السبت 29 يونيو 2024

بالصور: المقاهي الشعبية.. إمبراطورية «الدخان الأبيض» تتحرش بالمجتمع

7-8-2017 | 22:42

كتبت- شادية ياسين

 

لعبت المقاهي الشعبية في مصر دوراً كبيراً في الأنشطة السياسية والثقافية والمجتمعية فضلا عن أنها كانت تتمتع بسمعة واسعة، وكانت رمزاً يفوح منه عبق التاريخ، وشعلة الحراك الثوري والثقافي، ووسيلة إعلامية لتوجيه العامة وتعبئة الشعور الوطني.

 

وظلت المقاهي، مركزاً فكرًا وتجمعًا تلتقي فيه الثقافات المختلفة وتجتمع به طبقات الشعب المتباينة فكريّاً واجتماعيّاً، وكانت لها قيمتها الحيوية في الترابط والتآلف بين أبناء الوطن.

 

الانحلال الأخلاقي يحاصر المنازل

مع الثورة التكنولوجية الحديثة وعالم الانفتاح المجتمعي وسط انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت المقاهي الشعبية تمثل خطورة كبيرة على أهالي المناطق الشعبية لما تخفيه خلف جدرانها من مخالفات وانحطاط أخلاقي بعد أن انتزعت القيم المجتمعية من روادها، فلم يعد دور المقهى مثل ما ذُكر سابقاً، بل أصبح رمزًا للفساد ووكرًا للمخدرات تجتمع عليه صحبة السوء، دون أي مراقبة من الحي المسئول عن منح التراخيص، ودون شروط أو مواصفات لفتح تلك المقاهي، فالكثير منها يعمل بجوار المدارس وبأسفل المباني السكنية لأوقات متأخرة من الليل؛ مما يسبب إزعاجاً للسكان.

 

كما يتبادل الشباب السباب بأسوأ الألفاظ دون مراعاة لحرمة البيوت، والتعدي على الشوارع العامة مما يخلق حالة من الاختناق المروري والازدحام، بجانب تعرض المارة للكثير من المضايقات والتحرشات الجنسية اللفظية للفتيات، وافتعال المشاجرات، حيث اقتصر دور المقاهي الآن علي بيع المخدرات وعرضها علي الزبائن كنوع من الواجب والهدايا لاستقطاب أكبر عدد من الشباب صغير السن والغير مدرك لخطورة المواد المخدرة.

 

مخدرات على حجر الشيشة

أحمد راضي، طبيب صيدلي بأحد الأماكن الشعبية يقول: "تفاجئت بوجود مقهى بجوار الصيدلية التي أعمل فيها، وتظل تعمل لساعات متأخرة، ولاحظنا أن معظم الشباب المتردد عليها يتناول المخدرات علناً أمام الجميع دون خوف، فضلا عن  القيام بأعمال غير أخلاقية دون وعي، ومضايقة الفتيات والتحرش بهم بألفاظ خارجة.

مؤمن علي، أحد المواطنين بحي بولاق الدكرور يقول: "أصبحت المقاهي مشروع مربح جداً لكثير من الأشخاص فنجد كل يوم مقهى جديد ليزيد العبء علينا بتواجدها أسفل منازلنا وأمام الشُرفة وفي الطرقات العامة.

 

وطالب "علي" المسئولين باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هؤلاء الأشخاص، وإقرار قانون يجرم فتح أي مقهى أسفل المنازل، متابعًا:" فنحن لنا خصوصيتنا التي يعتدون عليها، وأنا أرى في المدن الجديدة والمساكن التابعة للدولة عدم وجود مقاهي أسفل المنازل"، متسائلًا:" فلماذا يتم منح التراخيص من قبل الجهات المعنية لأصحاب المقاهي بالأحياء الشعبية فقط".

 

تحرش جنسي بالمارة

" أ . م " تقول:" أتعرض كل يوم لمعاكسات ومضايقات خادشة خلال مروري من أمام المقاهي وليس لي طريق آخر، غير أن جميع الشوارع باتت مليئة بالمقاهي، وسط كمية التجاوزات التي أسمعها يومية أعجز عن الرد والدفاع عن أبسط حقوقي وهي السير بأمان وطمأنينة".

 

وتابعت:" أحيانا أتعرض للتحرش من بعض الشباب أثناء سيري من أمام المقهى حيث يقوم بعضهم بدفع الأخر اتجاهي ولمسي وإذا تحدثت إليهم يقومون بالاعتذار على أساس أنهم لا يقصدون هذا".

 

" ل.ل " تؤكد أنها ترى تجار المخدرات وهم يوزعونها علنًا على المقاهي ويعرضونها على المارة،متابعة:" الحكومة تعلم هذا ولكنها تقف مكتوفة الأيدي أمامهم والكثير منهم يعمل تحت عينيها ورعايتها ومعروفين بالاسم ومازالوا يواصلون عملهم".

 

صعوبة الحصول على تراخيص

عبد العزيز طلبة، رئيس حي بولاق الدكرور، يؤكد أن تراخيص المقاهي تعتبر متوقفة، لصعوبة الحصول علي التراخيص اللازمة والاستجابة لشروط الجهات المختصة، فضلا عن ضرورة موافقة جهاز البيئة والحي وشرطة المرافق والكهرباء، وللحصول علي تلك التراخيص يجب أن يكون المقهى بأحد الشوارع  الرئيسية وليست الجانبية.

 

وأشار لـ«الهلال اليوم» أن 9% من المقاهي الآن بدون تراخيص، وهو ما يضع أصحاب تلك المقاهي تحت طائلة القانون لمخالفتهم قانون البيئة والمرافق غير إشغالهم للطريق العام.

 

مخالفة علنية

وشدد رئيس حي بولاق الدكرور، على ضرورة تطبيق القانون وإغلاق تلك المقاهي، بالمتابعة وتغليظ العقوبة والغرامات، وفي حال إقرار المخالفات يتم رفع جميع المرافق عنه وسحب عداد الكهرباء، مؤكدًا أن  المسئول عن تطبيق هذا هو جهاز الأمن العام بالتنسيق مع شرطة المرافق وجهاز البيئة ورؤساء الأحياء، مطالبًا بضرورة العمل المشترك لتنفيذ القانون.

 

وأضاف أن أصحاب المقاهي الآن  يبحثون عن الربح السريع يحول المقر السكني إلي تجاري باستغلال الدور الأرضي وهو مخالف للقانون، بالإضافة إلى أن المساكن الحكومية التي مارسة أنشطة أخرى وأوضاعها غير مقننة.

 

وأكد أن حل هذه المشكلة، تكمن في الالتزام بالتراخيص من الجهات المعنية واستمرار الحملات والمتابعة لرصد المخالفين وتطبيق القانون عليهم، مطالبًا مراكز الشباب والنوادي أن يكون لها دور فعال في الأنشطة الاجتماعية لاستقطاب الشباب من المقاهي الشعبية.