الجمعة 19 ابريل 2024

الصبح بدري

مقالات26-10-2022 | 14:22

1- أياد الرحمة

ساعدها والدها تضع قدمها على أول السلم.. ومضى.

عصفور.. جميلة رقيقة أنيقة.. وجه طفولتى.. وعينان خضراوان ثابتتان

 تسأل (بيروح  الجامعة؟) أجابها أقرب شاب.

تشكك فى توتر ضبط وقفتها بالزحام ففهم معنا المستور (ضريرة)

هب آخر يفسح لها مسند السائق.. سبقته سيدة الكرسي الأول وتبارت الأيادى لإحضار تذكرتها.. همست المجاورة بعدد المحطات الباقية وارتفع صوت

- الجامعة يا أسطى

وأمر من موظفة مسئولة  

- أمام الباب يا أسطى وانتظرنى أنزلها

رد بهدوء

- حاضر

تابعته حتى وقف حيث أرادت وسبقتها تحتجز عنها الراكبين وتفسح مكانا لنزولها.. تتولى كفها الرقيق البارد بالقلق توجهها لهبوط آمن.. توصلها متضررة لبرودة حديد ماسورة سور باب الجامعة

يتلقفها بسرعة ساعد دافىء لطالبة متأنقة. 

لمحت وفهمت وهرولت

ارتجت العصفورة بدفء من أحاطتها تضبط حركتها.. تتأبطها  

يستوى الكف بالكف تهمس (رايحة فين؟) .. تجاوبها.. يواصلان النجوى وميل الرأس والبسمات.. مترافقتين الى الباب

••

اعتاد الأب بتجربته •• أمانها بين أيادي الرحمة.. (واللى سترها فى مينى باص الذهاب يسترها فى العودة)

••

2- نص أجرة العواجيز

زعقت متنمرًا

- لو عاوز تقول إن شكلى ميجبش الستين.. بينما أنا  فعليا داخل على السبعين بأمراضى ونحولى

هأعمل عبيط وأصدقك وأدخل رصيف مترو الأنفاق أعاكس كل حواء

••

 

سالته لماذا لم تعطنى تذكرة نص العواجيز ؟

رد  باستهبال: هو سن سيادتك كام؟

وسحب من أمامى التذكرة الصفراء وألقى لى الخمسة جنيهات    

- اثنين جنيه ونص فكه

 -هات تذكرتين أنا راجع على طول

- الأوامر تذكرة واحدة

-وتتعبنى ليه.. أقف فى طابور وزحام 

أخرجت المبلغ بصدفة تواجده 

- اتفضل ومن غير زعل ( لفظ مهذب لتأنيب قلة ذوقه)

- مفيش حاجة بينا وبينك يا حاج

••

طالبت بنصف تذكرة الأتوبيس جاهزًا بالفكة 

دغمنى بها فى يدى

سألته والسائق 

- نص العواجيز مضايقكم فى إيه؟

بعد توجس رد السائق (شاب35 سنة والمحصل 52)

- أصلها على حساب رزق ولادى

-إزاي؟

-كنت بأخذ حافز 3 آلاف جنيه أصبح 1500 فقط

- يعنى  نص ركابك فوق الستين

-ما هو أبو سبعين مبيدفعش!

- عددهم كام .. وإحنا فى سننا بنتحرك فى حدود ضيقة 

-ده اللى حاصل!

-حافزك كام من التذكرة

 ربع جنيه من الخمسة جنيه

- يعنى بيركب معاك شهريا 6 آلاف راكب سن المعاش يعنى 200 يوميًا

- وبالسبعين يبقوا أكثر

-بس مش إحنا اللى أصدرنا القانون!!

-أيوه  أصدرته الحكومة بس على حسابنا

••

-أنت عارف بعد 35 سنة شغل الموظف معاشه كام؟

-1600 جنيه

- 50 جنيه فى اليوم ولو عنده مشوار بتذكرتين يدفع  10 جنيه.. الحكومة جاملته يدفع خمسة ويفطر سندوتش فول بالخمسة الثانية

 - مش على حساب عيالى! يحددوا لى مرتب شامل وأنا أؤدى عملى وهما يجاملوا اللى يجاملوه!

- ونرجع للزوغان وشكوى عدم وجود حوافز

- لو المرتب كويس هنشتكى ليه؟ والزوغان عليه رقابة ومحاسبة

- المهم ابعدوا عن رزق عيالنا

••

3-  والكلب

عبرت نهر طريق الذهاب مهرولًا.. أغتنم ثوانٍ عن السيارات المبكرة المتعجلة.. أستقر بقدمى على الرصيف الجديد المرتفع عن قدرة ركبتى واتزان شيخوختى.

خطوتان أؤكد ثبات وقوفى.. أراقب ابتعاد السيارات عن ملاصقة نزولى بيسراى بهدوء.. أواجه القادمين ثم يمناى.. منتصبا (الهبوط المباشر  يطرحنى لرحمة العجلات)

أترقب فراغ رئيسى أو عدة فراغات بين عربات نصف الطريق الآخر.. أجتازه جريا وهرولة، وبينهما أتفادى سيارة شاردة وميكروباص وموتوسيكل.

••

يمينى على مرمى البصر كلب بلدى برتقالى اللون

ضخم الجسم والرأس.. أسود العينين.. يهبط.. يستقر جانب الرصيف.. مثلى

يترقب تسابق الداخلين.. ينتظر فراغ  نهاية كتلة متداخلة وبداية صف منتظم لكتلة لم تنتشر بعد .. وفى التوقيت المناسب عبر هادئا للجانب الآخر

••

انتظرت مروق نفس الكتلة أترقب مقدمة الجديدة.. أعبر هادئًا، مثله.

••

خبرة

••

(كثرة البكاء يعلم النياح)