الثلاثاء 14 مايو 2024

«عسل الأفاعى»


د. خلود محمود

مقالات9-1-2023 | 18:44

د. خلود محمود

إطعام الأفعى العسل لن يغير من طبيعتها المسمومة، جملة شهيرة تحمل في طياتها معاني مختلفة وبالتطبيق على حالة الغدر التي يشهدها المجتمع في الفترات الحالية من تغيير الطباع وتبادل الادوار وانعدام الأمان، وأقصد هنا بالمجتمع نواته الأولي وهي الأسرة التي تتكون في بدايتها من زوج وزوجة يختار كلاً منهم الآخر ليكمل معه حياته بكامل إرادته.

وتبدأ الأحلام الوردية والبدايات المعسولة وطوبة طوبة تتبني وتبدء الحدوته ويظهر كل طرف اجمل صفاته بكلام معسول وأفعال طيبة وتراحم ومودة وتناسي لغلطات ووعود بحياة هادئة ومعيشه تبات ونبات يخلفوا فيها صبيان وبنات لكن سرعاً ما اصبح الحال ينقلب رأساً علي عقب وتظهر طباع واختلافات وسلوك مغاير لسلوك الآخر وتبدء المشكلات برد فعل وسلوك عدواني وبدل من احتواء الأمر أو محاولة ايجاد حلول لاستكمال الحياة واحتواء كل طرف للآخر يظهر الاختلاف بسلوك.

وسواء كان ذلك السلوك مقبولا أو غير مقبول فأنه يظهر نتيجة لتفاعل الإنسان مع البيئة التي يعيش فيهـا عندما تخرج تلك المشكلات من رحم الاسره الصغيرة إلي الاقارب والاصدقاء الذي لكلاً منهم فكر مختلف بسبب المستوي الاجتماعي والتعليمي والفروق الفردية والوضع الاقتصادي، أو التفاوت والاختلاف في الظروف البيئية التي تحيط بكلاً منهم وشئ فشئ تزداد حده ووتيرة تلك الاختلافات ويظهر الفرد علي حقيقه طباعه التي يكون العنف سيدها والعنف في هذه الحالة يقصد به إثارة الخوف بكافة أشكاله الجسدي والنفسي والجنسي ظناً منه أن العنف سيجعله سيداً في أسرته باعتقاد أن رجولته تتمثل في مقدار السطوة والقوة العنيفة التي تتيح له ذلك.

 الأمر الذي أصبح يصل حد القتل فلا يكاد يوماً يمر إلي بخبر تتناقله الصحف عن زوجاً يذبح زوجته بل ووصل الأمر مؤخر إلي تنفيذ تلك الجريمة أمام أعين أولاده متناسياً الفضل والاحسان بينهم والعشرة والايام الطيبة متناسياً اطفاله ومصيرهم بعدما شاهدوه كيف لتلك الطفلتين ان تكمل حياتهم بعدما شاهدوا اباهم يقتل امهم بدمً بارد بل ويأخذ صورة بجوار الجثه كيف ستكون نفسيتهم وحياتهم مين سيرعاهم ويقوم علي علاج نفسيتهم التي تحطمت كيف سيتقبلهم المجتمع بعد وصمه عار طبعها ابيهم علي جبينهم بقتل امهم ومن سيعالج تلك التشوه بداخلهم اذا تناسي المجتمع الم تأتي أيا من تلك الاسئلة بداخله قبل تنفيذ تلك الجريمة وأيا كانت الدوافع او المبررات عن تدهور حال اجتماعي او تدهور وضع اقتصادي وسوء معيشه او ضيق حال او اختلاف سلوك او طباع فلا يكون مبرر ابدا لارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة التي تتكرر علي مسامعنا بشكل يومياً.

 أيها الانسان ليت العنف أو القتل حل مقدار الوقت الذي اتخذته في التفكير والتدبير لتلك الجريمة نصفه أو أقل لو اتخذته لإيجاد حلاً لمشكلاتكم لوجدته مع شريك يفترض أنه أصبح لك سكناً وأماناً اقرب لك من أمك وأبيك ليت العلاقات تعود لسابق عهدها علي فطرة خلق الله لها علي الشعور المتبادل بالالتزام القوي تجاه بعضهما واستجابة كل منهما لاحتياجات الآخر ومساندة بعضهما البعض للعيش بأمان في ظل ضغوطات الحياة التي لا تنتهي ناهيك عن أهمية الشعور بالتقدير وكلمات الدعم من قبل شريك حياتك الذي يؤدي إلى تقوية العلاقة الزوجية ويزيد إيمانك بأهمية استمرار العلاقة بمرور الوقت، أن الزواج علاقة مقدسة تجمع بين الرجل والمرأة، تتسامى بها كل معاني العطف الحنان المودة، الرحمة والتضحية.

لكن واقعاً اليوم أصبح الزواج فيه مجرد واجبات معينة متعارف عليها بين الزوجين، وحقوق يؤخذ فيها ويرد على حسب طبيعة كل منهما، كأن الحياة الزوجية مقتصرة فقط على هذا المفهوم الضيق، وأن السعادة بها شئ وهمي لحظي ومع المسئوليات تتلاشي وكأن الأصل في تلك العلاقة ليست حقيقة مفادها أن الأهم في الزواج هو تحقيق السعادة والفرح والأنس لكليهما والا لما أصلا يضيفان حملا وعبئاً آخر على كاهلهما بتواجدهم معاً ؟ هذه السعادة المنشودة تتأتى من الحب والسلاسة في التواصل والارتياح والثقة في الطرف الآخر، ليت المجتمع يدرك ان صلاح الأسرة طريق أمان الجماعة كلها ، وهيهات أن يصلح مجتمع وهت فيه حبال الأسرة.

Dr.Radwa
Egypt Air