خلود الشعار
بدأ المصريون في التردد على أسواق اللحوم استعدادًا لعيد الأضحى المبارك، الذي تفصلنا عنه أيام قلائل، ولكن هذا العام قد يضطر أغلب المواطنين للجوء إلى شراء اللحوم المستوردة بعد ارتفاع أسعار نظيرتها المحلية حيث وصل سعر الكيلو إلى 160 جنيهًا متأثرًا بارتفاع أسعار الأعلاف ومكونات الغذاء، بما يعتبر عيدًا لتجار الحوم المستوردة على حساب الإنتاج المحلي.
وبحسب مواطنون، فإن أسعار اللحوم المحلية هذا العام يصعب الاقتراب منها بسبب ارتفاعها إلى الضعف، وسيكون بديلها اللحوم المستوردة باعتبارها الأقل سعرًا والأنسب لاقتنائها وسط الحالة الاقتصادية الصعبة التي أثرت على مختلف جوانب الحياة في مصر.
سر اللجوء للمستورد
إبراهيم دياب، أحد المواطنين في محافظة الشرقية، يؤكد أن اللحوم المحلية والأضاحي ارتفع سعرها بشكل كبير مما يدفعنا إلى شراء لحوم مستوردة باعتبارها الأقرب إلى أحوالنا المادية ويمكن تقديم الأعياد للأقارب منها وهو العرف السائد في بلادنا، متابعًا:" لازم أودي لأختي العيد بس اللحمة المستوردة معروفة وده عيب في سلونا لازم تكون اللحمة طازجة أو مذبوحة في البيت، فأضطر اشتري لأختي لحمة محلية وأشتري للبيت لحمة مستوردة الغرض والسلام".
محمد أحمد، أحد المواطنين بالجيزة، قال إنه يشتري اللحوم المستوردة نظرًا لانخفاض أسعارها مقارنة باللحوم المحلية، التي وصل سعرها اليوم لـ 160 جنيها، مشيرًا إلى أنه بقدوم العيد يحتاج لشراء كمية كبيرة كي تكفي العائلة بأكملها، ولذا يلجأ لشراء اللحوم المستوردة لتلبية الغرض المطلوب.
وأضاف، أنه سمع العديد من الشائعات عن الأضرار الموجودة باللحوم المستوردة، ولكن ليس هناك بدائل أخرى، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح تقرير صادر عن الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة، أبريل الماضي، أن مصر تستورد 630 ألف طن لحوم و400 ألف رأس ماشية سنويًا من 18 دولة، منها البرازيل والهند وأستراليا ونيوزيلندا والسودان وأمريكا وأوكرانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وأيرلندا وبولندا وكندا.
استيراد 630 ألف طن لحوم
وقال تقرير الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة، إن حجم استيراد اللحوم من الخارج يبلغ 630 ألف طن لحوم حمراء وبيضاء وأسماك سنويا، منها 350 ألف طن لحوم مجمدة أو مبردة.
ولفت هيئة الخدمات البيطرية إلى أن المحاجر تعمل كصمام آمان للبلاد وتمنع تسرب أية أمراض إلى داخل البلاد، ولذلك تعمل الخدمات البيطرية على ضبط إجراءات استيراد الحيوانات، وتشديد الفحص فى المحاجر البيطرية بجميع معابر ومنافذ البلاد، حيث تسافر لجان الحجر لفحص الحيوانات وحجرها في بلد المنشأ لمدة لا تقل عن 21 يومًا وبعد وصولها إلى الميناء المصري يتم حجرها لمدة أسبوع، للحصول على عينات لفحص الهرمونات والإشعاع الذرى والتأكد من خلوها من الأمراض التي تمنع تداولها بالأسواق قبل الذبيح الفوري لها.
ونصيب الفرد من اللحوم الحمراء انخفض في العام إلى 7 كيلو جرامات، بمعدل يصل إلى 18 جراما يوميًا، وهو أقل من متوسط نصيب الفرد عالميا البالغ 24 جراما في اليوم، وذلك نتيجة تدنى الإنتاج الكمي والنوعي، وفقا لتقارير وزارة الزراعة.
مخطط تدمير الإنتاج المحلي
الدكتور فهيم شلتوت، أستاذ الرقابة الصحية على اللحوم، وعضو مجلس قسم مراقبة الأغذية كلية الطب البيطري جامعة بنها، قال إن اللحوم المستوردة تكون آمنة للاستخدام الآدمي إذا خضعت للرقابة، وتم فحصها فحصًا جيدًا في مواني الوصول، مشيرًا إلى أن الاعتماد على الإنتاج المحلي أفضل للبلاد اقتصاديًا، لأن المستوردة سيرتفع أسعارها بعد ارتفاع سعر الدولار.
وأضاف لـ«الهلال اليوم»، أن الاعتماد على استيراد اللحوم، يؤدي إلى إهمال إنتاج اللحوم المحلية، وتراجع دعم الفلاح، وبالتالي يكون الاعتماد الأساسي على اللحوم المستوردة، مؤكدًا أن المستوردين للحوم بإغراق للسوق المصري، بحيث لا يستطيع المنتج المحلي أن يجاري المستورد في السعر، وعندما يتأكد من تراجع الإنتاج المحلي يبدأ في رفع سعر المنتج المستورد، مما سيكلف الدولة عبء كبير نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.
وأضاف، أن الاعتماد على المنتج المستورد سيؤثر على العمالة في مصر، وارتفاع نسبة البطالة، مما يدفع الشباب للجوء للتصرفات الغير مسئولة، ولكن الاعتماد على الناتج المحلي يوفر فرص عمل للشباب، فضلًا عن ضمان سلامة اللحوم المحلية، مشيرًا إلى أن بعض البلاد المصدرة للحوم مثل أمريكا والبرازيل وغيرها يسمحون بوجود هرمونات في اللحوم، مما سيؤثر بالسلب على صحة الإنسان، وستساهم في الإصابة بالسرطان وتشوهات بالأجنة، وتُحدث خطر على التوازن الهرموني، مما يؤدي لانخفاض نسبة الخصوبة وتمهد لظهور السيدة المسترجلة والرجل المخنث وغيرها.
وقال إن طوق النجاة في الاعتماد على الإنتاج المحلي ليس في اللحوم فقط بل في كافة أنواع المنتجات، مع تقليل الاستيراد من الخارج، متمنيًا أن تقوم الحكومة بعمل خطة للاكتفاء الذاتي على كافة الأصعدة.
مراقبة حكومية
الدكتور سيد جاد المولي، رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري بالهيئة العامة للخدمات البيطرية في وزارة الزراعة، قال إن الوزارة تعمل جيدًا على فحص اللحوم المستوردة بمجرد وصولها للمواني، ويقوم الحجر البيطري بفحصها على أكمل وجه للتأكد من سلامتها للحفاظ على صحة المواطنين، وخلوها من أي أمراض أو هرمونات أو غيرها، مشيرًا إلى أن المعايير والقواعد وفقًا للقانون المصري، ترفض استيراد أي حيوانات أو لحوم معالجة بالهرمونات.
وأضاف لـ«الهلال اليوم» أن فحص اللحوم والمواشي التي يتم استيرادها من الخارج لا يوجد به صعوبة، وفي حالة وجود ما يخل بالقواعد والشروط الصحية يتم تجميدها وعدم طرحها في الأسواق، وذلك حرصًا على سلامة صحة المواطنين.
البرلمان يحذر
النائب محمود شعلان، عضو لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، قال إنه يجب على الحكومة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى المبارك من خلال توفير كافة السلع للمواطنين في كافة المنافذ التابعة لوزارة الزراعة، وكذلك وزارة التموين عليها توفير أغلب السلع المواد الغذائية الأساسية للمواطنين، مشيرًا إلى ضرورة الاهتمام بالمحافظات والقرى والأقاليم التي قد يتم نسيانها في خطط الحكومة في المناسبات والأعياد.
ولفت لـ«الهلال اليوم» إلى أن القرى والأقاليم في الصعيد لم يتم وضعها في الحسبان، من حيث توفير اللحوم اللازمة للاستهلاك والسلع الغذائية، بل تسقط من حسابات الحكومة، مناشدًا الجهات المعنية بضرورة تفعيل الخطط وتنفيذها قبل حلول عيد الأضحى المبارك في المحافظات والقرى النائية.