8 ملايين فرصة عمل في 8 سنوات.. وربع مليون نسمة في 56 يوماً.. و160 مليون نسمة في 2050.. الزيادة السكانية المخيفة التحدي الأخطر.. دولة تسابق الزمن.. ووعى غائب عن الشعب.. مطلوب مواجهة حاسمة.. فكرياً ودينياً وثقافياً وتشريعياً.. فالنمو السكاني المنفلت يهدد جهود البناء والتنمية.
تدق ناقوس الخطر.. على الحاضر والمستقبل.. مطلوب مواجهة شاملة.. وإجراءات واضحة وتشريعات صارمة.
من فرط خطورة تحدى النمو السكاني غير المنضبط والذى يشكل تهديداً مباشراً على جهود البناء والتنمية وبالتالي مستقبل هذا الوطن.. لا يجب أن نكف أو نمل من الكتابة عن أهمية ضبط النمو السكاني.. وبناء الوعى الحقيقي.. الذى يصل إلى العقل الجمعي للمصريين لأن هذه القضية تمثل عصب حاضرهم ومستقبلهم في ظل تحديات وأزمات اقتصادية عالمية لها تداعياتها وانعكاساتها على مصر أيضاً لأن مصر تؤثر وتتأثر بهذا العالم.. وهذه الأزمات العالمية تزيد من حدة الضغوط على الداخل المصري ولولا جهود الدولة على مدار الـ 8 سنوات الماضية لأكلت الزيادة السكانية هذا البلد.. وخلقت كوارث وفاقمت الأزمات.. والتحديات.. فجهود ونجاحات الدولة التي سابقت الزمن حالت دون شعور المواطن بحدة انعكاسات الزيادة السكانية المنفلتة التي تلقى بظلالها وآثارها على كافة الخدمات وأوجه الرعاية التي من المفترض أن تقدم للمواطن سواء في التعليم أو الصحة أو فرص العمل أو السكن اللائق.. أو الحياة الكريمة بوجه عام.. وأيضاً تحد من قدرات الوطن على النمو والبناء والتنمية.
الحقيقة أن تحدى الزيادة السكانية كما قلت بالأمس هو السبب الرئيسي في الأزمات والمشاكل والمعاناة التى تفاقمت في مصر على مدار 50 عاماً.. وتسببت في خلق ظواهر سلبية.. كلفت الدولة عندما امتلكت إرادة الإصلاح والبناء ميزانيات باهظة ولعل أبرزها ما ترسخ من عشوائيات.. وأيضاً إهدار مئات الأفدنة من أجود الأراضي الزراعية.. وهو ما حدا بالدولة إلى التوسع في استصلاح وزراعة ملايين الأفدنة في الوقت الذى يتكلف فيه الفدان الواحد.. بالبنية التحتية اللازمة في الاستصلاح والزراعة من 200 ألف إلى 300ألف جنيه لذلك فإن الزيادة السكانية حملت الدولة فوق طاقتها.. وأيضاً مازالت تعد تحدياً خطيراً أمام مسيرة البناء والتنمية والمستقبل.
أتوقف أمام ثلاثة أرقام مهمة تتعلق بالزيادة السكانية المنفلتة.. الرقم الأول ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال افتتاحه مجموعة من المشروعات القومية التنموية العملاقة.. أن مصر تحتاج سنوياً قرابة مليون فرصة عمل يجب توفيرها للشباب.. أي 8 ملايين فرصة عمل في 2030.. والسؤال الذى يفرض نفسه إذا استمرت معدلات النمو السكاني بهذا الشكل المخيف.. فمن أين للدولة أن توفر مليون فرصة عمل سنوياً وكم تتكلف عملية توفير فرصة العمل.. لـ8 ملايين في 8 سنوات قادمة وفي ظل تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على مصر.. وبتدرج تكلفة إنشاء المصانع والمشروعات التي تستوعب فرص عمل محدودة أو كثيفة كم من المليارات والتريليونات نحتاج لتوفير فرص عمل تصل إلى 8 ملايين فرصة في 8 سنوات في ظل ارتفاع الأسعار العالمية لمستلزمات الإنتاج وهو الأمر الذى يجب أن نتوقف عنده كثيراً وطويلاً بالمواجهة والوعى والإقناع والإجراءات والقرارات الصارمة التي تتصدى لاستمرار معدلات النمو السكاني بهذا الشكل المخيف.
الرئيس السيسي يضع أمام المصريين حجم التحديات التي تواجه وستواجه هذا الوطن في إطار المسئولية المشتركة بين القيادة والشعب ولابد أن ننتبه كشعب إلى خطورة النمو السكاني بهذه المعدلات التي تؤثر على حاضرنا ومستقبلنا وحياتنا.. وتغتال أحلامنا وتطلعاتنا نحو الحياة والمستوى الذى ننشده لنا ولأبنائنا.. لذلك هناك من يدق نواقيس الخطر والحذر من فاجعة استمرار النمو السكاني قبل فوات الأوان وقبل أن تأكل الأخضر واليابس في ظل محدودية موارد الدولة.. وتطلعات المصريين إلى مستويات عالمية وجودة عالمية في مجال الرعاية الصحية وجودة التعليم التي تحتاج ميزانيات ضخمة وهنا وفي حال عدم التراجع عن كثرة الإنجاب فإن المواطن أو الشعب لا يلومن إلا نفسه.
الرقم المهم أو الثاني الذى يدق ناقوس الخطر بقوة ويكشف أننا مازلنا لم نصل للوعى الكافي.. هو إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وهو وصول تعداد سكان مصر إلى 104 ملايين مواطن وربع مليون داخل مصر وان تعداد السكان في مصر زاد 250 ألف نسمة في غضون 56 يوما فقط.. وهذا معدل نمو سكاني خطير ويتعارض مع طموحاتنا ونجاحاتنا وإنجازاتنا وجهود الدولة التى تحققت على مدار 8 سنوات.. ولولا ان لدينا قيادة سياسية حكيمة استشرفت المستقبل وعملت بجهد ومثابرة ورؤية لتفاقمت أزمة النمو السكاني.. فالرئيس السيسي الذى بنى 30 مدينة جديدة من المدن الذكية التى تتوفر فيها الحياة المتكاملة والتى تضم السكن والعمل والاستثمار والحياة الكريمة والتعليم والصحة.. هذه المدن الجديدة التى تعمل فيها الدولة تستوعب 30 مليون نسمة وهناك 9 مدن جديدة من مدن الجيل الرابع.. يجرى التخطيط فيها وهى رؤية عبقرية تحسبت وارتأت مبكراً أهمية استيعاب النمو السكاني.. وأيضاً بناء الإنسان المصرى وتوفير الحياة الكريمة له.. والاهتمام بجودة الصحة والتعليم بالإضافة إلى جهود الدولة في القضاء على العشوائيات وتطوير المدن والعواصم والأحياء القديمة.. ليبرز لنا ان الدولة تعمل على مسارين الأول بناء الجديد وتطوير وتحديث القديم بالإضافة إلى بناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية التى تتوافق وتتناسب مع امكانيات كافة المستويات حتى لا يلجأ المواطن في حالة عدم وجود المتاح من الوحدات السكنية إلى السلوكيات العشوائية في خلق مناطق جديدة خطرة وغير آمنة وغير مخططة أو الاعتداء على أراضى وممتلكات الدولة وجسور الترع والمصارف.
خطورة الزيادة السكانية لا تقتصر فقط على النيل من مستوى معيشة المواطن وظروفه.. وتعليمه والخدمة الصحية المقدمة له والمعاناة التى يلقاها في الحصول على هذه الخدمات.. وترسيخ ثقافة وسلوكيات سلبية جراء الزحام والتكدس والاختناق.. لكن هناك ما هو أخطر من ذلك وهو التهام الزيادة السكانية لمواردنا الطبيعية المحدودة بحكم الجغرافيا والتاريخ.. فإذا كنا نتحدث عن مواردنا المائية.. فإن حصتنا من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب.. وإذا كان هذا الرقم يكفي 50 مليوناً في العقود الماضية فانه بطبيعة الحال تأثر بشكل كبير بعد تضاعف تعداد السكان وأكثر.. فإن الزيادة السكانية غير المنضبطة سوف تخلق كارثة في هذا الإطار وهى الفقر المائي.. والحقيقة انه لولا جهود الدولة وأفكارها الخلاقة في تنمية مواردنا المائية.. والحفاظ عليها.. والاستخدام الحكيم لها سواء عبر وسائل التكنولوجيا من نظم الرى الحديثة أو محطات المعالجة الثلاثية لاستصلاح وزراعة ملايين الأفدنة أو محطات تحلية المياه خاصة في المدن الجديدة التى تقع في نطاق محافظات ساحلية وهو تفكير خلاق ومن خارج الصندوق.
الدولة تعمل وتبذل ما عليها من جهود ليس هذا فحسب لكنها تدرك خطورة التحدي.. وأهمية ايجاد حلول ووسائل ومشروعات لاستيعاب الزيادة السكانية سواء في التوسع العمرانى والزراعى والصناعي.. أو تنمية الموارد لدعم الاقتصاد الوطنى بالاستفادة من كل قدرات الوطن.. وتعظيمها بالأفكار الخلاقة مثل الثروات التعدينية وأيضاً البحيرات وكذلك قناة السويس الجديدة.. أو البنية التحتية العصرية لجذب الاستثمارات وتهيئة أنسب الظروف لها أو اكتشافات الغاز والاهتمام بالإعداد والتأهيل العصرى المواكب للعالم لاتاحة فرص عمل بمتطلبات عصرية في سوق العمل المحلى والإقليمى والدولي.. لكن إلى متى تظل الزيادة السكانية المخيفة تهددنا وتنال من جهودنا وتنميتنا وهى جهود غير مسبوقة؟.
الرقم الثالث فجره الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى على هامش مشاركته في فعاليات منتدى الاستثمار في التعليم العالى بلندن عندما قال: انه من المتوقع ان يصل التعداد السكانى لمصر إلى 160 مليون نسمة في 2050 وفي اعتقادى انه متفائل.. فهناك توقعات أخرى تشير إلى وصول التعداد السكانى في مصر إلى 170 مليون نسمة إذا استمرت حالة الغيبوبة الشعبية وتراخى المنوط بهم مواجهة هذه الظاهرة وهذا التحدى وخاصة المؤسسات الدينية وهنا نفتح المجال أمام عشرات التساؤلات.. خاصة أننا أمام رقم مرعب ومخيف.. الأول هل تستوعب قدرات الدولة ومواردها هذا الرقم الكبير في 2050 وهذه الزيادة التى توازى تعداد سكان مجموعة من الدول.. خاصة ان هناك دولاً لم يزد تعدادها السكانى منذ 50 عاماً.. ومنها دول إسلامية تصدت لهذا التحدى الخطير.. السؤال الثانى كم نحتاج من المدارس والمستشفيات والوحدات السكنية والجامعات والمدن الجديدة الإضافية والمياه والأراضى الزراعية وفرص العمل بعد 28 عاماً من الآن.. وما هى الميزانيات المطلوبة لتوفير هذه الخدمات والمتطلبات في ظل وجود تحديات في التعليم والصحة.. فالرئيس السيسى قال خلال المؤتمر الاقتصادي: إننا بحاجة إلى 60 ألف فصل دراسى سنوياً في الوقت الحاضر لحل أزمة كثافة الفصول والتى تحتاج 60 مليار جنيه سنويا.. وقال أيضاً: ان مصر تحتاج لنفس عدد الأسرة في المستشفيات الموجود حاليا أى ان المتوفر وما بين أيدينا من 50٪ من احتياجاتنا ولولا المبادرات الرئاسية في مجال الصحة لما حصل المواطن المصرى على خدمة صحية جيدة وحل الأزمة والمعاناة والآلام التى كان يتوجع منها ويئن مثل القضاء على فيروس «سي» و100 مليون صحة وقوائم الانتظار التى أجرت ما يقرب من مليون وأربعمائة ألف عملية جراحية والسؤال كم تتكلف العملية الجراحية الواحدة وإذا حصلنا على الرقم فما هو حاصل ضرب تكلفة العملية الجراحية الواحدة في 1.4 مليون عملية جراحية؟.. نحن أمام أرقام وتكلفة باهظة تتحملها الدولة لتخفيف المعاناة عن مواطنيها.
والسؤال أيضا كم سيحتاج الـ160 مليون مواطن من ميزانيات للحماية الاجتماعية ودعم رغيف الخبز الذى يتكلف الآن أكثر من 80 قرشاً ويباع للمواطن بخمسة قروش؟ وكم ستنفق الدولة على الدعم التموينى خاصة ونحن أمام زيادة تصل إلى 56 مليون مواطن بحلول عام 2050 وأيضاً ميزانيات التوسع الزراعى وتوفير الوحدات السكنية.. وفرص العمل وتوفير الموارد المائية لـ160 مليون مواطن بالإضافة إلى احتياجات الزراعة والصناعة وغيرها من متطلبات الحياة سواء للإنسان أو الإنتاج والعمل.
نحن أمام معادلة وتحد صعب للغاية لابد أن ندرك كشعب خطورة النمو السكانى وتأثيره علينا اقتصادياً وحياتياً وصحياً وتعليمياً وفرص عمل.
السؤال المهم أيضاً ما هو شكل الحياة التى ستعيشها الأسرة في حال الاصرار على كثرة الانجاب وعدم الوعى والإدراك بأهمية انجاب طفل أو اثنين والسؤال للمواطن في ظل محدودية موارد الدولة وفي أتون الأزمات العالمية وما يترتب عليه من أن رب الأسرة أو الأبوين معاً لن يتوقف عن العمل من أجل رعاية الأبناء الكثر.. ومتى يجدون الوقت الكافي لمنحهم الحنان والرعاية والاهتمام وليس عدم المبالاة وعدم الاكتراث بالاحتياجات النفسية والتربوية للأبناء أو إلقائهم وتركهم للشارع.. أو يدفعونهم للعمل ويحرمونهم من التعليم.. ويقصرون في توفير الرعاية الصحية لهم.. والسؤال ما هو شكل ومضمون المواطن في ظل هذه المعطيات؟ هل سيكون مفيداً لنفسه وأسرته ولمجتمعه ووطنه أم انه مواطن مجرد صورة وسد خانة وفي شكل انسان تنقصه الكثير من المقومات وربما يتجه إلى الأخطر من ذلك الإجرام أو الإرهاب.. ويكون كافراً وساخطاً على الوطن أو الدولة في ظل ما تحصل عليه من ثقافة استمدها من الأبوين.. بأن الدولة هى السبب في ظروفك وأحوالك والتحديات والأزمات والمعاناة التى تلقاها.. وحرمانك من التعليم والصحة والترفيه ولا يلوم الأب نفسه على ما اقترفه من جريمة في حق أبنائه بعد ان استسلم لأوهام العزوة وان الأبناء مصدر للثروة أو يأتوا برزقهم فالمولي- عز وجل- يقول (ولقد كرمنا بنى آدم) والتكريم على حد فهمى هو بالعقل الذى يميز الانسان عن سائر المخلوقات لذلك المفروض ان يتدبر ويفكر الإنسان.. ولا يظلم أبناءه.
نحن أمام قضية تحتاج إلى وعى وفهم وإرادة وعمل متواصل.. لذلك لابد من مصارحة ومكاشفة وإجراءات تتعلق ببناء الوعى وتشريعات تتصدى لحالة الغيبوبة عند البعض منا.. فمن المهم اتخاذ إجراءات وقرارات وتشريعات لا أقول صعبة ولكن حاسمة وصارمة توقف هذا التهديد الخطير.