الإثنين 13 مايو 2024

الحروب.. وقدرات الدولة «8»

مقالات30-10-2022 | 21:39

من أهم التحديات التي واجهت تقدم وبناء الدولة المصرية وعلاج أزمتها العميقة على مدار 5 عقود هى الحروب والصراعات المسلحة التى خاضتها الدولة المصرية.. واحتاجت إلى تكلفة اقتصادية باهظة.. لكنها فى النهاية كانت مساراً حتمياً فُرض على الدولة المصرية.. وأيضاً كانت سبباً لتداعى وتفريغ والقضاء على قدراتها.. وهو الأمر الذى انعكس بالسلب على التحديات المصرية.. الحقيقة أن ما انفق على حروب مصر التى فرضت عليها منذ 1956 وحتى الحرب على الإرهاب فى الـ10 سنوات الأخيرة كان يكفى لبناء دولة حديثة.. هذا أحد المعوقات التى واجهت تقدم الدولة المصرية.. وعلاج أزمتها العميقة.

من 1956 إلى 1967 مروراً بحرب الاستنزاف.. وتوظيف الناتج المحلى للمجهود الحربى على مدار 7 سنوات وصولاً لملحمة أكتوبر العظيم وصولاً إلى معركة الإرهاب فى العقد الأخير.
 
الحقيقة أن الأزمة العميقة التى عانت منها الدولة المصرية على مدار 50 عاماًَ كانت تحتاج لإجراءات حاسمة وحلول جذرية ورؤى إصلاحية، ولم تكن محاذير الخوف من عدم القبول الشعبى وردود أفعال الجماهير أو الحفاظ على الاستقرار الهش أو عدم المساندة الشعبية بسبب ظروف الفقر والعوز أو غياب الأطر الفكرية والسياسية والثقافية والإعلامية والدينية لتبنى ودعم رؤى الإصلاح والحلول الجذرية أو حتى ضعف الجهاز الإدارى وعدم مواكبته لتنفيذ الإصلاح المطلوب.. أو عدم كفاية رصيد القيادة السياسية لتنفيذ برامج الإصلاح التى قد تستغرق سنوات من العمل الشاق ولكن كانت هناك أسباب أخرى عطلت مسار الإصلاح وأثرت على مدى تنفيذه والتهمت موارد الاقتصاد المصرى بنسبة كبيرة من الناتج المحلى الاجمالى وهو ما أدى إلى عدم قدرة الدولة، فى ظل انشغالها بالحروب والصراعات التى واجهت مسيرتها وتوظيف جزء كبير من الناتج المحلى للمجهود الحربى  أو ما يعرف باقتصاد الحرب، على إجراء عملية الإصلاح.

الحقيقة أن مصر خاضت العديد من الحروب لو بدأنا من العدوان الثلاثى فى عام 1956، ثم إلى نكسة 5 يونيو 1967 وما بعدها وصولاً إلى ملحمة نصر أكتوبر العظيم فى أكتوبر 1973.. إلى الحرب على الإرهاب التى فرضت كلفة بشرية من شهداء ومصابين وأيضاً كلفة مادية بعشرات المليارات التى  أنفقت فى هذه الحرب الشرسة التى استهدفت مصر وشعبها.

الحقيقة أن الحروب والصراعات التى خاضتها الدولة المصرية.. أثرت على الاقتصاد المصرى وحركة البناء والتنمية والتقدم وساهمت فى تعطيل هذه المسيرة.. وانعكست فى آثارها وتداعياتها وتكلفتها على مستوى معيشة المواطن المصرى وجودة الخدمات المقدمة له، والانشغال بالمعركة والحرب على حساب الإصلاح والتنمية والبناء.. وهى حروب حتمية.. رفضت مصر من خلالها الاستسلام أو عقد التسويات غير المنصفة التى حاول ان يفرضها الغرب والذى أجرى حصاراً اقتصادياً على مصر.

الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حديثه فى افتتاح المؤتمر الاقتصادى ذكر فى ضمن الـ13 بنداً التى شكلت تحديات أمام رؤى ومسارات الإصلاح فى مصر تأثير الحروب والصراعات التى خاضتها مصر فى تفاقم التحديات، «قدرات الدولة المصرية لم تكن أبداً كافية لتلقى ضربات هائلة مثل الصراعات والحروب التى مرت، والتى كانت بلا شك أرضية للتفريغ والقضاء على هذه القدرات.. وهو ما انعكس بالسلب على تفاقم التحديات» إلى هنا انتهى البند الثامن الذى ذكره الرئيس فى افتتاح المؤتمر الاقتصادى وبطبيعة الحال فإن الحروب لها تكلفة باهظة واستنزاف للموارد الاقتصادية والتى أثرت على القدرات المصرية وأدت إلى زيادة التحديات التى تواجه الدولة المصرية.

كانت الأمور قبل ما حدث فى يونيو 1967 تمضى بشكل جيد.. فمصر عام 1965 حقق اقتصادها نمواً حقيقياً زاد على 6٪ وهو ما يشير إلى وجود انتعاشة اقتصادية ظهرت ملامحها فى ارتفاع معدل الاستثمار إلى ما يقرب من 18٪ من الناتج المحلى وأصبح نصيب الصناعة من الصادرات يمثل 25٪ وارتفعت العمالة الصناعية خلال هذه الفترة إلى ضعف الزيادة من إجمالى القوى العاملة.

جاءت نكسة 5 يونيو 1967 لتحقق خسائر فادحة لمصر سواء فى القدرات والمعدات العسكرية، وخسائر بشرية و11 مليار دولار حسب تقديرات عزيز صدقى رئيس وزراء مصر الأسبق بالإضافة إلى فقدان سيناء بثرواتها البترولية والمعدنية وامكانياتها السياحية وتعرضت معامل تكرير البترول فى السويس للدمار وفقدت مصر إيرادات السياحة التى كانت تقدر آنذاك بـ100 مليون دولار وكذلك خروج إيرادات قناة السويس من المعادلة الاقتصادية إضافة إلى التكلفة الاقتصادية الضخمة لعمليات التهجير من مدن قناة السويس إلى محافظات الدلتا..

لم يكن فى ظل هذه الأوضاع وتداعيات وخسائر ما حدث فى 5 يونيو 1967 أو ما فرضته من تكلفة لتعويض الخسائر والثأر فى معركة النصر فى أكتوبر 1973.. وعلى مدار 7 سنوات احتاجت ميزانيات ضخمة لدعم أعمال وأسلحة القوات المسلحة.. التفكير فى استكمال عملية البناء التى شهدتها مصر حتى عام 1965 وأظهرت معدلات اقتصادية مبشرة ولم يكن هناك أيضاً مجرد التفكير على مدى هذه السنوات فى تبنى مسارات إصلاح أو الاستمرار فى البناء والتنمية فقد كان الشعار الرئيسى «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، وهذه المعركة احتاجات أن يكون اقتصاد مصر هو (اقتصاد حرب) بمعنى ان الجزء الأوفر من الناتج المحلى أو الاقتصاد المصرى يوجه إلى الحرب والمعركة التى تخوضها مصر عقب نكسة 1967.. مروراً بحرب الاستنزاف ثم إلى ملحمة العبور والنصر العظيم فى أكتوبر 1973.

تأثيرات الحروب التى خاضتها مصر كانت واضحة على اقتصادها ومواردها فخلال الاستعداد لحرب أكتوبر، تحمل المصريون عن رضا وحب ووطنية وإرادة لتحقيق الثأر والنصر.. وضحوا بالكثير من مستوى الخدمات وجودتها واتاحة السلع والاحتياجات الأساسية.. ولم يضجر أى مواطن على هذه الأوضاع فى ظل توجيه الجزء الأكبر من الناتج المحلى للمعركة.. ودعم قدرات القوات المسلحة.. والحقيقة ان ما حدث شكل ملحمة مصرية فريدة ليست فقط فى ميدان القتال خلال معركة العبور ولكن أيضاً على الجبهة الشعبية التى قبلت بقرارات الترشيد والتقشف غير المسبوق.. ورفع مستوى الضرائب.. وصعوبة الظروف المعيشية وهذه الظروف أيضاً شكلت درساً أمام قواتنا المسلحة من خلال الآتي:

إن ما حدث فى 5 يونيو 1967 لن يتكرر مرة أخرى تحت أى ظرف من الظروف ولعل حالة القوة والقدرة لجيش مصر العظيم خاصة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى هى واحدة من أهم ملامح هذا الدرس.. فى امتلاك جيش وطنى قوى وقادر على مواجهة مختلف التهديدات والمخاطر.. ولديه القدرة على حماية الأمن القومى بكفاءة واقتدار ولديه أيضاً القدرة على الردع وحتى يفكر أعداء مصر ألف مرة قبل الاقدام على المساس بمقدرات وأمن وحدود الدولة المصرية.

الأمر الثانى أيضاً.. عدم اتباع سياسات التهور والمغامرات واحباط محاولات استدراج مصر من خلال إطار وسياسة دولة تنتهج وتدعو إلى السلام والاستقرار وايجاد مسارات أخرى للحلول وإنهاء التهديدات بعيداً عن المواجهات العسكرية والدخول فى الحروب التى من شأنها تعطيل مسيرة البناء والتنمية واستغلال القدرات والموارد المصرية فى ذلك واتباع سياسات وعلاقات قوية مع الجميع من خلال الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى شئون الآخرين والحرص على تحقيق المصالح المصرية مع الجميع وهذه السياسات التى جسدتها مصر- السيسى أثبتت نجاحاً كبيراً سواء فى حماية الأمن القومى المصرى أو فى مسيرة البناء والتنمية بمعدلات كبيرة وغير مسبوقة، لذلك فإن حالة الاستقرار جاءت نتاج سياسات حكيمة مكنت الدولة من تحقيق التنمية أو نتاج امتلاك القوة والقدرة فالجيش المصرى العظيم رغم انه الجيش الأقوى فى المنطقة إلا انه جيش يدافع عن الوطن ولا يعتدى على الآخرين.

استوجبت الحروب التى خاضتها مصر على مدار 50 عاماً الضغط على الاقتصاد المصرى وبالتالى على أهداف الإصلاح والبناء والتنمية، فقد استلزمت الحروب تخصيص الجزء الأكبر من الناتج المحلى المصرى من أجل المعركة.. وهو الأمر الذى أدى إلى درس مهم ان تكون القوات المسلحة مؤمنة فى احتياجاتها من خلال نشاط اقتصادى يخدم أهداف الدولة ويرد الجميل لشعب مصر العظيم ويحقق القدرة على الانفاق على أى حروب محتملة تفرضها الظروف ولا تعيد ما جرى فى السنوات قبل أكتوبر العظيم.. اذن هذه الرؤية النبيلة والشريفة جاءت تأميناً وتحصيناً للأمن القومى المصرى وحماية للشعب وأيضاً توفيراً لمتطلبات البناء والتنمية والإصلاح ولاحتياجات المصريين فى حياة كريمة.. فلم تكن مساهمة القوات المسلحة فى أكبر عملية بناء وتنمية فى تاريخها يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى من فراغ ولكن لقدرات وامكانيات القوات المسلحة وقدرتها على الإنجاز السريع، فى أسرع وقت وأقل تكلفة وهو ما حقق أهداف الرؤية المصرية بما فاق التوقعات.

الحروب التى خاضتها مصر كانت أحد الأسباب الرئيسية لعدم اتخاذ الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية لكونها أدت إلى تفاقم التحديات الموجودة أصلاً خاصة وأن تكلفتها الاقتصادية باهظة للغاية وبالتالى فإنها أدت أيضاً إلى صعوبة الظروف المعيشية للمصريين وارتفاع معدلات الفقر والعوز ثم التأثير على جودة الخدمات والمرافق والبنية التحتية ربما تكون هذه الحروب خاصة نتائجها وتكلفتها غلت أيادى صناع القرار أيضاً بشكل مباشر فى ظل اتساع الفجوة بين ما هو مطلوب ومن إصلاح وبين أحوال المصريين الصعبة وبالتالى ردود الأفعال الشعبية المتوقعة فى حال اتخاذ هذه الإجراءات والرؤى الإصلاحية ويعد البند الثامن وهو تأثير الحروب والصراعات على تفاقم التحديات سبباً أساسياً فى تشكيل الرفض الشعبى للحلول الجذرية من أجل الإصلاح خاصة أنها أدت إلى زيادة المعاناة.

قلت إن الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس استثنائى تبنى رؤى مختلفة عن سابقيه وأثبتت التجربة المصرية الملهمة على مدار 8 سنوات نجاح رؤية الرئيس السيسى وفكره الخلاق فى بناء الدولة.. لكن لماذا كان الرئيس السيسى ومازال مختلفاً واستثنائياً؟

الحقيقة أن الرئيس السيسى عقب توليه أمانة المسئولية الوطنية فى قيادة مصر واجه تحديين هما الأخطر فى تاريخ مصر.. وقرر أن يواجه الاثنين معاً فى توقيت متزامن كالتالي:

واجهت مصر حرباً إرهابية شرسة تحالفت فيها قوى الشر الدولية مع أباطرة الإرهاب الأسود وجماعات الضلال والتكفير والخونة والمرتزقة بقيادة جماعة الإخوان المجرمين وجاءوا برءوس الإرهاب والمرتزقة من كل حدب وصوب ولم تكن الحرب فى سيناء فقط.. ولكنها استهدفت كل ربوع البلاد.. وكان المواطن يستيقظ يومياً على جريمة إرهابية أو أكثر.. وشكلت هذه الحرب تهديداً خطيراً للدولة المصرية فى ظل إرهاب مدعوم من الخارج يوفر له الملاذ الآمن ويموله مالياً وبالسلاح.

واجهت مصر أيضاً مع تولى الرئيس السيسى تحديات اقتصادية غير مسبوقة.. وتفاقماً للأزمات والمشاكل الاقتصادية وتدنى مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.. ووجود معاناة اقتصادية شديدة، فى ظل انهيار غير مسبوق ومحددوية موارد الدولة وتردى البنية التحتية وانتشار ظواهر سلبية مثل العشوائيات وتراجع الخدمات الصحية والتعليمية سواء بما ورثناه من العقود الماضية من أزمات ومشاكل أو أحدثته أحداث يناير 2011 من كوارث وتأثيرات اقتصادية حيث بلغت خسائر الدولة وصولاً إلى ثورة 30 يونيو العظيمة 2013 «477 مليار دولار» وهو رقم كبير وضخم فى ظل الأوضاع التى تشهدها الدولة المصرية.

كان من الممكن ان يكتفى الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتفرغ لمواجهة الإرهاب الأسود.. وهذه الحرب الشيطانية التى أديرت ضد مصر وان توجه موارد الدولة المتأزمة إلى هذه الحرب.. لكن الرئيس السيسى قرر ان يخوض معركتى البقاء والبناء معاً وفى توقيت واحد.. لتحقيق الأمن والاستقرار للدولة المصرية وإنهاء سنوات الفوضى وعدم الاستقرار والإجهاز على هذا التهديد الخطير الذى يشكل خطراً داهماً سواء على الوطن ومؤسساته أو على المصريين أنفسهم.. وكذلك اطلاق أكبر عملية بناء وتنمية فى تاريخ مصر استهدفت جميع القطاعات والمجالات.. انفقت عليها الدولة 7 تريليونات جنيه وهو رقم لا يتناسب مع حجم طموح الرئيس السيسي.. ويعتبر قليلاً فى ظل احتياجات الدولة الكثيرة وفى ظل مقارنته بميزانيات دول أقل تعداداً فى السكان وأقل فى التحديات والالتزامات الخاصة بأعباء وخدمة الدين، فالـ7 تريليونات جنيه هى تمثل 350 مليار دولار.

حققت مصر نجاحاً كبيراً سواء على صعيد الحرب على الإرهاب فى معركة البقاء أو على صعيد البناء والتنمية فى معركة البناء والتنمية التى لولاها ما صمدت مصر فى وجه أشد الأزمات العالمية وطأة وقسوة مثل «كورونا» وتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية وما كان المصريون ليجنوا ثمار وعوائد التنمية فى كافة ربوع البلاد.. وكل مواطن مصرى يعيش على أرض هذا البلد الأمين يدرك تماماً الفارق الكبير بين العهد الذى سبق الرئيس السيسى وبعد سنوات توليه مسئولية قيادة مصر.. ولا يوجد مواطن مصرى لم يحصد نتائج وثمار تجربة مصر الملهمة فى البناء والتنمية فى شتى المجالات والقطاعات وكيف تحولت مصر من أرض الأزمات والمشاكل المعقدة إلى أرض الفرص الغزيرة والتوقعات المتفائلة والمستقبل الواعد.. فبعد أن كانت تواجه تحديات خطيرة من إرهاب وأزمات وانهيار اقتصادى أصبحت تقف الآن على أرض صلبة أمنياً واقتصادياً وأصبحت مؤسساتها أكثر قوة وقدرة وكفاءة.. دولة نجحت فى مواجهة تحديات عنيفة وقاسية وأزمات دولية قاسية ولم يأت هذا من فراغ ولكن نتاج ومحصلة الرؤية والفكر الخلاق والإرادة ورصيد القيادة لدى المصريين الذى ارتكز على العطاء والوفاء والمواقف الوطنية المضيئة.. هذه الثقة التى عززت مسارات الإصلاح والحلول الجذرية.

لا شك أن فترات السلام والاستقرار هى أزهى عهود وعصور البناء والتنمية والإصلاح وأن الحروب رغم قدسيتها لمصر ورغم انها سطرت فى سجل الأمجاد المصرية كما حدث فى أكتوبر العظيم 1973 إلا أن مبدأ الحروب نفسه له تأثير قاس وصعب ومرير على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وعلى مسيرة الدولة نفسها فى البناء والتقدم والإصلاح، لقد كانت الحروب التى خاضتها مصر ذات تأثيرات وتكلفة باهظة على مسيرة البناء والتنمية والإصلاح، لكنها فى النهاية كانت ضرورة حتمية، فرضتها أسباب كثيرة ومصر العظيمة لم تكن لتستسلم لمؤامرات الشياطين بل ثأرت وانتصرت وردت اعتبارها واستردت أرضها وكرامتها.. لكننا نسعى فى النهاية إلى بناء سياق لأسباب عدم اتخاذ الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية التى أعاقت حل الأزمة العميقة فى مصر على مدار 50 عاماً.

لم تكن قدرات الدولة المصرية أبداً كافية لتلقى ضربات هائلة مثل الصراعات والحروب التى مرت بها والتى كانت بلا شك أرضية لتفريغ والقضاء على هذه القدرات وهو ما انعكس بالسلب على تفاقم التحديات.. فى اعتقادى ان المعنى واضح ربما لا يحتاج إلى شرح أو تفسير.. فدولة مثل مصر كانت قدراتها محدودة وفى نفس الوقت واجهت تحديات وتهديدات فرضت عليها.. وأثرت على قدراتها ومحاولات الإصلاح وتجارب البناء والتنمية.. بدلاً من أن تنفق هذه القدرات على بناء الدولة.. اضطرت الدولة إلى الانفاق على متطلبات الحرب وهو ما أدى إلى تراجع القدرات الاقتصادية وأيضاً توظيف زمن البناء والتنمية لصالح تكلفة الحرب الباهظة.

فى اعتقادى ان تكلفة الحروب التى خاضتها مصر منذ 56 و1967 وحرب الاستنزاف وملحمة العبور العظيمة فى أكتوبر 1973.. ثم الحرب على الإرهاب، كانت تكفى لبناء دولة بحسابات الزمن والتكلفة.. وهو أمر فرض على مصر ولم يكن باختيارها.. لكن على الجميع عند تقييم وانتقاد الدولة أو الهجوم عليها سواء نخباً أو مواطنين عليهم أن يضعوا الكثير من الاعتبارات والحسابات عند الحديث فى مشاكل وتحديات تواجه الدولة على مدار 50 عاماً.. لا يمكن ان نغفل الحروب التى خاضتها مصر من 1956 وحتى الحرب على الإرهاب.. لا يمكن ان نغفل النمو السكانى المنفلت والذى فاق قدرات الدولة لا يمكن ان نتجاهل حجم المعاناة والفقر والعوز الذى عانى منه الشعب لفترات طويلة.. لا يمكن ان نفكر فى استبعاد عنصر عدم القبول الشعبى للإجراءات الإصلاحية والحلول الجذرية، لنجد فى النهاية ان الـ13 بنداً لتوصيف وتشخيص الحالة المصرية والأزمة العميقة التى عانت منها الدولة على مدار 50 عاماً مترابطة ومرتبطة بعضها البعض فى سلسلة نستطيع من خلالها قراءة الواقع المصرى بموضوعية على مدار 5 عقود.
 
لم تضبط الجماعة الإرهابية يوماً فى مواقف وطنية.. ولم تناصر يوماً وطناً يبحث عن الأمن والاستقرار.. بل كانت دائماً معولاً للهدم والتدمير والانقسام والتشرذم.. تكره الوحدة والاصطفاف الوطني.. وتدمن الفتن والتجارة بالدين.. لذلك فهى فى حالة انكشاف تاريخي.
 
الإخوان.. أعداء الوطن والوطنية

لا تتوقف جماعة الإخوان المجرمين عن الكذب والخداع فتارة تزعم أنها جماعة دينية ترفع لواء الإسلام.. فى نفس الوقت الجماعة أبعد ما يكون عن الإسلام.. وكانت ومازالت مصدراً لتشويه والإساءة لهذا الدين العظيم.. فالإسلام لا يعرف خيانة الأوطان.. أو عقيدة الهدم والتدمير والإرهاب والقتل والكذب والفتن والتحريض والتشكيك وهو ما يمثل جوهر عقيدة الإخوان الفاسدة التى رسمت صورة للدين مغايرة تماماً لجوهره وسماحته وعظمته.. وأصبحت الصورة التى رسمها التنظيم الإرهابى تشكل الفكرة والسياق عند الغرب.

قلت من قبل أن الكذب هو عقيدة الجماعة الإرهابية.. والحقيقة وبما لا يدع مجالاً للشك لكون الإخوان لا علاقة لها بالإسلام فإن المسلم والمؤمن لا يكون كذاباً أبداً.. وهو أمر غير مقبول فى هذا الدين العظيم.. لكن الحقيقة الواضحة ان الجماعة جاءت منذ تأسيسها لخدمة مخططات ومؤامرات أعداء الوطن.. فمنذ حسن البنا مؤسس الجماعة.. لم نضبط الإخوان المجرمون فى مواقف وطنية على الاطلاق.. لكن كانوا ومازالوا خنجراً يطعن دائماً فى ظهر مصر.. والجميع أدرك انهم مجرد دمى وعرائس مارونيت تتحرك بفعل قوى الشر من دول كبرى وأجهزة مخابراتها.. تتحالف الجماعة مع الشيطان من أجل ممارسة خيانتها ولعل صراعاتها وانقساماتها الداخلية تجسد حالة العشق للدنيا والاقتتال من أجل المغانم والمال التى تنفق منها أيضاً بسخاء على المرتزقة والعملاء أمثال محمد ناصر ومعتز مطر وبعض الأدوات فى الداخل والخارج.

أحاديث «الإفك الإخوانية» من كذب وشائعات ومكايدات للوطن باطلاق حملات التشكيك والتشويه والتحريض والتسفيه إذا قررت أن تجرى لها (تحليل مضمون) لتصل إلى المفردات المستخدمة فى (أحاديث الإفك) لا تجد فيها أى حديث عن الدين والإسلام ولكنها الجماعة وأبواقها يعتبرون أنفسهم زوراً وبهتاناً أنهم معارضة وطنية ويزعمون حرصهم على الوطن.. والسؤال إذا كان ذلك.. فماذا عن الإرهاب والقتل والكذب والتشويه والتحريض على الوطن؟.. وماذا عن الخيانة والتحالف مع أعداء الوطن من القوى الدولية المعادية لمصر؟.. وماذا عن موالاة المتآمرين على مصر واستخدامهم للجماعة الإرهابية كأداة لمحاولة إلحاق الضرر بمصر التى يعتبرونها كذبا وزوراً وطنهم والحقيقة انهم ليسوا مصريين وليسوا منا ولسنا منهم.

الجماعة ظلت على مدار عقود تزعم أنها ترفع شعار الإسلام.. وتكذب وتقول ان الإسلام ديننا والقرآن دستورنا والإسلام والقرآن بريئان من الجماعة التى تفننت فى الإساءة لهذا الدين العظيم من كذب وقتل وإرهاب وخيانة وتدمير للأوطان.. وإسقاط الدول التى هى فى الأصل بلدان الإسلام.. فكيف لجماعة ان ترفع شعار الإسلام وتتآمر على دولة دستورية.

خيانة الإخوان فاقت وتجاوزت كل الخطوط فالجماعة تكذب وتخدع وتتاجر وتسعى لايجاد ثغرة للنفاذ إلى المشهد المصرى من جديد.. لكن هذا مستحيل لأن المصريين كشفوا حقيقة خيانة وعمالة الجماعة.. ولم ينسوا جرائمها فى حق الوطن والتنظيم الإرهابى يعمل دائماً على تفكيك وضرب أى وحدة وتلاحم.. وأهدافهم تتمثل فى إحداث الانقسام والتشرذم والفتن والفرقة.. لذلك يصابون بالجنون عندما يقوى جدار التماسك والاصطفاف الوطنى لأن ذلك يخالف مشروعهم الشيطانى العميل والمدعوم من قوى الشر الدولية.. لذلك فإن ارتفاع مؤشرات ومعدلات الأكاذيب الإخوانية تتصاعد مع اطلاق الحوار الوطنى الذى تمثل فلسفته وأهدافه زيادة صلابة الاصطفاف الوطنى فالحوار الوطنى يجمع أبناء هذا الوطن الشرفاء الذين يختلفون من أجله ولم يشهروا السلاح فى وجهه.. يجلسون على مائدة واحدة يتناقشون ويتحاورون فى قضاياه وهمومه والتحديات التى تواجه مسيرته يشكلون مختلف الأطياف والفئات والأيديولوجيات السياسية فى سمو رفيع على الاختلاف فى وجهات النظر والسياسات يسعون بكل جهد ودأب من أجل الوصول إلى خارطة طريق فى السياسة والاقتصاد وغيرها من شواغل وتحديات الوطن.. الاجتماعية والثقافية والإعلامية وقضاياه مثل قضية الزيادة السكانية ولعل المؤتمر الاقتصادى وما تضمنه على مدار 3 أيام كان نموذجاً وكاشفاً فى محتواه ووجهات النظر التى لم يكن أمامها أى خطوط حمراء طالما انها تقدم وتستهدف مصلحة الوطن.. جاء مرآة لما سيدور فى جلسات الحوار الوطنى التى ستذاع على الهواء فى جمهورية جديدة تتسع لأبناء الوطن الشرفاء.

الإخوان أصيبوا بالهذيان والهلاوس والجنون عندما يشاهدون المصريين على قلب رجل واحد يجتهدون ويتلاحمون من أجل تحقيق غاياته وأهدافه.. وهذا لا يسعدهم على الاطلاق.. ولكن يدفعهم إلى مواصلة طريق الكذب والتشكيك والتشويه والتحريض.. لكن وبما آن الشعب المصرى كشف حقيقتهم وأهدافهم وعزلهم وأقصاهم عن قناعة وإيمان إنها جماعة مارست الخيانة فى أحقر معانيها.

الجماعة الإرهابية لن تفلح فى تحقيق أهدافها لأنها فى حالة انكشاف تاريخية أمام المصريين والعرب والمسلمين.. فهى ليست جماعة دينية ولكنها اتخذت من الدين ستاراً للتجارة وخداع الناس والاضرار بالشعوب وفى الأصل هى جماعة هدفها الوصول إلى السلطة بدعم من أعداء الوطن.. من قوى الشر الدولية.. هدفها التمكين والتكويش وإسقاط الدول.. لكن بما ان مصر هى الأرض التى تأسست فيها الجماعة الإرهابية وبما أنها الدولة التى طردت وعزلت الإخوان المجرمين وأنهت حاضر ومستقبل التنظيم الإرهابى فى أرضها الطيبة.. فإن شعبها أبداً لن ينخدع ولن يلتفت لأكاذيب وأباطيل وشائعات وتحريض الإخوان المجرمين.

السؤال المهم لكل مواطن مصرى يعيش على هذه الأرض الطيبة.. ماذا قدمت الجماعة الإرهابية لمصر؟ وما الكوارث والخيانات وحجم القتل والدمار والخراب والفتن الذى أصاب مصر جراء جرائم الإخوان؟ وماذا فعلت فى مصر وشعبها خلال العام الأسود لحكم الإخوان فى عهد المعزول محمد مرسى بعد ان حولت المصريين إلى غرباء فى وطنهم ومارست الوحشية والفاشية والسحل ضدهم وتفرغت لارضاء الأهل والعشيرة.. وهل يمكن ان يقبل المصريون هذه الجماعة أو يصدقوها بعد كل هذه الخيانة والعمالة؟.. المصريون لن يسمحوا للجماعة الإرهابية للنفاذ من جديد لأنهم ظلوا يشكلون خطراً داهماً على مصير الوطن والشعب.

الإخوانى هو عبد التكليف الذى يصدر إليه من المرشد.. يقتل ويغدر بأمر هذا التكليف.. ويخون ويكذب بأمر التكليف.. ليس منتمياً لوطن.. أو مؤيداً لفكرته.. أو منحازاً لوطنيته. ولكنه كافر بكل هذه المعانى النبيلة.. لذلك ترى المرتزقة والعملاء والطابور الخامس يسيرون على درب الإخوان الغاية والهدف هو المال وتبرر أى وسيلة حتى لو كانت خيانة الأوطان.. فمحمد ناصر ومعتز مطر ما هما إلا مرتزقة وعملاء وخونة مارسا أحقر مهنة عرفها التاريخ.. باعا شرفهما فى سوق النخاسة من أجل المال الوفير.. تفوقا على والى عكا فى خيانتهما رغم انهما ليس لهما مبدأ أو اتجاه سياسي.. كنت ترى معتز مطر على خلاف مع الإخوان.. سرعان ما احتضنوه والسبب الحقيقى انهم خاطبوا غريزة الخيانة لديه.. وجشع وحب المال الحرام وهو نفس الحال الذى يمارسه محمد ناصر.. الذى باع أهله ووطنه من أجل المال.. فكيف يمكن لعاقل أن يصدق خائناً وعميلاً ومرتزقاً وشماماً ولصاً ومدمناً ومنحرفاً؟ لذلك مصير الإخوان ومن يمضى فى قطيعهم مصيرهم الدهس تحت الأقدام.. ولن يجدوا قبراً يوارى هذه الجيف العفنة.. سوى أرض الخيانة والشيطان التى يعيشون فيها.

Dr.Radwa
Egypt Air