الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مقالات

تنوعنا الذي لا خلاف حوله

  • 25-12-2022 | 19:35
طباعة

لا أخالني أبالغ حين أعتبر أن المونديال انتهى بالنسبة لنا في المغرب، يوم الثلاثاء 20 دجنبر، وليس يوم الأحد 18 دجنبر 2022.  

نعم كان الاستقبالان الشعبي والملكي لأسود الأطلس مسك ختام ملاحم المغرب "المونديالية"، التي رفعت رؤوسنا ورؤوس الأفارقة والعرب والمسلمين، وأبهرت كل من تابع مونديال قطر 2022 من خارج محيطنا القاري والقومي والإسلامي. 

كنا نمشي فوق السحاب على امتداد أسابيع المونديال والأيام التي عقبت الاستقبالين، خاصة أنه لم يكن هناك اختلاف بين الوقائع كلها في ما يخص الاهتمام الدولي الكبير والاحترام، والتقدير، كل ذلك كسبناه بفضل أبناء وطننا في الداخل وفي المهجر، خاصة أن الفئة الأخيرة من لاعبينا كانت لها اختيارات أخرى وخضعت لعدة ضغوط ومع ذلك لبت نداء منتخبها الوطني. 

قدمنا للعالم عدة دروس في الإيمان بالقدرة على الفعل وردته واتخاذ القرار، والتآزر والمقاومة والاحتفال المشترك. 

أثبتنا عبر ملاحم منتخبنا الوطني والإبهار الذي بصم عليه جمهورنا في قطر وشعبنا يوم الاستقبال التاريخي أن قوة المغرب في وحدة أبنائه، وفي تنوعه لا خلاف حوله، والذي يكون إطلاقا مصدر اختلاف.  

ما سطرناه في سجل التاريخ أدخل من يتربصون بأبناء المغرب في المهجر في دوامة لأن ضغوطهم السابقة لن تجدي نفعا مستقبلا، كل من تسري في أجسادهم دماء مغربية سيختارون منتخب بلدهم الأصلي وليس منتخب بلد الإقامة، لأن المغرب كسر جدار الخوف، وأظهر تفرده في التكريم والاحتفال وتقدير الكفاءات. 
مع الأسف منا من استعار ذاكرة السمك وفضل المراهنة واهما على ما قد يقود إلى شهرة أو اختلاف أو شيء آخر الله وحده يعلم به. 
خلال الاستقبال الملكي الذي حضرته أمهات اللاعبين شغلنا العالم بتنوعنا وحرية الاختيار التي كانت واضحة، عرف العالم أن الشعار الأسمى بعد شعارنا الخالد الذي نختم به نشيدنا الوطني الذي صار عالميا، هو كن مغربي القلب والهوى واختر ما تشاء واحترم الآخر لتحترم. 

لذلك أقول أدخلنا المتربصين في دوامة، لكن توزيع الاتهامات أو التنمر قد يكون الزرقة الرابحة التي تعرقل عملنا مستقبل إذا لعبها المتربصون جيدا. 

للذين لا يعرفون، أقول إن المغرب عانى الأمرين للاستفادة من أبنائه البررة في المهجر. 

أنا لا أعمم لأن الكثيرين اختاروا بلدهم الأصلي، لكن أنكر أن الضغوطات شوشت على آخرين وأخرت قرارهم. 

اليوم، وبعد أن أسعدنا أبطالنا، فإننا وبالتعابير غير المدروسة، وغير المنطقية، قد نمنح المتربصين أداة لمحاربتنا، وجعل المهمة التي اعتقدنا أنها سهلة أصعب مما يمكن توقعه، عبر تخويف اللاعبين مما قد يحصل معهم على غرار ما حصل معه من سبقوهم. 

علينا أن نأخذ كل شيء بعين الاعتبار قبل أن نخط ما نفكر فيه، أو ما نتوهمه من أجل مصلحتنا العامة. 

لا أقدم دروسا لأحد ولا أخون ولا أشيطن أحدا، لكني ألفت الانتباه إلى أن مهمتنا، التي كانت تبدو سهلة بعد ملاحم المونديال، قد تصبح أصعب مما اعتقدنا، ولعل هذا ما دفع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى ردة فعلها القوية، وإصدار بلاغ غاضب تدافع عبره عن سلوكات لاعبينا، وتدفع عنهم "الاتهامات الباطلة"، عبر اللجوء "إلى المساطر القانونية لحماية أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم ودحض كل ادعاءات باطلةّ".   

ربما هي ضربة موجعة موجهة لنا باعتبارنا مغاربة يعيشون على إيقاع التألق والتميز، وإعلاميين يفتح في وجوههم باب المتابعة كلما نشروا خبرا أو أبدوا رأيهم على نحو لم يعجب المسؤولين، ألسنا شعبا يقول "ما صعيب غير البدو". 

لتفادي مثل هذه الأمور ينبغي التحري والتدقيق قبل كيل الاتهامات، ومراعاة المصلحة العامة وهذا لا يعني خيانة للمهنة ولا بيعا للضمير، ففي غياب الأدلة نتعامل مع كثير من المواقف عملا بـ"كم حاجة قضيناها بتركها".  

لنعبد الطريق لغدنا الأفضل ونوفر للجميع الفرصة للعمل من أجل الأفضل، ولنحافظ على توازننا، وعلى تنوعنا الذي هو مصدر من مصادر ثرائنا وغنى تراثنا والذي لا خلاف حوله ما لم يمس حرية الآخر ولم يسئ لأحد.

رئيس تحرير صحيفة الصحراء المغربية

الاكثر قراءة