الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

علماء مصريين عظماء.. وقصص نجاحهم الملهمة «26»

  • 28-12-2022 | 18:33
طباعة

الأستاذ الدكتور عبد الحافظ حلمي صاحب المسيرتين العلمية والإنسانية...!

في حديث أتذكره عن الراحل الشاعر فاروق شوشة، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، خلال حفل تأبين الدكتور الراحل عبد الحافظ حلمي، بمجمع اللغة العربية، قوله إن الراحل الدكتور عبد الحافظ حلمي، كان يمتلك مسيرتين إحداهما إنسانية وأخرى علمية، سيرة عالم جليل عاش العلم وتأثر به وعمل من أجله، وسيرة إنسان رائع جميل يذكرنا بسير علمائنا من السلف الصالح، الذين سمعنا بهم، ولم نرهم ولم نعايشهم، فرأيناهم في شخص عبد الحافظ حلمي وسمعناهم في لغته وعلمه وحكمته، فقد ألف بالعربية وترجم إليها ومنها، حتى كللت مسيرته بالجائزة التقديرية لجامعة عين شمس في العلوم الأساسية عام 1997، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الأساسية عام 2001، فقد ظل منشغلا حتى اليوم الأخير الذى سبق انتقاله إلى المستشفى بأعمال "المعجم الكبير"، وكان من أبرز أعضاء لجنته، وأعمال لجنة إحياء التراث، ولجنة تحديث المعجم الوسيط والتي أفادت من تعقيباته ونظراته اللغوية الثاقبة، فضلًا عن تخصصه العلمي الواسع، ولجنة المعجم الموضوعي المصور للطفل فقد كان يتميز بخلقه السمح الرضى، وبالتواضع الجم، وبعلمه الموسوعي، وبتعمقه النادر في تخصصه، واتساع آفاقه المعرفية لقضايا التعريب واللغة والعقيدة والإيمان.

وفي عام 2002 شهد المركز الثقافي المصري بالرباط حينما كنت اشغل منصب المستشار الثقافي بالسفارة المصرية بالمغرب أن أعددت لأمسية ثقافية مصرية الأداء عربية ومغربية الحضور لقاء علميا مهما مع عالمنا الجليل الأستاذ الدكتور عبد الحافظ حلمي محمد، وكان وقتها رئيسا اللجنة القومية المصرية لتاريخ العلوم، حيث قدم محاضرة بعنوان: " قراءة بيولوجية في رسائل إخوان الصفا "، وحضرها جمع غفير من علماء ومفكري المغرب الشقيق، وكذلك نخبة من السادة رؤساء وأعضاء عدد من مجامع اللغة العربية بالدول العربية، والذي تصادف وجودهم بالرباط لحضور اجتماع المجلس العلمي لمكتب تنسيق التعريب، التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في دورته الأولى، كما حضرها أعضاء السفارة المصرية بالمغرب، فكانت بحق أمسية علمية بديعة تحدث فيها العالم الجليل عن إخوان الصفا ونشأتهم ورسائلهم، منذ بدء تجمعهم في مدينة البصرة. وهنا أحكى عنه قصة تبين إلى أي مدى كان الرجل إنسانا كريما. فبالمصادفة تحدد موعد عودته إلى القاهرة في نفس موعد عودة زوجتي على الطائرة فلم يتركها حتى غادرت المطار آمنه مطمئنة حيث كان ينتظره من يسهلون طريقه في المطار فأبى أن يتركها حتى خرجت من المطار.

ولد عبد الحافظ حلمي محمد في أسيوط، في إبريل سنة 1926، لأب موسوعي الثقافة من رجال التربية والقانون والكفاح الوطني، أمضى دراسته الأولية والابتدائية في عدد من مدارس محافظتي أسيوط والقاهرة، وأتم دراسته الثانوية في مدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة عام 1942، وفي أثنائها فاز في مسابقة الأدب العربي على مستوى المملكة - آنذاك - فأغراه هذا التفوق بمتابعة دراسته للغة العربية في الجامعة، لكنه خضع لضغوط ناصحيه فاتجه إلى الدراسات العلمية، وحصل على بكالوريوس العلوم بمرتبة الشرف الأولى عام 1946 من جامعة فؤاد الأول، ثم على دكتوراه الفلسفة في العلوم من جامعة لندن عام 1952".

•     لقد أختار الباحث الشاب رسالة الدكتوراه الخاص به في مدرسة الصحة وطب المناطق الاستوائية في جامعة لندن في "دراسة طفيليات الدم في الطيور المصرية"، وشجعه في هذا البحث أستاذيه العالمان الكبيران البروفسور سورت مكتشف الدورة الكبدية لطفيلي الملاريا والبروفسور جارم، حيث وجدا فيه طالبا نابغة مدققا محققا باحثا من الطراز الأول، وكان طبيعيًّا أن يصبح بعد عودته إلى مصر، وتدرجه في العمل الأكاديمي بكلية العلوم في جامعة عين شمس أول أستاذ لكرسي علم الحيوانات الأولية عند إنشائه عام 1966، وأن يتتلمذ على يديه أجيال من الطلاب والخريجين في الجامعات المصرية والعربية، يتابعون أبحاثه العلمية، واحتل بعضهم مناصب قيادية مرموقة في هذه الجامعات، بفضل أستاذهم الرائد ودراسته الرائدة التى كان هو أول من قام بها من بين خريجي كليات العلوم في مصر، قام "د. عبد الحافظ حلمي" لأكثر من ستين بحثا منشورا في دوريات علمية متخصصة في مصر والكويت وأمريكا وإنجلترا وألمانيا.

لقد كان الخط العام لمنهج "عبد الحافظ حلمي" هو الدراسات التصنيفية للحيوانات الأولية، التي اعتبرها فرض كفاية عليه في مصر والتي ارتكزت على بحوث مجهرية مورفولوجية بالغة الدقة لتلك الكائنات مع دراسات تجريبية في بعض الأحيان، ثم بدراسة ناقدة متعمقة لما نشر عنها، مشيرا إلى أن الفقيد ألف وترجم وراجع أربعة عشر كتابا في مجال الثقافة العلمية، من بينها كتابه عن "الوراثة"، و"طرائف من عالم الحيوان"، بالإضافة إلى عدد كبير من الدراسات والبحوث المنشورة باللغة العربية بين عامي 1960، 2005، وكان ذلك فرض كفاية عليه في مصر والتي ارتكزت على بحوث مجهرية مورفولوجية بالغة الدقة لتلك الكائنات مع دراسات تجريبية في بعض الأحيان، ثم بدراسة ناقدة متعمقة لما نشر عنها، كما أنه ألف وترجم وراجع أربعة عشر كتابا في مجال الثقافة العلمية، من بينها كتابه عن "الوراثة"، و"طرائف من عالم الحيوان"، بالإضافة إلى عدد كبير من الدراسات والبحوث المنشورة باللغة العربية بين عامي 1960، 2005 .

شغل "د.عبد الحافظ حلمي" العديد من المناصب التي استحوذت على جزء كبير من طاقته وجهده منها: رئيس الجمعية المصرية لعلوم الحيوان، ورئيس الجمعية المصرية لتعريب العلوم، والعميد الأسبق لكلية العلوم في جامعة عين شمس، ونائب رئيس مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في تركيا، ونائب رئيس المجمع العلمي المصري، وعضو الجمعية البريطانية لتاريخ العلم ومعهد البيولوجيا في لندن، وعضو المجلس الاستشاري لمكتب تنسيق التعريب بالرباط ممثلًا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ عام 2002، وعضو جمعية المشتغلين بعلم الحيوانات الأولية في نيويورك، وعضو الجمعية المصرية لتاريخ العلوم في مصر، وعضو الهيئة المؤسسة لمجلة العلوم التي تصدرها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي منذ صدورها عام 1976 حتى الآن، بالإضافة إلى جهده الطويل البارز في تطوير الدراسة والبحث العلمي في قسم علوم الحيوان بكلية العلوم في جامعة عين شمس، وعضوية نحو أربعين هيئة وجمعية ثقافية وعلمية وتراثية.

رحم الله عالمنا الكبير الذى رحل عن عالمنا صباح الأربعاء 15 فبراير 2012 عن عمر يناهز 86 سنة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة