الأحد 16 يونيو 2024

معركة السيسى ضد عصبة مبارك

14-1-2017 | 22:38

لا يغفر للسيسى أن هؤلاء – أقصد مبارك وأولاده وأعوانه – قد خرجوا بأحكام فى عهده من السجون . بل إن هؤلاء من الطبيعى أن يخططون الآن للإطاحة بالسيسى نفسه، وبعضهم – كشفيق مثلا – كان يتفاخر بأنه من قاوم الإخوان بينما كان السيسى يعمل معهم.

ولولا الحكم الأخير لعاد الأخوان جمال وعلاء . فكلاهما راغب فى الحكم، بل إن الفلول راهنت على ترشح جمال مبارك لانتخابات الرئاسة القادمة، وكانت الخطة أن جمال سيتولى رئاسة شركة كويتية لأعمال الخير وعلاء يرشحه البعض لرئاسة النادى الإسماعيلى، وكلاهما تصالح مع مصطفى بكرى الذى كان لا عمل له طوال ثورة يناير سوى تقديم بلاغات ضد فسادهما وفساد أبيهم.

سبحان مغير الأحوال، حسين سالم، ضفدع مبارك، يورط المخابرات فى كلامه، مؤكدا أنها كانت وراء صفقات بيع الغاز لإسرائيل، ولا أعرف من أين واتت سالم كل هذه الشجاعة لينتقد المخابرات، إلا إذا كان تلقى رسالة من جهات أعلى بأن يفعل هذا وفى ذلك التوقيت.

الحرب بين السيسى ورموز النظام السابق، ليست هينة، فهؤلاء يمتلكون أموالا وعيونا وشركات نهبوها وكلابا فى الفضائيات تنبح وتهز ذيولها طوال الوقت.

ولم يكن غريبا أن تنطلق حملة لمهاجمة السيسى فى عدد من الفضائيات بتزامن واحد، ولا إشاعة انفلات الأسعار( خصوصا البامية ) وأن أيام مبارك كانت أفضل أيام .

وكان هؤلاء يراهنون على حكم قضائى منتظر لصالح أحمد شفيق، بأنه نجح فى الانتخابات ضد مرسي، وعقب صدور الحكم يصبح من حقه أن يطالب بحقه فى رئاسة الجمهورية، ولا أعرف لماذا تأخر صدور هذا الحكم كل هذا الوقت؟

للأسف ليس أمام السيسى سوى الاستقواء بثورة يناير لمقاومة طغيان هؤلاء الذين يتعمدون إصابة مفاصل البلاد بالشلل.

رجال أعمال يمتلكون أراضى مساحتها عشرات الملايين من الأمتار، حصلوا عليها بملاليم ( أبو العينين وطلعت نموذجا) لكنهم يصرون على تجميد نشاطهم وتسقيع الأراضي، طالما لم يحصلوا على امتيازات كتلك التى كان يمنحها مبارك وأولاده .

وقضاء يعيش الناس فى متاهاته بلا نهاية، ولا يريد أن يدخل العصر، بالتقاضى الإلكترونى. وقاعات محاكمه تعج بصغار الموظفين، المتخصصين فى إفساد أطهر القضاة فى العالم. بالرشاوى والتدليس.

وأحزاب لا تقوى على العمل السياسى، ولا تتحمل مسئولياتها، تتصارع أحزابها الكبيرة مع الداخل والخارج (الوفد نموذجا) فما بالك بمعارك الأحزاب الصغيرة.

وأحزاب إسلامية تتلمظ للاستيلاء على البرلمان والحكم (السلفيون نموذجا)، وتنكر أنها أحزاب دينية، برغم أن تصرفاتها تخرق العين.

وشرطة نجحت فى سحب رصيد تضحيات شرفائها فى حربهم ضد الإرهاب، بممارسات رخيصة من ضباط صغار وأمناء شرطة، أعادت للأذهان سلوكيات زبانية العادلى وحسن عبد الرحمن فى زمن مبارك.

وإعلام فاسد، علا صوته فى ظل كتم صوت تليفزيون الدولة، وتجاهل تطويره، ليصعد على السطح مجموعة أراجوزات، يأتمرون بأوامر طغمة من رجال الأعمال الفاسدين، ولا يخجلون من ذلك.

وجهاز إدارى فى الدولة يعج بمستشارين السوء. وصغار الفاسدين ينهشون فى جسد المواطنين، ويعطلون أى تطور نحو الأداء الإلكترونى لأجهزة الدولة، حتى تظل أدراجهم مفتوحة طوال الوقت.

ومدارس وجامعات بلا معنى، تفتح وتغلق أبوابها، وتنفق عليها الحكومة، بينما التعليم دروس خصوصية ومجموعات، ولا معنى للكفاح بعد أن تحايلت الجامعات الأجنبية، وأفسدت نظام التعليم ولم يعد الجميع سواسية أمام مكتب التنسيق، بل أصبح هناك تنسيق آخر لأولاد الأكابر، يقبل أولادهم الفاشلون فى أفضل الكليات ويضمن لهم النجاح، وتنكر هؤلاء لأصولهم، ونسى صاحب العزة أن أباه عربجى حانطور أو صانع قباقيب .

ومستشفيات الداخل مفقود والخارج مولود، وأطباء تفرغوا للعيادات والمستشفيات الخاصة، حتى صارت أرقامهم الفلكية فى الكشف والعمليات وأسعار الأسرة والغرف، خراب بيوت، إلى درجة أن الموت صار أفضل من العلاج.

ما حدث فى الآونة الأخيرة، من محاولات تصالح حسين سالم، وتودد أحمد شفيق، وانصياع مبارك وولديه، واختفاء صوت أحمد عز، ليس معناه أن هؤلاء تراجعوا عن فكرة استعادة الحكم، لأنهم فقط ينحنون للريح، ومازالوا يراهنون على العودة ، ويمارسون لعبة إصابة الدولة بالشلل.

الصدام بين هؤلاء والسيسى قادم لامحالة، ونذر علاماته فى الأفق، وفى أوراق ودفاتر رجال مبارك، أصحاب الدولة العميقة، والمال والأفكار المسمومة، أفكار بديلة، ولا أعتقد أن شفيق كان بريئا من توزيع صوره على الشوارع كرئيس جمهورية، ولا كان أحمد عز – بأمواله – بعيدا، عن المشهد .

إنها المعركة التى يخوضها السيسى ضد محور الشر، وكل تأخير فى حسم المعركة، ليس فى صالح السيسي، لأن هذا معناه أننا نتزحزح قليلا قليلا نحو عصر مبارك.

كتب : عادل سعد