الجمعة 27 سبتمبر 2024

نور الشريف ..حكاية من حكايات نجيب محفوظ

10-8-2017 | 19:55

واكبت بداياته عامًا حزينًا على مصر.. نكسة 1967، وتوقع الكثيرون ألا يلمع نجمه وسط كل تلك التحديات، لكنه أثبت خلال سنوات قليلة أن الموهبة المدعومة بالثقافة والمعرفة لابد لها أن تستمر.

هو الفنان الكبير نور الشريف الذي تحل الذكرى الثانية لوفاته "11أغسطس 2015" ، اسم صنع نجوميته باقتدار عبر رحلة من التحديات والصعوبات الأسرية والاجتماعية.

ويعد نور الشريف من جيل عاصر النكسة وشهد انكساراتها، لكن إصراره وموهبته ورغبته في النجاح كانت جواز مروره إلى الجماهير، فتألق خصوصًا في فترة السبعينيات بعدة أدوار متميزة، ما مكنه من أن يصبح أحد أهم نجوم الصف الأول، واحتل عن جدارة لسنوات طويلة مساحة كبيرة في قلوب الملايين بأعماله الفنية المتميزة التي احترمت ذهنية المشاهد لتناولها الواقع المعيش للمجتمع بمشاكله، بل أصبحت أفلامه فيما بعد علامة من علامات السينما المصرية، وصُنفت بعض أفلامه ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما من هذه الأفلام: الكرنك، كتيبة الإعدام، سواق الأتوبيس، آخر الرجال المحترمين، ليلة ساخنة، دائرة الانتقام، ناجي العلي، الحفيد، حبيبي دائمًا، حدوتة مصرية، دم الغزال، دماء على الأسفلت، وغريب في بيتي، وغيرها.

حظي نور الشريف على نصيب كبير من أعمال الكاتب الكبير نجيب محفوظ، وتم تحويلها لأعمال سينمائية، قدم منها 9 أعمال مأخوذة عن رواياته بدأها بفيلم "قصر الشوق"، وهي الجزء الثاني من الأعمال الثلاثية لمحفوظ الخالدة، والذي كان "فاتحة خير" كما قال نور الشريف نفسه، حيث قام بعد هذا الفيلم بسلسلة من الأفلام المهمة، وعن قصة نجيب محفوظ جسد البطولة في فيلم "السكرية"، ثم انطلق بعدها ليجسد شخصية كامل في فيلم "السراب" وهي شخصية معقدة ومركبة لشاب أفسده التدليل وحوله إلى شخص عاجز جنسيًا نتيجة مرضه النفسي، وبعد 5 سنوات قام ببطولة فيلم"الكرنك" ويناقش قضية التعذيب في السجون خلال فترة الستينيات، أما رائعة "الحرافيش"، فكان لنور الشريف نصيب فيها أيضًا، والتي لعب فيها دور الفتوة وتم تحويل موضوع الرواية إلى عدة أفلام فيما بعد، قدم بعدها فيلم "الشيطان يعظ" المأخوذ عن قصة شهيرة لنجيب محفوظ، ثم فيلم "قلب الليل".

تميز الفنان نور الشريف بثقافة موسوعية قلما توجد في كثيرين، كان فنانًا مثقفًا وصاحب رؤى ومواقف سياسية واضحة ونابعة من إيمانه الحقيقي بقضايا وطنه، كما تمتع بذكاء كبير في اختيار موضوعات أعماله سواء في السينما أو الدراما وهو ما فعله حين اتجه إلى التليفزيون وقدم عددًا من الأعمال الدرامية المتميزة الدينية والاجتماعية منها: "رجل الأقدار"، عمرو بن العاص، الحرافيش، هارون الرشيد، عمر بن عبد العزيز، لن أعيش في جلباب أبي،  الرجل الآخر،  عائلة الحاج متولي، العطار والسبع بنات، حضرة المتهم أبي، الدالي، متخافوش، والرحايا، بالإضافة إلي عدد من الأدوار المسرحية أبرزها: القدس في يوم آخر، يا غولا عينك حمرا، الأميرة والصعلوك، ويا مسافر وحدك.

تزوج نور الشريف من الفنانة بوسي عام1967 وأنجب منها ابنتيه سارة ومي، لكنهما انفصلا عام 2006 بعد زواج دام قرابة 30 عامًا، ورغم الانفصال لم يترك نور بوسي وعائلته التي ارتبط بها ارتباطًا كبيرًا، إلى أن هاجمه المرض قبل وفاته بعدة سنوات، ما أعاد المياه إلى مجاريها، حيث لازمته بوسي أثناء محنة المرض حتى وافته المنية في 11 أغسطس عام 2015، بعد رحلة من العطاء الفني والإنساني الكبير.