طالبت جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والعراق، المجتمع الدولي وأجهزته المعنية بضرورة تجريم عصابات داعش الإرهابية وتقديمها للعدالة لما قامت به من أفعال شنيعة في البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي والاعتداء على مكوناته الأساسية، وتحميلها مسؤولية ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
جاء ذلك خلال فعالية نظمتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم بعنوان «محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية من عناصر داعش في العراق: مسؤولية القيادة وتحديد القادة ودور المقاتلين الأجانب في التنظيم» وذلك بمشاركة الأمانة العامة للجامعة العربية (قطاع الشؤون القانونية) ؛ ومندوبية العراق لدى الجامعة العربية ؛ومكتب الأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم (داعش) في العراق والشام (UNITAD) .
وأكد الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون القانونية بالجامعة العربية السفير محمد أمين ولد أكيك ،في كلمته، أن هذه الفعالية هى ثمرة للتعاون المثمر والخلاق بين جامعة الدول العربية والعراق ومكتب فريق الأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب مايسمى بتنظيم الدولة الإسلامية -والإسلام منه براء - في العراق والشام والمعروف اختصارا ب(داعش) .
وقال" ولد أكيك" إن هذه الفعالية تأتي في إطار التعاون المستمر بين كل الجهات المعنية بالقاء الضوء على العمل الجاري الذي يقوم به الفريق الأممي مع القضاء العراقي في السعي لتحقيق المساءلة عن جرائم (داعش) الدولية وعدم الإفلات من القانون والعدالة وإنزال العقوبة العادلة المستحقة ،مؤكدا أن الجرائم الدولية لاتسقط بالتقادم وأن ملاحقة مرتكبيها ومحاكمتهم هو واجب إنساني قبل أن يكون واحبا وطنيا لتحقيق العدالة ؛وعلى هذا الأساس يأتى دور الحكومة العراقية الداعم لعمل فريق الأمم المتحدة المعني ؛ نابعا من هذا المنطلق ويسعى إلى تحقيق هذه الغاية .
وشدد "ولد أكيك" على أن تحقيق العدالة لضحايا هذا التنظيم الإرهابي (داعش) يأتي في صميم أولويات عمل كل الأطراف المعنية بهذه المسألة الحساسة وهو ما أكدت عليه القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية ذات الصلة والتي كان آخرها بيان القمة العربية بالجزائر والذي أكد على ضرورة توحيد جهود مكافحة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وتجفيف منابع تمويله والعمل على تهيئة المجتمع الدولي ضمن مقاربة متكاملة الأبعاد تقوم على الالتزام بقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة .
وأشاد "ولد أكيك "بالانجازات الكبيرة والحاسمة التي حققها العراق في مكافحة الإرهاب وخاصة في دحر التنظيم الارهابي (داعش) الذي عاني من ويلاته هذا البلد العربي، واقتلاع جذوره وملاحقته فى مخابئه ؛ مجددا دعم جامعة الدول العربية للعراق بقوة في هذا العمل الجبار بكل السبل وأن لانترك لهذا التنظيم أي ملاذ في أي مكان .
ومن جانبه،أكد المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس فريق الأمم المتحدة كريستيان ريتشر ،في كلمته، أن فريق التحقيق لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم (داعش) في العراق والشام (UNITAD) ؛ يعمل جنبا إلى جنب مع حكومة العراق وكافة السلطات الوطنية ذات الصلة لتنفيذ مهامه ويشمل التعاون والدعم الذي يقدمه الفريق الأممي للسلطات المعنية في عدد من المجالات منها دعم بناء قدرات القضاء العراقي في المجالات المتعلقة بالقانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي ؛ وتوفير الدعم الفني للقضاة العراقيين لإعداد ملفات قضايا الجرائم الدولية التي ارتكبها تنظيم (داعش) في العراق بهدف محاسبة مرتكبي تلك الجرائم من تنظيم (داعش) وتحميلهم مسؤولية ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفي بعض الحالات جرائم الإبادة الجماعية.
وقال ريتشر إن الفريق يقوم بتوفير الدعم الفني لأعضاء البرلمان العراقي في مسعاهم لتضمين القانون الجنائي الدولي في التشريع الوطني من أجل التعامل مع جرائم تنظيم (داعش) بصفتها جرائم دولية ؛والمساعدة في استعادة وتوثيق الأدلة الرقمية لجرائم تنظيم (داعش) التي تحتفظ بها السلطات العراقية ذات الصلة ؛ ودعم عمل السلطات الوطنية في أنشطة التنقيب في المقابر الجماعية لضحايا (داعش) بما يعزز جمع أدلة الطب الشرعي كما يخدم هدف التعرف على هويات ضحايا (داعش) الذين تستخرج رفاتهم من تلك المقابر الجماعية وهو أمر شديد الأهمية لذوي الضحايا .
وبدوره،دعا مساعد مستشار الأمن القومي العراقي الدكتور عصام السعدي ،في كلمته، إلى ضرورة توصيف الجرائم المرتبكة ورد اعتبار الضحايا وفقا للمعايير الدولية التي أقرتها معاهدات (جنيف) الأربع لعام 1949 ؛ والمواثيق الدولية الأخرى ولابد من اعتبار جرائم (داعش) الإرهابية على أنها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وتحديد مسؤولية قادة التنظيم وأفراده في ارتكاب الجرائم باعتبارها تطورا في مسار الجرائم الدولية الخطيرة .
وأضاف أن الانتصارات التي حققها العراق على عصابات (داعش) جاءت بإرادة وتضحيات الشعب العراقي وأجهزته الأمنية والعسكرية كافة وتلاحم مكونات الشعب العراقي، وقد اتخذنا العديد من الاجراءات للقبض على هذه العصابات الاجرامية .
وبين السعدي أن العراق قام بتنسيق عال مع أجهزة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب في تنفيذ برامج دولية لدعم العراق في إعادة الاستقرار في المناطق المحررة ؛ مشيرا إلى أن توقيع العراق العديد من مذكرات التفاهم مع الدول الأخرى في مجال مكافحة الإرهاب وفريق ( يونيتاد) ساهم في دعم عمل السلطات الوطنية ومن أهمها التنقيب عن المقابر الجماعية والأدلة الرقيمة لارتكاب العصابات للجرائم .
ودعا السعدي، المجتمع الدولي إلى زيادة الجهود وفق آليات قانونية لإفشال أية مخطط للإرهاب ترمي إلى زعزعة الأمن والسلم الدوليين منها تنسيق الجهود الدولية لمراقبة المطارات وتجفيف المنابع الممولة للإرهاب ، ورصد تحركات الإرهابيين وجنسياتهم وضبط الحدود ومراقبة الأساليب والوسائل التي تستخدمها العصابات وتفكيكها .
وأكد السعدي، أن العراق ملتزم بالتعاون مع فريق التحقيق الدولي لتسهيل عمله وإنجازه بأقرب وقت ممكن،مشددا على أن هذه الصفحة لن تنطوي إلا بتقديم مرتكبي الجرائم للعدالة .
ومن جانبها، قالت مدير إدارة الشؤون القانونية المشرف على إدارة مكافحة الإرهاب بالجامعة العربية الوزير مفوض دكتورة مها بخيت،في كلمتها، إن هذه الفعالية تهدف إلى توضيح كيفية بناء قضايا القيادة لكبار قادة (داعش) والقيادة الوسطى من خلال أمثلة ملموسة، بما في ذلك المسؤولية عن عدم منع ارتكاب الجرائم الدولية أو المعاقبة عليها، وإجراء دراسة حالة على "المقاتلين الأجانب" مما يوسع النطاق المحتمل لهذه القضايا إلى خارج العراق.
وعقدت جلسة مغلقة لإلقاء نظرة عامة عن التحقيقات من جانب عدد من القضاه العراقيين منهم القاضي ياسين محمد فتحي، قاضي محكمة تحقيق نينوي ؛ والقاضي نبيل كريم حسون، قاضي محكمة التحقيق المركزية في الرصافة ؛ وتم تخصيص جلسة لمناقشة ( تحميل داعش المسؤولية عن الجرائم الدولية بدءا من القيادة العليا إلى القيادات الوسطي والجناة ذوي الرتب المنخفضة) .
يذكر أن فريق التحقيق ( يونيتاد ) تأسس عام 2017 بموجب قرار مجلس الأمن رقم (2379 ) بناء على طلب من حكومة العراق ؛ ويقع مقر الفريق في بغداد وله مكاتب في دهوك وأربيل لدعم أنشطته الميدانية في التحقيق في جرائم تنظيم (داعش) الإرهابي وجمع الأدلة المتعلقة بتلك الجرائم؛ ويضم الفريق أكثر من 200 موظف وطني ودولي من مختلف التخصصات يعملون معا من أجل تطبيق ولاية الفريق .