السبت 20 ابريل 2024

رسالة الضيف الأخيرة

مقالات20-12-2022 | 16:46

جاءنا يومًا في زيارة مفاجئة لينبئنا بأن كل الحسابات السابقة لم تكن صحيحة ، حضر وانتزع من بيننا شخصًا كريمًا يضاف إلى قائمة الأعزاء الذين رحلوا عن دنيانا من قبله ، أتانا حاملًا معه رسالة أخيرة أبلغنا بمحتواها ، وسألنا أن نبلغها عنه ، قال ثم كرر :  استيقظوا أيها الغافلون عني وعن حقيقتي ، فأنا منذ الأزل حقيقة الحقائق ولكنكم تناسيتم ، أراكم تتعجبون من وجودي بينكم متخفيًا ، وماذا أفعل إن كان هذا أمر من خلقني وخلقكم الرؤوف الرحيم بي ، وبكم. 

لا تصدقوا حديثها لا تسمعوا أو تطيعوا نداءها فأنا بينكم فانتبهوا ، واستعيدوا ذاكرتكم قبل أن أقوم بزيارتكم لكم في رحلتي الأخيرة معكم ، اذكروا ربكم واستغفروه عساه أن يغفر لكم ، ويتقبلكم بين عباده الصالحين . 

تذكروا أني سأواظب على التلويح لكم بين الحين والآخر لتستيقظوا فلا تتجاهلوا أو تتناسوا بعد أن أمر من أمامكم ، عدوني ألا تعودوا لسابق عهدكم لاهين مستمتعين بزخرف الدنيا وزينتها إنها الوهم الكبير الذي يسحب أقدامكم ، أيام عمركم تشبه كثيرًا تلك الرمال المتحركة التي تسحبكم شيئًا فشيئًا لكي تقربكم مني بحسب وعد ربي وربكم  . 

أعلم أن كلماتي موجعة ونصائحي تزيد من ارتباك خطواتكم وتزعجكم ، ولكني لن أبقى صامتًا بعد الآن لقد عاهدت نفسي أن أرسل لكم رسائلي متعاقبة أملًا في إفاقتكم ورغبة نابعة من محبة عظيمة لكم ، فأنا أحب أن أقبضكم على طاعة ، وأرجو أن تكون زيارتي لكم زيارة من أتى ليبشر بالخير القادم ، ورغد العيش في جنات النعيم ، أقسم لكم أني لم أبغضكم يومًا بل كنت دومًا الخائف عليكم  .

 كم راقبت أقوالكم وأفعالكم ، كم تعجبت منها وانتظرت لحظة تعودون فيها إلى ربكم بكامل إرادتكم ، وبكل طاقتكم غير باكين ولامتابكين على دنياكم التي تغرنكم بألوان شرورها التي تتجدد في كل يوم لتخطف أبصاركم ، تصحبكم معها ثم تحدثكم أنني في رحلة بعيدة كل البعد عنكم .

تدورون خلف دنياكم التي اعتادت أن تسحر  أعينكم وتمكنت من أن تلهيكم بحركاتها ، حولتكم عن أخراكم فتتدافعتم نحوها وتمايلتم معها بعد أن خلعت عنها ثوب حيائها لتغويكم ، أعلم أنها من ضللتكم وحدثتكم بأن رحلتي إليكم مؤجلة إلى أجل غير مسمى، أو أنني في الأصل والحقيقة لن أطرق بابكم أو آتيكم يومًا كما آتي في كل يوم لغيركم.

دائمًا ستصدقونها فهي من احترفت الكذب عليكم من البداية كذبة ، اعلموا أنها لن تدوم لأحد فهذا هو اختباركم الصعب ، قوموا وأفيقوا ، أيقظوا الخير فيكم ، كونوا ملمهين لغيركم ، فما خلقكم ربكم إلا لطاعته ، وحسن عبادته ، وهذه إحدى رسائلي إليكم جئت من أجل أن أبلغها لكم.