الجمعة 27 سبتمبر 2024

دراما زمان تتربع على عرش الفضائيات

6-8-2017 | 13:55

بقلم : مى محمود

مجلة أحوال مصرية تناولت فى العدد 65 الصادر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قضية الإصلاح الثقافى فى مصر وفقا لمعايير منظمة اليونسكو وسياسات واضحة تخدم مشروع الدولة للنهوض بالثقافة فى ظل عجز مؤسسات الثقافة وأجهزة الإعلام عن إيجاد صيغة توافق مجتمعى وغياب مفهوم السياسات الثقافية فلم يعد المجتمع شريكاً فى رسم هذه السياسات كما أن معظم الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الثقافة بعد ثورة 30 يونيه لم يكن لأحدهم صوت وضوء مثلما كان لثروت عكاشة أشهر وزير ثقافة فى تاريخ مصر المعاصر والذى عقد مؤتمراً عاماً للمثقفين استمر سبعة أيام متصلة بدار الأوبرا انتهى بتوصيات ساهمت فى ازدهار الحياة الثقافية فى مصر.

ويأتى الفن على رأس أولويات الأجندة الثقافية باعتباره أهم القوى الناعمة التى ترتقى بالأخلاق والقيم والمبادىء والتقاليد والأعراف المصرية فى مواجهة ماعاشه المصريون من إحباط واضطراب مجتمعى ونفسى وعصبى نتيجة الصدمات المتلاحقة بفعل أهل الشر والجماعات الإرهابية والفتاوى المأجورة المتشددة.

للأسف الشديد تحول الفن إلى تجارة لايحكمها ضابط ولارابط ولاقانون وأصبح تقدير الفنان بقدر ما يحصل عليه من أجور وليس لموهبته وتاريخه وقيمته الفنية بل أصبح اهتمام الفنانين والفنانات ينحصر فى الجرى وراء كبرى ماركات الأزياء العالمية والتقاليع وأحدث صيحات تصفيف الشعر واختيار أدوار تعتمد على العرى والخلاعة وتبادل الألفاظ الجارحة والبذيئة ومشاهد العنف والخيانة والقتل والتعذيب.

وتتصدر دراما الابتذال والإسفاف أغلب المسلسلات خصوصا فى شهر رمضان باعتباره موسم الدراما وحصد الأرباح ..فيما عدا القليل منها بما احتواه من مضمون ورسالة وأداء يتسم بالرقى والاحترام والموضوعية مثل "لأعلى سعر " و"كلبش " و" هذا المساء "و"الجماعة 2" والتى أشاد بها النقاد وشريحة لابأس بها من المشاهدين بينما تربع " ماسبيرو زمان " على عرش دراما رمضان هذا العام بما حققه من أعلى نسبة مشاهدة من كافة الأعمار نساء ورجالاً وأطفالاً بما يؤكد عدم صحة المقولة الساذجة التى يتشدق بها تجار الفن من " الجمهور عايز كده "!

جزء كبير من الجمهور محافظ تحرك مشاعره الحنين إلى الماضى وزمن الفن القديم الجميل بنجومه العمالقة وماقدموه من أعمال فنية جيدة تتسم بالرقى والمضمون الهادف وهذا السحر والجمال الذى يجعل المشاهد يتمنى مشاهدته أكثر من مرة بما يزرعه فى عقله وقلبه ووجدانه من قيم إيجابية وأخلاقيات وفضائل وحلول حياتية لكل ما يعيشه من مشاكل اجتماعية وعاطفية واقتصادية وسياسية.

" ماسبيرو زمان " استطاع المنافسة بقوة وجذب عدد كبير من الشباب على عكس المتوقع رغم نقص الدعاية سواء فى الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعى بما قدمه من أعمال كوميدية راقية وفوازير مبهرة مثل فوازير نيللى وشريهان وفوازير عمو فؤاد ومسلسلات دينية ودرامية هادفة منها المسلسل الدينى " محمد رسول الله " و " ليالى الحلمية وغيرهما من الأعمال الفنية الراقية الهادفة .." ماسبيرو زمان " استطاع أيضاً أن يجبر المشاهد على المقارنة بين الفن زمان وما نشاهده الآن من تدن فى مستوى لغة الحوار مثلما أدهش المشاهد بالمستوى الفنى والثقافى والأخلاقى للفنانين ومايتمتعون به من رقى ولباقة ومايبذلونه من جهد لظهور العمل بالشكل الذى يلبى رغبات واحتياجات المشاهد من المتعة والثقافة دونما مبالغات أو تجاوزات أو تجريح وإهانات.

"ماسبيرو زمان "أعاد المشاهد إلى التليفزيون المصرى بما يحويه من كنوز نادرة من حفلات وبرامج ومسلسلات تهيب بالمسئولين الاستفادة بها ليس فقط لحصد المزيد من الأرباح وإنما أيضاً للارتقاء بالذوق العام وإستعادة الأخلاق التى تشكل السلوك والوجدان وتنتصر لقيم الحب والخير والجمال.