السبت 4 مايو 2024

كمائن الموت الإلكترونية

مقالات8-12-2022 | 22:33

للمرة التي لا أعرف تحديداً كم عددها، نستيقظ على كارثة جديدة تحت مسمى "تحديات التطبيقات الإلكترونية"، فالضحية هذه المرة، طالب بمدرسة دولية، في سن ال13، قرر أن يتحدى الارتطام بالأرض بلعبة "أرمي صاحبك" الموجودة على تطبيق إلكتروني لم يأتي من ورائه سوى المهازل، والنتيجة كسور في العمود الفقري وقطع بالنخاع الشوكي، ليدفع حرمانه من الحركة  ثمناً لتحديه الإلكتروني!، وقبل أن نفيق من مصيبة "أرمي صاحبك".

 باغتتنا مدرسة إعدادية بنات بإمبابة بفاجعة تحدي أخر تحت مسمى "لعبة تشارلي" والتي تقوم فكرتها على قصاقيص ورقية مدون عليها تعاويذ بأقلام الرصاص لشخصية أسطورية ميته تدعى "تشارلي" تلقي عليهم أوامر ظاهرها مزاح غامض وباطنها عنف يصل حد تقطيع الشرايين.

فما أن مارست البنات تلك اللعبة حتى تعالت الصيحات خلف أسوار المدرسة، وعلى أثرها نقلت فتاتين إلى المستشفى في حالة هياج شديد وصعوبة تنفس!.. ورغم إنقاذهما لكن يبقى السؤال إلى أين تأخذنا تحديات الألعاب الإلكترونية؟.

الحكاية يا سادة لم تعد حادثة تحدي إلكتروني والسلام، بل خطر داهم يهدد أولادنا وقصور شديد في علاقتنا معهم.. فلو وجد هؤلاء الصغار أمهات وآباء يراقبون، يتحاورن، يناقشون الصغيرة قبل الكبيرة وينقبون عن مواهب فلذات أكبادهم المكبوتة سواء رياضية، فنية، أو ثقافية لتكون التحدي الحقيقي الذي يشجعونهم عليه ما وقع أحدهم في كمائن الموت الإلكتروني.

ولا يقتصر الأمر على دور البيت فحسب بل لابد من خطة ممنهجة تشارك فيها مختلف الجهات التعليمية، الثقافية، الدينية، الإعلامية، والأمنية لمجابهة تلك السموم الإلكترونية.

نحتاج مناهج تعلم الصغار أن التحدي الحقيقي يكمن في عمل يفيد نفسه وغيره، وأنشطة رياضية وثقافية تدفع للتنافس على أي من الهوايات الفنية ليكون تفوقهم في أحدها هو تحديهم الحقيقي.

وخطاب ديني مستنير يعرفهم أن جميع الديانات السماوية تحرم كل ما يعرض النفس للهلاك وعلى رأسهم تلك التحديات الإلكترونية، وبرامج إعلامية توعي الكبار قبل الصغار بتهديدات حروب العصر الإلكترونية والتي تدفع أبنائنا للموت عن بعد.

والأهم رقابة أمنية صارمة على ما يأتينا عبر الشبكة العنكبوتية، وحظر أي لعبة إلكترونية تعرض صغارنا للدمار.. وهو نهج سبق واتخذته كثير من بلدان العالم منهم أستراليا، ألمانيا، اليابان وغيرهم اللذين فرضوا قيود لا حصر لها على كافة ألعاب العنف الآتية عبر الإنترنت..

فما حدث ولازال يحدث، يستلزم وقفة فورية وحاسمة لإنقاذ أولادنا من كمائن الموت الإلكترونية.

Dr.Randa
Dr.Radwa