لا حديث في العالم الآن إلا عن مصر.. وتحديداً قمة المناخ التي ترأسها وتستضيفها في مدينة شرم الشيخ.. حيث يجتمع العالم قادة ورؤساء وزعماء وملوكاً وأمراء وكبار المسئولين في 197 دولة؛ للمشاركة في القمة بحضور أكثر من 3 آلاف صحفي وإعلامي يمثلون مختلف وسائل الإعلام الدولية وسط إشادات وتقدير من الجميع بروعة وعظمة التنظيم الذي أسعد المصريين وجعلهم في أعلى درجات الفخر بهذا الوطن، إنها حملة ترويج عالمية عن مصر.. وما تشهده من تقدم وقدرات هائلة.. وما جرى فيها من نجاحات وإنجازات خلال الـ8 سنوات الماضية.. وما تمثله من ثقة العالم في قدرة مصر وجهودها ومساهماتها في مواجهة قضية هي الأخطر، التغيرات المناخية وتأثيراتها وقدرتها على طرح الرؤى والمبادرات من أجل معالجة هذه القضية.
الحقيقة أن عظمة تنظيم مصر لهذا الحدث العالمي، في ظل هذا التجمع الفريد في مدينة هي الأجمل في العالم، وبهذه الدقة والانسيابية وعدم السماح بمجرد وجود «هفوة» هو تجسيد حقيقي لقدرة مصر وما وصلت إليه من إمكانيات وعقليات متقدمة وعصرية ومواكبة.. بالإضافة إلى أن استضافة القمة نفسها يشير إلى الدور المصري الحضاري، إلى جانب دول العالم في التصدي لتبعات وتداعيات والآثار السلبية التي تشكل خطراً داهماً على مستقبل الكوكب لقضية التغيرات المناخية، والتي أضرت بالكثير من الشعوب سواء في تقليص قدرات الدول على الاستجابة لعمليات التنمية المستدامة بعد ظهور كوارث الفيضانات والأعاصير المدمرة والبراكين والزلازل والجفاف والتصحر ونفوق العديد من الكائنات الحية.. واشتعال الحرائق نتيجة ارتفاع غير مسبوق في درجة حرارة الأرض يشكل خطورة على مستقبل هذا العالم وأمنه واستقراره وأمنه الغذائي والمائي ومستقبل التنمية.
الحقيقة أنني قلت بالأمس.. إن الجهود الدولية التي تقودها مصر في قمة المناخ «كوب-27» بشرم الشيخ تهدف في المقام الأول إلى خارطة طريق وإنقاذ ومواجهة حقيقية، من خلال تكاتف وحشد دولي للوقوف معاً في مواجهة تداعيات وتأثيرات قضية التغيرات المناخية.. وهذا الأمر لم يكن بالشكل المطلوب منذ القمة الأولى التي عقدتها الأمم المتحدة في مدينة برلين عام 1995.. ولم تر الوعود والتعهدات التي أطلقتها الدول الصناعية الكبرى والمتقدمة لدعم الدول النامية والفقيرة الأكثر تضرراً والأقل مساهمة في قضية التغيرات المناخية سواء في اتفاق باريس أو قمة جلاسكو النور، لتقديم الدعم المالي والفني والتكنولوجي لهذه الدول حتى تستطيع مواجهة آثار التغيرات المناخية والتكيف معها.
قمة المناخ بشرم الشيخ تبحث عن تحقيق ــ ليس فقط ــ العدالة ولكن أيضاً المسئولية والجدية في مواجهة هذا التحدي الخطير الذى يواجه الكوكب أو البشرية وتجنب آثاره المدمرة سواء على المستوى القريب أو البعيد، من خلال تكاتف دولي واحتشاد من أجل مواجهة هذه القضية بجدية وفهم وتقديم الرؤى والدعم الشامل للدول النامية المتضررة من ويلات التغيرات المناخية وعلى رأسها القارة الأفريقية.. وأكثرها تضرراً الدولة المصرية التي تبذل جهوداً مكثفة وخلاقة في مواجهة هذه القضية سواء من خلال مساهمتها دولياً وإقليمياً وعربياً وأفريقياً، والحديث باسم القارة السمراء ورفع مطالبها من أجل مواجهة هذه القضية الخطيرة وآثارها في ظل عدم قدرة هذه الدول على توفير التمويل أو امتلاك القدرات الفنية والتكنولوجية وهو أمر غير عادل على الدول الكبرى المتسبب الرئيسي وبنسبة 80٪ في قضية التغيرات المناخية أن تتحمل مسئولياتها سواء في خفض نسب الانبعاثات أو تقديم الدعم المالي والفني والتكنولوجي للدول النامية التي لا تمتلك إمكانيات أو القدرة على الإنفاق على مشروعات من شأنها مواجهة هذه التغيرات المناخية، وكذلك الدعم الفني والتكنولوجي الذي تملكه الدول المتقدمة.
الحقيقة أن اتفاق باريس وقمة جلاسكو، لم يرق التنفيذ لتوصياتهما ومبادئهما إلى طموحات وتطلعات الشعوب والدول الأكثر تضرراً، أو الالتزام بخفض الانبعاثات للحفاظ على درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين رغم أنها وصلت الآن إلى 1.5 درجة مئوية.
أهداف قمة المناخ بشرم الشيخ تبدو أكثر واقعية وجدية وعملية، فهى تسعى إلى تطبيق وتنفيذ التعهدات والوعود إلى أرض الواقع، والخروج بها من دائرة الكلام والتوصيات إلى دعم حقيقي ومناسب للدول النامية والأكثر تضرراً لرفع قدرتها على المواجهة والتكيف لذلك أطلق على قمة شرم الشيخ قمة «التنفيذ»، وهو ما تحرص مصر على الخروج به من نتائج مهمة لـ«كوب-27».
الحقيقة أيضاً أن مصر تستحق هذه الإشادات العالمية والاحترام الدولي وانبهار كل المتواجدين وهم عشرات الآلاف من الدول المشاركة والحاضرة والتي يصل عددها إلى 197 دولة ومن كافة وسائل الإعلام الدولية والعالمية والتي زادت على 3 آلاف صحفي وإعلامي يمثلون وسائل الإعلام المختلفة في هذا العالم، وهذا العدد الهائل من رؤساء وقادة وملوك وكبار المسئولين في هذه الدول.. خاصة في ظل هذا التنظيم الذى هو فخر لمصر والعرب جميعاً، وهو ما أبرزته وسائل الإعلام، فالفعاليات تجرى في أجواء من الأمن والاستقرار والانسيابية وبدون أي نوع من المعوقات.. وهذا نفسه تحد كبير نجحت الدولة المصرية وتفوقت فيه بالإضافة إلى الصورة الراقية والساحرة والجميلة التي بدت عليها مصر وهى ترتدى ثوب الإبداع والجمال والرقى في شرم الشيخ، ناهيك عن التعرف على مصر الجديدة على أرض الواقع وما جرى فيها من إنجازات وتقدم هائل على مرأى ومسمع من العالم أجمع وربما يكون ذلك مكسباً كبيراً سواء للصورة الحقيقية والواقعية التي تنقلها وسائل الإعلام العالمية عن مصر وترد على كافة الأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه، فمن رأى ليس كمن سمع، وهو استثمار عبقري في السياحة والاستثمار في بلد القدرات والإمكانيات والفرص، والأمن والاستقرار والدفء والطبيعة الخلابة، والأجواء المثالية.
هناك أيضاً مكاسب وعوائد هائلة على المستوى الاقتصادى سواء في جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية في المشروعات الخضراء والطاقة المتجددة والنظيفة، والاقتصاد والهيدروجين الأخضر خاصة أن مصر واحدة من أهم دول العالم في هذا المجال.
الحقيقة أن مكاسب استضافة مصر قمة التغيرات المناخية العالمية «كوب-27» كثيرة ومتعددة سواء في بناء الصورة الذهنية الصحيحة والواقعية في العقل الجمعي لدى العالم وتحسين المساهمة الحضارية المصرية في مجال مواجهة قضية التغيرات المناخية، وإسهاماتها على الصعيد الدولى والإقليمي والإفريقي والعربي.. وهو ما تجسده أحاديث ومشاركات الرئيس السيسي في الفعاليات الدولية والإقليمية والقارية والعربية حول كيفية مواجهة هذا التحدى الذى يعد هو الأخطر أمام مستقبل الكوكب والبشرية، وهو ما يستلزم موقف وتنسيق واحتشاد ومسئولية دولية.
يقيناً إن اختيار مصر لاستضافة وتنظيم هذا الحدث العالمى الكبير جاء تجسيداً وتعبيراً عن الثقة الدولية والعالمية في قدرة مصر سواء في التنظيم المتميز والراقى والترتيبات الخاصة لاستضافة هذه الأعداد الهائلة من المشاركين من مختلف أنحاء العالم من قيادات الدول والوفود والخبراء ولكن أيضاً ثقة العالم في قدرة مصر على قيادة الجهود الدولية في مجال التعامل مع قضية التغيرات المناخية وآثارها وطرح المبادرات خلال جلسات المؤتمر وصياغة مواقف دولية وإقليمية ذات تأثير للخروج بنتائج عملية وجادة وواقعية تجعل من قمة شرم الشيخ علامة وإضافة في مسار تعامل العالم مع ظاهرة التغير المناخى والتي تشكل تحدياً وتهديداً مباشراً للبشرية والحقيقة أن مصر تستطيع خاصة في ظل جهودها الخلاقة في التعامل الحضارى مع قضايا التغير المناخى محلياً وإقليمياً ودولياً وقارياً خاصة أن أفريقيا هى أبرز ضحايا هذه القضية رغم أن مساهمتها في الظاهرة نفسها هى الأقل بأضعاف كثيرة ولا تملك القدرات والإمكانيات المالية والفنية والتكنولوجية للمواجهة أو التكيف وهو ما تسعى مصر جاهدة إلى توفيره لمساعدة دول القارة.
الحقيقة أن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي حول مجابهة التغيرات المناخية بدأت مبكرة واستندت على جهود خلاقة سواء قارياً أو محلياً، فمصر لها إنجازات ومشروعات كثيرة في مواجهة آثار التغيرات المناخية وأصبحت لها استراتيجية واضحة المعالم، هي الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 للحد من التغيرات المناخية سواء في التوسع في المشروعات الخضراء والاقتصاد الأخضر، ومشروعات عملاقة في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة حتى وضعت مصر هدفاً لتشكل الطاقة النظيفة والمتجددة 43٪ من حجم إجمالي الطاقة الكهربائية في مصر عام 2035 وبرز أيضاً دورها وجهودها في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية من تصحر وشح المياه ووسائل النقل صديقة البيئة وحماية الشواطئ وخفض الانبعاثات الصناعية خاصة أن قضية التغيرات المناخية باتت تمثل تهديداً وجودياً للكثير من دول العالم على نحو لم يعد ممكناً وتأجيل تنفيذ التعهدات والوعود الخاصة والمرتبطة بمعالجة التغيرات المناخية وبناء القدرات وتفعيل برامج المساعدات الدولية المالية والفنية ونقل التكنولوجيا.. كما أن القمة الـ27 تمثل فرصة ثمينة للقارة الأفريقية ودولها لعرض رؤيتها من أجل تعزيز قدرتها على وضع أهداف واضحة وتواريخ محددة لتنفيذ برامج التكيف لتدعيم مصالح دول القارة السمراء. وهو ما أكد عليه الرئيس السيسي.
الحقيقة أيضاً أن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في افتتاح قمة المناخ كوب-27 جاءت لتجسد شواغل الدول والشعوب وتدق ناقوس الخطر حول خطورة هذا التحدي والتداعيات الكارثية التي آلمت الشعوب والدول ووضع الحلول والرؤى والتي تتجسد في دعوة العالم للقيام بمسئولياته تجاه هذه الآثار السلبية لقضية التغيرات المناخية، والتكاتف من أجل الحفاظ على هذا الكوكب وحياة البشر بالإضافة إلى الجدية والعدالة في دعم الدول الأكثر تضرراً، والأقل مساهمة في التغيرات المناخية، وأيضاً الأقل قدرة على مواجهة هذه التغيرات المناخية أو التكيف معها وهو ما يحتاج تنفيذ التعهدات والوعود التي تعهدت بها الدول الكبرى ومدى التزامها بمخرجات اتفاق باريس وأيضاً قمة جلاسكو.
كلمة الرئيس السيسى أمام الشق الرئاسى لأعمال مؤتمر المناخ «كوب-27» جاءت لتؤكد أن قضية تغير المناخ الأكثر إلحاحاً.. وتسبب خسائر بشرية كبيرة.. وأن نتائج مؤتمر المناخ بشرم الشيخ هو محط أنظار واهتمام شعوب العالم في محاولة إلى طمأنتها تجاه هذا التحدى والتهديد الخطير وتحول مصائر البشر والتطلع لخلق بيئة نظيفة ومستدامة ومناخ أكثر استجابة لمتطلبات الشعوب وظروف مواتية للحياة والعمل والنمو.
تساؤلات الرئيس السيسى التي طرحها في كلمته أيضاً جاءت لتجسد الشواغل في الدول ولدى الشعوب في هذا العالم وهل نحن اليوم أقرب إلى تحقيق أهدافنا من عام مضى؟.. وهل استطعنا خلال عام منصرم أن نتحمل مسئولياتنا كقادة للعالم في التعامل مع أخطر قضايا القرن وأشدها تأثيراً؟.. وطرح الرئيس أيضاً تساؤلاً أكثر أهمية والذى يتعين أن نوجهه لأنفسنا هل ما نطمح إلى تحقيقه من أهداف يقع في نطاق الممكن؟ الرئيس أجاب: إنه ليس مستحيلاً بشرط توافر الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخى المشترك وترجمة ما يصدر عن اجتماعاتنا من نتائج إلى واقع ملموس، وهو جوهر وجل أهداف مؤتمر شرم الشيخ.
الرئيس السيسى وضع مبادئ مهمة لمواجهة جدية لتجاوز أزمة المناخ الراهنة.. والوصول إلى ما توافق عليه العالم في اتفاق باريس يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات في ظل ما تنتظره شعوب العالم من التنفيذ السريع والفعال من خطوات حقيقية وملموسة الآن.
ـ خفض الانبعاثات وبناء القدرة على التكيف مع تبعات تغير المناخ.
ـ توفير التمويل اللازم للدول النامية التي تعانى أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة لذلك حرصت مصر على تسمية هذه القمة.. بأنها «قمة التنفيذ».. وهو الهدف الذى يجب أن تتركز وتتمحور حوله الجهود والمساعى الدولية حول هذه القضية، والعمل بجدية على الوفاء بالالتزامات والتعهدات والوعود لتصبح حقيقة على أرض الواقع.
الرئيس السيسى أيضاً تطرق في كلمته إلى الجهود والإنجازات المصرية في مجال التصدى لآثار التغيرات المناخية.. من خلال التوسع في تنفيذ مشروعات الاقتصاد الأخضر، وأيضاً وسائل نقل صديقة للبيئة، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة.
كلمة الرئيس السيسى، استعرضت الآثار السلبية والكارثية من التغيرات المناخية ومعاناة الشعوب والكوارث التي لحقت بها ثم جدد الرئيس السيسى آليات وحلول تؤدى إلى تنفيذ مبادئ وبنود اتفاق باريس، وتوصيات قمة جلاسكو.
السؤال المهم الآن، في ظل حالة الزخم الدولى والعالمى، وما تتحدث عنه وسائل الإعلام العالمية من مصر، وهذا النجاح الكبير والتنظيم الرائع الذى فاق كل التوقعات والمكاسب والعوائد على كافة الأصعدة سواء بناء صورة ذهنية لمصر وما تشهده من تقدم وتطور وبناء، وقدراتها الهائلة في العقل الجمعى الدولى، وأيضاً المكاسب الاقتصادية والسياحية والمشروعات والاتفاقات في مجال الطاقة النظيفة وهى الدولة الواعدة وأحد أهم وأبرز الدول في هذا المجال وما جسدته قمة شرم الشيخ من تفوق العقل المصرى في تنظيم هذا الحدث العالمى.. السؤال ماذا عن الإعلام المعادى.. وقوى الشر.. وإعلام الإخوان المجرمين.. لقد ظهرت حقيقة الأكاذيب والشائعات والتشكيك خاصة وأن الواقع الصادق على الأرض دهس ودمر حملات التشويه.. فهل يخجل هؤلاء من أنفسهم.. وهل يكون لديهم ذرة من الخجل لتتوارى «أحاديث الإفك» التي يروجونها بعد ان ارتفعت أصوات الحق والصدق لتكشف عن الوجه الحقيقى المبدع والعظيم لمصر الحديثة المواكبة للعصر.. والمتسقة مع حالة التقدم التي يشهدها العالم لذلك فإن القمة في شرم الشيخ حققت نتائج عظيمة وهائلة كان تحقيقها يستلزم ويحتاج لسنوات طويلة.. انها حقاً مصر صاحبة التجربة الملهمة والأفكار الخلاقة والقدرات الهائلة وهذا هو شعبها العظيم فخور بوطنه.. لذلك فالتحية لقائد هذه المسيرة الذى وضع مصر في مكانها ومكانتها المستحقة.
دعوة تاريخية لايقاف الحرب « الروسية- الأوكرانية» تنطلق من مصر ــ السيسى.. تستشعر المعاناة والخطر الداهم على العالم.. وتستند إلى المصداقية والنوايا الصادقة والحياد المترسخ.. والعلاقات القوية مع جميع الأطراف.
نداء السلام .. من مدينة السلام
الحقيقة أن نداء الرئيس عبدالفتاح السيسى لدول وشعوب العالم بالعمل على إيقاف الحرب «الروسية- الأوكرانية» ومبادرته التاريخية.. تتسق تماماً مع ثوابت وسياسات الدولة المصرية التي رسختها على مدار 8 سنوات في السعي الدائم لتحقيق وترسيخ السلام في العالم.. والاحتكام في إنهاء النزاعات والصراعات والحروب عبر تسويات وحلول تفاوضية وسلمية خاصة أن هذه الحرب لها آثار قاسية ومدمرة على جميع دول وشعوب العالم.. ومعاناتها جراء تداعيات هذه الحرب الطاحنة التي ألقت بظلالها على شعوب العالم.
ربما يتبادر إلى ذهن البعض ما هى العلاقة بين قمة المناخ في شرم الشيخ «كوب-27» وتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية؟ ويقيناً هناك علاقة قوية. وخيط كبير ونتائج متشابهة فالتغيرات المناخية سببت دماراً وخراباً وكوارث ومعاناة لدى الكثير من الدول والشعوب وأرهقت كاهل ميزانياتها وتشردت شعوبها وأودت بأرواح وهو نفس الأمر الذى أحدثته ومازالت الحرب الروسية- الأوكرانية من تداعيات خطيرة أبرزها الدمار والخراب والقتل.. وأزمة اقتصادية عنيفة ألقت بظلالها على الشعوب في العالم.. ونقص وعجز في مصادر الطاقة وخلل واضح في منظومة الأمن الغذائى العالمى.. بالإضافة إلى التداعيات الأمنية والسياسية وانقسام العالم إلى معسكرين.. اذن فالهدف من قمة المناخ بشرم الشيخ ونداء الرئيس السيسى هو ايقاف آلة الدمار والخراب ومعاناة الانسان سواء عبر تصالح البشر مع الطبيعة، وكذلك تسوية سياسية طرحها الرئيس السيسى لإنهاء وايقاف الحرب (الروسية- الأوكرانية) لتخفيف المعاناة عن البشر.
الرئيس السيسى في حضور عالمى غير مسبوق من 197 دولة ومتابعة العالم عبر وسائل الإعلام من مختلف دول العالم.. ألقى بحجر كبير في بحيرة الأزمة الراكدة والتي طال أمدها وزادت المعاناة القاسية من تداعياتها.. ليخرج صوت السلام الذى لا يبحث عن دور ولكن يستشعر الخطر الداهم من جراء استمرار هذه الحرب.. وتداعياتها الخطيرة على العالم ليتحدث الرئيس ويضع رؤية واضحة ويطرح مبادرة تاريخية لتخليص العالم من أهم تحديين يهددان أمن واستقرار ووجود البشرية ويشكلان خطراً داهماً على وجود هذا الكوكب.
لكن ما هى النقاط المهمة التي يمكن أن تؤدى إلى نجاح نداء الرئيس السيسى ومبادرته التاريخية.. لإيقاف الحرب الروسية- الأوكرانية ويجعلها مختلفة عن جميع المبادرات التي طرحت من قبل.
أولاً: إن نداء الرئيس السيسى لايقاف الحرب الروسية- الأوكرانية توفرت له عوامل النجاح، فقد اطلق الرئيس السيسى مبادرته ونداءه في أكبر حدث عالمى وبحضور غزير من قادة ورؤساء وزعماء العالم و كبار المسئولين فيه وفي حضور إعلامى يضمن وصول الرسالة إلى جميع الأطراف المتصارعة ويجسد أيضاً شواغل الدول والشعوب وتساؤلاتها حول توقيت ايقاف هذه الحرب التي أحدثت معاناة شديدة الوطأة وقاسية التداعيات على شعوب العالم خاصة الشعوب الأوروبية التي باتت تبحث عن حل.
ثانياً: ان نداء الرئيس السيسى ودعوته ان مصر لها علاقات قوية مع جميع الأطراف سواء روسيا أو أوكرانيا وأيضا أطراف الصراع في المعسكرين على وجه العموم، وتربطها علاقات استراتيجية وحيوية بالإضافة إلى أن مصر لم تتورط في استقطاب تجاه معسكر أو آخر ولكنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، ولديها ميزة الحياد وتسعى بتجرد وصدق لإيقاف هذه الحرب وسط رغبة دولية في إنهاء هذه الحرب وبالتالى يجعل مصر صاحبة مصداقية عالية لدى جميع الأطراف وهو ما يؤدى إلى حلحلة الوضع المتجمد في ظل تعنت جميع الأطراف ويتزامن مع توجهات أمريكية للجانب الأوكرانى في الدخول في مفاوضات مع الجانب الروسى لتسوية الأزمة وهو ما يخلق إطاراً وقبولاً عاماً بأهمية إيقاف الحرب استشعاراً لخطورة استمرارها.
ثالثاً: الرئيس السيسى وجه النداء والدعوة لجميع دول العالم، والقادة والزعماء والرؤساء والفاعلين في المشهد الدولى بقوله أوجه هذا النداء معكم وبكم وعلى الجميع أن يتكاتف ويتعاون في إيجاد صيغة تفتح الأبواب أمام كافة الأطراف المتصارعة للتسوية السياسية وإيقاف الحرب.
رابعاً: مصر لديها تجارب كثيرة في التسوية السلمية وارساء السلام، ولديها رصيد تاريخى لدى جميع الأطراف المتصارعة تستطيع مع دول العالم الوصول إلى حل لإيقاف هذه الحرب وتداعياتها الخطيرة.
خامساً: الربط بين أهداف قمة المناخ بشرم الشيخ والحرب الروسيةــ الأوكرانية في منتهى الإدراك والعبقرية.. فمن أهم تداعيات الحرب نقص الطاقة والغاز وهو ما جعل دولاً متقدمة في حجم أوروبا تلجأ إلى مصادر تقليدية للحصول على الطاقة لها أضرارها البالغة على قضية التغيرات المناخية.. فمثلاً ألمانيا تتجه إلى إعادة استخدام الفحم الحجري وهو ما يفاقم قضية التغيرات المناخية، فإنهاء وإيقاف الحرب «الروسيةــ الأوكرانية» سوف يؤدى إلى توافر مصادر الطاقة، الآمنة.. وأيضاً تقليل التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية والعمل على تقويض مسببات هذه الظاهرة.
سادساً: ردود الأفعال الدولية لنداء الرئيس السيسى سواء على مستوى الشعوب أو ردود الأفعال الرسمية جاءت متفائلة فالشعوب سواء «الروسى، أو الأوروبية» تأمل في الوصول إلى حل ينهى هذه الحرب وأصبحت معاناة الشعوب في أوروبا تعد تهديداً حقيقياً لرفاهية هذه الشعوب فقد بدت مشاهد الطوابير الطويلة للحصول على مصادر الطاقة أمراً غير معهود في أوروبا في ظل قدوم فصل الشتاء وطبيعته القاسية في أوروبا بالإضافة إلى التداعيات الأخرى للحرب سواء ارتفاع تكلفة فواتير الكهرباء والطاقة، وعدم توافر السلع الأساسية بالشكل الكافي مع ارتفاع أسعارها بشكل كبير وارتفاع معدلات التضخم كل ذلك يفسح المجال أمام نجاح النداء المصرى لإيقاف الحرب خاصة انها طالت في تداعياتها شعوب العالم ودوله.
سابعاً: في اعتقادى أن اطلاق الرئيس السيسى لمبادرة إيقاف الحرب الروسيةــ الأوكرانية سيدخل حيز المساعى والحوارات مع قادة ورؤساء العالم سواء في كواليس القمة المناخية 27 بشرم الشيخ أو عبر الاتصالات المصرية بين كافة الأطراف المتحاربة والمتصارعة للوصول إلى آليات للتفاوض، والتسوية السياسية لإنهاء الحرب.
ثامناً: استمرار الحرب «الروسيةــ الأوكرانية» سيدفع إلى مزيد من المعاناة والآلام التي تواجه شعوب دول العالم، فحتى شعوب الدول المتحاربة والمتصارعة نفسها تأمل في إنهاء هذه الحرب الطاحنة التي أودت بحياة آلاف البشر، وجلبت خسائر فادحة على المستوى الاقتصادى ليس فحسب لأوكرانيا وروسيا.. ولكن أيضا جميع دول الصراع خاصة في ظل الميزانيات الضخمة التي تنفق على هذه الحرب وأيضاً معاناة شعوب دول العالم، هو ما يفسح المجال أمام نجاح المبادرة المصرية التي اطلقت في حضور وتواجد عالمى هائل.
تاسعاً: ان دوافع مصر في اطلاق النداء التاريخى والمبادرة النبيلة لإيقاف هذه الحرب.. الناشئة بين روسيا وأوكرانيا.. أن هناك دولاً مثل مصر وغيرها الكثير ليس لديها اقتصادات في درجة القوة التي تتحمل تداعيات أزمتين خطيرتين وقاسيتين مثل «جائحة كورونا» ونجحت في عبورها ولكن استمرار الحرب الروسيةــ الأوكرانية بات أمراً بالغ التكلفة على جميع الدول.. حتى الدول الكبرى صاحبة الاقتصادات القوية باتت تنزف بغزارة.. وبدلاً من ان تضخ هذه الميزانيات الضخمة في تخفيف تداعيات الحرب الروسيةــ الأوكرانية.. كان من الممكن ان تنفقها على تحقيق المزيد من الرفاهية والبناء من أجل شعوبها التي باتت تضيق ذرعاً من ويلات وتداعيات الحرب.. ان نداء مصر لإيقاف الحرب الروسية- الأوكرانية يتسق مع استضافتها لقمة المناخ بشرم الشيخ وأهدافها في مجابهة هذا التهديد، وضمان امن وسلامة البشرية.. وان مبادرتها لإيقاف الحرب الروسيةــ الأوكرانية، لتحقيق نفس الهدف النبيل في إنهاء معاناة الإنسان في هذا العالم، وتحمله لتداعيات وويلات الحرب والصراع الروسى- الأوكرانى.. فمصر الخير والسلام، لا يخرج منها إلا الخير والسلام، وما يحقق امن واستقرار العالم.. فهى الدولة العظيمة صاحبة الحضارة التي تتمثل جل جهودها في ترسيخ السلام والاستقرار والسلم الإقليمى والدولى.. فهى الدولة القوية القادرة وفي نفس الوقت التي لا تطمع ولا تتدخل في شئون الدول الأخرى.. وتساند كل مسارات السلام والبناء والازدهار وتتعاون مع دول العالم، في مجابهة التحديات والتهديدات التي تواجه وتهدد هذا العالم.
ان مبادرة ونداء الرئيس السيسى.. ينطلق من عمق أخلاقى وإنسانى وحضارى.. يجسد دور مصر الاستراتيجى وعلاقاتها المتوازنة مع جميع دول العالم.. لذلك فان فرصة نجاح هذا النداء والمبادرة تفوق بمرات كل الأطروحات والمبادرات السابقة.
تحيا مصر