طيبتوا خاطري.. عبارة لافتة جاءت على لسان الرئيس السيسي تكشف وبوضوح طبيعة العلاقة بينه وبين المصريين والتي حاول البعض خلال الشهور الماضية وبكثافة أن ينقلها من خانة التمسك بالأمل في بناء وطن قوي وقادر إلى خانة العداء المهلك مع السلطة والذي يطمح لتحقيقه غرباء منبوذون ضحايا وهم "إسقاط مصر" وإدخال شعبها في دائرة استعداء دائم مع السلطة.
عبارة الرئيس السيسي تؤكد أنه لم يكن يوما ما منذ تصدر للعمل العام ينتظر ثناء أو شكرا من أحد بل كان متأكدا بأنه يضع كل رأسماله من شعبية جارفة جاءت به إلى سدة الحكم في مخاطرة حين جعلها فداء البدء في إصلاح قاس لا بديل عنه من أجل إخراج مصر من دائرة الفقر والعوز وكان يعلم مدى قسوة ما هو مقدم عليه من إجراءات ضرورية لكن صح رهانه على فطنة شعب ظن أعداؤه لبعض الوقت أنه من الممكن خداعه أو التلاعب بعواطفه.
إن جبر الخاطر الذي تحدث عنه الرئيس بعد أن أدار المصريون ظهورهم وأفئدتهم أمام موجة ضخمة ومنسقة من بث الإحباط والكذب بين صفوفه هو بمثابة قوة دفع جديدة لتجديد الزخم الوطني لتجاوز الصعاب التي نؤمن جيدا أنها ما زالت كبيرة لكن يقيننا أكبر في أنها ستزول بلا رجعة وأن صبر المصريين على مشقة الإصلاح لا بد أن يتوجها الله عز وجل بالنصر وجبر الخاطر ليضع هذا الشعب قدما راسخة في صنع مستقبل هذا العالم بدلا من أن يقبع في دائرة لا نهائية من تراكم التحديات والصعاب والالتفاف حول وضع سيئ ترسخ على وقع سنوات عبر اللجوء إلى المسكنات وتعطيل خطوات الإصلاح بدعاوى "الشعب مش هيستحمل" وهي العبارة التي ضيعت سنوات من مسيرة إصلاح حتمي وهي عبارة تؤكد أيضا أنها تجهل طبيعة هذا الشعب الأبي الذي ما إن يتمسك بقائد لمس فيه الصدق والأمانة يخوض معه عباب البحر دون أن يكترث أو يصرفه عن ذلك ألسنة ساذجة غارقة في بحر الخيانة والنذالة.
جدد المصريون شرعية ما ترتب على الثلاثين من يونيو بتجاهلهم دعوات المخربين وهنا يؤكد الرئيس للمصريين أن تلك الأصوات المشككة والداعية إلى التخريب والفوضى لن تصمت أو تهدأ طالما لم يسلم المصريون لإرادتهم المنحطة ومؤامراتهم الدنيئة فهذه الموجة من الأكاذيب والخداع ستستمر طالما بقي المصريون على قلب رجل واحد خلف قيادتهم يصنعون مجدا جديدا لبلادهم رغم التحديات.
وكعادته دائما كان رد الرئيس السيسي على أعداء مصر هو الانخراط في المزيد من العمل والمزيد من الإنجاز على أرض الواقع فذلك يغيظ أعداء المصريين ويشعل قلوبهم ويبث في نفوسهم اليأس من تحقيق ما يصبون إليه وهذا السلوك الرئاسي من المهم أن ينتقل إلى كافة قطاعات المصريين فيواجهوا الصعب بالمزيد من محاولات التغلب عليها ويواجهوا المزيد من التآمر والكذب والتدليس بالمزيد من الاستمرار في رفع حالة الوعي وإبقائه في حالة استنفار ويقظة بتحري الدقة إزاء كل ما يروج ويبث.
وهنا لا يمكن لي أن أمرر الحوار الذي دار بين الأشبال الموهوبين وبين الرئيس خلال افتتاحاته بمحافظة الدقهلية حيث بعث الرئيس برسالة ثمينة وهي خطورة الاستغراق في الأماني دون اتخاذ الأسباب التي تحولها إلى واقع فقد دعا الرئيس أحد أشبال الموهوبين ضمن مشروع "كابيتانو" والذي يطمح للوصول إلى مستوى وشهرة نجمنا العالمي في كرة القدم محمد صلاح دعاه الرئيس إلى عدم الاستغراق في الهالة الإعلامية التي تحيط بمحمد صلاح بل يجب أن ينظر إلى الجهد الذي بذله محمد صلاح وأوصله إلى ما هو فيه من مهارة وشهرة جعلته أمنية له ولكثيرين من ممارسي اللعبة حول العالم.. إنها دعوة عامة للعمل بجد واجتهاد وإتقان يوجهها الرئيس من خلال تحاوره مع ذلك الشبل إلى المصريين جميعا وهي ألا نكتفي بالإعجاب ومصمصة الشفاه حين النظر إلى ما حققه ويعيشه غيرنا ثم نستغرق في الإحباط بل يجب علينا أن ننظر إلى الجهد الذي بذل وراء ذلك وندرك أسبابه وأين هو موقعنا من تلك الأسباب بدلا من البقاء في خانة التحسر والإحباط وجلد الذات.
وسيبقى المصريون دوما يجبرون بخاطر كل مخلص أيا كان موقعه وسيظلون على العهد صابرين يسعون لتعويض ما فاتهم متسلحون بالوعي والعمل والمثابرة.