سعت مصر جاهدة لإصلاح التشريعات المتراكمة والمتشابكة والمتشعبة على مدار عامين حتى تم تقليص عددها إلى أن أصبح عددها ٦١٨ قانونا من أصل ١٧٠٤٩ بتكليف مباشر من رئيس الجمهورية لتكون مناسبة للزمان والمكان عن طريق لجنة عليا للإصلاح التشريعي لإصدار قاعدة البيانات التشريعية القومية وهذه اللجنة متخصصة تم تشكيلها لهذا العمل للوصول بصياغة جيدة لنصوص القانون بعد دمج بعضها وإلغاء أخرى ليكون الهدف المنشود منه هو تطبيق دولة القانون والحكم الراشد من خلال سن تشريع جيد ومتطور في منتهى الوضوح والدقة في الصياغة، منسجماً مع الدستور وغير متعارض مع القوانين الأخرى، مفهوم عند عامة الناس وقابل للتطبيق .
ولإيمان الدولة بأهمية هذا العمل وأن سيادة القانون أمر ضروري لتهيئة بيئة ملائمة لتوفير سبل العيش المستدامة والقضاء على الفقر ولأن "مبدأ سيادة القانون " هو مبدأ الحوكمة يكون فيه الأشخاص والمؤسسات والكيانات، العامة والخاصة، بما في ذلك الدولة ذاتها مسؤولون أمام قوانين صادرة علناً وتطبق على الجميع بالتساوي، ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقل، تتفق مع القواعد والمعايير الدولية.
وتعزز سيادة القانون التنمية من خلال تعزيز أصوات أفراد المجتمع عن طريق اتجاه سبل الاحتكام إلى القضاء، وضمان إتباع الإجراءات القانونية الواجبة وترسيخ سبل الانتصاف فيما يتعلق بالحقوق ومن شأن تأمين سبل المعيشة والمأوى والحيازة ويمكن الفقراء وجعلهم في استطاعتهم الدفاع عن أنفسهم في حالة وقوع أي انتهاكات لحقوقهم، ولا يقتصر التمكين القانوني فقط على ذلك بل يدعم تحسين الفرص الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحق في التنمية، في حين يمكن أن توفر "السيادة بالقانون " إطارا ويقينا تعاقديا وآليات لتسوية المنازعات تدعم النمو الاقتصادي ليس هذا فحسب بل تزيد الفرص والفوائد الاقتصادية من خلال الاستقرار المالي وتحسين الصحة والسلامة الشخصية ومن خلال جذب الاستثمار وبصورة أعم عن طريق تشريعات قوية مناسبة يعد " سيادة القانون" في استقلال الموارد الطبيعية عاملا أساسيا في ضمان النمو الاقتصادي الشامل بشكل مستدام وشفاف محرك للرفاة الاقتصادي وأساسا للاستقرار والسلام في المجتمع .
ويجب أن تستمر الدولة في إصلاح التشريعات الباقية ووقف سيل إصدار القرارات الحكومية التي تصدر بشكل يكاد أن يكون يومياً
ونقترح لذلك
١- تحديد جهتين فقط لإصدار القوانين والقرارات
أ - مجلس النواب متمثل في السلطة التشريعية
ب - رئيس الجمهورية وهو رئيس السلطة التنفيذية فقط لا غير
لأن الوضع الحالي يتيح لرئيس الوزراء ومن يفوضهم والوزراء ورؤساء الهيئات والمحافظين
لهم جميعا إصدار القرارات .لذلك شاهدنا من الواقع العملي التعارض بين القرارات والتشابك والتشعب . وأغلبها تجرم أفعالا واحدة .
وتختلف في إقرار الحقوق وفي الجزاء للمخالف.
ونشير أيضا إلى أن توحيد جهة إصدار القرارات
يوقف التسرع في إصدار قوانين وقت حدوث الحوادث أو المناسبات المفاجئة دون بحثها أو دراستها . تشتت وتشكك بعض أفراد المجتمع من رجال الأعمال . عكس ما يهدف إليه رئيس الدولة وهو جذب الاستثمار المحلي والعالمي ومن أجل ذلك أصدر حزم حوافز استثمارية وتسهيلات قانونية.
ج- تفعيل قرار رئيس مجلس الوزراء بإنهاء عمل المستشارين في الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية
وإعادة تأهيل أعضاء الشؤون القانونية في دورات تدريبية بكليات الحقوق عن فن التشريع وفن الصياغة القانونية وكيفية الوصول إلى فلسفة التشريع ومعرفة مجموعة الوسائل والقواعد المستخدمة لصياغة الأفكار القانونية والتشريعية المراد إصدار قرار بها بطريقة تيسر تطبيق القانون من الناحية العملية، وذلك باستيعاب وقائع الحياة في قوالب لفظية، وذلك من أجل تحقيق الغرض الذي تنشده السياسة القانونية .
د - التنسيق بين الوزارات من ناحية وبين الحكومة والبرلمان في وضع أجندة تشريعية يتم جدولتها حسب الأهمية بدور الانعقاد يتم مناقشتها بعد دراسة وافية.
و - إعادة النظر في قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون ويقصد به أن الجاني لا يعلم مقدما أن القانون يجرم الوضع أو الفعل الذي أدى إليه النشاط الإرادي باعتباره جريمة يرتب لها عقوبة.
ولأن كل قرارات وقوانين الدولة ملزمة بمجرد إعلانها بالجريدة الرسمية والتي لم يطلع عليها أو يقرأها أحد ولا يعرفها الكثير من المثقفين فما بالنا لو دفع الفلاح وأرباب الحرف من المناطق الشعبية بالجهل وعدم المعرفة والعلم بهذا القانون بالطبع لم يستجب له أحد حتى قاضية ويطبق عليه العقوبة، ويتعرض للحبس أو الغرامة.
ولإقامة مصر الحديثة حقا لا بد من حلول جذرية بالإضافة لتوحيد جهات إصدار القوانين على الحكومة مواكبة التطورات، فبدلاً من اعتبار القوانين ملزمة ومنفذة بمجرد إعلانها بالجريدة الرسمية والتي لم يستطع أحد من معرفتها أو قراءتها، عليها تخصيص وقت كاف في إحدى القنوات الفضائية الثلاثة بالتليفزيون المصري لعرض القانون الجديد الصادر ومختصين لتفسيره والضرورة التي دعت لإصداره وأهدافه وعقوبة مخالفته قبل وقت تطبيقه بمدة كافية.
وللتأكد من علم غالبية الشعب يتم عرض نص القرارات المزمع تطبيقها بوقت كاف على شاشات عرض بجميع المدن والوحدات المحلية بجميع أنحاء الجمهورية، واستمرار العمل الدؤوب لتحقيق مبدأ سيادة القانون ضرورة وطنية، ليجني شعب مصر ثمرة الاستقرار بورود الاستثمارات المحلية والأجنبية والتنمية وتحسين مستوى الدخل وازدهار الدولة.