السبت 15 يونيو 2024

أغنية واحدة سجلت ٨ ملايين مشاهدة على اليوتيوب من حودة إلى ركبنى المرجيحة الغناء الساقط

11-8-2017 | 14:56

تحقيق يكتبه: محمد رمضان

«فاكهة الأوساط الشعبية» أغانى الإفيهات والإسقاطات الجنسية التى باتت تنتشر مثل النار فى الهشيم حيث حققت أعلى نسب من المشاهدة على قنوات «اليوتيوب» فى زمن السقوط والإسفاف الغنائى. تتربع الأغنية الإباحية «ركبنى المرجيحة» على عرش هذه الأغانى حيث اقتربت نسبة مشاهدتها من حد الثمانية ملايين مشاهدة وتليها أغنية «الشبشب ضاع» لسما المصرى فى المرتبة الثانية وحققت مليونًا ومائة وأربعين ألف مشاهدة: إلا أن الكليب الفاضح «سيب إيدى» لمنة ووائل والذى أثير حوله ضجة إعلامية كبيرة عند ظهوره اقترب من حد المليون مشاهدة: فى حين يأتى كليب «ما بلاش.... ياحودة» التى نفت سما المصرى علاقتها به فى المركز الأخير بثلاثمائة ألف وثلاثين مشاهدة فقط.

الأغانى الهابطة أو الساقطة أصبحت موضة اليوتيوب وقنوات «بير السلم» فلم يكن هناك رقيب يمنع هذه الأغانى حتى أصبحت أكثر شهرة من الأغانى الراقية، ومطربوها أكثر شهرة من نجوم الغناء المصرى.

لذا توجهنا إلى المتخصصين لمعرفة أسباب تفشى ظاهرة ممارسة الرذيلة الغنائية على شاشات الفضائيات وقنوات اليوتيوب من خلال هذه الكليبات الفاضحة!

يرجع الدكتور سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسى بكلية طب قصر العينى تفشى ظاهرة هذه النوعية من الأغانى إلى كونها تعبر عن طبقة معينة داخل المجتمع المصرى قائلًا: تعتبر الأغانى الشعبية الموجودة على الساحة الغنائية حاليًا موضة أو تقليعة جديدة تعبر عن طبقة معينة داخل المجتمع المصرى والتى تتعامل مع هذه الأغانى على أساس كونها فاكهة تعبر عن حالاتهم المزاجية وقد مهد ظهور عدوية وأغانيه التى استحدثت لغة جديدة على مجتمعنا المناخ لوصول الأغانى إلى ما هى عليه الآن حيث تداول أغانيه سائقو التاكسى ما جعلها تنتشر لأنها تحمل إيماءات ولغة شعبية جديدة عليهم فهذا هو عنوان هذه الطبقة، أما الأغانى الموجودة حالياً فهى تحمل العديد من الإسقاطات الجنسية لأنها تعبر عن ثقافة العشوائيات التى تهتم بالجانب الجنسى فى شتى نواحى الحياة فأصحاب هذه الثقافة لا يتذوقون الغناء الكلاسيكى لأم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم ولكنهم يبحثون دائما عن مفردات غنائية تعبر عن لغتهم وتعاملاتهم اليومية، وللأسف يمثلون فئة كبيرة داخل مجتمعنا يبلغ تعدادها الملايين مما ساعد على انتشار مثل هذه الأغانى الإباحية بين الطبقات الأخرى سواء الطبقات المتوسطة أو العليا. وهذه المسألة لا تخضع إلى وجود أبعاد أو اضطرابات نفسية لدى طبقة السميعة الجدد من المناطق العشوائية ولكنها ترصد لنا طبيعة ميولهم إلى وجود الإيماءات الجنسية المنتشرة لديهم والتعبير عنها بشكل مسف وقبيح لأنهم يجدون متعة بمثل هذه الكلمات، ومن ثم فإنهم فرضوا ثقافة العشوائيات على بعض الأغانى داخل الساحة الغنائية التى تستعرض ثقافتهم وتعبر عن ذوقهم وطريقة تفكيرهم فمعظم هؤلاء لم يكملوا تعليمهم ومن ثم تجدهم يعبرون عن جهلهم بمنطقهم الخاطئ والساذج تحت مسمى الفهلوة فيعبرون عنه بشكل بذىء تشبعه لديهم هذه الأغانى المليئة بالإسقاطات والإفيهات الجنسية التى يتعاملون معها على أساس كونها فاكهة ثقافتهم الضحلة.

نكسة غنائية:!

الموسيقار الكبير حلمى بكر يرجع تدنى مستوى الغناء بهذا الشكل الفج إلى نكسة ٦٧ قائلًا: بدأنا نعيش محنة غنائية بعد خيبة ٦٧ لأن الشعب المصرى استيقظ بعدها من غيبوبة الإفلاس فبدأ يهاجر إلى دول الخليج من أجل لقمة العيش وعاد كل من سافر إلى هناك بيده جهاز تسجيل «كاسيت» فتمرد على ما كان يغنى له من أغان قيمة وبدأت تظهر العشوائيات الغنائية مثل «الطشت قالى» و»جيب لى حصان وياخدنى عليه»: «العتبة جزاز»: !

والمشكلة فى انتشار الأغانى الإباحية أنها بدأت بالكنايات ثم تحولت إلى كلمات صريحة وحقائق، فوصلنا إلى أغنية «حط إيده ياه» فمنذ نكسة ٦٧ بدأت الرذيلة الغنائية تنتشر وهى فى رأيى أخطر من ممارسة الرذيلة الجسدية.

ماتت إكلينيكيا

يصف الموسيقار الكبير حلمى بكر صاحبة أغنية «ركبنى المرجيحة» بأنها ماتت إكلينيكيا قبل أن تولد ولا يجب أن نعطيها صدمات من باب الرأفة لكى تحيا مرة أخرى لأن مشاهدة الجمهور للكليب الخاص بها كان بوازع إعلانه الاعتراض عليه وليس حبا فيه ودعنى أتساءل هل يصح أن تجد أغنية تحمل عنوان «ما بلاش... يا حودة» عيب أن تتناقل أجهزة الإعلام مثل هذه الأغانى الإباحية سعيا منها فى الحصول على الإعلانات بإذاعة هذا العرى المصور!

بالإضافة إلى أن خريجى العشوائيات والثقافة البيئية هم من يساهمون بإقبالهم على الاستماع إلى هذه الأغانى البيئية فى انتشارها.

بل إننى أرى أنه ليس من المعقول أن نسىء إلى ذوى الاحتياجات الخاصة بتقديم مطربة «ركبنى المرجيحة» كمثل لهم من الخطأ أن نسىء إليهم من خلال هذه المؤدية التى ليس فمن صوت فهى ليس لها علاقة بالغناء. ولكن أصبحت الساقطات يقدمن أنفسهن من خلال طبق مزخرف يطلق عليه مجازًا كلمات مصاحبة للحن أو خلفية موسيقية وأحيانا تكون له خلفية خليعة، ومن ثم أصبح الغناء يتم تعاطيه والتعاطى بحكم القانون جريمة يجب أن يحاسب عليها المتعاطى «المستمع»، فأصبح شعار هذه المرحلة اصنع ما شئت فإنك لن تستحيى عكس ما كان هذا البعض يؤمن به زمان إن لم تستحى افعل ما شئت فالآن قلبوا الآية لأنه لا يوجد من يستحى لغياب الرادع، فالقانون لا يفعّل مع مثل هؤلاء ولكنه يفعّل فقط مع الغلبان فأصبحت هذه الأغانى من أساسيات الحياة بعد أن كانت ظاهرة، فأصبحت الفئة التى تستمع لمثل هذه الأغانى لا تستطيع أن تعيش إلا بقلة الأدب والسفالة الغنائية.

«مافيش» نوت مؤدبة!

فى حين يرى الموسيقار الكبير هانى شنودة أن الموسيقى بريئة من الهراء المسمى على الساحة الآن بالأغانى الهابطة قائلًا: ليس لدينا نوت موسيقية مؤدبة وأخرى قليلة الأدب وليس هناك نوت مؤمنة وأخرى كافرة، فعندما نتحدث عن الأغانى فإننا نعنى بذلك الكلمات المغناة وليست الموسيقى المصاحبة لها، والدليل على صحة كلامى هو أننا لو أحضرنا أعظم موسيقى فى الدنيا ووضعنا عليها كلمات من إياها فإنها ستكون أغنية هابطة ولكن لو وضعنا عليها كلمات جيدة فإنها ستكون أغنية راقية، لذلك يجب أن يفعل دور الجهتين المسئولتين عن إجازة ومراقبة هذه الأغانى وهما الرقابة على المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة وشرطة المصنفات الفنية التابعة لوزارة الداخلية.

فالقانون المصرى يمنع إذاعة أية أغنية إلا بعد حصولها على تصريح من الرقابة على المصنفات الفنية، وبالتالى فلو عرضت هذه الأغانى الهابطة على الرقابة وحصلت على إجازة منها فإنه ينبغى محاسبة الرقيب الذى منحها هذه الموافقة على إنتاجها، وفى حالة عدم عرضها على الرقابة على المصنفات الفنية فإنه يجب على شرطة المصنفات الفنية إلقاء القبض على من أنتج وغنى هذه الأغنية وتقديمهم إلى المحاكمة لكى يتم الحكم عليهم بالحبس لمدة عامين على الأقل، وهناك علامة استفهام، لماذا تترك هذه الأغانى دون محاسبة أصحابها؟! لأنه من الواضح أن هذه الأغانى الهابطة لم تعرض على الرقابة على المصنفات الفنية!

ومن خلال معايشتى اليومية أثناء سيرى بالشارع وجدت أن أصحاب السيارات الفارهة يعشقون الإيقاعات التى رقصت الشعب المصرى وبالتالى استخدام البعض هذه الإيقاعات فى الترويج لكلماتهم الهابطة خاصة بعد أن استمع الشعب المصرى لما يسمى بموسيقى المهرجانات، ولذلك أرى أنه كان ينبغى إدخال كلمات جيدة على هذه الإيقاعات بدلا من الكلمات المبتذلة التى تغنى حاليا لأن هذه الأغانى تدخل البيوت المصرية من خلال وسائل الإعلام علمًا أننى لا أسمح لأهل بيتى الاستماع إليها لأنها أغان بذيئة.

العهر الغنائى: !

طارق مرتضى المتحدث الرسمى باسم نقابة الموسيقيين يؤكد أنه بعد غياب دور الرقابة على المضفات الفنية وتقلص ذراع نقابة الموسيقيين بندرة القوانين التى تكفل لها الحق فى مراقبة مثل هذه المصنفات طفت على السطح ظواهر يقال إنها “ غنائية وفى واقع الأمر هى أخطر من المخدرات حيث تبنى عقول الصغار على الباطل، استنادًا إلى مقولة المنتجين بأن الجمهور «عايز كده»، فالجمهور برىء من هذا الادعاء لأنه لم يعرف هذه الظواهر الغنائية إلا عندما قدمها هؤلاء المنتجون مما جعل الجمهور يستمع إلى أغانيهم بالعين وليس بالأذن وارتبط نجاح هذه الفقاعات بمدى مساحة العرى الموجودة فيها ومن الحماقة أن نطلق على من يقدمن هذه الأغانى الهابطة لقب مغنيات فهن أقرب إلى العاهرات لأنهن استمددن شهرتهن بتجارتهن بأجسادهن، فكيف نجرؤ أن نطلق عليهن لقب مطربات إذا وهو اللقب الذى أطلق على السيدة أم كلثوم وأسمهان وفيروز بالإضافة إلى ذلك فهؤلاء لسن أعضاء فى نقابة الموسيقيين فى حين أن القانون يكفل للنقابة محاسبة أعضائها فقط فكيف يتسنى لها معاقبة مثل هؤلاء الدخلاء على الغناء!

وأناشد الهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بسرعة التدخل لمواجهة هذا الخطر الذى يشكل وجدان أطفالنا وشبابنا بالسلب وضرورة تقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب يسمح برقابة ومعاقبة المحطات والقنوات الفضائية التى تبرز هذا العهر الفنى، كما ينبغى إعطاء نقابة المهن الموسيقية الحق فى ملاحقة مثل هؤلاء الدخلاء للحفاظ على أبنائنا من حملة الإسفاف الموجهة إليهم من خلال هذه الأغانى! ويضيف طارق مرتضى قائلًا: إن من أهم بنود أجندة الفنان الكبير هانى شاكر أمير الغناء العربى العمل على إحياء فكرة عودة حجرات الموسيقى فى المدارس لاكتشاف المواهب والبراعم الفنية الحقيقية لمواجهة مثل هذه الظواهر الغريبة، التى طرأت على مجتمعنا إلى جانب تبنيه فكرة إنشاء أندية بداخلها مدارس للموهوبين للتنقيب عنهم فى كافة نجوع وربوع الجمهورية والعمل على صقل مواهبهم من خلال المتخصصين فى الموسيقى والغناء للتصدى لحالة التردى الموسيقى والغنائى التى تمر بها البلاد وإعادة الريادة الغنائية لمصر مرة أخرى.