كتبت – ميرفت أبو زيد
75 عامًا ولا تزال الألغام المستترة بين كثبان الصحراء الغربية، تُمثل الخطر «القديم الحديث» وخاصة بمنطقة العلمين، فهي تُداهم أحلام الدولة في تنمية الساحل الشمالي الغربي كما أنها تقف حائلًا في استغلال ما يحمله هذا الساحل من موارد تسهم في تحقيق التنمية.
نسبة الألغام
هناك ما يربو علي 22.7 مليون لغم، تم زرعها في الأراضي المصرية إبان الحرب العالمية الثانية، ما يمثل أكثر من 20 % من إجمالي الألغام المزروعة في العالم، ومنها حوالي 17.2 مليون بمنطقة العلمين تمت زراعتها عقب معركة العلمين في الحرب العالمية الثانية بالصحراء الغربية.
معركة العلمين الثانية تُعد من أهم معارك التحول في الحرب العالمية الثانية والتي كانت بين القوات الألمانية بقيادة إرفين رومل وبين القوات البريطانية بقيادة برنارد مونتكومري في نوفمبر عام 1942، وكانت من أهم معارك الدبابات على مدار التاريخ وبعد انتصار القوات الألمانية في معارك الصحراء، نتج عن ذلك نشر ملايين الألغام في صحراء مصر.
خسائر الألغام
لم تكتف الألغام بوقف التنمية فقط، لكنها أيضًا قضت على الأرواح البريئة، حيث تشير البيانات إلى أن إجمالي الخسائر البشرية منذ عام 1982 في نطاق الصحراء الغربية بلغت 8313 فردًا منهم 696 قتيلًا و7617 جريحًا مصابًا بجانب وجود الكثير من الحالات غير المسجلة، كما بلغت الحوادث المسجلة لانفجار الألغام أكثر من 50 حادثة.
مُعوّقات التطهير
إزالة الألغام من مصر لم يكن بالأمر الهّين، فهناك كثير من المعوقات التي تعرقل إزالة هذا الخطر، يأتي على رأسها ارتفاع تكلفة التطهير، فضلاً عن التغيرات الطوبوغرافية للمكان، وعدم تواجد خرائط بيد الدولة توضح أماكن الألغام.
كل هذا يمثل عقبة أمام تحقيق طفرة تنموية في المناطق التي توجد بها سواء من خلال استصلاح الأراضي لأغراض زراعية أو استغلالها لأغراض الجذب السياحي أو استكشاف الثروات المعدنية بها.
وقد واجهت القوات المسلحة مصاعب عديدة خلال أعمال الإزالة تمثلت في عدم وجود تسجيلات دقيقة لحقول الألغام، وزيادة حساسية الألغام نتيجة لمرور أكثر من 50 عامًا على زرعها، فضلًا عن تحركها من أماكنها بتأثير العوامل الجوية، أو تحرك الرمال في بعض المناطق لردمها.
الأمر الذي أثبت عدم جدوى الخرائط المتاحة حول الألغام المزروعة في الصحراء الغربية وهو ما أدى إلى زيادة المساحات التي يشتبه في وجود ألغام بها، ومن ثم زيادة تكلفة تطهيرها لتتعدى الإمكانيات الاقتصادية للدولة.
و حددت القوات المسلحة مطالبها لاستكمال عمليات الإزالة بكفاءة في ضرورة توفير التمويل اللازم لإزالة الألغام وتقديم مكتشفات ألغام حديثة قادرة على كشف الألغام في عمق أكثر من متر وإجراء عمليات مسح (حراري – ليزر – إشعاعي) لمسرح عمليات الحرب العالمية الثانية لتأكيد حدود المناطق الملغمة.
دور الخارجية
ومن هنا، ركزت وزارة الخارجية المصرية منذ أوائل التسعينيات على طرح مشكلة الألغام على الساحة الدولية باعتبارها إحدى أولويات السياسة الخارجية المصرية.
وقد أسفرت جهود بعثات مصر في الخارج عن توفير مساعدات رمزية من المملكة المتحدة و ألمانيا وفرنسا كما تجري حاليًا اتصالات مع الجانب الياباني لبحث إمكانية مساعدة مصر في مجال إزالة الألغام.
الاستثمار والتعاون الدولي
بالرغم من تلك المعوّقات، لا يزال التطهير موضع اهتمام الدولة، حيث ترأست سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، اجتماعًا مؤخرًا لبحث آليات تطيهر منطقة العلمين، مع رينهولد برندر، الممثل المقيم لوفد الاتحاد الأوروبى في مصر، وراندا أبو الحسن، مدير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالقاهرة، إضافة إلى السفير سعيد هندام، مساعد وزير الخارجية.
كما حضر الاجتماع كل من اللواء فتحي منصور، مساعد مدير إدارة المهندسين العسكرييين، والمهندس محروس الكيلاني، وهالة رأفت، القائمان بأعمال المشروع.
و اتفق مجلس الإدارة على مد التمويل المقدم من شركاء التنمية لمشروع دعم خطة تنمية الساحل الشمالى الغربى والعمل المضاد للألغام لمدة 6 شهور ليكون من شهر أكتوبر 2017 وحتى أبريل 2018، والبدء فى التفاوض على المرحلة الثالثة من المشروع وتخصيص مبلغ 5 مليون يورو من الشركاء في التنمية لتطهير باقي مناطق الساحل الشمالي العربي وشبه جزيرة سيناء.
الاتحاد الأوروبي
رينهولد برندر، الممثل المقيم لوفد الاتحاد الاوروبى فى مصر، أكد خلال الاجتماع حرص الاتحاد بإزالة الألغام من مصر في الفترة المقبلة.
وضع عشوائي
الألغام تم وضعها في الصحراء الغربية بشكل عشوائي، منذ الحرب العالمية الثانية، وقامت ألمانيا بتطهير جزء منها سواء في سيدي براني وسيوة ومطروح، هكذا قال عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية.
تكلفة التطهير
وأضاف عامر أن تكلفة إزالة الألغام من مطروح للعلمين تقدر بنحو 2 مليار دولار، لافتاً إلى أن العلمين بها أراضٍ خصبة صالحة للتوسع الزراعي، كما يمكن الاستفادة من العلمين في إنشاء مشروعات سياحية، فضلًا عن استخراج الثروات المعدنية المتواجدة بها، مما يحقق طفرة نمو للاقتصاد المصري.