الجمعة 26 ابريل 2024

الخوف الذي تحدث عنه الرئيس

مقالات8-1-2023 | 17:54

دائما ما يكون الرئيس السيسي أسبق من غيره إلى التحدث مع الناس عما يجيش في صدورهم ويؤرق فكرهم في وقت اكتفى مسئولون آخرون بالتقاط الصور والتحدث عن انفراجات لم تنعكس على الأسواق ولم تتعامل مع أوجاع الناس تحت وطأة استغلال البعض للأزمة عبر رفع الأسعار أو تعطيش الأسواق لتحقيق أرباح دون النظر إلى على حساب من تتحقق هذه الأرباح.

ولفت نظري أن البعض من التجار يسيرون بروح  التحدي في التعامل مع الدولة أو على الأقل بسياسة "ريح الزبون وخده على قد عقله" وأقرب واقعة لذلك هو اليوم الذي أجرى فيه رئيس الوزراء مؤتمرا صحفيا للإعلان عن الإفراج عن بضائع وأسمدة وأعلاف بمليارات الدولارات كان احتجازها  أحد أسباب جزء من الأزمة الضاغطة على جيب المواطن.

ففي مساء اليوم الذي أعلن رئيس الوزراء الإفراج عن الأعلاف زاد سعرها 3 آلاف جنيه دفعة واحدة وكأن مافيا الأعلاف تعلن للمواطن أنها أقوى من الدولة وأن الحكومة لا تملك من الأمر شيئا وأن سيطرتها على الأسواق تليفزيونية هذه الواقعة كاشفة لمسار عريض يبدو أنه ينطبق على مجالات أخرى وقطاعات أخرى تؤكد أننا بحاجة لمراجعة أين تقع مفاتيح أرزاق الناس ومن هو المتحكم الحقيقي وكيف تعيد الدولة هيبتها على الأسواق وتكون قادرة على مجابهة الحيتان الكبار المتحكمة في بعض السلع الاستراتيجية كالأعلاف التي أصاب التلاعب بأسواقها تعريض حياة 3 ملايين شخص يعملون في صناعة الدواجن -والتي باتت اليوم على المحك- للخطر.

إن السيد وزير التموين، أكد أنه عاجز عن ضبط الأسواق نتيجة قلة المفتشين وبالتالي ليس لديه ما يقدمه لضبط الأسواق وهي حقيقة يعلمها الوزير منذ أن كان عضوا في حكومة الرئيس الراحل مبارك ولم يستطع طوال هذه السنوات أن يجد لها حلا أو بديلا.

ولا أعرف كيف تعلن الوزارة أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من السكر بينما يبحث الناس عنه في الأسواق كالمخدرات ..من هم الذين يدفعون المصريين إلى خانة الاكتئاب والخوف والقلق الذي تحدث عنه الرئيس السيسي وهو يهنئ أقباط مصر بعيد القيامة المجيد فقد أكد الرئيس الشعور بالأمان وأنه لا داعي للخوف أو القلق رغم أنه مبرر فنعم نحن نعاني صعوبات نتيجة الأزمة العالمية المترتبة على الحرب الأوكرانية لكن لماذا تحاول مافيا الأسواق أن تضيف إليها أزمات فرعية لم تصنعها الحرب الدائرة في أوكرانيا بل صنعها جشع وتربح حرام يديره مجموعة من أعدى أعداء مصر للأسف ليس لحكومة مصطفى مدبولي أي تصور حقيقي لمواجهتهم إلا بعبارات التهديد أمام الكاميرات أما على أرض الواقع فينفرد سماسرة الأزمات بالمواطن تماما ليواجه مصيره المجهول معهم.

يحذر الرئيس السيسي من تضخيم حالة الخوف التي يعمل على تثبيتها في حياة المواطن مجموعة من العوامل منها إعلام غير قادر على تقديم تصور موضوعي للأزمة أو شرح أسبابها ليتحول ذلك الخوف من إشارة للتنبه واليقظة تدفع لمراجعة الحسابات والبحث في الأسباب لتغيير الواقع الصعب ليتحول الخوف إلى أداة هدم  للمجتمع تصيبه بغضب يائس لا يعلم أحد سوى الله أثره إن تحرك في المسار الخاطئ.

وهنا يحق لنا أن نتساءل أين هو دور المجتمع المدني في مراقبة الأسواق والإشارة إلى  مكامن الخطر نعم هناك بعض المحاولات التي تتم على استحياء هنا أو هناك لكنها إلى الآن مازلت الأزمة أكبر منها .. إن الخطر داهم إن تنامى شعور داخل المواطن أن حكومته قدمت كل ما عندها تجاه الأوضاع الصعبة التي يعيشها اليوم وأنها قررت أن تقول للمواطن كما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام فاذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.

فمن الخطر أن نترك المواطن وحيدا في معركته مع سماسرة الأسواق ومافيا الاستيراد الذين يضاعفوا من وطأة الازمة العالمية الجارية على الحياة المعيشية وإن لم تنعكس أفعال الحكومة وتصريحاتها على حياة المواطن فمن الأفضل أن تبقى صامتة أو تغادر موقعها لمن يستطيع التحرك والمواجهة أما استمرار مواجهة تحركها بتحدى التجار ومراوغاتهم   يسقط هيبتها ويجعل من فقدانها أو تغييبها أمرا لا يكترث إليه أحد.

Dr.Randa
Dr.Radwa