الخميس 28 نوفمبر 2024

ثقافة

الألماني جيرالد هوتر يبحر في طبيعة وجوهر الجنس الذكوري

  • 5-1-2023 | 22:35

غلاف الكتاب

طباعة
  • محمد الحمامصي

تكمن ضرورة وأهمية هذا الكتاب "الرجل والمرأة أيهما الجنس الأضعف؟" لعالم الأحياء والباحث الشهير في مجال المخ الألماني جيرالد هوتر، في أنه من الكتب الرائدة التي مزجت بين القراءة العلمية البيولوجية ونظريات علم النفس والتربية الحديثة، مع الكثير من الاستخلاصات والشواهد والخبرات التي نمر بها في الحياة اليومية المعاصرة.

هو يبدأ موضوعه من أسفل سلم النشوء والتطور للكائنات الحية، فيعود إلى المخلوقات وحيدة الخلية التي تقدم إجابة عن أصول الجنس الذكري، ليقوم برحلة طويلة في رأس الرجل بوجه خاص، تاركا الجانب المتعلق بالمرأة لإحدى بنات جنسها كي تبحث وتقوم بتلك الرحلة داخل طبيعة وجوهر النساء، وما يحدث داخل رؤوسهن بوجه خاص، ومن ثم فهو يوضح لنا ويكشف عن الكثير من طبيعة وجوهر الجنس الذكوري تصرفاته وسلوكياته، وميوله ومفاهيمه وطرق وأساليب تفكيره.

يتساءل جيرالد في كتابه الذي ترجمته د.علا عادل وصدر عن دار العربي للنشر: ما فائدة الرجال؟ ويقول "أمام كل رجل خيار أن يعيش حياته وفقا لهما: فمن ناحية يمكنه أن يحاول فهم نفسه، أي أن يعلل أسباب الحالة التي آل إليها ولماذا أصبح هكذا.. لماذا يفكر ويشعر ويتصرف بهذه الطريقة في مواقف معينة أو على وجه العموم. ويدفعه هذا الطريق خلال حياته إلى التعرف إلى ذاته بطريقة أفضل والقيام بتشكيل حياته بأسلوب أكثر وعيا بناء على هذه المعرفة.

 ومن ناحية أخرى يحصل كل رجل على فرصة الحياة كما يتسى له ـ للاستفادة الأفضل من كل ما يقابله في الحياة، إذ يكتشف الإنسان منذ طفولته أنه يستطيع أن يعيش حسب تطور الظروف، ويتبع أغلب الرجال هذه الاستراتيجية التي بدأوها في صباهم، في جميع مراحل حياتهم بعد ذلك، بشكل آلي".

ويضيف أنه لي من الشاق أن يصبح الرجل على هذه الشاكلة. فالرجل يتبني تلقائيا طرق التفكير وأنماط الشعور والسلوك المميزة للرجال الذين ينشأ ويترعرع معهم. وأغلب هؤلاء الرجال لا يطرحون على أنفسهم السؤال عن سبب تفكيرهم وشعورهم وتصرفهم على هذا النحو المتكرر كل يوم.

ويلاحظ عند زملائنا الذكور (في عالم الحيوان) ممن يملكون عقلا أقل قدرة على التعلم، أن هناك أنماط بتحديد السلوك.. والتي تتشكل من خلال التجارب الذاتية مع من يقتدون بهم فحسب، بل تكونت بسبب تأثير العوامل الوراثية خلال فترة نمو المخ تتضح هذه ميزة هذه العملية بجلاء: فهي تفلح دائما؛ حيث يؤدي المخلوق الذكري وظيفته كما يجب، من أجل الحفاظ على النوع فالذكور من الحيوانات تعرف بالغريزة ما المهم في حياتها وما السلوك المطلوب.

ولا يتعرضون لمخاطر الركض خلف النماذج الخاطئة؛ لذا لا يجدون سببا ولا تتاح لهم الإمكانية من الناحية العقلية ليتساءلوا عما إذا كان ما يفعلونه صحيحا أم لا".

ويرى جيرالد أنه على مدار تاريخنا حتى الآن، كان معدل فرص الرجال في الإنجاب دائما أقل من فرص النساء.

فمن لم يقدم من الرجال على أي مخاطرة أو من لم يشتهر إنجازات مميزة أو من يفرض سيطرته على النساء بوحشية سافرة، أو من كان مشغولا بالدرجة الأولى بتأمين حياة مريحة لنفسه، لم تكن لديه فرص كبيرة لإنجاب الأطفال.

فالمغامرون والغزاة والتجار والمكتشفون والمخترعون الناجحون، وكذلك المتفاخرون والمحتالون واللصوص، كانوا منذ قديم الأزل أصحاب الفرص الأفضل، هذه هو العالم وثقافة الرجال التي نما وترعرع في داخلها الصبية الصغار، التي تم فيها "صنعهم" لكي يصبحوا رجالا، لكي يكونوا مثل هؤلاء الرجال المحبون للمغايرة وتجربة ما هو جديد والاستعداد للمخاطرة بحياتهم من أجل شيئ واحد فقط ألا وهو بلوغ احترام ومكانة وتقدير أو على الأقل إحراز الإعجاب والسلطة والغني، لذا لا يزال الرجال أكثر من النساء اهتماما، حتى اليوم، بتعريف أنفسهم بما يحققونه من إنجازات خاصة.

ويقول جيرالد "يبدو أن ما جعل الرجال حتى الآن محط جاذبية للنساء هو شيئ آخر غير لافت للنظر من الوهلة الأولى، لكن ما تقدره النساء في جميع العصور وكل الثقافات والحضارات في الرجال هو وضعهم الاجتماعي في المجتمع الذي يعيشون به إلى جانب قدرتهم على العمل على تطوير أبنائهم على أفضل وجه؛ بمعنى أنهم يستطيعون تطوير صفاتهم الوراثية بأفضل صورة ممكنة، لذا ننحدر كلنا من رجال نجحوا بطريقة ما في اكتساب الاحترام والأهمية داخل الجماعة التي يعيشون فيها، سواء كصيادين أو مزارعين أو حرفيين أو تجار أو مكتشفين أو علماء أو فنانين ناجحين وللأسف أيضا كمحاربين ومحتالين ولصوص وسفاحين. المهم أن يكونا ناجحين، لكن بأي طريقة، هذا لم يكن يهم هؤلاء الرجال ما دام يسهم في رفع جاذبيتهم بالنساء اللاتي يرغبن فيهن".

ويتابع "وفي حال فشل ذلك سلك الرجال الطريق الآخر بالسيطرة على المرأة، صحيح أن ذلك لم يكن متفقا مع قدرهم البيولوجي، لكنه كان ناجحا أيضا، لذا نجد من بين أسلافنا قامعي النساء من أمثال المغتصبين والحكام في عصر الحريم من أجدادنا أيضا، ولكن الرجال الأكثر إثارة للاهتمام هم أولئك الذين نجحوا في تحقيق إنجازات خاصة جعلتهم يصلون إلى مكانة عالية وهامة ومرموقة في المجتمع.

وأصبحوا بالتأكيد أكثر الرجال الذين ترغب نساء فيهم في ذلك المجتمع، وهكذا وقع الرجال منذ البداية تحت ضغط اختيار جنسي وإن لم يكن موجها إلى تكوين صفات جسمانية مميزة أو سلوك معين بقدر ما كان لنيل المكانة والاستحسان والتقدير الاجتماعي.

وهكذا كان لكل مجتمع حسب درجة تقدمه وظروف حياته ـ تصوراته ومقتنعاته التي الإطار الذي يستطيع الشباب اليافع من خلاله نيل المكانة والاستحسان والتقدير، وتلك القناعات المتفق عليها في المجتمع حددت الاتجاه الذي يجب على الرجال السير فيه تطوير قدراتهم الجسدية والفكرية.

وكل هؤلاء الرجال الذين نجحوا في تطوير قدراتهم في هذا الاتجاه بالضبط وبأقصى درجة ممكنة، كانوا بلا شك أصحاب أفضل فرص للإنجاب ونجحوا في نقل كل صفاتهم الوراثية الخاصة وكذلك قدراتهم ومعارفهم الخاصة المكتسبة بالإضافة إلى الممتلكات المادية والعينية التي حصلوا عليها بواسطة تلك الجهود الخاصة إلى ذريتهم.

الاكثر قراءة