الجمعة 26 ابريل 2024

الطريق إلى «توت عنخ آمون» (6).. هل امتدت أيديهم إلى المقبرة ليلة الكشف؟

مقالات14-12-2022 | 10:10

وصل اللورد كارنارفون وابنته "إيفيلين"، إلى الأقصر يوم 23 نوفمبر، وكان في استقباله مدير قنا، بينما منع المرض زوجته من الحضور، واستقل الثلاثة، الحمير، ما يقرب من 9 كيلومتراً حتى وصلوا إلى وادي الملوك، كان العمال قد واصلوا الحفر حتى وصلوا إلى الباب الثاني الذي يشبه تماماً الباب الأول، وعليه ختم الملك "توت عنخ آمون".

يجد كارتر من الشواهد ما يدل على أن أجزاء من هذا الباب قد فتحت بعد 10 أو 15 عاماً من وفاة الملك وأعيد إغلاقها مرتين، فإن وجود خاتم الموتى يقطع بأنه وضع بعد اكتشاف السرقة.

وكان هذا مبعث فرحة كارتر، لأن في هذا دليل يساعده على اقتسام نصف الآثار طبقاً للترخيص، أمَّا إذا كان القبر سليماً فإنه لن يكون له نصيبًا من الآثار.

تصرَّف كارتر بذكاء فبعث بمذكرة مقتضبة إلى "ركس أنجلباك" كبير مفتشي الآثار في الوجه القبلي، يبلغه فيها أن كل شيء أُعدَّ لدخول المقبرة في الصباح، بعدما أصرَّ على دخول المقبرة معه بحجة أنه تلقَّى تعليمات من "بيير لاكو" مدير مصلحة الآثار بذلك.

ولم يرسل كارتر المذكرة إلى مقر إقامة المفتش أنجلباك، بل أرسلها إلى مقر مصلحة الآثار بالأقصر مساءً حيث لا يوجد أحد.

انصرف العمال مساء 26 نوفمبر عام 1922م بعد أن وجدوا الباب الثاني، الذي يدل على أنه المدخل الحقيقي لمقبرة الملك، وبقي كارتر واللورد وابنته وأحد المساعدين.

أخذ كارتر عصا من حديد، وأخذ يدق بها على الباب ليصنع فتحة صغيرة في الزاوية العليا على يسار الباب، وأشعل شمعة حتى تساعده على رؤية ما بداخل المقبرة، وبعد أن قام بتوسيع الفتحة تسرَّب الهواء الساخن من داخل المقبرة، وتمكَّن بمساعدة الشمعة من مشاهدة تفصيلات الحجرة وما بها من حيوانات غريبة وتماثيل وذهب.

أصاب الذهول كارتر وسأله اللورد: "هل ترى شيئاً"، فأجابه: "نعم.. أشياءَ مذهلة"، وظلَّ الأربعة يتجادلون حول الباب وما يمكن أن يكون وراءه ساعات طويلة خلال الليل، ويتساءلون: "هل وصل اللصوص إلى حجرة الدفن نفسها؟، ولم يناموا من الليل إلا قليلا".

كان أنجلباك في مهمة إلى قنا، وفور علمه بالخبر أسرع إلى الأقصر بعد أن تلقَّى رسالة كارتر وهبط إلى منطقة الحفر في وادي الملوك، ليجد فجوة في الباب الخارجي، أسرع إلى كارتر قائلاً: هذا خرق للعقد.

حاول كارتر أن ينفي عن نفسه خرقه للعقد قائلاً: «لقد أحدثنا فتحة صغيرة لننظر منها إلى الداخل.. ولم يتم المساس بالأختام في أعلى الباب»، فردّ أنجلباك: «ولكن أحد الأختام الموجودة على الركن الأسفل نزع وأعيد لأنه لم يتلف» فلم يردّ كارتر، ورأى أنجلباك أن يكتفي بهذه الملاحظة ولا يفعل شيئاً آخر.

وربما ما ألمح إليه انجلباك يثير الشكوك حول امتداد يد كارتر وكارنارفون إلى محتويات المقبرة في ليلة الكشف، وهناك بعض المصادر تشير إلى هذه الشبهة، منها ما ذُكر في مذكرات "ميرفن هربرت"، وهو الأخ غير الشقيق للورد كارنارفون، حيث يذكر أن إيفلين ابنة اللورد قالت له: إنها وأباها، دخلا الحجرة الثانية من حجرات المقبرة ليلة الكشف، وهي حجرة الدفن، وأنهما فتحا فتحةً في جدار المقبرة، قاما بسده بعد ذلك.

وقالت المذكرات أيضاً أن كارتر كان عصبياً للغاية يوم افتتاح غرفة الدفن خوفاً من اكتشاف الفتحة".

وروى هذه الحقيقة أيضاً "توماس هوفنج" بالوثائق والمستندات في كتابه "توت عنخ آمون: القصة التي لم تنشر من قبل"، وقد عمل بمتحف المتروبوليتان أكثر من ستة عشر عاماً، وكان مديراً له عشر سنوات، فخلال إطّلاعه على الأوراق والمستندات المتعلقة بدور المتحف في مساعدة كارتر في تصوير، وترميم، وحفظ الآثار ونقلها، اكتشف شراء المتحف آثاراً من مقبرة الملك "توت عنخ آمون" كانت ملكاً لكل من اللورد كارنارفون وكارتر.

هناك دليل ثان على أن كارتر وكارنارفون قد دخلا المقبرة ليلة الافتتاح، وهو ما نشره الكيميائي البريطاني بمصلحة الآثار المصرية ومدير معامل مصلحة المساحة "ألفريد لوكاس" من مقالات نشرت في المجلة العلمية لمصلحة الآثار المصرية، ابتداءً من عام 1942م بواسطة، وكان "لوكاس" قد تفرغ للعمل مع كارتر في 20 ديسمبر 1922م، بعد شهر من اكتشاف المقبرة، وظل عشر سنوات يقوم بالعبء الأكبر في ترميم آثار المقبرة والمساعدة في نقلها سليمة من وادي الملوك إلى المتحف بالقاهرة.

كتب لوكاس ثلاث مقالات في مجلة مصلحة الآثار، يرد بها على مذكرات كارتر ومجلداته، التي تتضمن قصة هذا الاكتشاف المهم والوحيد في حياته، وذلك بعد وفاة كارتر.

قال لوكاس: "إن اللورد كارنارفون وابنته ايفيلين وكارتر دخلوا هذه الحجرة يقيناً قبل افتتاحها الرسمي، الذي تمَّ بعد 3 أيام أي في 29 نوفمبر.  إن الفتحة في حجرة الدفن ليست مشابهة للفتحة في الباب الأول، ولا يوجد ما يقطع بأن موظفي المقابر الرسميين في عهد الفراعنة هم الذين أعادوا إغلاق الفتحة هذه بعد أن اكتشفوا وصول اللصوص إليه. وقد أشرت إلى ذلك في حديث لي مع كارتر بعد انضمامي للبعثة فاعترف لي بأنه فتح حجرة الدفن".

وفي عدد آخر من المجلة، كتب لوكاس يقول إنه: "رأى صندوق العطور في بيت كارتر قبل افتتاح حجرة الدفن. وقد أعاده كارتر إلى حجرة الدفن بعد افتتاحها رسمياً وسُجِّل بين آثارها".

وهناك رسالة كتبتها السيدة ايفيلين- ابنة اللورد كارنارفون- إلى كارتر يوم 27 من ديسمبر 1922م أي بعد 31 يوماً من دخول المقبرة. في هذه الرسالة المحفوظة، قالت السيدة الشابة كلمات إعجاب بكارتر، وقالت إنه عندما يعاود المرض أباها تعيد له قصة دخول المقبرة ليلاً: وكيف سمح لها كارتر بذلك، وأن هذا هو الحادث الوحيد الذي لا يمكن أن ينساه أبداً.

ومن الأدلة أيضاً أن اللورد كارنارفون قد سافر إلى لندن في ديسمبر بعد إعلان الاكتشاف فاستقبل استقبال الفاتحين، وبعد يومين من وصوله، استقبله ملك بريطانيا جورج الخامس في قصر باكنجهام.

وبعد المقابلة صرح المتحدث الرسمي باسم القصر، أن اللورد أبلغ صاحب الجلالة أنه سيكتشف جثمان الملك بعد فتح التابوت، ولم تكن حجرة الدفن التي يوجد بها التابوت قد فتحت بعد، مما يثبت أن اللورد دخل الحجرة الأولى وحجرة الدفن الملكية أيضاً، بل إن اللورد صرَّح للصحافة البريطانية بأن مومياء الملك ستبقى مكانها داخل المقبرة.  

Dr.Randa
Dr.Radwa