بقلم : نبيلة حافظ
لست من دعاة التشاؤم أو ممن يتسلل إلى أنفسهم اليأس بسهولة ودائما ما يسكنني الأمل ويحتويني التفاؤل في الحياة التي أحياها،هذا لا يعني أنني أعيش بمعزل عن الواقع ولا أبني لنفسي مدينة فاضلة من الأحلام والأوهام، ولكن المسألة وببساطة أن إيماني بالله قوي وراسخ ومتين لا يهزه أو يزلزله صعوبات الدنيا ومتاعب الأيام.
وأنا كغيري من البشر مرت علي أيام حلوة وأيام أخري مريرة ولكن المر كان أكثر بكثير من الحلو، تعرضت لمحن وابتلاءات كثيرة وكنت بعون الله أخرج منها أشد قوة وصلابة، لأنني كنت على يقين دائم بأن الخير فيما يكتبه لي المولي عز وجل، وأن ما أراه بعيني محنة هو في الحقيقة منحة من الله اختصني بها كما يخص بها الكثير من عباده، لذا تقبلت كل تقلبات حياتي بنفس راضية ومرضية بما كتب لها.
كنت دائما أرى الحياة على حقيقتها دون تجميل وبلا رتوش، فقناعتي الراسخة أنها أجمل كثيرا بكل ما فيها من منحنياتي ومخاطر ومناطق مظلمة لا ضوء فيها، وكنت بلا مبالغة أجد من بين ظلامها ضوءا خافتا يأتي من بعيد، ضوء يجعلني أتشبث بها وأعيش بالأمل والتفاؤل وأنظر للمستقبل القادم بنظرة جميلة حالمة يسكنها راحة النفس.
وبنظرة أكثر واقعية ومنطقية أقولها صراحة إن الحياة بالنسبة لي لم يكن لونها بمبي من الممكن أن أقول عنها أنها كانت أي لون آخر ولكنه لون قاتم.. وعلى الرغم من ذلك عشتها عن طيب نفس بكل ما فيها بل كنت لا أمل ولا أكل من شكر المولي علي نعمه التي منحها لي، فلقد كانت قناعتي التي أعيش عليها أن أنظر دائما لنصف الكوب الممتلئ ولا أنظر للنصف الفارغ، حكمة بالغة يفتقدها الكثيرون غيري ممن منحهم الله نعم كثيرة ولكنهم لا ينظرون إليها ويوجهون أنظارهم فقط لما حرموا منه.
الماضي عشناه جميعا فيه الكثير من الفرح والبهجة والسعادة، عشناه وسط قلوب جميلة تسكنها المحبة والمودة والرحمة، ولكن..! كل شيء تغير من حولنا الآن، أصبحت الحياة أشد قسوة وتكالبت علينا المحن والصعاب وسط ظروف معيشية صعبة وظروف إنسانية هي في قمة التدني والانحدار، فالعلاقات الإنسانية التي كانت تجمع بين البشر ماتت وذهبت أدراج الرياح وأصبحت اللغة السائدة هي لغة المصالح والمال، وبفضلها تقطعت الأرحام وتمزقت الصداقات وانتشرت جرائم جديدة وغريبة على مجتمعنا جرائم شاذة لم نكن نصادفها من قبل، كأمثال زنا المحارم واغتصاب وقتل للأطفال الصغار، وزوجات تخن أزواجهن وتجهرن بخيانتهن دون خشى أو حياء، وعصابات يخطفن الصغار من أجل التجارة بأعضائهم.. وغيرها من الحوداث المثيرة والمريبة التي طرأت على مجتمعنا والتي جعلتنا ننظر للحياة نظرة تشاؤمية يظللها السواد ولكن! وسط تلك العتمة علينا أن نفتش داخل أنفسنا عن الأسباب التي جعلت معظمنا يفقد الأمل ويعيش داخل قوقعة من اليأس والإحباط ، لابد وأن تكون هناك أسباب فإن توصلنا إليها وواجهنا بها أنفسنا وقتها من الممكن أن يتغير كل شيء من حولنا، فالتغيير لابد وأن يأتي من داخلنا أولا حتي نشعر بجمال الحياة.