الجمعة 17 مايو 2024

"البحر الميت بالأردن"مشفى القاصد وأخفض نقطة على سطح الأرض يواجه مخاطر التهديد البيئي والإنساني

الأردن

عرب وعالم17-12-2022 | 18:08

دار الهلال

يعد البحر الميت، هو بحيرة ملحية مغلقة تقع في أخدود وادي الأردن ضمن الشق السوري الإفريقي على خط الحدود الفاصل بين الأردن وفلسطين التاريخية، أخفض نقطة على سطح الكرة الأرضية، حيث بلغ منسوب شاطئه حوالي 400 متر تحت مستوى سطح البحر حسب سجلات عام 2013، فيما مازالت هذه المساحة تتقلص بمقدار متر سنويا.

ففي عام 2010 وصلت المساحة حوالي 650 كم2 إذ تقلصت خلال الأربع عقود الماضية بما يزيد عن 35%، فيما يلعب المناخ الصحراوي للمنطقة الذي يمتاز بشدة الحرارة والجفاف ومعدلات التبخر العالية دورا كبيرا في زيادة تركيز تلك الأملاح فيه.

ويعاني البحر الميت، وحسب القائمين على العمل بطول الشاطئ، لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان خلال جولة بالبحر، من انخفاض وتراجع منسوبه المستمر، مشيرين إلى أن ذلك يعود إلى عدة أسبابها منها البيئة في المقام الأول وعوامل أخرى تعود إلى التدخل الخارجي في مياه هذا البحر الساحر ليس فقط في شكل مياه وإنما في تركيبة مياهه التي تعد شفاء للقاصدين الباحثين عن العلاج الطبيعي لبعض الأمراض وفي مقدمتها الجلدية.

وأضاف القائمون على العمل وتقديم الخدمات للقاصدين، أن قلة الأمطار والتغييرات المناخية التي أصبحت التحدي الأبرز للطبيعة في العالم تعد من أهم الأسباب الرئيسية التي تؤثر على طبيعة البحر الميت وتقديم الخدمات به، مشيرين إلى أن الاستخدام المكثف لمصادر المياه، وأهمها نهر الأردن، وضخ المياه في الحوض الجنوبي، يمثلان خطرا جديدا يهدد بقاء البحر الميت.

والقائمون الذين يعتبرون أن عملهم على شواطئ البحر الميت هي الحياة بالنسبة لهم، ناشدوا العالم بالتدخل السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من البحر الميت، مؤكدين أنهم يعتبرون أن تقليص متر كل عام من مساحة البحر الميت بمثابة انقضاء عمرهم بنفس الطريقة.

وقال رئيس اتحاد الجمعيات البيئية الأردنى عمر الشوشان لـ/أ ش أ/، إنه يشاطر القائمون على العمل وتقديم الخدمات على شواطئ البحر الميت رأيهم وحزنهم، مؤكدا أن البحر الميت مقصد عربي عالمي يبوح بأسراره للإنسانية وليس للأردن فقط.

وأضاف أن التحديات المناخية ظهرت مبكرا على البحر الميت وكادت تبوح بشيخوخته سريعا، مشيرا إلى أن الجمعيات البيئة دائما ما تطرح هذه المشكلة أمام المحافل الدولية في ذات الشأن.

وأوضح أن التغيرات المناخية ليس وحدها السبب ولكنها ضمن أهم الأسباب، بالإضافة إلى تنعت إسرائيل في هذا الملف وعدم رغبتها في الاستماع إلى الحلول والتعاون مع الأردن رغم أنها ستتأثر بشكل كبير بهذه المشكلة قريبا.

وأشار شوشان إلى أن مؤتمر الأطراف المناخية COP27 الذي عقد مؤخرا في شرم الشيخ، كان شاهدا على عرض الأردن من خلال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لهذه المشكلة أمام العالم، موضحا أن هناك ما يطلق عليه حلحلة لهذه الأزمة بعد عرض الملك عبدالله أمام مؤتمر شرم الشيخ لأنه كان مؤتمرا جامعا وحدثا فريدا عربيا عالميا وبالتالي بدأت إسرائيل تتحدث عن إمكانية الحوار مع الأردن.

ولفت إلى أن المحافل الدولية التي تتعلق بالمناخ والبيئة المائية بدأت تضع المخاطر التي تتعرض لها هذه المسطحات في أولوياتها مما ينذر بالوصول إلى حلول، مطالبا بضرورة التحرك نحو الحلول قبل أن نتحدث عن انهيار لهذه المسطحات وفي مقدمتها البحر الميت.

ونوه رئيس اتحاد الجمعيات البيئية الأردني عمر الشوشان إلى أن البحر الميت مشفى للقاصد من كل بقاع الأرض لما يحتوي عليه من مواد طبيعية تمثل نقلة نوعية في الشفاء من العديد من الأمراض، مؤكدا أن الثروات المعدنية أيضا التي تتواجد في البحر الميت أحد أهم أسباب النزاع بين الدول المطلة عليه.

وتعد الملوحة الشديدة أهم ما يميز هذه البقة المائية "البحر الميت" حيث تبلغ نسبة الأملاح فيها حوالي 34%، مما تمثل 9 أضعاف تركيز الأملاح في البحر المتوسط، وواحدة من أعلى نسب الملوحة بالمسطحات المائية في العالم. 

ونتيجة للانخفاض المستمر لمستوى البحر الميت، تعرض الجزء الجنوبي من البحيرة للجفاف، حيث أن الجزء الجنوبي أقل عمقا من نظيره الشمالي، ويصل ارتفاع منسوب شاطئه إلى 401 متر تحت مستوى سطح البحر.

ويعد البحر الميت مهما جدا للصناعة والسياحة في المنطقة، حيث تعتبر تركيبة مياهه مختلفة عن المياه الطبيعية، باحتوائها على تركيز عالي من الكالسيوم والبوتاسيوم، ويستغل ذلك في مصانع الجانبين الأردني والإسرائيلي. 

وترجع الأهمية التاريخية والسياحية لمنطقة حوض البحر الميت إلى البحر نفسه وإلى شواطئه، حيث توجد بعض المعالم الأثرية والدينية الهامة في المنطقة مثل مسعدة، وخربة قمران، وكهف النبي لوط، بالإضافة إلى التشكيلات الملحية الطبيعية، والمناخ السائد فيه.

وقد أُطلق على البحر الميت تاريخيا عدة أسماء قديمة في العهد القديم مثل "بحر الملح" و "بحر العربة"و "البحر الشرقي"و"عمق السديم"، فيما أطلق عليه في عهد عيسى عليه السلام "بحر الموت"، و"حر سدوم" نسبة إلى منطقة سدوم المجاورة، كما أطلق عليه "البحيرة المنتنة" لأن مياهه وشواطئه لها رائحة منتنة.

كما يميز البحر الميت تركيز الأكسجين في هواء منطقته الأعلى في العالم، بصفته المنطقة الأكثر انخفاضا، حيث تصل نسبة الأكسجين فيه إلى 36%، علمًا بأن النسبة العالمية تصل إلى 26%.