الأربعاء 27 نوفمبر 2024

أهدر أموال المصريين وضياع كنوز الفن المصرى

  • 17-1-2017 | 14:44

طباعة

 

 

تسعى الدولة لاستفادة من كافة مواردها من أجل عمل انتعاشة اقتصادية يلمسها المواطن، وبالرغم من أن كافة الوزارت أذا استطاعت توفير ما تلملكه من كنوز لبات الوضع الأن مختلف بشكل كبير، ومن بين تلك الوزارت، وزارة الثقافة لاسيما قطاع الفنون التشكيلية الذى يحتوى على أعمال فنية لا تقدر بمليارات الجنيهات، ولكنها حبيسة الأدراج منذ عقود، فى المتاحف التابعة للقطاع، وبالرغم من مرور العديد من الوزراء ورؤساء القطاع على تلك المتاحف الإ أنها لم تكون في اهتمامتهم بالشكل الذى يجعلهم يقومون بالاستفادة من تلك الكنوز، ونفتح ملف اهمال المتاحف لاسيما أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لا ترضى أن تكون هناك أعمال فنية بالميارات لا تستغلها الدولة، بل الأكثر من ذلك أنها معرضه للتلف بسبب التخزين، ولعدم وجود أنظمة أمان تعمل بشكل سليم من الممكن أن تعرض للسرقة، وبذلك لا تستفيد منها الدولة طالما أنه لا يوجد اكتراث من أحد للعمل على انهاء أعمال التطوير..ونفتح فى هذا الملف وعبر عدة حلقات الجرائم التى تحدث بحق الفن وبحق الدولة لربما نجد مسئول يتحرك لأنقاذ الكنوز التى لا تقدر بثمن ولتخرج الأعمال المدفونة إلى النور ولتدر دخل للدولة لاسيما أنها في أمس الحاجة إلى وجود دخل ينعش من اقتصادها في ظل الأزمة التى نعيشها من فترة وحتى الآن.

 

1ـ متحف الفن الحديث

متحف الفن الحديث يحدثنا بالأرقام والأحداث عما يفضح حالة الصمت علي غلقه، والصرف على بقائه إما مغلقاً أو مفتتح جزئياً، وعداد إهدار المال العام لا يتوقف، ومن ذلك تركيب لوحة كهرباء للمتحف ATS تتجاوز 300 ألف جنيه، رغم أنه ليست هناك أحمال جديدة، ويمكن إصلاح القديمة أو تحديثها كما جاء في طلب إرتجاعها المؤرخ في 15/7/2016، ولعلنا نتذكر شكوى العاملين ومديرة المتحف للوزير السابق عبدالواحد النبوي من تسرب مياه الأمطار من سقف المتحف وتلف الأعمال، هذا المتحف الذي أفتتح من قبل عام 1991 وصرفت عليه الملايين، ثم أغلقت أواخر التسعينات مدة أربعة سنوات وتجاوز الصرف عليه أيضاً 25 مليون جنيه، وعلمت"الهلال اليوم" إن مديرة المتحف قدمت أكثر من شكوى ومحضر إلى رئيس قطاع الفنون التشكيلية الدكتور خالد سرور بشأن المتحف من أشياء تضر به مثل من تسرب مياه الأمطار من سقف المتحف وتلف الأعمال وصيانة وعدم تطوير المتحف وعدم توفير الأجهزة الأمنة له، وعدم وجود أى ورق رسمى بالتطوير، بجانب تكدس المتحف بالأعمال الفنية دون عرضها، وبالرغم من ذلك لم يحدث أى شىء غير التصريحات الصحفية بتطوير وافتتاح متحف الفن الحديث..

 

 

كفاية تطوير

كان متحف الفن الحديث قد أفتتح في مقره الحالي في أكتوبر 1991 وتكلف 7 ملايين جنيه، وعرض 1300 عمل فني من ضمن 13 ألف آخرين، وكالعادة قيل عن توفير أحدث وسائل الأمن و24 كاميرا مراقبة، وأفراد مدربين، وأحدث وسائل التخزين بالمواصفات العالمية.

تمر 5 سنوات فقط، ويفاجأ مدير المتحف وقتها الفنان ثروت البحر- عام 1996- بأن الإضاءة المتحفية تعمل بنسبة من 10:30% فقط، والتكييف لا يعمل ومياه الصرف تقل عن مستوى الشارع المجاور، ونوافذ زجاجية مكسورة تسمح بدخول الحشرات والزواحف، وملفات عهدة ( المقتنيات) منذ الأربعينات، ولم يكن في مخازن النحت أجهزة رفع أو تحميل.

 

 

 

يحدث ذلك رغم اللجان والمناقشات والكلام على الورق (فقط).. فقد كانت هناك ما تسمى ( اللجنة العليا لوضع السياسات العامة) للمركز القومي للفنون وفي الجلسة الثالثة يوم السبت 16/7/1994 ، جاء في الفقرة 3 من جدول الأعمال تأكيد رئيس اللجنة على الأتي : " الإدارة العامة لخدمات المعارض والمتاحف .. إعداد الأعمال المتحفية التي يضمها كل متحف من المتاحف المنتظر إفتتاحها قريباً من حيث صيانتها وترميمها وإخراجها بالشكل المتحفي الجيد والذي يليق بما يتم من تطوير شامل لهذه المتاحف تمهيداً للإفتتاح "، يعني نبدأ بشكل جيد ثم "لا جديد" وتعاد فكرة الترميم أو التطوير أو إعادة التأهيل، وصرف الملايين، بل نعود إلى أبعد من ذلك بأربعة أعوم " 1990 في الملتقى القومي حول متاحفنا الفنية- تطويرها وإستثمارها ثقافيا وماديا" المنعقد من 18 إلى 20 إبريل 1990 بالمسرح الصغير بالأوبرا" وجاء فيها من خلال المركز القومي للفنون : تم منذ منتصف عام 1988 تشكيل عدة لجان متخصصة لتوثيق وتصنيف الأعمال الفنية، بالإضافة إلى اللجنة العليا لتطوير المتاحف التي يرأسها وكيل أول وزارة الثقافة ، وتجرى حاليا عمليات التطوير على قدم وساق، لتشمل إعادة بناء المباني المخصصة للمتاحف وتحديثها وتطوير أدوات وأساليب العرض المتحفي بحيث تتحول إلى مراكز إشعاع ثقافية إلى جانب دورها العلمي والمتحفي".. يعنى منذ الثمانينات ولم نغير كلمة "تطوير" على كل ذلك التطوير المفترض لمتاحفنا لكان بإمكاننا الآن أن نغزو بها الفضاء، هذا غير المليارات التي صُرفت وما تزال تُصرف.

أليس هناك ما يسمى صيانة دورية؟. وهل لو تم تفعيلها سيكون الواقع كذلك وتتدهور حالة كل متحف بعد فترة من الوقت؛ ربما نستغرب عزيزي القاريء من بأن " الصيانة" مفعلة، ولكن ورقياً، فقد كشف تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات 2011/2012 عن مخالفة قطاع الفنون بتحميل الموازنة تكاليف صيانة وحدات التكييف المركزي بمتحف الفن المصري الحديث دون جدوى، لعدم الإستفادة من أعمال الصيانة الدورية المحرر بها عقد في مايو 2006 –أي خلال 6 أعوام- بنحو 17 ألف جنيه، لوجود أعطال متكررة وتلف بوحدات التكييف يلزم تغييرها، وعلى الرغم من ذلك تم تعديل العقد في يونيو 2009 ، وتمت زيادة قيمته إلى 19 ألف جنيه، ليشمل عقد صيانة وتشغيل، فاصبحت القيمة الإجمالية للعقد 36000 جنيه كل سنة، وقد ترتب على ذلك توقف أجهزة التكييف عن العمل طوال فترة الصيف تحت زعم تصليح الأعطال من قبل الشركة المباركة بإبرام التعاقد معها، وأعقب ذلك تغير ملحوظ في درجات الحرارة والرطوبة داخل المتحف والمخزن وهو ما يؤثر قطعاً وبشكل سلبي على الأعمال الفنية، ألا يعرف ذلك رئيس الإدارة المركزية بالقطاع، أم هذا بند جديد لترميم أعمال المتحف مرة أخرى وتغييرها، وصرف الأموال على هذا ويتبعه مكافأة العاملين بالترميم، ألم يتفقد رؤساء القطاع السابقين أو الحالي المتحف والمخازن، ويطلعوا على سوء التخزين، وربما ذكرت ذلك أبنة عبدالهادي الجزار حينما رافقها أحد ضباط الرقابة الإدارية لرؤية أعمال والدها ووجدت الملقى على الأرض والمنزوع البرواز و المتغير في ألوانه، وبالمناسبة كان ذلك قبل إختيار أعمال معرض السريالية من مخزن الفن الحديث، أي أن رئيس القطاع الحالي خالد سرور شاهد ذلك، وإن لم يشاهده فشاهده صديقه ومقربه ووصلة الصلة بينه وبين الإمارات.

وسنندهش جمعياً وأكثر حينما نعلم أن نفس تقرير الجهاز قد أفاد بأنه لا جدوى من عملية الصيانة والتشغيل للتكييف وكان يتعيين قبل تعديل العقد الرجوع إلى مسئولي المتحف للوقوف على مدى إمكانية إصلاح تلك الأعطال، من خلال مكاتبات تعود في هذا الشأن إلى عام 2008 أي قبل إعداد هذا التقرير بـ 4 سنوات..

 

 

الشكوك والتخوفات مما خرج من المتحف

إن معضلة متاحف ليست الحجر ولكن البشر، هؤلاء القائمين عليا، وفي رقابهم تراث سيحاسبهم عليه التاريخ والأجيال القادمة، وقد كان أخر أحداث المتحف "الأزمة" بعد معرض السريالية الذى أقيم مؤخراً، ما تقدم به المحامي الباحث في حقوق الملكية الفكرية وسوق الفن  ياسر عمر أمين أبو النصر من بلاغه للنائب العام في 24/11/2016  والذي جاء فيه: فوجئْت باختفاءِ لوحة فنية، من مُقتنياتِ مُتحَفِ الفن المِصرى الحديثِ، التّابعِ لقطاعِ الفنون التشكيلية، موسُومة بعنوانِ: قُبرص بعد العاصفة، بالفرنسيةِ Chypre après l’orage ، ألوان زيتية، مقاسُ 73 x 86 سم أبدعَها الراحِل الفنَّانُ محمود سعيد  (1897-1964)  في عامِ 1943، والموضح بيانُها ببطاقةِ الوصفِ المُرفقةِ، أحدُ رُوادِ الفن المِصرى الحديثِ، وترجِعُ أهمية تلك اللَّوحةِ، كونُها تُعد قيمة إبداعية قومية، بل فى الحق إرثًا فنيا، وكَنْزا وطنيا، وبمُتابعةِ أطوارِ سَيْرِ تلك اللَّوحةِ الهامةِ pedigree، وجدت أنها قد خَرَجَتْ إلى خارجِ البلادِ بطريقة غيرِ مشروعة..

واللَّوحةَ الفنيَّةَ مِصريَّةَ المِيلادِ، ووطنيَّةَ المَنْشأ، وقد أثبتَ جدولَ إعارات مُقتنياتِ مُتحَفِ الفنِّ المِصريِّ الحديثِ؛ الخاصُّ بأعمالِ الفنَّانِ محمود سعيد أنَّ تلكَ اللَّوحةَ مملُوكَةٌ للدَّولةِ، وتحتَ الإشرافِ المُباشِرِ والسيطرةِ الكامِلةِ لقِطاعِ الفُنونِ التشكيلية ، الإدارةُ العامة للمتاحِفِ الفنيةِ) التَّابِعُ لوزارةِ الثَّقافةِ ( ومُوثَّقةٌ بالسِّجلِ تحتَ رقمِ "1297" ورقمُ المخزنِ "2"، اسمُ الفنَّانِ: محمود سعيد، خامةُ العمل: زيت، زمنُ الاقتناءِ: 1960 إعارة خارجية، جهةُ الإعارةِ:  معرضُ مونتفيديو Montevideo –  أمريكا الجنوبية، ومنها إلى بعثةِ مِصرَ بنيويورك، تاريخُ 17/6/1960، ليكونَ هذا آخِرَ مثواهَا، لنُفاجأَ فى وقتٍ تالٍ،

 

بأنَّ تِلك اللَّوحةَ الفنيَّةَ قد أضحتْ يقينيا ضِمنَ المُقتنياتِ الرَسميةِ للمتحَفِ العربى للفن الحديثِ بمدينةِ الدَّوحةِ بدولةِ قَطَرٍ، لتَخْرُجَ خُفْيَةً من قبضةِ الدَّولةِ المِصريَّةِ وملكيَّتِها لها، لتَسْكُنَ بذلك مُقتنياتِ المُتحَفِ القطريِّ على عهدٍ غيرِ مشروعٍ.

ونشير إلى  أن اللوحة محل بلاغ ياسر أمين ليست الأولى في سلسلة الإعارات والإختفاء، فمن قبل لوحة الراهبة لأحمد صبري، ولوحة ذات العيون الخضراء لمحمود سعيد والتي وجدت قبل أعوام في مزاد بدبي، غير لوحة اكاديمية روما، ولوحة السد لعبد الهادي الجزار، وأعمال إنجي إفلاطون التي إختفى منها أكثر من 60 لوحة من المتحف قبل سرقة لوحة زهرة الخشخاش بحوالي 3 أشهر فقط، لوحة مصطفى عزت التي وجدتها إبنته قبل حوالي العامين بها تغييرات وإلغاء توقيع والدها ووضع توقيع لفنان أخر، نسبوها إليه، ويتردد في الوسط التشكيلى، أنهم من الممكن أثناء الترميم غيروا في تكوين العمل الفني وأضافوا توقيع جديد، غير لوحتي الجوع للجزار اللتان عرضتا في معرض السريالية وأشار عدد من الفنانين والنقاد إلى عدم آصالة لوحة المتحف، وجاء آخرين بأن الإثنتين مقلدتيين، ووصفهما سريعاً خالد سرور رئيس القطاع بالسذاجة دون ان يعمل على تشكيل لجنة وإعادة التوثيق لمقتنيات المتحف الأزمة، ليأكد على أنها "ملهاة الفن المصري الحديث).

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة