الأحد 5 مايو 2024

105 سنوات على وعد بلفور.. «وعد من لا يملك لمن لا يستحق»

وعد بلفور

تحقيقات2-11-2022 | 14:18

يصادف اليوم 2 نوفمبر، ذكرى صدور «وعد بلفور» الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر بلفور إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد، أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا في العام 1917، والذي استهدف أكثر الأماكن قداسة على الإطلاق، إنها أرض الأنبياء فلسطين التي تحوي القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

وقد جاء نص الوعد كالتالي: «تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر».

من هو اللورد بلفور؟

آرثر جيمس بلفور، هو سياسي بريطاني ولد في الخامس والعشرين من يوليو عام 1848 في وايتنغهام، شرق لوثيان، أسكتلندا، وهو الابن الأكبر لجيمس ميتلاند بلفور (1820-1856) والسيدة بلانش غاسكوين سيسيل (1825-1872).

هو سليل عائلة سياسية بامتياز، حيث تولى خاله اللورد روبرت سيسل رئاسة الوزراء منذ العام 1895 حتى 1902، فيما كان والده وجده أعضاء في البرلمان الأسكتلندي، وتنحدر والدته من عائلة سيسيل المنسوبة لروبرت سيسيل المشهورة بالعمل السياسي، وأصبح بلفور عضوًا في البرلمان البريطاني في العام 1974، وحقق مكانة بارزة بعد توليه منصب رئيس وزراء أيرلندا، و في يوليو 1902، خلف عمه رئيسًا للوزراء حتى رحيله في العام 1905.

ولم يكن بلفور ذلك السياسي ذو الشعبية الجارفة، حيث شهدة مسيرته كرئيس وزراء سواء لإنجلترا أو حتى أيرلندا العديد من القرارات التي قلبت ضده الرأي العام وجعلته عرضة للمظاهرات وللغضب الشعبي، فعلى سبيل المثال، فقد تعرض بلفور لغضب شعبي قرب انتهاء حرب بوير، التي استخدم فيها الجنود البريطانيين أساليبًا وحشية لكبح التمردات.

فيما شعر المناهضون بالغضب إزاء عدد من القوانين التي اتخذت في عهده، مثل إصداره قانون شراء الأراضي الأيرلندية لعام 1903، والذي جرى بموجبه شراء حصة معظم مالكي الأراضي الأنجلو أيرلنديين، وإصدار قانون التعليم لعام 1902، وهو ما اضطرهم لحشد الناخبين ضده.

واستقال بلفور من منصب رئيس الوزراء في ديسمبر 1905، وعانى المحافظون في الشهر التالي من هزيمة ساحقة في انتخابات عام 1906، حيث خسر مقعده، ولكنه عاد إلى الساحة السياسية حاملًا لقب اللورد الأول للأدميرالية في حكومة إسكيث الائتلافية (1915- 1916). وفي ديسمبر 1916، أصبح وزير الخارجية ضمن تحالف ديفيد لويد جورج.

 

أسباب وعد بلفور

اختلفت الآراء حول السبب الحقيقي الذي دفع بلفور لتقديم هذا الوعد، فالبعض يرى أنه جاء كمكافأة للباحث حاييم وايزمان لخدمته بريطانيا باكتشافات علمية أثناء الحرب العالمية الأولى، ولكن هذا التفسير يبدو مرفوضًا من قبل العديد من الباحثين في هذا الشأن، وذلك لأن مساهمة اليهود في الحرب العالمية الأولى كانت بسيطة جدًا أو تكاد لا تذكر.

من الجدير ونحن نتحدث عن الأسباب أن نذكر أن بلفور نفسه برر وعده بأنه كان بدافع إنساني، ولكن من الأشياء المثيرة للاهتمام في سيرة بلفور، والتي يمكن من خلالها أن نستشف السبب وراء هذا الوعد، أنه بالرغم من كونه زارع البذرة الأولى لاستيطان اليهود في فلسطين، إلا أنه كان من أشد المعارضين لهجرة اليهود إلى شرق أوروبا؛ خوفًا من انتقالهم إلى بريطانيا، حيث كان يؤمن بأن الأفضل لبريطانيا أن تستغل هؤلاء اليهود في دعمها من خارج أوروبا، ولربما كان هذا هو الدافع الأول الذي دفع بفور لتقديم وعده الآثم الذي نتحمل نحن العرب تبعاته حتى اليوم.

لكنه بالتأكيد لم يكن الدافع الوحيد الذي جعله يقدم على ذلك، فلا شك أن إعجاب بلفور بشخصية الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان الذي التقاه عام 1906، كان له بالغ الأثر في إيمانه بالصهيونية وتعامله معها باعتبارها قوة تستطيع التأثير في السياسة الدولية، وبالأخص قدرتها على إقناع الرئيس الأمريكي ودوور ويلسون؛ للمشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا.

 

تداعيات وعد بلفور

وعد بلفور لم يكن مجرد وعد يقضي باستيطان اليهود في بلد غير بلدهم، بل كان الوثيقة التي استعملتها الحركة الصهيونية لطمس الوجود الفلسطيني والعربي داخل فلسطين، وذلك عن طريق ارتكابها لسلسلة من الجرائم البشعة التي أودت بحياة الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ.

وقد تلى ذلك الوعد مجموعة من المذابح التي نفذتها العصابات اليهودية بحق الشعب الفلسطيني، حيث رفضت الدول العربية ذلك الوعد لما له من اعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني، وليس هناك حق قانوني لإعطاء بريطانيا لهذا الوعد حيث أن الأرض لم تكن ملكهم بل كانت ومازالت ملكًا للفلسطينيين، ووصفوه بأنه «وعد من لا يملك لمن لا يستحق».