أصدرت مكتبة الشبكة العربية للأبحاث والنشر كتاب "فيلسوف القرآن الكريم "وهذه دراسة تعرِّف بحياة الشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز، وتكشف وجوهاً من ملامح شخصيته وجوانبَ من ثمار فكره.
وقد اتصف دراز بخصال وشمائل عظيمة، منها: قوة الشكيمة، وصفاء الروح، واتِّقاد الذهن. وكان عميق الإيمان، خابِتَ القلب، غزير العلم، كثير العبادة، عزيز النفس، مترفّعاً عن الرذائل والدنايا، يعرف قيمة الرسالة القرآنية التي يحملها. وقد رفض تولِّي مشيخة الأزهر ترفُّعاً عن الخضوع لهوى الحكام، كما رفض التوقيع على إدانة الأحرار الأبرار من بني دينه ووطنه أمام إغراء السلطة وإغوائها.
وقد بسطت الدراسة جوانب من إسهامات دراز في الفكر الإسلامي، من خلال ثنائيات خمسٍ هي: العقل والنقل، والدين والعلم، والجبر والاختيار، والسنة والبدعة، والسلم والحرب. حيث اتَّسم تعاطي دراز مع هذه الثنائيات بالعمق والرحابة، والجمع بين ثقافة الشرق والغرب من منابعهما الأصلية. ثم كشفت الدراسة مواطن التجديد في فكر دراز، وبرهنتْ على أنه وضع الأساس النظري لعِلْميْن جديديْن من علوم القرآن، وهما (علم أخلاق القرآن) و(علم مصدر القرآن)، حيث سلك دروباً غير مطروقة، من حيث التناول، ومن حيث المضامين.
والغاية الكبرى للدراسة هي عون القارئ الكريم على الإلمام بمكنون حياة دراز، ثم ببعض الأفكار الكبرى التي صاغها، لعل ذلك يستحثه على البحث عن المزيد من نفائس الأفكار التي خلًفها لنا دراز في كتبه، وعن العبرة التي تنبض بها سِيرة حياته.
فليس كقلم دراز مُعبِّرًا عن صاحبه، ومَعْبَرًا إلى عقله وروحه، فقد أتاه الله الحكمة وفصْلَ الخطاب.