الخميس 27 يونيو 2024

«حقيقة السادة المتحولين»

11-8-2017 | 16:49

بقلم – حمدى الكنيسى

عندما تكون «الأنا» هى محور حياته، وبؤرة آرائه ونشاطاته، لا يقيم وزناً للآخرين، ولا يؤرقه ما يعانيه وطنه من صعوبات وتحديات ومؤامرات ومخططات.

وبعشقه لذاته وسيطرة «الأنا» عليه يسارع بالانقضاض على أية فرصة تلوح له يرى فيها ما يحقق طموحاته، حتى لو كانت هذه الفرصة على حساب ما يكون قد أعلنه هو نفسه من رؤى وأفكار ومواقف سبق أن رحب بها الآخرون، ومن ثم رحبوا به ليكون معهم فى الصفوف الأولي.

والمثير والغريب أنه عندما تدفعه «الأنا» إلى موقف مناقض تماماً، لا تسرى دماء الخجل فى وجهه وهو يتحدث بجرأة وحماس عن ذلك الموقف الجديد حتى وهو يرى نفسه واقفاً فى نفس الخندق الذى تمترس فيه من كان يعلن رفضه لهم وعداءه لأفكارهم، وهذا ما نراه واضحاً ومستفزاً فى هذه الأيام، عندما يطالعنا ذلك «المتحول» وهو يشاركهم بهمة ونشاط فى تحركاتهم ومخططاتهم، بل إنه - ولا عجب!! - يوجه سهام نقده وسموم أفكاره صوب من كان هو نفسه يقف وسطهم ويحظى بإعجابهم قبل أن يتحول إلى الاتجاه المضاد الذى حددته له «الأنا».

ولكى نضع النقاط فوق الحروف، ما رأيكم دام فضلكم فى الذين شاركوا بقوة فى «ثورة ٢٥ يناير»، وانضموا بقوة إلى الملايين المطالبين بإسقاط النظام الشمولى الفاسد، وعندما وجدوا أن «الجماعة» إياها لديها الفرصة الأكبر لاقتناص حكم مصر، سارعوا إلى دعمها، وما زال «فندق فيرمونت» يشهد بما دار فيه ليلة الاستعداد لإطلاق الانتخابات الرئاسية حيث أعلن ذلك المتحول وأقرانه من رفاق التحول إلى تأييد ودعم مرشح الجماعة «محمد مرسي»!! والمؤكد أن «الأنا» انتظرت ما يحقق طموحها وجشعها، لكن الجماعة كانت قد انهمكت فى تنفيذ مخططاتها التى تعمل من أجلها على مدار ثمانين عاماً، وظهر وجهها المخيف وهى توجه ضرباتها إلى مؤسسات الدولة القومية فتقتحم الأقسام والمراكز ومقار أمن الدولة، وتردد هتاف يسقط حكم العسكر، وتحاصر المحاكم وتطارد رجال القضاء، وتحكم قبضتها على مدينة الإنتاج الإعلامى ومبنى ماسبيرو، ومقار الصحف القومية، ردعاً لأى صوت لا يسبح بحمد مكتب الإرشاد ورموز الجماعة، هكذا توالت الضربات التى تستهدف إسقاط مفهوم «الوطن» الذى يعتبرونه مجرد «قطعة من الطين العفن» كما قال «إمامهم» و«فيلسوفهم» ثم «مرشدهم» الذى رحب بأن يكون رئيس مصر من ماليزيا مثلاً!!.

وكان من المنطقى والطبيعى أن يرفض الشعب ما تأكد من الوجه الحقيقى المخيف للجماعة، وانطلقت «ثورة ٣٠ يونيه» بعشرات الملايين الذين احتشدوا فى ميدان التحرير رافعين الشعار الشهير «يسقط حكم المرشد»، ثم كان احتضان الجيش للثورة الشعبية التى بهرت العالم، واتخذ وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسى قراره التاريخى بالإسقاط العملى لحكم المرشد، وإصدار خارطة الطريق التى مهدت لاستعادة الدولة وإنقاذ الهوية المصرية، وبناء مصر الحديثة الديمقراطية بالرغم من شراسة وخطورة المؤامرات التى لم يتوقف أعداء الداخل وأعداء الخارج عن إشعالها.

مع التوجه الجديد لثورة يونيه تصور المتحولون أن فرصهم التى كانت فى متناول أيديهم للقفز إلى أعلى المناصب وتحقيق أكبر المكاسب قد تراجعت، مع أنهم شاركوا فى الثورة وكأنهم يكفرون عن ذنوبهم بترحيبهم ومساندتهم للجماعة فى فترة سيطرتها، ولأنهم - فيما يبدو - تعجلوا الحصول على ما يرضى «الأنا» بينما كانت كل الجهود قد انصبت على مواجهة الإرهاب شرقاً وغرباً وجنوباً، والتصدى للمؤامرات الخارجية والداخلية، والعمل المكثف لإنقاذ الاقتصاد، وإطلاق عجلة التنمية بالمشروعات العملاقة، وبالتالى اصطدمت طموحاتهم المتعجلة بالواقع المتخم بالأعمال والإنجازات والمواجهات، وبما بدا أنه أفسح المجال لوجوه أخرى تألقت بنشاطاتها وإنجازاتها.

هنا - وبسيطرة «الأنا» - والإصرار على استعادة ما أفلت منهم حتى لو كان على جثة الوطن، بدأوا التحرك المريب لاستغلال قرب الانتخابات الرئاسية وأطلقوا ماكينة الشائعات والتحليلات المغرضة لتشويه النظام وإفساد فرحة الشعب بما يتحقق من إنجازات مثل:

استعادة مصر لمكانها ومكانتها المحورية على الساحة العربية والدولية، ونجاح المشروعات الكبرى لقناة السويس الجديدة، واتفاقيات البحث عن الغاز والبترول، وآلاف الكيلو مترات من الطرق الجديدة، والمليون ونصف مليون فدان تضاف إلى الأرض الزراعية بمفهوم يحقق أيضاً نتائج صناعية، إلى جانب احتضان الشباب ودعمهم فى مؤتمرات دورية رائعة المردود.

> لم تسلم كل تلك الإنجازات من سموم شائعاتهم وألاعيبهم المسعورة بالتنسيق المباشر وغير المباشر بينهم وبين قيادات «الجماعة» فى الداخل والخارج وتنظيمها الدولي.

والمؤسف والمحزن أن هؤلاء المتحولين وقد سقطت الأقنعة عن وجوههم لن يحققوا شيئاً سوى محاولة الإساءة إلى صورة الوطن وخلق أجواء يستغلها الأعداء فى الداخل والخارج، وهذا على أية حال ما لن يحدث لأن الشرفاء من الإعلاميين والمثقفين والمواطنين المدركين لطبيعة وأهداف «المتحولين» والمتحالفين معهم، لن يدخروا جهداً فى كشفهم وإحباط تحركاتهم، ومساندة الدولة فى انطلاقتها الكبرى التى بدأت تؤتى ثمارها إنقاذاً للحاضر وحماية للمستقبل.