بمجرد أن تكتب حرف الألف ذات الهمزة المكسورة وتتبعه بالياء على محركات البحث، ستجد على مقربة منك لافتة «إيجار قديم» التى نسيناها، لكنها عادت واجتازت حاجز الزمن لتعيد لنا مشاعر وأفكار دافئة فى عوالم درامية؛ دراما جعلتنا نكره ونحب ونتحول إلى جزء من الشخصيات ، فلا نطيق صبراً على انتظار ما سيحدث ، وتتحول الحلقات إلى موعد يومى يزعجنا إجازاته الأسبوعية، ونتنفس مجددا عندما يأتي مؤشر البحث بما نريد.
حالة جاءنا بها مسلسل إيجار قديم للكاتب عمرو الدالى والمخرج طارق رفعت نفتقدها ؛ أتت بشخصيات فى المنطقة الرمادية ذات الظلال البيضاء والسوداء ليعود البشر مرةً أخرى لحماً ودماً، نتفهمهم ونتفاعل معهم ونتمنى لو استطعنا أن نخبرهم بما لا يعلمون.
لقد صَدقت الممثلة بسمة داود أو ريهام الشهيرة بخطيبة طارق عندما قالت "الناس كرهتنى" ، لقد أتقنت وتفهمت طبيعة شخصيتها لتجعلنا نتمنى أن ننصح طارق كمشاهدين أن يتركها، وجاء رد الفعل بفيديوهات كوميدية تبارك الانفصال، ذلك ما جعلنا ننسى الأسماء ويصبح شغفنا سحس ورمزى وطارق وسوسو وشخصيات العمارة ومن حولهم ، لذلك لم يكن غريباً أن يستغل جامعو اللقطات وصانعو الملخصات عبر اليوتيوب هذه الحالة لتتحول عناوين الفيديوهات إلى خناقة رمزي ، وأخذ حق بنت ريم، وظهور بنت كوكو وغيرها من العناوين التشويقية؛ فقد أدركوا أن البحث يتجه نحو التفاصيل وكيف تصرف فلان ورد فعل علان.
حميمية الشخصيات وبساطة تناولها والاقتراب من مشاعرها وعلاقاتها ولحظات تناقضاتها؛ صنعت دفئاً واقعياً نفتقده، ربما يعود لتطور الدراما بصورة عامة وعدم اكتفائها بما بدأته من حالة "الحكي" وتوالى حواديت نتواصل معها بمشاعرنا وعقولنا.
لقد شاهدنا كافة ساكني العمارة فى ثوب جديد وكأن الشخصيات أعادت اكتشافهم ؛ بل فتحت أمامهم أبواباً لم تكن فى الحسبان ؛ رغم تواريخهم الدرامية المميزة ومشاوير بعضهم التى تجاوزت السنين.
مسلسل "إيجار قديم" ومعه مجموعة من الأعمال التليفزيونية ؛ ستعيد الحسابات وستفتح أبواب الكثير من الآفاق والاختيارات.
لقد أتقن كل ساكنى العمارة أبعاد أدوارهم ؛ لدرجة الاهتمام بكافة التفاصيل من عصبية ملامح وردود أفعال لحركة الأصابع وحالة العشق للطعام ، فجاءت اللزمات الانسانية حية نابضة جعلتنا نصدقهم ونعيش معهم، وتابعتهم حركة كاميرا بهدوء دون كلل أو ملل وكأنها هى الاخرى تبحث معنا عن تفاصيلهم.
تحية لفريق عمل أبحر مع تيار وأعاد تناقضات التفاصيل وحكايا الانكسار وصعوبة اتخاذ القرارات.
لقد فتح المسلسل أبواب الترقب اليومى والتساؤل اليومى عن شخصياته وحكاياتهم ؛ ليؤكد من جديد أن الأسماء الحقيقية تلاشت طوال ثلاثين حلقة فى ظل عقود إيجار قديم!!