الإثنين 27 مايو 2024

بعد 72 عامًا من «كارثة القرن».. كيف تبدو العلاقات الأمريكية اليابانية؟

7-8-2017 | 21:45

كتب: أحمد مجدي

72 عامًا مرت على أول قصف نووي في التاريخ، والمأساة الأكبر -ربما- في القرن العشرين، هيروشيما وناجازاكي، حين استهترت أمريكا بروح أكثر من 200 ألف إنسان، وبمصائر ملايين البشر على مدار سنوات طويلة تلت الإطلاق.

ففي العام الأخير للحرب العالمية الثانية، 1945، كانت أمريكا تحرص على إنهاء النفوذ الياباني في القارة الآسيوية، وخصوصًا بعد اشتداد بأسها في الحرب، ومضايقاتها المستمرة لأمريكا وقوات الحلفاء ككل، الأمر الذي تجلى في معركة "بول هاربر" الشهيرة عام 1941، الذي أدى إلى انقطاع العلاقات بين البلدين.

ونتيجة السيطرة اليابانية على أجزاء كبيرة من جزر المحيط الهادئ، اتجهت أمريكا إلى استخدام ترسانتها الجوية لتقليص الوجود الياباني.

كل هذا مثل مقدمات للكارثة التي أحدثتها أمريكا بتهورها، واستهتارها بأرواح مئات الآلاف، فبضغطة زر، قتل 140 ألف شخص في هيروشيما، وأكثر من 74 ألف شخص في ناجازاكي، بحسب الإحصاءات التي قدرت الضحايا أثناء القصف وطيلة السنوات التي تلته.

انحسر النفوذ الياباني، وانتهت الحرب العالمية الثانية بعد فترة قليلة من القصف الأكثر كارثية، وشهدت اليابان كلها دمارًا غير مسبوق كان من المستحيل منطقيًا أن تتعافى منه.

لكن اليابان بسياسة انتهجت عاملين أساسيين، هما التعليم، والتصنيع، نجحت في العودة لمصاف الدول الصناعية الأكثر بروزًا على مستوى العالم، بل وصل الأمر إلى اضطرار أمريكا لإعادة العلاقات باليابان في 1952، وذلك بمعاهدة سان فرانسيسكو، أي بعد 7 سنوات فحسب من إلقاء القنبلة.

اليابان منذ ذلك التوقيت، نجحت في ركوب قطار النمو الاقتصادي بسرعة البرق، ففي الفترة بين عامي 1960-1970، زاد الناتج المحلي في اليابان بنسبة 10% للعام الواحد، بينما تضاعف حجم التجارة البينية من منتصف الستينيات لمنتصف الثمانينيات، حتى وصل الأمر إلى أن العجز التجاري لليابان في 2006، أي بعد مرور أكثر من 60 عامًا على الكارثة، كان 11% فقط من العجز التجاري لأمريكا، الدولة التي ألقت القنبلة وظنت أنها أنهت النفوذ الياباني.

ولأن النفوذ، والأداء الاقتصادي القوي، يكون مربوطًا دائمًا بقوة سياسية، فإن أمريكا أُجبِرَت على التنسيق مع اليابان في العديد من الملفات، موقعةً معاهدات الدفاع الأمني المشترك في 1960، ومتخذة العديد من السبل لتحسين التبادل التجاري بين البلدين.

وفي الحرب الباردة التي دارت رحاها بين أمريكا والاتحاد السوفييتي، واستمرت حتى أوائل التسعينات (سقوط الأخير)، انحازت اليابان بشكل واضح إلى أمريكا، فالصين كانت أحد أكبر الحلفاء الداعمين للاتحاد السوفييتي، ولم تكن العلاقات الصينية اليابانية على أمثل وجه ممكن في تلك الأيام.

وفي الوقت الراهن، يلعب الصراع الأمريكي – الكوري الشمالي، الدور البارز في تحديد بوصلة العلاقات الأمريكية اليابانية، وربطها بالنفوذ الصيني في شبه الجزيرة الكورية، وتوترات الأحداث في المنطقة بشكل عام، فالتأييد الياباني للمواقف الأمريكية حيال التجارب الصاروخية التي تنفذها كوريا الشمالية، يثير غضب "القيادة المجنونة" للأخيرة.

كذلك، فإن الصين التي تمتثل "دون تصريحات نارية" لردود الفعل الأمريكية مطالبة كوريا الشمالية بضبط النفس والتوقف عن استفزاز المجتمع الدولي، تلعب دورًا هامًا في تحديد بوصلة العلاقات الأمريكية اليابانية.

ولكن المؤكد، أن العملاقين، الياباني والأمريكي، ينظران إلى سوقيهما المشتركة كوجهة مصالح ثابتة لا ينبغي أن تحركها التوترات الحاصلة، وهو ما لم يكن ليحدث، لو لم تتعافَ اليابان من تبعات الكارثة المروعة، التي كانت أمريكا يومًا ما، سببها وفاعلها.