السبت 28 سبتمبر 2024

صلاح الدين.. و"موزة" العرب

10-8-2017 | 03:40

أين أنت يا محرر أورشليم بعد أن تواطأ العالم في غفلات من الزمن ليحيكوا مؤامراتهم ضد القدس وضد المسجد الأقصى، أين أنت وقد أصبح الأقصى مسجدا بلا صلاة ولا مصلين وصمتت مآذنه للمرة الأولى منذ عام 1969.

قادة الدول الكبرى يتوسلون إلى نتنياهو لفتح المسجد الأقصى ومطبعون يتوارون خلف أوراقهم التي طالما دعوا وشجعوا على التطبيع في سطورها مدعين النبوة والطهر، ولماذا نلوم إسرائيل وحكام دول عظمى عربية وإقليمية ودولية يتعاملون مع ما آل إليه أمر القدس وكأنه لا يعنينا نحن المسلمين والعرب في تخاذل يدمي الجبين، بينما تبذل موزة الصحراء قصارى جهدها لكسر الإرادة المصرية التي تمثل درع المنطقة كلها وغل يدها عن المشاركة بحرية في حماية القدس كما كانت،  مستعينة في ذلك ببعض قرودها من مختلف الأجناس.
ولو كان من تطاول بغلق المسجد الأقصى شيعي لانتفضت الأمة العربية واتجهت بكل جيوشها لمحاربة أعداء الله الذين يتطاولون على ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين والذين يريدون هدم الإسلام والقضاء على المسلمين، أليس نتنياهو مغتصبا محتلا يستحق أن نقف ضده وقفة أشد وطأة من التي كانت ضد بشار الأسد ؟!
ما حدث  بالمسجد الأقصى من إغلاق له بالبوابات ووضع كاميرات مراقبة ومنع المصلين من دخوله هراء لا يجدي معه أي حديث عقلاني ولا يمكن أن يستوعبه عاقل، إن العالم العربي والإسلامي صار مشاهدا لما يحدث فى القدس،  بينما يقف الفلسطينيون الحقيقيون بقلوب تأكلها الحسرة وصدور عارية ليتصدوا وحدهم لإعصار الصهيونية الوحشي وسط صمت مطبق من ضمائر العالم، فيما يحمل فصيل مشوه الهوية السلاح ليقتل جندي مصري بدلا من قتال أبناء صهيون.. فصيل الحمقى لا يدرك أن سر بقائه يكمن في قوة مصر وجيشها.

يحدث كل ذلك في الوقت الذي تنهال ملايين الدولارات من أثرياء اليهود لتمكين الإسرائيليين من الانقضاض على المدينة المقدسة، ولعل صلابة المقدسيين وهدوء سريرتهم هي ما ساندتهم على إجبار الاحتلال على فتح أبواب المسجد الأقصى مرة أخرى، ليثبتوا للجميع قدرتهم على حراسة المسجد الأقصى وصد حكومة اليمين الإسرائيلي ذات الفكر الدموي.

إن المقدسيين هم الأكثر استشعارا للخطر المحدق بالمسجد الأقصى وحلم إسرائيل ببناء الهيكل المزعوم، ولعل أهم ما يثبت نوايا إسرائيل الخبيثة في هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان مكانه هو ما طالب به إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي  عام 2000 من أن تكون السيادة تحت الأرض في القدس لإسرائيل ما جعل ياسر عرفات يرفض ذلك رفضا باتا وأبلغ ذلك لبيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وقتها.
لذلك لم يكن مستغربا أن يصبح السؤال المتداول بين المقدسيين هو متى وليس هل سيهدم المسجد الأقصى؟ لأنها صارت فى رأيهم مسألة وقت فقط، ولا ننسى أن الكيان الصهيوني نجح في تقسيم المسجد الأقصى زمنيا ( فترة للمسلمين وفترة لليهود ) ولم يعد أمامهم إلا تقسيمه مكانيا أو جغرافيا، الحواجز الإلكترونية على أبواب الأقصى مثلت عارا على العالم وعلى العروبة المزعومة لم يمحيه إلا المقدسيين الذين وقفوا لجنود الاحتلال وحدهم  وبشجاعة غير مسبوقة وغير متوقعة مثلت مفاجأة لإسرائيل وللعالم أجمع.

وهنا ينبغي أن نقف أمام أنفسنا كعرب ونسأل هل قمنا بحماية المسجد الأقصى كما يجب، هل ساندنا أهل القدس وتواصلنا مع عروبتنا الأسطورية، هل أدينا واجبنا يكل ما نمتلك من قوة كعرب تجاه أول قبلة للمسلمين؟
إذا أجبنا على هذه التساؤلات بكل صراحة ووضوح سنتيقن أننا في طريق بحثنا عن عروبتنا ضللنا الطريق، وفقدنا أفضل ما كان فينا.. فقدنا "صلاح الدين".