كتب ـ خليل زيدان
غالباً ما يظل سحر الأضواء ووهج الشهرة وبريق النجومية الشاغل الشاغل لنجوم الفن، فمنهم من يضيع تاريخه بإصراره على البقاء في دائرة الضوء، والقليل منهم من يكبح جماحه ويعتزل وهو في قمة المجد.
في ذكرى رحيل فاتنة السينما هند رستم التي اعتزلت مبكراً نلقي الضوء على أهم المحطات في مسيرتها الفنية وحياتها الشخصية.
البداية .. كومبارس صامت
ولدت هند رستم في 29 نوفمبر 1931 بمدينة الإسكندرية لأب يعمل ضابطاً بالجيش وهو من أصل تركي، ألحق ابنته هند بإحدى المدارس الأجنبية في طفولتها، وقد ورثت عن والدها الالتزام بالأصول والتقاليد وبعض الحدة في تصرفاتها نظراً لتربيتها العسكرية، وتشاء الأقدار انفصال الوالدين وتذهب هند مع والدتها لترعاها، وفي تلك المرحلة شغفت هند بعالم الفن والتمثيل والتحقت بفريق التمثيل بالمدرسة، وكانت تحرص على حضور معظم العروض السينمائية عندما بلغت السادسة عشرة من عمرها. ومن شدة شغفها لرؤية نجوم السينما، ذهبت مع إحدى صديقاتها ذات يوم إلى أحد مكاتب السينما لتؤدي صديقتها اختباراً للعمل في فيلم "أزهار وأشواك" عام 1947، وقد لمحها المنتج وعرض عليها أن تعمل كومبارس في الفيلم. وعلى الفور قبلت هند المشاركة، وقد أكدت أنها لم تشعر برهبة الكاميرا عند وقوفها أمامها لأول مرة، عكس ما كانت تشعر به من رهبة عندما أصبحت نجمة وأن مسئولية العمل على عاتقها. وبعد مشاركتها في هذا الفيلم، ظهرت هند رستم في عدة أفلام ضمن الكومبارس الصامت منها فيلم “الأب والروح والجسد ونرجس وجواهر “ وأيضاً مشاركتها مع ليلى مراد في فيلم "غزل البنات" عام 1949 في أغنية اتمخطري ياخيل.
البطولة مع حسن الإمام
حصلت هند رستم على دور كبير نسبياً في فيلم "العقل زينة" بعد أن تزوجت مخرجه حسن رضا والد ابنتها الوحيدة "بسنت"، ولم ينل الفيلم حظه من النجاح فعادت مرة أخرى للأدوار الصغيرة منها “بابا أمين” ليوسف شاهين و”الدم يحن وانتصار الإسلام وجحيم الغيرة” ، إلى أن قرر المخرج حسن الإمام أن يمنحها البطولة بعد أن أجادت دورها في فيلم "الملاك الظالم" مع فاتن حمامة وكانت تقوم بدور راقصة ومغنية عام 1954 ، فأصبحت هند بطلة لأول مرة في فيلم "اعترافات زوجة" وقد عرض الفيلم في 26 ديسمبر 1954 ، وفي العام التالي التقطها عاطف سالم ليمنحها البطولة في فيلم "جريمة حب" لتصبح هند رستم نجم الأفيش وبطلة العديد من الأفلام ، منها “بنات الليل والجسد والمخدوعة ونساء في حياتي” .. كما شاركت البطولة أيضاً في فيلم “لا أنام ورد قلبي وابن حميدو وإسماعيل يس في مستشفى المجانين”.
يوسف شاهين تسبب في إصابتها
شاركت هند رستم بطولة فيلم "باب الحديد" مع يوسف شاهين وسعدت بالعمل معه للمرة الثانية، وكانت تبكي عند تصوير المشهد الأخير وهم يطلبون من يوسف شاهين “قناوي” أن يرتدي قميص المجانين ويوهمونه بأن العروس في انتظاره.. وقد أصر شاهين أن يصور مشهداً طبيعياً وأن تقفز هند رستم من القطار على الرصيف أثناء سير القطار، فسقطت على الرصيف مصابة ونقلت إلى مستشفى دار الشفاء لترقد بها ثلاثة أسابيع بسبب اشتباه في شرخ في الغضروف.
لست ملكة الإغراء !!
أطلق أحد الكتاب لقب “ملكة الإغراء” على هند رستم ورغم سعادتها بعض الشيء بهذا اللقب إلا أنها أكدت عدم قيامها بأدوار الإغراء في السينما وبالتالي ترفض اللقب، لأنه قد يدل على الإثارة والابتذال وكشف مفاتن الجسد، وهي تعتز بلقب المرأة “المرأة الدلوعة” لما وهبها الله من قوام ممشوق وملامح أوربية، وقد مثلت العديد من الأفلام دون إثارة أو ابتذال ومنها فيلم “الراهبة وساحر النساء وكلمة شرف والأخ الكبير وبين السما والأرض وإشاعة حب ودماء على النيل”، وحرصت هند رستم على تنوع أدوارها في تلك الأفلام.
لا للقبلات الساخنة والأحضان
ركزت هند رستم على قبول الأدوار الهادفة في مشوارها الفني وظهر ذلك جلياً في السنوات العشر الأخيرة من مسيرتها، وقد عرض عليها سيناريو فيلم “أبي فوق الشجرة” لتشارك عبد الحليم حافظ البطولة، وكانت تلك أمنية أي نجمة، وبعد قراءة السيناريو رفضت هند المشاركة في الفيلم لأن الدور كان لراقصة والفيلم به الكثير من القبل الساخنة والأحضان، وأكدت أنها قامت بدور الراقصة في العديد من الأفلام لكنها تكره القبلات والأفلام التي تعتمد على إثارة الجماهير، لذلك رفضت التمثيل أمام حليم.
اعتزال في قمة المجد
حرصت هند رستم على أن تتوارى عن الأضواء قبل أن تتوارى الكاميرا عنها، ففي مشوارها مثلث أفلاما تعد من علامات السينما المصرية منها “سيد درويش وشفيقة القبطية والزوج العازب وكلمة شرف” ، لذا امتنعت عن قبول أي أدوار تقل عن أدوارها السابقة، وقبل أن تنوي الاعتزال شاركت في فيلم “الجبان والحب” مع حسن يوسف وبعد انقطاع دام أربع سنوات شاركت في فيلم “حياتي عذاب” عام 1979 مع نورا وعماد عبد الحليم لتختتم مسيرتها وتحترم تاريخها الفني بعدم قبول أدوار صغيرة قد تمحو صورتها في السينما المصرية وتؤثر على تاريخها الفني، واختارت هند الاعتزال لتعيش حياة أسرية هانئة وتسعد بتربية ابنتها وحفيدها حتى موعد رحيلها في الثامن من أغسطس 2011.