناص من الإقرار بذلك.
وأضاف أن هذا ما جعل الإسلام ينظر إلى التعددية الدينية على أنها ضرورة حتمية لا مناص عنها، وأنها سنة كونية، حيث قال تعالى:﴿ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين﴾ [هود118]، فالإسلام يعترف بالآخر أيا كان معتقده، وينظر إليه على أنه أخ له في الإنسانية.
وأشار إلى أنه مع إقرار ديننا الحنيف بالتعددية الدينية والاختلاف كان الحوار بين الأديان، الذي يهدف إلى الوحدة ونبذ الخلاف، ولم يكتف الإسلام بإرساء مبدأ الحوار بين الأديان؛ وإنما أكد على مراعاة ما يناسب الآخر، وأن يكون بالتي هي أحسن وإلا فلا، كما بين أن الحوار لا بد وأن ينطلق من الثوابت المشتركة بين الطرفين، لتكون أساساً بينهما في تحاورهما.
وقال إن المتأمل لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحياته يجد أنه مارس هذا الحوار قولا وعملا، فكان صلى الله عليه وسلم يحاور كثيرا من غير المسلمين، ويستقبلهم في مسجده، كما كانت وثيقة المدينة المنورة خير مثال على الحوار بين الأديان، والتي أسست مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات.
وقال "لقد كان للأزهر الشريف – ولا يزال- دور كبير في تعزيز قيم الحوار والتعايش في العالم، منطلقا في ذلك من إيمانه الراسخ بعدد من المبادئ والقيم التي تمثل الرؤية الإسلامية الصحيحة، وقد أشار إليها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لتكون أساسا للحوار بين الأديان منها أن الحوار بين بني الإنسان ضرورة يقتضيها التنوع والاختلاف في الألسنة والألوان، وإنما يكون الحوار بين بني الإنسان فيما اتفقوا عليه من مشتركات، وما أكثرها بينهم.
وشدد على أن الإسلام بريء من كل دعوة إلى عقيدة بقوة السلاح أو الإكراه أو استغلال الناس فقرا ومرضا؛ لأنه كما يقرر القرآن.
وأضاف أنه انطلاقا من تلك الرؤية سعى الأزهر الشريف إلى تعزيز قيم الحوار والتعايش في العالم وذلك من خلال العديد من الأمور أهمها إقامة المؤتمرات والندوات الدولية.
وقال إنه يترتب على حقيقة الاختلاف في الدين منطقيا حق «حرية الاعتقاد»؛ لأن حرية الاعتقاد مع الاختلاف في الدين، يمثل وجهين لعملة واحدة، وحرية الاعتقاد تستلزم بالضرورة نفي الإكراه على الدين، والقرآن صريح في تقرير حرية الاعتقاد مع ما يلزمه من نفي الإكراه على العقائد.
وأشار إلى أن في إطار حرص الأزهر الشريف على تحقيق السلام العالمي والعيش المشترك قام فضيلة الإمام الأكبر بإقرار وثيقة الأخوة الإنسانية مع الكنيسة الكاثوليكية في فبراير 2019م.
وأكد الدكتور نظير عياد ضرورة إنشاء هيئة جامعة تتواصل مع جميع المؤسسات الدينية والمجتمعية بالعالم بهدف تعزيز سبل الحوار وإرساء قيمه النبيلة في المجتمع.
وأعرب عن استعداد الأزهر الشريف أقدم جامعة دينية وإسلامية وأكبرها على مستوى العالم لمد يد العون لكل من يسهم في بناء جسور الحوار بين المؤسسات الدينية والمنظمات المجتمعية.
من جانبها أشادت الدكتورة سميرة لوقا رئيس وحدة حوار الثقافات بالهيئة الإنجيلية عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان بجهود الدولة المصري في التجديد الديني والعيش المشترك ، حيث تخوض الدولة حرباً ضد الإرهاب بطريقة مختلفة عن الأنظمة السابقة، ولا تنحصر المواجهة على الجهد الأمني.
وأكد أن جهود الحوار ترعاها الدولة، وتساهم مع في جهود المجتع المدني في التصدي للإرهاب، وتساند جهود الدولة في البناء.
وقالت لقد اتخذت الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية مساراً جديداً منذ ثلاث سنوات في العمل على نشر ثقافة التسامح، حيث أجرت دراسة حول أسباب خطاب، مشددة على أن تراجع مناخ الكراهية يعتمد على وجود مناخ يحترم الآخر، مؤكدة على واهتمام الهيئة بقضايا الوعي، وآليات مواجهة خطاب الكراهية.
وأشارت إلى إعداد الهيئة لمقترح قانون لتجريم خطاب الكراهية، مشيرة إلى دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في التعاون مع الهيئة في المقترح،حيث قدم المجلس مشروع القانون في مطلع الشهر الحالي.