الخميس 25 ابريل 2024

مكاسب مصر من القمة الأمريكية الأفريقية

مقالات18-12-2022 | 21:44

تؤسس مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مسارًا جديدًا للدبلوماسية المصرية يقوم على التنوع وتبادل المصالح والبعد عن استقطاب الذي بات آفة العالم اليوم فقد كانت المشاركة المصرية في القمة الأمريكية الأفريقية دليلا دامغا على ذلك التوجه، حيث جاءت عقب مشاركة في قمة عربية صينية ما يؤكد أن العصر الذي كان يقوم على احتساب مصر على طرف مقابل آخر قد انتهى وقد ولي وهو أيضًا إرهاص لعالم متعدد الأقطاب تشرق شمسه اليوم لا محالة.

ذهبت مصر إلى القمة من منطلق استعادة دور كان غائبا على صعيدها الأفريقي والعربي جراء أحداث 2011 وما ترتب عليها من تراجع في هذه الأدوار والتي استعادتها دبلوماسية الرئيس السيسي وسريعا زخمها وباتت رقما ومحطة لا يمكن تجاوزها في صياغة سياسات المنطقة ومساراتها المستقبلية.

فمن ناحية تحتاج الولايات المتحدة دور مصر العربي والأفريقي كما تحتاج مصر إلى علاقتها مع الولايات المتحدة لتعزيز التبادل التجاري ومساندة جهود مكافحة الإرهاب وإكساب رؤيتها لأومات المنطقة توافقا دوليا يخدم المصالح المصرية وكان من اللافت حرص الإدارة الأمريكية على الاستماع بشكل أكثر تفهما لمنطلقات الرؤية المصرية في عدد من الملفات حيث تشير الأرقام إلى وصول حجم الاستثمارات الأمريكية نحو 23 مليار دولار في مختلف القطاعات في مصر كما يبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية 9.1 مليارات دولار خلال 2021، بإجمالي 65.8 مليار دولار خلال العشر سنوات الأخيرة.

لقد كانت القمة فرصة مهمة لتبديد سحب طالت أفق العلاقات مع الولايات المتحدة نتيجة غياب التفهم الأمريكي ليعض الملفات على الساحة كملف حقوق الإنسان والتحرك المصري في أزمة سد النهضة وهو ما بدا في لقاءات الرئيس بوزير الدفاع الأمريكي ووزير الخارجية أنتوني بلينكن وكذلك مستشار الأمن القومي الأمريكي بالإضافة إلى التحرك بشكل فعال مع جماعات الضغط داخل الكونجرس الأمريكي لينعكس هذا الفهم في السياسات الأمريكية المستقبلية والتواصل لدفع المنظمات اليهودية لتحريك القضية الفلسطينية التي تكمن دائما في قلب السياسة المصرية الخارجية.

لقد استطاع الرئيس السيسي وضع النقاط على الحروف في العديد من القضايا المهمة كاستمرار تدفق المساعدات المالية والتدريبات العسكرية بين البلدين والدفع بقوة للتوصل إلى حل سياسي يخدم الدفع للوصول إلى الانتخابات في ليبيا، وطرد المرتزقة الأجانب كذلك التوافق حول تحريك القضية الفلسطينية من منطلق الحق الفلسطيني القائم على إقامة الدولة وفقًا لحدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية واستعادة الوساطة الامريكية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لعملية ملء وتشغيل سد النهضة وأخيرا إيجاد صياغة مشتركة لقوانين الأجوا للتبادل التجاري والمقرر انتهاؤه مع عام 2025.

كما كانت عبارات الرئيس السيسي رسائل شديدة الأهمية والوضوح تؤكد أن تطوير الشراكة بين أفريقيا والولايات المتحدة يساعد على إيجاد حلول ترفع عن شعوبنا عبء الأزمات المتتالية وتسهم في تأمين مستقبل أفضل لهم وأن هناك حاجة لمراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصاديات دول المنطقة وكذلك كان الرئيس واضحا في المطالبة بوضع آليات لتخفيف عبء الديون عبر الإعفاء أو المبادلة أو السداد الميسر خاصة عقب ما أفرزته الحرب الأوكرانية من تداعيات على اقتصادات العالم خاصة الدول الناشئة كما أكد الرئيس على الارتباط الوثيق بين الأمنين الغذائي والمائي مبديا استعداد مصر لتشارك تجربتها مع أشقائها الأفارقة، بما في ذلك الإجراءات التي تم اتخاذها لتعزيز أمن مصر الغذائي.

إن مصر باتت اليوم صوتا موضوعيا يحرص العالم كله على الاستماع إلى ما يطرحه من رؤى وأخذ ما يصدره من تحذيرات في الحسبان كما استطاع الرئيس السيسي تحسين الصورة الاقتصادية لمصر خلال لقائه برئيس البنك الدولي وهو ما تجلي في موافقة صندق النقد على حزمة تمويل جديدة لمصر وهو ما يؤكد أن كل ما يثار من تكهنات وشائعات حول مستقبل مصر الاقتصادي ما هو إلا  محض حقد ورغبة في الثأر وبث الإحباط بين صفوف المصريين وبقى للجميع أن يعيد ترتيب الصفوف ويسد الثغرات ويمضي قدما صفا واحدا خلف قيادة آلت على نفسها أن تطرق كل السبل الممكنة لتحسين حياة المصريين وتأسيس دولة قوية حديثة تلبي احتياجات مواطنيها كما يجب أن ندرك أن الطريق ما زال طويلا وان التحديات مازالت شاخصة تستدعي المزيد من الجهد والصبر حتى تحقيق الأهداف وليس ذلك على الله ببعيد.

Dr.Randa
Dr.Radwa