السبت 20 ابريل 2024

علماء مصريين عظماء .. وقصص نجاحهم الملهمة (24)

مقالات30-11-2022 | 21:22

 الدكتور أحمد مصطفى.. أبو الكيمياء الضوئية في مصر

هو واحد من علماء الكيمياء العظام الذين سطروا بحروف من ذهب تاريخ مشرف لفرع من فروع الكيمياء العضوية، الكيمياء الضوئية العضوية، وكان له السبق في نشر العديد من الأبحاث العلمية التي ذاع صيتها وشهرتها آفاق بعيدة.

كما كان التلميذ المدلل والأقرب للأستاذ الألماني د. الكسندر شونبيرج أول رئيس لقسم الكيمياء بكلية العلوم بالجامعة المصرية لمدى عشرين عاما (1937-1956).

د. أحمد مصطفى هو ثاني رئيس مصري لقسم الكيمياء بعد د. أحمد رياض تركى الذى تولى القسم لمدة عام واحد من 1956-1957 بعد الألماني ألكسندر شونبيرج، وظل لمدة 11 سنة (1957-1967)، حيث قاد المسيرة العلمية للقسم وكون أكبر مدرسة علمية في تاريخ الجامعة المصرية في الكيمياء العضوية وتخرج على يديه عشرات الأساتذة المرموقين الذين شغلوا مناصب عليا فى كل الجامعات المصرية والعربية.

تخرج د. أحمد مصطفى احمد عام 1939 من كلية العلوم الجامعة المصرية وحصل على الماجستير عام 1942 والدكتوراة عام 1944حيث عمل بالقرب من د. ألكسندر شونبيرج في مجال الكيمياء الضوئية ونشر العديد من الأبحاث في ذلك المجال كما شاركه في نشر اكثر من كتاب باللغة الإنجليزية حول الكيمياء الضوئية. وفى عام 1952 حصل على درجة D. Sc. وهى من أعلى درجات العلم.

أما عن الكيمياء الضوئية تخصص الأستاذ فهي جزء من عمليات طبيعية كثيرة، مثلا التمثيل الضوئي، فيه تمتص النباتات الخضراء ضوء الشمس، ثم تستخدم هذه الطاقة الضوئية لإنتاج الغذاء، من ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ومن ماء التربة.

وهكذا يحول النبات الطاقة المشعة للضوء إلى طاقة كيميائية للغذاء. ومن خلال عمليات جيولوجية، تتحول النباتات إلى فحم حجري أو نفط، وعند احتراق هذا الوقود، تنطلق طاقة الضوء التي اخُتزنت في النباتات منذ ملايين السنيين. هذا ويرجع تاريخ الكيمياء الضوئية في مصر، التى ارتبطت ارتباطا وثيقا مع مصر نفسها، مع تأسيس عبادة إله الشمس أتون من قبل أخناتون (الأسرة 18، 1550-1306 قبل الميلاد).

وأصبح أتون، «سيد الشمس»، إله الشمس، وكان يرمز إلى الشمس بالقرص الشمسي، الذي سطعت أشعته على الأرض، وانتهت بأيدي مفتوحة أو في العلامة المصرية التي تعني الحياة، كل هذه الأمثلة تعبر عن أهمية الشمس ومكانتها في الثقافة المصرية. كما أنه منذ عدة قرون، استخدم المصريون مسحوق بذور نبات نما في دلتا النيل لعلاج سرطان الجلد (مرض جلدي) حيث تم علاج المناطق المصابة من الجلد من خلال التعرض لضوء الشمس بعد أن أكل المريض البذور المسحوقية، فكان ذلك أحد الأمثلة الأولى لتطبيق الكيمياء الضوئية في الطب.

شغل د. أحمد مصطفى العديد من الوظائف العلمية والإدارية فقد اختير فى1960 عضوا بمجلس إدارة شركة الصر لصناعة لب الورق، كما عين خبيرا منتدبا من منظمة اليونسكو لتدريس العلوم بطرابلس بليبيا، وفي عام 1963 تم إيفاده إلى جنيف ممثلا للحكومة المصرية لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتطبيق العلوم والتكنولوجيا لصالح الدول النامية، وفى نفس العام 1973 تم ضمه إلى اللجنة الفنية للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية للإشراف على البحوث العلمية في مجال الكشف عن الجريمة بالوسائل العلمية الحديثة. وفى عام 1966 كان ضمن اللجنة الاستشارية العليا لمركز الأبحاث والوقاية التابع لمؤسسة المصرية العامة للأدوية، كما تم ترشيحه في نفس السنة خبيرا بلجنة الكيمياء والصيدلة بمجمع الخالدين، كما رشح لعضوية لجنة بحوث تكرير البترول بالمؤسسة المصرية العامة للبترول، كما تم ندبه خبيرا بمحكمة استئناف القاهرة.

وفى عام 1966 قام بزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإلقاء عدد من المحاضرات العلمية بمعهد ستيفن التكنولوجي.

وفى 15-11-1967 عين مديرا للمركز القومي للبحوث، وفى 12مارس 1969 عين وزيرا للبحث العلمي.

كان د. أحمد مصطفى أستاذا جادا يهابه تلاميذه ولكن يحبونه في نفس الوقت، ولأنه عالم كبير في مجال الكيمياء العضوية فقد كون مدرسة كبرى في الجامعة المصرية كما ذاع صيته على مستوى العالم العلمي، لقربه من العالم الألماني الكسندر شومبيرج الذى لازمه علميا معظم الوقت.

من الطرائف التي رأيتها بعيني عندما كنت معيدا انه كان لدى د.احمد مصطفى وهو رئيسا القسم عامل يقف أمام مكتبه لم يفارقه حتى وفاته ويطلق عليه "عم حجازي" وكان دائما ما يرسله إلى تلاميذه فى القسم من الاساتذة ليدعوهم بطلب الأستاذ قائلا لهم: يلا بسرعة..الأستاذ عايزك.! كما كان يقوم بإعداد القهوة المخصصة له ولم يتوقف عن هذا العمل وعندما توفى الأستاذ جلس عم حجازي هذا يبكى قائلا" الأستاذ مات..الأستاذ مات".

أما عن تعامله مع تلاميذه الذين سجلوا معه فالبرغم من صرامته وقوة وجهه إلا أنه كان يتعاطف مع تلاميذه الصغار ويحكى د. عزت زايد أستاذ الكيمياء العضوية انه وهو معيد أراد أن يسجل معه لدرجة الماجستير فما كان أن دخل عليه المكتب وطلب منه هذا وعلى الفور أشار إليه أن يذهب إلى د.وفية عسكر (زوجة د.أحمد مصطفى) وهى كانت أستاذة بالقسم ليتحدث معها وإبلاغها موافقته.

كان من ضمن من سجل معه لدرجة الدكتوراه من المشهورين د.اشرف مروان سكرتير الرئيس للمعلومات ويحكى سعادة الدكتور مصطفى الفقي أن أشرف مروان كان يترك أوراقه البحثية في مكتبه وكان يذكر أنها لشغل الدكتوراه ويجب ان يتم توصيلها إلى مكتب د, أحمد مصطفى بالمركز القومي للبحوث ليراجعها.

أما عن الأبحاث التي قدمها طيلة حياته العلمية فقد تركزت موضوعاتها في الكيمياء الضوئية وتطبيقاتها في مصر وكذلك تفاعلات الإضافة والكينونات وكان معظمها مشاركة مع بروفيسور شونبيرج وهذه عينه منها.