"السينما التاريخية" مصطلح مهم فى عالم صناعة الفن السابع، وهى تلك الأعمال السينمائية التى تلعب مواضيعها على أمانة الحدث التاريخى، مع قدر من الإمتاع الفنى والدرامى وإسقاط الماضى على الحاضر أو العكس حسب رؤية صناع الأفلام دون تحريف للوثائق، وتستمد تلك السينما مشروعيتها من نصوص أدبية أو صور ووقائع تاريخية، لكن قد تختلط الأمور لدى المتلقى، حول تلك الموضوعات التاريخية التى تقدم على الشاشة بين الحقيقة التاريخية والخيال الذى يضيفه المؤلف إلى الأحداث التاريخية، وهو الأمر الذى يجعلها أحياناً عرضة للهجوم والنقد اللاذع، خاصة من المتخصصين فى التاريخ القديم والحديث، فيرمونها بسهام نقدهم، ويطالبون بمنع عرض هذه الأعمال
ويشير المؤلف وليد يوسف، قائلاً: الكاتب قد يلجأ إلى خياله فى بعض الأحيان فى تقديم الشخصيات التاريخية، خاصة أن بعض المؤرخين مثل الجبرتى والمقريزى يصفون الأشخاص ويستعرضون تاريخهم بقليل من الإسهاب، دون أن يوفروا للمؤلف ما يحتاجه، فيضطر الأخير إلى أن يضيف من وحى خياله بما يتناسب ويتماشى مع هذه الشخصيات، خاصة أننا نجد صعوبة كبيرة فى استخراج المعلومات التاريخية من الكتب والمراجع، فبعض الأحداث والشخصيات التاريخية معروفة وبعضها غير معروف، فينسج الكاتب أكثر من شخصية ويربطها ببعض، ويحافظ على الثوابت التاريخية، ومن هنا تكمن المشكلة التى يواجهها كل مؤلف؛ لأنه يحافظ على الأمانة التاريخية.
ويضيف: عندما كتبت مسلسلاً تاريخياً عن شخصية «مصطفى محمود» فالتاريخ هنا يعود إلى عام ١٩٢١ حتى ١٩٨٦، وكنت أرى فى سيرته قصصاً وخيالات كثيرة ومتداخلة، منها ما هو مترابط، ومنها ما تضطر الدراما إلى تقديم الخيال فيه لتتلاحم الشخصيات ببعضها، لذلك فمن الصعوبة تناول العمل التاريخى وسرده فنياً كما هو، فلابد من إضفاء عامل الإبداع والتشويق فى الأحداث مع الحفاظ على الثوابت التاريخية، خاصة أن العمل الفنى ذا الطابع التاريخى قد يؤثر فى الناس أكثر من الكتب، فالأغلبية العظمى من الناس تشاهد ولا تقرأ.