قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد إن من عظمة الدين الإسلامي إنه دين شامل لكل مناحي الحياة، فدين الله عز وجل يعنيه تحقيق السعادة للفرد والمجتمع بتعاليمه السمحة التي تتناسب مع الفطرة البشرية.
وأضاف عياد - في كلمته خلال الندوة التي عقدتها مجلة الأزهر بعنوان الممارسات الاحتكارية المعاصرة بين الشريعة والقانون - أن نظرة التشريع الإسلامي تدعو دائمًا وأبدًا لتغليب صالح الجماعة على صالح الفرد، كما أن وجهته بصفة عامة جماعية ترمي لتحقيق التكافل الاجتماعي فنجده يعمل على تقييد صالح الفرد عند تعارضه مع الصالح العام، وأن ملكية الأفراد في الإسلام ليست مطلقة وإنما هي مقيدة من الشارع بقيود كلها تحقق صالح الجماعة.
وأكد أنه لما كانت النفس الإنسانية مجبولة على حب المال الذي به قوام الحياة وانتظام الأمر والمعاش جاءت الشريعة الإسلامية السمحة بالحث على السعي في تحصيل المال واكتسابه من طرق مشروعة ومباحة، فأباحت لكل صور الكسب الحلال على تنوعها واختلافها شريطة ألا يكون فيها اعتداء ولا ظلم ولا ضرر على الغير.
وأوضح عياد أن الشريعة الإسلامية حثت أيضا على السهولة واليسر والسماحة وحسن المعاملة في البيع والشراء، وطلب الربح اليسير دون مشقة على الناس كما حضت المسلم على ضرورة الشفقة والتلطف بإخوانه المسلمين حتى تتحقق لهم البركة في الرزق والسعة في الأموال.
وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت ضابطة لتصرفات البيع والشراء والتعاملات المالية بما يحقق التوازن بين سعي التجار في تحصيل الأرباح، وسعي العامة في تلبية احتياجاتهم، فحرمت كل ما يؤدي إلى التلاعب بأقوات الناس وحاجاتهم الأساسية، لما يترتب عليه من إفساد العلاقة بين المسلمين ومن ذلك احتكار السلع الأساسية التي يحتاجها الناس للاستغلال والغش بجميع صوره والتلاعب بأقواتهم وحاجاتهم الاساسية، وغير ذلك من الأمور التي تشكل خطرا داهما على الاقتصاد الوطني، وتؤثر على الحياة الاجتماعية والمجتمعية.
وتابع عياد أن معظم الفقهاء ذهبوا إلى تسعير السلع والحاجات التي لا غنى عنها في معيشتهم، وبالأخص في عصرنا هذا الذي خربت فيه الذمم وضعف الوازع الديني، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية اهتمت بقضايا المال اهتماما كبيرا، وكانت تهدف من ذلك إلى ضبط الميول البشرية في مسألة السلطة على مستوياتها كافة، ومن هنا كانت الأحكام المتصلة بعدم كنز الثروات وتشريع الفرائض المالية كالزكاة والخمس وغيرهما، إلى جانب الحيلولة دون تمركز المال، «كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم» (الحشر: 7) حرصا من ظهور طبقية مجحفة قد تضر بالاستقرار الاجتماعي والسياسي العام.
وفي هذا السياق، تأتي مسألة الاحتكار التي ساهم الفقه الإسلامي في معالجتها ودراستها بمذاهبه المختلفة في مواقف كانت تهدف لحماية المستهلك وتنظيم التوزيع العادل والصحيح والحد من التضخم المتعمد والمقصود.
وأضاف أن المتأمل في القرآن الكريم والسنة المطهرة يقف على العديد من النصوص التي يلزم هذا الفعل وتحذر فاعله وتتوعده بالعقاب الشديد؛ فقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم» (النساء: 29).