الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

مقالات

القلب الأبيض


  • 11-12-2022 | 16:31

ألفت حلمي سالم

طباعة
  • ألفت حلمي سالم

أيها القلب الساكن داخل كل منا .. ظلموك .. فحينما يجد الناس إنسانًا عطوفًا، حنونًا، طيب النفس والسريرة يصفونه بأنه (قلبه أبيض)، وعندما يجدون شخصًا آخر متعاليًا على الخَلق، سيئ الطبع يصفونه بأنه (قاسي القلب)، وإذا ظلمهم شخص ما يقولون (ماعندوش قلب) وإذا خاف أحد من شيء يقولون (قلبه ضعيف).

وبذلك فأنت أيها القلب المايسترو الذي يعزف لحن الحياة وبقية الأعضاء تستجيب، ويعتمد جمال اللحن على إشاراتك أيها المايسترو فأنت مكان لمختلف المشاعر والأحوال النفسية والصراعات المتعددة التي تملأ حياتنا جميعًا من خير وشر.

وتتنوع المشاعر من إنسان لآخر، ومن موقف لآخر، لدرجة أنهم يحكمون على الإنسان من خلال وصفهم لذلك القلب الذي يحب ويكره، ويحزن ويفرح، ويحقد أحيانًا ويغير أحيان أخرى... وتسألني نفسي ما الذي يحدث لإنسان حتى يصبح قلبه قاسيًا أو جامدًا ؟ هل هي ظروف الحياة وما نمر به من أحداث تؤثر فينا وتخلق فينا الجمود، هل هي الناس ومعاملاتهم وعدم تقديرهم لما تقدمه لهم من حب وتضحيات، أم هو حب المال، حب الشهرة، السعي للرفاهية... أم ماذا؟


وماذا نفعل تجاه هذه المشاعر السلبية التي تغيرنا من ناس طيبين لأناس أخرى لا نعرفها وغير راضين عنها ونصبح أغرابًا عن ذواتنا ونوصف بقسوة القلب وجموده.

 
إذن يجب علينا إصلاح قلوبنا، ومحاولة فهم مشاعرنا وما يدور بداخلنا، فإذا تطهرت القلوب سمَت النوايا، وصدقت الأفعال لأنها صدرت من قلوب صافية متصالحة مع ذواتها، متكاملة في مشاعرها، متناغمة في أحلامها، فإن القلب هو المُضغة التي إذا صُلحت صَلُح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ويتم هذا الإصلاح من خلال فكر سليم نقي يقوم على قيم حقيقية تنبع منه مشاعر مطمئنة متوافقة مع تلك القيم، ثم تتحول لسلوك جميل في الواقع فإن كل ما يقوم به الإنسان من أفعال انعكاس واقعي لما نفكر فيه ونشعر به.

ولنبدأ مثلًا بأن نعلم أنفسنا التسامح الجميل، والفهم الواعي لمشاعر الناس من حولنا، وقبول أعذارهم، وبحب علينا أن نكون صادقين في وعودنا مطبقين لقيمنا أمناء على بعضنا نتقبل الآخرين بنضج يؤكد احترامنا للرأي الآخر بالكلمة الطيبة والمعاملة الكريمة، متحلّين بالصبر والحِلم مع جميع الخلق إرضاء لله، للحق، فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا.

 
فإذا استطعنا أن نطهرك أيها القلب مما يعكر صفوك فلن يظلمك المجتمع، ويصفونك الناس بالقلب الأبيض ناصع البياض بدلًا من القلب القاسي، فهيّا نطهر قلوبنا ونعلم أنفسنا كيف تكون طهارة القلوب.