نستطيع من خلال الحوار الوطنى.. هذه الفكرة العبقرية التى تعكس توجه الدولة لتدشين حياة سياسية وحزبية جديدة .. تقوم على التشاركية والحوار والنقاش.. حول مختلف التحديات والقضايا والموضوعات وشواغل الوطن والمواطن.. لتنشيط غدة الأحزاب فى طرح الرؤى والأفكار والبرامج وقطع الطريق أمام المزايدات والشعارات ودحر محاولات النفاذ التى تمارسها الجماعات الإرهابية المعادية للوطن والمتحالفة مع الخارج لاتخاذ بعض الأحزاب المدنية كمطية لممارسة الخداع والتغرير بالناس وهو الأمر الذى يقضى عليه تماماً الحوار الوطنى ويسد الثغرات ويقطع الطريق أمام الخونة والمرتزقة والإرهابيين.. التى صفدت أمامهم أبواب الحوار الوطنى والذى اقتصر على القوى السياسية الوطنية.. والفئات التى ترفع مصلحة الوطن أولاً وأخيراً.. لذلك فإن الحوار الوطنى فرصة تاريخية لتحريك المسار السياسى الحزبى الراكد.. ليتحول إلى منصة تخدم مصلحة الوطن.. وتحقق اللُحمة والاصطفاف الوطنى.. وأهداف وغايات الأمة المصرية. االحوار الوطنىب.. والفرص الثمينة الحوار الوطنى أحد الأفكار والرؤى الخلاقة - التى أطلقتها القيادة السياسية - التى تحمل فى جوهرها ومضمونها الكثير من الأهداف النبيلة التى تؤدى إلى صلابة الجبهة الداخلية ودعم الاصطفاف الوطنى.. ولم شمل المصريين وجمعهم على طاولة واحدة مهما اختلفت عقائدهم وهواهم السياسي.. يختلفون فى وجهات النظر حول القضايا الوطنية.. ولكن لا يختلفون على مصلحة الوطن. عبقرية فكرة الحوار الوطنى أنها كل يوم تضيف أفكاراً وأبعاداً جديدة.. ويمتد مفهومها إلى آفاق أكثر اتساعاً لتشكل مظلة لكل تحدياتنا.. وقضايانا التى يجب ان نتناولها بالحوار والنقاش.. والاتفاق والتوافق بدلاً من أن تأخذ طريقها إلى مسارات أخرى ذروتها الاختلاف والاحتقان لذلك فإن عنوان الحوار الوطنى هو أفضل توصيف لفكر الحوار بين مختلف الأطياف والفئات المصرية حتى يترسخ مبدأ «المصريون على قلب رجل واحد».. لكن مع مرور الوقت والتركيز والتأمل فى الفكرة.. نخرج بمسارات جديدة مشتقة ومنبثقة من الحوار الوطنى ويمكن أن يكون هذا الحوار الوطنى الشامل مساراً مستمراً وكياناً مؤسسياً لمعالجة كل تحدياتنا وشواغلنا وتحقيق التوافق عليها. فى ظنى ان الحوار الوطني.. ليس قاصراً فحسب على مناقشة الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ولكنه يجب أن يكون أكثر شمولية.. ليغطى كل مجالات حياتنا.. سواء فى تحقيق التوافق الوطني.. أو تقديم الرؤى والأفكار الخلاقة لدعم مسار مصر نحو التنمية المستدامة والتقدم وتحقيق الحياة الكريمة للمصريين وحتى النهوض العلمي.. والقيمى والأخلاقى والحفاظ على الوعى الحقيقى وترسيخه فى عقول ووجدان المصريين كأحد أهم الأسلحة التى تحمى وتصون وتحافظ على أمن واستقرار الأوطان من الاستهداف وخلق أجيال جديدة من الكوادر التى تمتلك فضيلة التحاور من أجل الوصول إلى حل الخلافات فى الآراء ووجهات النظر لتحقيق غاية التوافق الوطني. أرى شخصياً فى الحوار الوطنى قاعدة قوية وأرضاً خصبة وثرية لتداول الأفكار والرؤي.. وتناول مجالات وموضوعات أخرى إضافية.. فى النهاية الحوار الوطنى هو ملاذنا ووسيلتنا إلى الحفاظ على اللُحمة المصرية عبر مسارات التوافق والاتفاق واطلاع كل الأطراف بمسئولياتها تجاه الوطن.. لذلك أرى انه من المهم طرح وجهة نظر ورؤية حول أبعاد إضافية للحوار الوطني.. ونتائج مهمة لهذا الكيان الوطنى المرموق والعبقرى لمعالجة أمور ظلت راكدة فى بحيرة العمل السياسى التى تحتاج إلى تحريك وتنشيط يخدم الوطن.. وتحقيق أهدافه وغاياته لذلك أتوقف عند بعض الموضوعات والنقاط المهمة كالتالى: أولاً: من المهم للغاية ان يجد الحوار الوطنى طريقه ليتحول إلى كيان مؤسسى يحظى بالديمومة والاستمرارية ويكون بوصلة الجميع نحو حل القضايا والملفات والموضوعات ذات الرؤى ووجهات النظر المختلفة.. وبالتالى هو وسيلة إلى تخفيف حدة الخلافات.. ووأد الاحتقان والتشرذم.. فالحوار يهدف إلى ان يجلس الجميع على طاولة واحدة.. يطرح دون حدود وفى إطار من الاحترام والتحفيز وجهات النظر المختلفة.. ثم تجرى مناقشتها والتحاور عليها ثم التوافق بشأنها وهو ما يعنى عدم بلوغ الخلاف مراحل أخرى تمثل خطراً على المجتمع والوطن.. أو عرضه للاستقطاب من كيانات وجماعات غير وطنية لها أجندات وأهداف غير وطنية ومتحالفة مع الخارج.. ومثالى على ذلك ان جماعة الإخوان المجرمين لطالما استخدمت بعض القوى المدنية وتسترت خلفها واتخذتها كمطية لتحقيق أهدافها غير للوطنية وبالتالى نقطع الطريق نحو عمليات الاستقطاب والخداع وليكون الحوار الوطنى هو المظلة التى تستظل بها كافة القوى السياسية الوطنية لعرض كل شواغلها ورؤاها. ثانياً: فى اعتقادى ان الحوار الوطنى هو الطريق الأمثل للإصلاح السياسي.. خاصة فيما يتعلق بالحركة الحزبية المصرية.. وانه حجر ألقى فى بحيرة الماء السياسى الراكد.. ويحقق العديد من الأهداف فى هذا الإطار من خلال إنعاش الحركة الحزبية وتنشيط دورها ووضعها أمام مسئولياتها وتقديمها لاطروحات ومبادرات وأفكار ورؤى وبرامج بدلاً من وجود بعض الأحزاب مجرد يافطات ومكاتب إدارية.. ليكون لها دور وتأهيل وتدريب فعلى وواقعى من خلال رؤى حول مختلف القضايا والملفات والشواغل الوطنية ليكون بذلك الحوار الوطنى مصدراً لهذه الأحزاب لممارسة العمل السياسى الصائب وليكون الحوار الوطنى مدرسة لهذه الأحزاب لتعظيم دورها. لكننى فى ذات الوقت أرى ضرورة تقليص وخفض عدد الأحزاب والتى تزيد حالياً على 100 حزب سياسى.. لا أستطيع أن أحصى منها أكثر من عشرة أحزاب.. لتكون الحركة الحزبية أكثر فاعلية وتأثيراً سواء عبر اندماج حزبى أو غيرها من الإجراءات لتشكل قاعدة قوية للوعى السياسى والوطنى الحقيقى الذى يحول دون وجود فوضى سياسية أو اختراق الجبهة الوطنية. يمكن أيضاً ومن خلال الحوار الوطنى أن نستفيد بكوادر سياسية وتنفيذية وطنية من خلال هذه الأحزاب.. مع صقلها بتدريب وتأهيل سواء من خلال (الوطنية للتدريب) أو منظومات ومؤسسات إعداد وتأهيل القادة.. لتتواكب مع جدوى وأهداف وغايات الحوار الوطني.. والاطلاع الحزبى على دولاب العمل التنفيذى فى الدولة وإدراك حجم التحديات تحت مبدأ «ليس من رأى كمن سمع».. ولعل السؤال الذى طرحه الرئيس عبدالفتاح السيسى على وزير الصناعة وكان نائباً فى مجلس النواب قبل توليه حقيبة الصناعة.. ما الفرق بين عملك كنائب.. ثم كوزير تنفيذى فى الحكومة؟.. وقدم لنا اجابة كافية لإدراك الفارق بين الرأى عن بعد والرأى من داخل العمل التنفيذى. فى اعتقادى ان تنسيقية شباب الأحزاب كانت فقرة مهمة للسياقات التى تلتها.. وأبرزها الحوار الوطنى ليتأكد الجميع أننا أمام دولة تحتضن كافة أبنائها مهما اختلف هواهم السياسى وأيديولوجياتهم وقناعاتهم ووجهات النظر فى مختلف القضايا.. لكنها فى النهاية ورغم هذا التنوع فإنها تنصهر فى بوتقة العمل الوطنى من أجل إعلاء المصلحة العامة.. بدلاً من الانتقادات دون علم.. والتراشقات دون انغماس فى العمل على أرض الواقع.. لذلك فنحن أمام دولة تدخل عصر الجمهورية الجديدة تتمتع بالرقى من خلال إعلاء شأن الحوار والنقاش فى كافة مجالات العمل الوطنى دون محاذير أو خوف طالما ان الهدف هو مصر. ثالثاً: استمرارية الحوار الوطنى وتحويله إلى كيان مؤسسى مستقل يتبع رئاسة الجمهورية.. يمثل أعلى درجات الحرية والانفتاح والحوار.. فليس هناك اقصاء لكل القوى السياسية الوطنية.. أو الفئات التى تتمثل أهدافها وغاياتها فى مصلحة مصر والحفاظ عليها ودفع عجلة البناء والتنمية وتحقيق الاستقرار بالمفهوم الشامل.. والاقصاء الوحيد هو للجماعات والكيانات الإرهابية التى استخدمت السلاح لاستهداف الدولة وشعبها.. لذلك فلا مكان فى هذا الوطن لجماعة الإخوان المجرمين وأذنابها من الخونة والمرتزقة المتحالفين مع أعداء الوطن. استمرارية الحوار الوطنى وتحويله إلى كيان مؤسسى تمثل فيه كافة القوى الوطنية.. يزيل مظاهر أى نوع من الاحتقان أو التشرذم ويؤدى إلى التقارب واللحمة وتعظيم الاستفادة من الرؤية والأفكار المختلفة لخدمة الوطن.. فالحوار يمنع ويحول دون التباعد أو اللجوء إلى وسائل أخرى غير وطنية ربما تكون فى شكل تحالف مع قوى غير وطنية فى ظل حالة الانسداد السياسى والفكرى والحزبى.. وهو ما ينعكس على تفاقم التحديات الواقعة على الدولة أو الوطن.. لذلك فإن الحوار الوطنى متنفس شديد الخصوصية للتعبير عن الشواغل والرؤى والأفكار دون قيود والاستفادة من رؤى الأحزاب المختلفة واسهامات هذه القوى السياسية فى العمل الوطنى على اختلاف مجالاته وفروعه. أيضا فإن المستفيد الأول من نتائج وثمار الحوار الوطنى هو الشعب المصرى ولديه فرصة أيضاً فى التقدم سواء بالأفكار أو ما يراه يحتاج إلى تطوير وتعديل أو مشاكله العامة التى تحول دون وصول جهود الدولة إليه أو أن السياسات والموضوعات التى تطرح على موائد الحوار الوطنى تعود على المواطن نفسه بالنفع.. سواء على الصعيد الاقتصادى أو الاجتماعي.. أو ما يحصده من أمن وأمان واستقرار لهذا الوطن.. وكذلك تخفيف العبء عن القيادة التى تجسد أعلى درجات الانفتاح على الشعب بالمصارحة والشفافية والمصداقية العالية.. وليصل إليها كل نتائج الحوار ولن تتوانى عن اتخاذ ما تراه مناسباً لصالح الوطن والمواطن. رابعاً: عندما تتقارب الأفكار والرؤى وتقدم القضايا والموضوعات التى تمس الدولة وتمثل تحدياتها وشواغل شعبها فإن الحوار الوطنى هنا وسيلة فعالة فى بناء الوعى الحقيقى لدى النخب السياسية والحزبية.. وأيضاً بين كافة المشاركين لتشكل لديهم فى النهاية مادة مكتملة الأركان يستطيعون من خلالها عرض الحقائق على الرأى العام من خلال تأصيل وفهم وإلمام وفهم صحيح.. وهو ما يؤدى إلى بناء الوعى الحقيقى فى ظل حملات شرسة لبناء الوعى المزيف ومحاولات التشكيك والتشويه والتحريض.. بمعنى آخر فإن الحوار الوطنى حائط صد وصمام أمان فى مواجهة تبعثر الحقائق.. وعدم الامساك بها لتكون بذلك أمام الحوار الوطنى متاحة ومكتملة كقاعدة للنقاش والحوار.. ثم لبناء الوعى الحقيقى لدى القاعدة الجماهيرية. خامساً: الحوار الوطنى وسيلة راقية ومتحضرة تواكب توجه مصر نحو الجمهورية الجديدة.. والتى تتسع للجميع كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى لذلك فما هو متاح لدى الحوار الوطنى من حوار ونقاش بقلب وعقل مفتوح يستأصل شأفة المزايدات والمتاجرات لتحديات الوطن أو محاولات دغدغة المشاعر والعواطف دون إلمام كامل بتفاصيل القضايا والموضوعات والتحديات على أرض الواقع. رقى الحوار الوطنى يتجسد فى اسمه وعنوانه فالحوار هو السبيل الأمثل للاقناع والوعى والفهم والتوافق. سادساً: الرئيس السيسى أشار خلال حديثه مع الرئيس الأمريكى جو بايدن بشرم الشيخ فى قمة المناخ عن حقوق الإنسان فى مصر بقوله لدينا «حوار وطنى» وفى اعتقادى ان الحوار الوطنى سوف يحقق نتائج مهمة على هذا الصعيد.. فالجميع يجلسون على مائدة واحدة يتحاورون ويتناقشون ويتدارسون الجوانب المختلفة فى هذا الملف لقطع الطريق على المنظمات المعادية والمشبوهة والدول التى تتبناها فى ظل الجهود المصرية غير المسبوقة فى هذا الإطار لكنها تظل مجرد تابوهات وفزاغات قديمة يستخدمها هؤلاء المشبوهون.. من هنا أرى أن الحوار الوطنى منوط بإيجاد مفردات تواكب مفاهيم الغرب لايجاد خطاب مصرى يتسق مع المفردات الدولية والعالمية وقدرة على تسويق نجاحاتنا فى هذا الإطار والتصدى لكل محاولات الابتزاز والتشويه وطرح الرؤى والأفكار الخلاقة لتطوير هذا العمل خاصة وأن الدولة صادقة وقطعت شوطاً فى إرساء قواعد المفهوم الشامل ليتجاوز معنى الحرية والديمقراطية.. التى يجسد ذروتها الحوار الوطنى إلى حقوق أخرى أكثر شمولاً للانسان.. حق السكن الكريم والعمل والصحة والتعليم والحياة الكريمة وحق الأمن والأمان والاستقرار والحياة النظيفة أيضاً.. لذلك فإن الحوار الوطنى مطالب بالوصول إلى مفاهيم واتفاق شامل حول حقوق الإنسان وسبل تطويرها وكيفية مخاطبة العالم فى هذا الملف وكيفية عرض إنجازاتنا من خلال خبرات حقوقية متعمقة فى هذا المجال. سابعاً: الحوار الوطنى فرصة تاريخية.. لحصر الاستهدافات الخارجية والتحديات التى تأتى من أعداء مصر والمتربصين بها.. والعمل على الرد عليها وكيفية بلورة رؤية مصرية شاملة تتسم بالإلمام بكل الإنجازات على أرض الواقع.. وتشمل كافة الحقائق التى لا لبس فيها لقطع الطريق أمام هذه المحاولات والاستهدافات. ثامناً: فى اعتقادى ان استمرارية الحوار الوطنى تمكننا من تطوير الأداء المصرى فى كافة المجالات.. خاصة التى تحتاج إلى جهود الجميع مثل الحفاظ على الهوية الوطنية.. ومنظومة القيم المصرية وبناء الشخصية المصرية وسبل مواجهة الغزو الثقافى المخالف للنسق الثقافى والفكرى المصرى وقضية بناء الوعى الحقيقى والبحث عن وسائل أخرى لمساعدة الحكومة فى التصدى لقضايا مهمة ومحورية مثل قضية الزيادة السكانية والحفاظ على ترشيد استخدام المياه وتحسين قاعدة السلوكيات المصرية فى الحفاظ على البيئة والنظافة العامة والحفاظ على مرافق الدولة وترسيخ ثقافة الاختلاف والحوار والتسامح وقبول الآخر والرأى والرأى الآخر وكيفية التحقق من الأخبار للتصدى للشائعات ومحاولات تزييف الوعى وقضايا التعليم والصحة وتأثيرات النمو السكانى المتصاعد عليها. تاسعاً: من أهم أهداف وغايات الحوار الوطنى تحقيق أعلى غايات التوافق الوطنى حول جميع القضايا والموضوعات والتحديات والشواغل المصرية وهو ما يؤدى إلى حالة حراك مجتمعى وسياسى من شأنها ان تفتح جميع الأبواب والنوافذ للتعبير والاستماع لكل الآراء بما يحقق هدف الحفاظ على الوطن فى عصر تواجه فيه الدولة المصرية تحديات غير مسبوقة سواء بسبب المنطقة المضطربة التى نعيش فيها والمتغيرات الحادة التى تشهدها والأزمات المتراكمة فيها أو الأزمات العالمية وتداعياتها مثل الحرب الروسية- الأوكرانية وحالة الاستقطاب الدولى التى يشهدها العالم وكيفية الخروج بسلام من هذه الأزمات التى فرضت علينا والعبور منها إلى بر الأمان. أعظم شيء ان نتشارك ونتحاور حول هموم وتحديات الوطن وتحقيق غاياته وأهدافه فى إطار من المصارحة والمكاشفة وهو المبدأ والمسار الذى حرص عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ البداية وأصبح عقيدة راسخة وما أعظم ان نتحاور والدولة المصرية فى أعلى درجات القوة والقدرة والتوهج والنجاح. تحيا مصر