الجمعة 10 مايو 2024

الأمن الغذائي.. قصة نجاح مصرية

مقالات18-12-2022 | 21:35

يعيش العالم أزمة اقتصادية عاصفة وطاحنة.. جراء تداعيات الحرب «الروسية ــ الأوكرانية» وقبلها جائحة «كورونا».. بسبب الخلل فى منظومة سلاسل الإمداد والتوريد العالمية.. وارتفاع أسعار الطاقة والغاز وارتفاع تكاليف الشحن.. بالإضافة إلى أن دولتى الصراع المباشر روسيا وأوكرانيا تمثلان مورداً لسلع استراتيجية مهمة فى العالم.. تعانى من أزمة عدم الانتظام فى تلك المنظومة.. سلاسل الإمداد والتوريد.. وقد خلقت هذه الأوضاع المؤلمة، أوجاعاً وصرخات وارتباكاً فى أسواق السلع الاساسية.. خاصة كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته خلال جلسة تعزيز الأمن الغذائى وتعزيز النظم الغذائية بالقمة «الأمريكية ــ الأفريقية» إن التقارير الدولية تشير إلى زيادة من يعانون من ضعف الأمن الغذائى حول العالم إلى ٠٠٨ مليون شخص خلال العام الجارى بزيادة ٠٥١ مليوناً عن عام ٩١٠٢ وتعد أفريقيا مصدراً لما يزيد على ثلث هذا الرقم.
الأدهى والأمر أن دولاً كبيرة وغنية وفى مقدمة الاقتصادات العالمية تعانى من أزمة وارتباك فى مجال الأمن الغذائى.. مثل بريطانيا، وأوروبا بأشكال مختلفة ومتفاوتة ووصلت الأمور فى بريطانيا إلى درجة القلق وذلك بسبب نقص مصادر الطاقة والغاز و بالتالى الكهرباء وانتاج السلع الغذائية.
 
٨ سنوات من الإنجازات واستشراف المستقبل.. ونهضة زراعية ترتكز على التوسع فى استصلاح وزراعة الأراضي.. والمشروع العملاق للصوامع الاستيراتيجى..
ورؤى وفكر استباقى.. لا يسمح بأى حال من الأحوال بوجود أزمة أو نقص فى الاحتياجات المهمة،
 
الأمن الغذائى.. قصة نجاح مصرية
 
الحقيقة أن الوضع العالمى فى مجال الأمن الغذائى أمر يبعث على القلق، فى ظل تزايد المعاناة سواء فى القارة الأفريقية أو القارة الأوروبية، التى تعانى من أزمات قاسية وتواجه تحديات خطيرة سواء برودة الجو والصقيع والثلوج، وقلة كفاءة منظومة التدفئة بسبب نقص مصادر الطاقة، بالإضافة إلى اضطراب فى توافر السلع الغذائية والأساسية للمواطنين كنتيجة لنقص مصادر الطاقة، ولتداعيات الحرب الروسية ــ الاوكرانية وبدأت الاضطرابات والاحتجاجات تشكل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار القارة الأوروبية فى ظل هذه الأوضاع المتأزمة والتى لم تكن لها حلول رغم ثراء هذه الدول وتوفر السيولة لديها والتى لم تصبح هى الفارق والفاصل الحقيقى فى توفر مقومات مواجهة الأزمة العالمية.
وحتى ندرك النعمة التى تعيشها مصر وحالة الاستقرار والأمان خاصة فى مجال توفر مقومات مواجهة تداعيات الحرب الروسية ــ الاوكرانية وما خلفته من أزمة اقتصادية عالمية.. قلت إن مصر لديها استقرار فى مجال مصادر الطاقة، حيث لدينا فائض من الطاقة الكهربائية يزيد على ٣١ ألف ميجاوات، ولدينا أيضا اكتفاء من الغاز، ونصدر الفائض ولدينا بشائر لمستقبل واعد فى هذا المجال فى ظل الاكتشافات الجديدة والواعدة فى مجال الغاز والمواد البترولية، والأمر الثانى أيضا أن لدينا اكتفاء وفائضاً فى كثير من الحاصلات الزراعية بسبب النهضة الزراعية التى تعيشها مصر فى هذا المجال وبعد نجاح الرؤية الرئاسية فى الاهتمام بالتوسع فى استصلاح وزراعة الأراضى وتوفير مصادر المياه المختلفة سواء عبر المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي، أو تحلية مياه البحر أو الاتجاه إلى الترشيد فى استخدام المياه عبر وسائل ونظم الرى الحديثة لذلك نرى نهضة زراعية وتوسعاً كبيراً سواء فى مبادرة المليون ونصف المليون فدان أو المساحة الهائلة التى تم استصلاحها وزراعتها فى سيناء وتوشكى وشرق العوينات والوادى الجديد ومستقبل مصر فى إطار المشروع العملاق الدلتا الجديدة التى تستهدف زراعة ٢.٢ مليون فدان جديدة بالإضافة إلى التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح بالإضافة إلى المشروع القومى للصوامع الذى أدى لزيادة القدرة التخزينية للحبوب إلى الضعف.. كل ذلك ساهم فى استقرار الأمن الغذائى فى مصر.
فى ظل تداعيات الحرب الروسية ــ الاوكرانية والأزمة الاقتصادية العالمية تعيش مصر حالة من الاستقرار ولا تعانى من أى نقص أو عجز فى أى سلعة رغم أن تعداد سكانها فى الداخل بلغ ٤٠١ ملايين وربع المليون نسمة حسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أضف إلى هذا الرقم ما يقرب من ٩ ملايين لاجيء من ضيوف مصر يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات والخدمات، وتتاح لهم جميع السلع الاساسية مثل المصريين.. إذن نحن أمام أكثر من ٣١١ مليون نسمة فى ظروف دولية وعالمية طاحنة وأزمة اقتصادية عالمية كارثية، لكن ورغم ذلك لم يعان أى مواطن أو ضيف من ضيوف مصر من أى أزمة أو نقص أو عجز فى أى سلعة من السلع.
هذا بطبيعة الحال لم يأت من فراغ فمصر قبل ٨ سنوات كانت تعيش أزمة متعددة الأشكال فى ظل انهيار اقتصادى عقب أحداث يناير ١١٠٢ وخلال عام الإخوان المجرمين الأسود وما تلى ذلك من ثورة عظيمة فى ٠٣ يونيو ٣١٠٢ فتحت آفاق البناء والتنمية والإصلاح والأمن والاستقرار.
ما أريد أن أقوله باختصار إنه لولا النجاحات والانجازات التى شهدتها مصر ــ السيسى خلال الـ٨ سنوات فى جميع المجالات وفى القلب منها الزراعة والأمن الغذائى لتعرضت البلاد فى أتون الأزمات العالمية الطاحنة لأوضاع وأزمات كارثية وطاحنة وقاسية يمكن أن نصفها بالضياع.
حالة الاستقرار وعدم وجود نقص أو عجز وقرار الدولة المصرية بعدم السماح بحدوث ذلك وراءه الكثير من الأسباب والنجاحات والانجازات والفكر والرؤى الخلاقة، كالتالي:
أولاً: إن القيادة السياسية استشرفت المستقبل سواء فى الرؤية الاستراتيجية للبناء والتنمية على مدار ٨ سنوات من خلال الإصلاح الشامل، وعدم السماح بوجود أى مظاهرللعوزوالعجز والنقص، وتجسد ذلك فى الكثير من المشروعات سواء التوسع فى استصلاح وزراعة الأراضى وعدم السماح بالتعدى على الأراضى الزراعية ذات الخصوبة العالية، وزيادة الموارد المائية وحسن إدارتها واتباع العلم والتكنولوجيا من خلال وسائل ونظم الرى الحديثة.
الأمر المهم أيضا هو امتلاك الرؤية الثاقبة فى تنفيذ المشروع القومى للصوامع وهو ما جنب مصر حالات الإهدار وسوء التخزين التى عانت منها على مدار العقود الماضية.
ثانياً: رؤية القيادة السياسية وتوجيهاتها بضرورة الاحتفاظ بمخزون استراتيجى من السلع الأساسية لا يقل عن ٦ أشهر والعمل على مواصلة تنفيذ هذا المبدأ أولاً بأول، لذلك لم نجد يوماً وعلى مدار فترات الأزمتين «كورونا» والحرب «الروسية ــ الاوكرانية» أى نقص أو عجز فى السلع وفى حد ذاته هذا انجاز كبير وابداع فكري، وعبقرية إدارة لدولة فى حجم ومكانة مصر فالأمور لا تدار صدفة ولكن وفق فكر وعلم واستشراف للمستقبل وعدم السماح بأى حال من الأحوال بوجود أى نوع من الأزمة لذلك فإن كل شيء متوفر فى مصر وبأى كميات كما أكد الرئيس السيسي، وهو نجاح كبير لم تحققه الدول الكبرى الأكثر ثراء وصاحبة اقتصادات متقدمة، خاصة أوروبا.
ثالثاً: الرئيس عبدالفتاح السيسى يتابع بنفسه كل ما يتعلق باحتياجات المواطنين من السلع الأساسية والاستراتيجية ويطمئن باستمرار على المخزون والاحتياطى الاستراتيجى من السلع الاساسية وبالأمس اجتمع الرئيس السيسى مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ووزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور على المصيلحى واللواء أ.ح وليد أبوالمجد رئيس جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة لمتابعة موقف السلع الغذائية الأساسية على مستوى الجمهورية وزراعات المحاصيل للموسم الزراعى الحالى وهو ما يشير إلى أن القيادة السياسية تولى اهتماماً استثنائياً بتوفير احتياجات المواطنين من السلع الاساسية وأيضا التنمية الزراعية لأنها السبيل الوحيدة لتوفير احتياجات المصريين من الحاصلات الزراعية المختلفة والتى حققت مصر بها طفرة كبيرة ونهضة زراعية وصلت إلى الاكتفاء الذاتى من أكثر من ٣٣ محصولاً وتصدر للخارج ٦.٥ مليون طن سنوياً بما يعود بالنفع على الاقتصاد القومى وتوفير عملات لاستيراد احتياجات المصريين من بعض السلع التى نستورد جزءاً منها مثل القمح، وزيت الطعام والذرة الصفراء التى وصل استيرادنا منها إلى ٨ ملايين طن سنويا وننتج منها ٨ ملايين طن وتتوسع مصر فى زراعة القمح والذرة وتزيد من مساحة المنزرع منها لتقليل نسبة الاستيراد.
رئيس الجمهورية يطمئن بنفسه على توفر احتياجات المصريين وهو الذى قرر ألا يسمح بوجود أى نقص أو عجز فى أى سلعة يحتاجها المواطن وزيادة المعروض منها إلى جانب تخصيص ٠٣١ ملياراً لدعم هذه السلع وعدم بيعها للمواطن بأسعارها العالمية، مراعاة لظروف المواطن المصرى حيث تتحمل الدولة النصيب الاكبر من أسعارها، ويمكن للمواطن ان يشترى ما يشاء وبأى كمية.
رابعاً: هناك إجراءات استباقية وتخطيط مسبق وفق رؤية واضحة وهو الاطمئنان الدائم على المخزون الاستراتيجى وأرصدة جميع السلع الأساسية للدولة فالمخزون من القمح والسكر والذرة والزيت والارز يكفى الاحتياطى منها لمدة من ٤ إلى ٦ شهور والمتوفر من اللحوم الطازجة والدواجن يكفى لمدة عام كامل. الرئيس السيسى وجه إلى استمرارية المخزون الاستراتيجى للدولة من السلع الغذائية الاساسية والرئيسية وتعظيم القيمة المضافة لتخزين السلع من سلسلة الصوامع الاستراتيجية على امتداد الرقعة المصرية بهدف الحفاظ على استقرار الأمن الغذائى للدولة لتلبية احتياجات المواطنين بالكميات الملائمة.
خامساً: الرئيس السيسى لا يترك صغيرة أو كبيرة ذات صلة بالقضية والملف الذى يناقشه ويطمئن على مقومات نجاحه لذلك وجه ان يتم تحديد سعر توريد القمح بحيث يحقق العائد الاقتصادى المجزى للمزارعين والفلاحين ويدعم زيادة توريد القمح.
سادساً: فى خضم الأزمة الاقتصادية العالمية تعمل الدولة على مشروعات واجراءات خلاقة من خلال التوسع الزراعى وهو ما نراه حالياً فى توشكى حيث عمل يسابق الزمن فى استصلاح وزراعة آلاف الأفدنة لتضاف إلى الانجازات التى تحققت هناك وهنا.. أيضا اطمأن الرئيس السيسى على الموقف التنفيذى لعدد من مشروعات الاستصلاح الزراعى على مستوى الجمهورية مثل زراعة وادى الشبح بأسيوط وتشمل زراعة القمح بأفضل تكنولوجيا الزراعة الرقمية الدقيقة إلى جانب زراعات الموالح والذرة ومزرعة انتاج حيوانى من أعلى سلالات انتاج اللحوم بالإضافة إلى الانتاج الداجنى والاستزراع السمكى وعدد من المصانع التى تهدف إلى تعظيم قيمة الزراعات داخل المزرعة بالإضافة إلى أن العمل يجرى على قدم وساق فى توشكى وشرق العوينات ومستقبل مصر والدلتا الجديدة وفق رؤية ثاقبة تستشرف المستقبل لتأمين احتياجات مصر وتحقيق الاستقرار فى الأمن الغذائي.
الحقيقة أنه لولا رؤية وجهود وفكر القيادة السياسية وما حققته من نجاحات وانجازات غير مسبوقة فى مجال النهضة الزراعية، والأمن الغذائى لواجهنا خطراً داهماً فى ظل الأزمة العالمية، وهو نفس الأمر انه لولا اكتشافات الغاز فى حقل ظهر بشرق المتوسط لواجهت مصر معاناة بالغة وظروفاً قاسية فقد وفرت هذه الاكتشافات ٠٢١ مليار دولار سنوياً كنا سنستورد بها  احتياجاتنا لكن السؤال من أين لنا بهذا الرقم؟ لكن وصلنا إلى الاكتفاء الذاتى والتصدير وهناك المزيد من النجاحات والاكتشافات الواعدة.
سابعاً: الرئيس السيسى فى أتون الأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعيات قاسية للحرب الروسية ــ الاوكرانية لم ينس الموقف التنفيذى لمشروع التغذية المدرسية خلال العام الدراسى الحالى سواء من حيث محتويات الوجبة وتكلفة انتاجها وسبل توزيعها على مختلف المراحل العمرية بالمدارس وهو ما يؤكد أن بناء الإنسان المصرى هو قلب وعقل الجمهورية الجديدة.
الحقيقة كما قلت إن الدولة تقوم بدورها بتفان وابداع وتسعى دائماً لتوفير احتياجات المصريين من السلع الاساسية وتطمئن دوماً على المخزون الاستراتيجى وأرصدة السلع الاساسية، لكن أين دور المواطن سواء كان مستهلكاً يستوجب إعادة النظر فى أسلوب حياته ومعيشته فى ظل الازمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها والترشيد وتغيير النمط الاستهلاكى حتى لا يشعر بأى أزمة، وأيضا يساعد الدولة على الوفاء بالتزاماتها وأيضا البائع والتاجر المطالب بالإنسانية والرحمة والتعاون وعدم الاتجاه إلى المغالاة والجشع والاحتكار وألا ينتهج مبدأ تجار  الأزمات على  حساب المواطنين، والدولة تقف بالمرصاد لهؤلاء ووجهت إلى وجود أسعار استرشادية والضرب بيد من حديد على أيدى تجار الأزمات والمستغلين والجشعين والمحتكرين، ليس فقط عند تجار الجملة ولكن كل تاجر تجزئة يتعامل مع المواطنين.
الحقيقة أن حالة الاستقرار والأمن الغذائى التى تعيشها مصر ليست وليدة الصدفة ولكن جاءت من جهود ونجاحات وانجازات عملاقة على مدار ٨ سنوات، وفكر ورؤى استباقية استشرفت المستقبل ومباديء رئيسية للحفاظ على مخزون استراتيجى من السلع الاساسية  لا يقل عن ٦ أشهر، فكل السلع الاساسية متوفرة فى الأسواق المصرية فى كل ربوع البلاد وهذا هو الانجاز العظيم فى وقت تتألم فيه دول وشعوب كثيرة من ضعف واضطراب الأمن الغذائي.
تحية للقائد العظيم الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أبدع فى البناء والتنمية وتوفير احتياجات مصر وشعبها وتحقيق الاكتفاء وعدم السماح بأى نوع من العجز والنقص والاطمئنان الدائم على المخزون والاحتياطى الاستراتيجى من السلع الاساسية للمصريين.

Dr.Radwa
Egypt Air