الإثنين 29 ابريل 2024

الرعب فى المسلسلات الدرامية البعض يعتبرها هروباً من ضغوط الحياة.. وآخرون يرونها كسرت الروتين!

مسلسل ما وراء الطبيعة

12-1-2023 | 13:18

عمرو والى

تعتبر فكرة السحر والجن والشعوذة والخوارق منطقة مغرية للدراما التليفزيونية، حيث دفعت صناعها للاشتغال عليها، وخلق أحداث مثيرة عبر مسلسلات متنوعة خلال الآونة الأخيرة، فأصبحت تشكل خطوطاً درامية رئيسية فى الكثير من الأعمال التى تم عرضها على الشاشة الصغيرة، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول أسباب انتشارها، وهل تشكل عنصراً جاذباً للجمهور؟ وتأثيرها على الفرد والمجتمع؟
«الكواكب» ترصد أبرز هذه المسلسلات، وناقشت التساؤلات مع المتخصصين من خلال السطور التالية...

السبع وصايا

البداية فى عام 2014 نجح مسلسل «السبع وصايا» فى تحقيق نجاح كبير وقت عرضه، حيث كانت فكرته غريبة وجديدة على المشاهدين وقتها، والتى كانت تتمثل فى ظهور الجن والقوى الخفية، كما ناقشت أحداث المسلسل فكرة الجانب الصوفى والاعتماد على الدجل، وتدور أحداث المسلسل حول سبعة أشقاء يتفقون على قتل والدهم ثم يهرب كل واحد منهم إلى مدينة مختلفة عدا واحدة فقط، التى تسجن وفى فترة سجنها تحلم بوالدها «سيد نفيسة» الذى يقول لها إن هناك سبع وصايا على أشقائها يجب تنفيذها لكى تظهر جثته ويرثوا، وتتوالى الأحداث.
المسلسل من تأليف محمد أمين راضى، وإخراج خالد مرعى وبطولة رانيا يوسف، هيثم أحمد زكى، هنا شيحة، وآيتن عامر، سوسن بدر، محمد شاهين، صبرى فواز، ناهد السباعى، شيرين الطحان، وليد فواز.


ساحرة الجنوب
كما عرض مسلسل «ساحرة الجنوب» فى العام الذى يليه 2015 بطولة حورية فرغلى وياسر جلال وصلاح عبد الله وسوسن بدر، وتأليف سماح الحريرى وإخراج أكرم فريد، واعتمد أيضاً على نفس الفكرة، ويدور حول فتاة تدعى «روح» تلجأ إلى أعمال الدجل والشعوذة لتوهم أهل قريتها فى الصعيد بأنها تساعدهم فى حل مشاكلهم، وتصبح سيدة معروفة بأنها من أهل الكرامات، فيلجأ إليها كبير القرية لتصنع له عملاً يجعله ينجب ذكراً بعدما أنجبت زوجته أربع بنات، وبالفعل يتزوج وينجب الولد.، لكنها تتحول بعد ذلك وتنتقم من كل من حولها، حتى ينجح حبيبها حسام، الذى يجسد دوره الفنان ياسر جلال فى تخليصها من الشر المتغلغل داخلها بمساعدة الخالة.
الكبريت الأحمر
وقامت فكرة مسلسل «الكبريت الأحمر»، الذى عرض على جزأين عام 2016، 2017 بالكامل على الدجل والشعوذة ووجود الجن، من خلال ضابط شرطة يدعى معتز، يحقق فى قضية حول اشتعال منازل دون سبب واضح، ويقوم أهل المنطقة التى تشتعل فيها المنازل دون سبب، بإحضار مشعوذ يدعى «شمس»، لأنهم يظنون أن تلك المنازل تشتعل بسبب الجن، وهناك يتشاجر معتز مع المشعوذ شمس وبعدها تتبدل حياته من السيئ للأسوأ، وتختفى زوجته إلهام ويظل فى حلقة البحث عنها. المسلسل بطولة أحمد السعدنى، عبد العزيز مخيون، ريهام حجاج، داليا مصطفى، سحر رامى، هانى عادل، زكى فطين عبد الوهاب، أحمد عبد الله محمود، أشرف زكى، بينما شاركهم فى بطولة الجزء الثانى «الكارما» الفنانة سيمون، والفنان حازم سمير، بديلاً عن الفنان هانى عادل، والعمل من تأليف الدكتور عصام الشماع، وإخراج سيف يوسف.


ونوس
وقدم الفنان يحيى الفخرانى عبر مسلسل «ونوس» فى عام 2016 شخصية الشيطان، فهو يغوى أبناء ياقوت، الشخصية التى جسدها الفنان نبيل الحلفاوى، الذى يترك منزله، ويختفى منذ 20 عاماً، حيث يدعى أنه صديق والدهم وهو «ونوس» ويطالبهم بحقه الذى أخذه والدهم منه، ويدلهم على مكان إقامته ويخبرهم بأنه يمتلك الملايين، وتتصاعد الأحداث حتى ينهار البيت الذى حاولت الأم الحفاظ عليه طيلة غياب الأب، فتنهار قيمه ويدب الخلاف بين أبنائه، ولاتترك ابنة ياقوت والتى تجسدها حنان مطاوع باباً إلا وتطرقه، ولا تتورع أن تذهب إلى مساجد أو كنائس حتى المشعوذين، حتى يشفى ابنها من مرضه الذى جعله قعيداً على كرسى متحرك. المسلسل من تأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج شادى الفخرانى، وبطولة يحيى الفخرانى، نبيل الحلفاوى، هالة صدقى، حنان مطاوع، محمد شاهين.
هى ودافنشى
وفى نفس العام قدمت الفنانة ليلى علوى مسلسل «هى ودافنشى»، حيث تدور أحداث العمل فى إطار من الكوميديا السوداء حول إحدى المحاميات التى تتعرض ابنتها لحادث، وتموت، وتدخل الأم على أثر ذلك إحدى المصحات النفسية لمدة ست سنوات، وبعد خروجها من المصحة تصاب بحالة هلاوس، حيث تجد العفريت «دافنشى» أمامها فى كل مكان، وتتصاعد الأحداث فى إطار مشوق. المسلسل من تأليف محمد الحناوى، وإخراج عبد العزيز حشاد، وشارك فى بطولته ليلى علوى، خالد الصاوى، أحمد سعيد عبد الغنى، مى سليم، بيومى فؤاد.
الـحلال
وفى عام 2017، قدمت الفنانة سمية الخشاب مسلسل «الحلال»، الذى تدور الأحداث فيه داخل الحارة المصرية، وذلك من خلال قصة فتاة فقيرة تحاول التغلب على حياة البؤس والفقر بالعمل مع الدجالين والسحرة والمشعوذين، حيث تعمل فى مهنة طرد الأرواح الشريرة واستحضار البركة، وتتعرض لمواقف عصيبة وتجد نفسها مضطرة لمواجهتها بمفردها، كل هذه الأحداث فى الوقت الذى تقرر فيه صديقتها السفر إلى الخليج بحثاً عن المال وتحقيق رغباتها الشخصية. المسلسل من تأليف سماح الحريرى، وإخراج أحمد شفيق، وشارك فى بطولته كل من سمية الخشاب، بيومى فؤاد، يسرا اللوزى، دينا فؤاد، مها أحمد.


كفر دلهاب
وفى نفس العام قدم الفنان يوسف الشريف مسلسل «كفر دلهاب»، الذى تدور أحداثه فى عصر قديم فى قرية صغيرة تدعى كفر دلهاب، ولكن تلك القرية مشهورة بكثرة السحرة والأعمال الخفية. تمر القرية بمشكلة كبيرة فهناك فتاة صغيرة قد تم مسها من قبل جن شرير, يبدأ الناس فى القرية محاولة الوصول لحل لتلك المشكلة لأنها قد تؤدى الى دمار القرية. ولكن ينقلب ذلك الجن عليهم، ويقرر قتل كل شخص حاول أن يخرجه من جسد تلك الفتاة، وتدخل القرية فى حالة فوضى كبيرة. المسلسل من تأليف عمرو سمير عاطف، وإخراج أحمد نادر جلال، وشارك فى بطولته يوسف الشريف، محمد رياض، روجينا، محمد رياض، سهر الصايغ، هاجر الشرنوبى، وصفاء الطوخى.


عفاريت عدلى علام
وفى إطار كوميدى، تناول الفنان الكبير عادل إمام فكرة العفاريت والجن من خلال مسلسل «عفاريت عدلى علام»، الذى تدور أحداثه حول شخصية عدلى علام وهو موظف بهيئة دار الكتب، وهو محب للقراءة ومهتم بالثقافة، يعيش مع زوجته النكدية، وأخيها تحت سقف واحد، حتى تظهر له عفريتة فى أحد الأيام، وتطلب منه أن يجعلها فى حياته مقابل أن تغير له حياته للأفضل، فهل سيوافق على عرضها؟، وتتصاعد الأحداث فى إطار كوميدي. المسلسل بطولة عادل إمام وغادة عادل، وهالة صدقى، ومى عمر، وكمال أبو رية، من تأليف يوسف معاطى، وإخراج رامى إمام.
ناقوس الخطر
قال المؤلف والمخرج عصام الشماع: ن مثل هذه النوعية من الدراما تفجر دائماً الأسئلة وعلامات الاستفهام وليس دورها فى تقديم الإجابات، وذلك من خلال تنبيه الناس عبر دق ناقوس الخطر، موضحاً أن بعض المناطق فى الدول العربية شهدت تراجعاً ثقافياً، أدى بشكل أو بآخر إلى انتشار الخرافة والجهل، ومنها عالم الجن والعفاريت، والبعض يرى أنها حل أو ملاذ لهم من ضغوط الحياة أو التخلص من مشكلاتهم الرئيسية.
وأضاف الشماع أن مسلسل «الكبريت الأحمر» فضح الوهم المسيطر على البعض من خلال تصديق بعض الأفكار الخاطئة أو المغلوطة من خلال شخصية الدجال شمس، فى مواجهة العلم والعقل، التى تم تجسيدها فى شخصية الطبيبة والشيخ، مشدداً على أن المسلسل طرح كل الأفكار واستعرضها بشكل موسع والجمهور هو الذى يختار، لأن دور الفن الحقيقى هو جعل المتلقى يفكر ويسأل ويدفعه إلى البحث.
وأوضح الشماع أنه قدم فكرة السحر والدجل فى إطار مشوق مملوء بالإثارة، وذلك للفت الانتباه إلى المعانى التى يريد إيصالها للمشاهد، مؤكداً أنه استعان بالكثير من الكتب حتى يتمكن من عرض القضية بالشكل العلمى الصحيح، ولتناول الموضوع بعمق، عكس بعض الأعمال الأخرى التى عرضت الموضوع نفسه فى السينما والدراما، التى جاء فيها التناول اعتماداً على بعض المفاهيم التقليدية المتعارف عليها.
وختم الشماع حديثه قائلاً:  هذا الموضوع يشغل بال الكثيرين ولا يتعلق فقط بالطبقات البسيطة ولكن كل الطبقات على اختلاف ثقافتها وتعليمها، حيث ينفق البعض أموالاً طائلة على فكرة السحر والدجل ظناً منهم بأنه قد يخرجه مما يعانيه من مشكلات، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق.
مفهوم خاطئ
ويرى المؤلف محمد أمين راضى أن الأعمال الدرامية التى تناولت فكرة الدجل والسحر والشعوذة عكست موقف المؤلفين من تعلق البعض ولجوئهم للدجالين، حيث تم تقديمهم بشكل واضح بوصفهم نصابين، مشيراً إلى أن من يظن أن الدراما تروج لمثل هذه الأفكار هو خاطئ، ويجب عليه أن يشاهد الأعمال مجدداً ويفكر بشكل سليم فيما يتم طرحه.
وأضاف راضى أن فى مسلسل «السبع وصايا» على سبيل المثال قدمنا خطاً مباشراً وواضحاً ورافضاً لكل أعمال الدجل والشعوذة، موضحاً أن الأبطال ضمن أحداث المسلسل حدثت لهم أمور انتهت بكوارث، وليس نتاج لمثل هذه الكرامات أو غيرها، وهذا الأمر كان مقصوداً منذ البداية فى رسائل مباشرة وواضحة تماماً، والمسلسل تناول فكرة صناعة الوهم، والإيمان المتطرف بأى فكرة، موضحاً أن هناك الكثير من الأضرحة على سبيل المثال بلا تاريخ حقيقى فى مصر، ولا نعلم تاريخها بالأساس.
وختم راضى حديثه قائلاً: أميل إلى الإثارة والغموض وهو شكل من الكتابة الدرامية أقرب لذوقى كمتلقٍ، كما أن الجمهور الذى يتابع الدراما بات متنوعاً يتقبل الكثير من النوعيات، لاسيما شريحة المتفرج الذى يتابع المسلسلات الأجنبية فى مصر والوطن العربى بشكل مستمر، ومطلع دائماً على الجديد فى الخارج.
تجارب فنية
وصف الناقد الفنى رامى عبد الرازق وجود أكثر من مسلسل يتناول هذه الفكرة بالتجربة الفنية، وليس الظاهرة بمعناها الصريح، وذلك فى إطار التنوع الكبير الذى تشهده الدراما وموضوعاتها التى تقدمها للجمهور، لافتاً إلى أن هذه الأعمال جذبت شريحة واسعة لأنها كسرت بعض الشىء من الروتين المتعارف عليه فى الدراما، وانحصارها فى تيمة محددة مثل الكوميديا أو الاجتماعى أو التراجيديا، وبالتالى، فهو نوع جديد بالنسبة لهم.
وأضاف عبد الرازق أن تناول موضوعات السحر والدجل والشعوذة مسألة حساسة، وفى النهاية الأعمال الفنية من هذه الفئة تظل أعمالاً خيالية، والدراما ما هى إلا وسيط بين صناع العمل والجمهور فى توصيل الرسالة المستهدفة، موضحاً أن مساحة التعاطى مع الخرافات موجودة فى مجتمعاتنا الشرقية بدرجة أكبر من الخارج لأنهم يعتمدون على العلم والتكنولوجيا.
خط درامى
واعتبر الناقد الفنى نادر عدلى أن هذه الفكرة بشكل عام مستهلكة، وموجودة فى السينما والدراما المصرية والعالمية منذ قديم الأزل، موضحاً أنها تظل جاذبة دائماً لبعض الفئات من الجمهور، التى تفضل هذا النوع من الدراما، خاصة أننا كشعب لديه نوع من الفضول لمعرفة الأحداث الخيالية والخرافات، والغيبيات، والجن والعفاريت.
وأضاف عدلى أن التوعية من خطورة الدجل والشعوذة يجب أن تكون هى الهدف الأساسى لتلك المسلسلات، حتى لايقع المشاهد فريسة لتلك المعتقدات الخاطئة، ولكى لا تعطى الدراما مجالاً لانتشار عمليات النصب عبر هذه الطرق، لأن الجمهور مختلف من حيث الثقافة ومستوى التعليم، والبيئة المحيطة به، مشدداً على أن قصة المسلسل بالأساس هى العامل فى التأثير الذى يمكن أن يحدثه على الجمهور.
وأشار عدلى إلى أن هناك أعمالاً اعتمدت على هذه الفكرة كخط رئيسى، وغيرها تناولته بشكل هامشى، وقد تنتهى بإيصال معلومة للمشاهد أن تلك الخرافات غير حقيقية ولا يصدقها العقل أو المنطق، وقد تنتهى بالتأكيد على الأمر، وأن يصبح الدجل والسحر هو الحل لجميع مشكلاتنا، وهنا تكمن الأزمة، وبالتالى يجب إبراز السلبيات الناجمة عنها فى المقام الأول.
موروثات قديمة
وقال الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة إن الأعمال الدرامية استقت القصص الخاصة بها مما يحدث بالمجتمع المصرى فى الوقت الراهن فتجد نماذج فى البيئة المحيطة بنا تتبع وتؤمن تماماً بمثل هذه الأمور، وعليه يجب إبراز سلبياتها، معزياً انتشار هذه الأفكار لبعض الأسباب أبرزها زيادة نسبة الأمية، والتثقيف الخطأ، واستمرار اعتناق الموروثات القديمة، دون تفكير علمى، وانتشار الأمثال الشعبية التى يرتبط بعضها بهذه الخرافات، وبالتالى يجب على الدراما إظهار كل السلبيات والحيل التى يستخدمها بعض الدجالين من النصب على البسطاء بزعم حل المشكلات الخاصة بهم.
وأضاف زايد أن هناك الكثير من الأعمال السينمائية والدرامية التى تناولت فكرة السحر والدجل والشعوذة، ولكن تظل الأعمال التى اقتربت من عمقها، أو تحليل أسبابها بالمجتمع، بشكل دقيق قليلة فكانت أغلبها كجزء من السياق الدرامى للقصة الأساسية فقط، مشدداً على أن هذه المعتقدات جاءت نتيجة تراكمات أفرزها العقل الجمعى منذ سنوات طويلة.
شخصية هستيرية
وقالت الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، إن الموروثات الشعبية وبعض الأعمال الدرامية والسينمائية أكدت فى أذهان المشاهدين حيثيات ثابتة وراسخة عن الجن والعفاريت، وممارسات الدجل والشعوذة، وأن المس الشيطانى هو السبب، والحل فقط هو اللجوء للدجالين والنصابين لفك هذه العقد، مشيرة إلى أن الأعمال الدرامية التى تتناول فكرة السحر والدجل لها تأثير سلبى على بعض الأشخاص، خاصة الأطفال، والمراهقين ما لم تعرض مساوئ أو خطورة الاعتماد على مثل تلك الخرافات.