السبت 18 مايو 2024

تأثير التغيرات المناخية علي الزراعة في مصر


مروة كاني

مقالات6-11-2022 | 13:43

د. مروة كاني

إن كثيرا من الدراسات التي أجرتها منظمات دولية معنية بالتغيرات المناخية وكذلك بعض الباحثين في مصر، تشير إلى أن التغيرات المناخية سوف تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض مما قد يؤثر على تدفقات المياه في نهر النيل والذي تعتمد عليه مصر بنسبة 90% لتغطية احتياجاتها من الموارد المائية العذبة، ومع زيادة عدد السكان فإن الحاجة إلي توفير موارد مائية تزداد أكثر لتوفير الغذاء لنحو 100 مليون شخص هم عدد السكان الحالي في مصر والتي تصنف عربياً على أنها البلد الأكبر من حيث عدد السكان.

التأثيرات المتوقعة للتغيرات المناخية تتمثل في زيادة حالات الجفاف، وموجات الطقس الحار، بالتزامن مع النمو السكاني، وندرة المصادر الطبيعية وعلى رأسها الموارد المائية العذبة، وارتفاع منسوب مياه البحر الذي قد يسبب غرق مناطق من السواحل ومنها مناطق في دلتا نهر النيل وهو ما سيتبعه الهجرة من هذه المناطق، موضحاً أنها سوف تمثل تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة.

من المتوقع أن تؤدي هذه التغيرات المناخية إلي نقص الإنتاج الزراعي بحوالي 13% في كل المحاصيل الزراعية عدا القطن، وبعض المحاصيل الاستراتيجية الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية هي الذرة والقمح والأرز.

الحكومة المصرية تنبهت لهذه التحديات وانعكس ذلك واضحاً في رؤيتها 2030، فقام مجلس الوزراء بإنشاء اللجنة الوطنية للحد من مخاطر الكوارث بمركز معلومات مجلس الوزراء، وأنشأت وزارة الموارد المائية مركزا للتنبؤ بالأرصاد الجوية والتغيرات المناخية، مضيفاً أنه صدر قرار السيد رئيس مجلس الوزراء  رقم 1912 لسنة 2015 بتشكيل المجلس الوطني المصري للتغيرات المناخية برئاسة وزير البيئة وعضوية ممثلي عدد من الوزارات والهيئات المعنية بالتغيرات المناخية في مصر، وذلك بهدف العمل على إعداد إستراتيجية وطنية شاملة لتقييم التغيرات المناخية، ورسم الخطط الوطنية الخاصة بمواجهة تأثيرات هذه التغيرات والتكيف معها مع تحديد الاحتياجات المالية السنوية اللازم إدراجها  في الموازنة العامة للدولة بشكل سنوي لكل وزارة أو هيئة معنية للبدء الفوري في مشاريع تهدف إلى الحد من تأثير التغيرات المناخية أو مواجهتها أو التكيف معها.

ونتج عن ذلك قيام الكثير من الجهات المعنية ومراكز البحوث والجامعات في مصر بالبدء في إنشاء مراكز متخصصة للتغيرات المناخية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما قامت به الوزارات المعنية مثل وزارة الزراعة التي أنشأت مركزا لمعلومات تغير المناخ، ووزارة البيئة أنشأت معهدا للتغيرات المناخية، ووزارة الموارد المائية والري التي أنشأت مركزا للتنبؤ بالأرصاد الجوية والتغيرات المناخية بالإضافة إلي وجود معهد متخصص ضمن معاهد المركز القومي لبحوث المياه هو معهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية.

الجامعات ومراكز البحوث المصرية حذت حذو الوزارات فأنشأت أكاديمية البحث العلمي والعلوم والتكنولوجيا لجنة لدراسة التغيرات المناخية، وقامت جامعة الإسكندرية باستحداث وحدتين ضمن معهد الدراسات العليا والبحوث هما وحدة التغيرات المناخية والثانية وحدة الاستشعار عن بعد والحد من المخاطر. 

الأكاديمية العربية للنقل البحري قامت بالتعاون مع هيئة الأرصاد الجوية لإنشاء مركز للتغيرات المناخية.

يجب أن نفرق بين الآثار المترتبة على التغير في المناخ، والسلوكيات الخاطئة في الزراعة. 

آثار تغير المناخ وأثره على القطاع الزراعي متمثلا في تغير مواعيد الزراعة ويحب الأخذ في الاعتبار أن التغيرات المناخية قد غيرت مواعيد الزراعة المتعارف عليها لدى كثير من المزروعات والأصناف الحالية.

هناك سبلا لمواجهة التغير في المناخ تبدأ من السلوك البشرى أولا وهو أن يقتنع أن هناك تغيرات طرأت على الساحة النباتية ويبدأ في اختيار الصنف المناسب وكذلك البحث العلمي واستنباط أصناف جديدة تتحمل الإجهاد البيئي والتغير في المناخ واختيار موعد الزراعة المناسب.

أثر التغيرات المناخية على القطاع الزراعي العربي

ـ ستكون المنطقة العربية أكثر المناطق عرضه للتأثيرات المحتملة للتغير المناخي، لأنها تضم أكثر مناطق العالم جفافا، وحوالي 75 % من المساحات المزروعة فيها يعتمد على الزراعة المطرية. 

ـ حيث ستنخفض كميات الأمطار فيها وخاصة في المشرق العربي بحدود 10–30 %خلال السنوات الخمسين القادمة، مع تباين في توزعها وشدتها 

ـ وستزداد وتيرة تكرار دورات الجفاف وشدته، وارتفاع درجات الحرارة، وازدياد معدل فقد المياه بالتبخر-النتح.

ـ ستنخفض إنتاجية المحاصيل المزروعة في المناطق المطرية في الوطن العربي بحوالي 50 %بحلول عام 2050. 

ـ وسينعكس ذلك سلبا على الموارد المائية المحدودة وعلى الإنتاج الزراعي، الأمر الذي يشكل تهديدا للأمن المائي والغذائي في المنطقة العربية. 

ـ وإلى تداعيات اجتماعية وتنموية، بسبب زحف وهجرة السكان من المناطق المتأثرة إلى مناطق أخرى أقل تأثرا داخل الدولة الواحدة أو إلى دول الجوار.

التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها السلبية في ظروف الزراعة المطرية

يعرف التكيف Adaptation بأنه مجموعة الإجراءات أو التقنيات التي يمكن إتباعها أو تطبيقها لتقليل التأثيرات السلبية الناتجة عن التغيرات المناخية في الزراعة.

تعرف الزراعة المطرية بانها زراعة المحاصيل أو النباتات اعتمادا على الهطولات المطرية في المنطقة، وذلك لتأمين الاحتياجات المائية لها

أولا إجراءات التكيف في مجال إنتاج المحاصيل

استنباط طرز وراثية من المحاصيل تتسم بقوة النمو وبكفاءتها العالية في استعمال المياه وعالية الاستجابة لارتفاع تركيز غاز الفحم (CO2).

 تطوير طرز وراثية من مختلف الأنواع المحصولية متحملة للإجهادات البيئية الاأحيائية (الجفاف، الحرارة المرتفعة، الحرارة المنخفضة، الملوحة.) ومقاومة للأمراض والحشرات. وذلك من خلال برامج التربية والتحسين الوراثي

استخدام المصادر الوراثية والأصول البرية

استخدام التقنيات الحيوية والهندسة الوراثية.

تطوير وإتباع التقنيات أو الممارسات الزراعية المناسبة التي تضمن تحسين إنتاجية المحاصيل والمحافظة على المياه والتربة:

ضبط معدل البذار ومواعيد العمليات الزراعية. 

تحديد معدلات التسميد المثلى ومواعيد إضافة الأسمدة.

. تغير مواعيد الزراعة بما يتلاءم مع الهطولات المطرية.

. زراعة الأصناف المبكرة بالنضج.

تكسيه البذور بمحاليل العناصر المغذية لتحفيز النمو الأولي للبادرات وتغطية سطح التربة.

تسقية البذور بمحاليل مختلفة قبل الزراعة (كلوريد الصوديوم، سكر الـPEG، حمض السلسليك، البرولين..)، لتحريض برنامج الدفاع الوراثي لدى الصنف أو النوع المزروع لتحمل الظروف البيئية القاسية )جفاف، ملوحة، حرارة مرتفعة).

مكافحة الأعشاب الضارة التي تنافس المحصول على مصادر النمو.

. إجراء عمليات خدمة المحصول من عزيق وتحضين ومكافحة.

. ترشيد استخدام المياه المتوفرة وإضافة ريات تكميلية وتطبيق طرق الري الحديث

تطبيق النظم الزراعية المستدامة والصديقة للبيئة

نظام الزراعة الحافظة: نظام زراعة المحاصيل بدون حراثة التربة عن طريق فتح شق ضيق في التربة باستخدام آلة متخصصة لوضع البذور والأسمدة بعملية واحدة للمحافظة على التربة والمياه والبيئة.

نظام الزراعة العضوية: نظام زراعي يعتمد على استخدام المواد الطبيعية والحيوية في الزراعة بلا من الأسمدة الكيميائية والمبيدات ومواد المكافحة الضارة بالبيئة والصحة العامة.

دور التقنيات الحيوية في التخفيف من التغيرات المناخية

لعبت التقنيات الحيوية خلال القرن الماضي –وما زالت-دورا كبير في زيادة الإنتاج الزراعي والحفاظ على البيئة في الدول المتقدمة، ويتوقع أن تقوم بدور أكبر وأبعد أثرا في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين قيمة الغذاء والمحافظة على البيئة في دول العالم النامي خلال القرن الحالي، 
 شهد العالم بفضل تطبيقات التقنيات الحيوية في تربية النبات والحيوان زيادات هائلة في إنتاج الغذاء وتحسين قيمته ونوعيته وذلك من خلال تطوير أصناف من النبات والحيوان أكثر مقاومة للأمراض والحشرات وأكثر تحملا لظروف المناخ القاسية وأكثر كفاءة في تحويل مدخلات الإنتاج الزراعي من ماء وسماد وعلف وطاقة إلى غذاء ذي نوعية عالية وبأقل أثر سلبي على البيئة وخاصة فيما يتعلق بالاحتباس الحراري.

ونظرا لكون التغيرات المناخية ذات طابع دولي أو إقليمي أكثر مما هي محلية أو قطرية وتشعب تأثيراتها على القطاع الزراعي وانعكاسها على الأنشطة التنموية، فلابد من التعاون المشترك بين الدول العربية، والمراكز البحثية والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقه.

الاكثر قراءة