الثلاثاء 14 مايو 2024

النهضة العمرانية والتطور الإنشائي بمصر

أ.د. وفاء مرسي

أخبار12-1-2023 | 16:30

أ.د. وفاء مرسي

إن ما يتم بمصر من تطور إنشائي ونهضة عمرانية فى جميع أنحاء الدولة يعتبر خطوات قوية غير مسبوقة، حيث أن للدولة جهود في توفير وحدات سكنية وشبكات طرق لتيسر التنقل على المواطنين للمدن الجديدة كما اهتمت الدولة بمشروعات التنمية المستدامة المختلفة والتي تخدم  شرائح المجتمع. إن إنشاء المدن الجديدة والتوجه لمدن الجيل الرابع وتطوير العشوائيات وتطوير المفهوم السكني والاستجابة لمتطلبات الاستدامة مما يميز المرحلة ويؤكد أن التطور العمراني هو خطوة على طريق النهضة الحقيقية. إن أهم ما يميز التنمية المستدامة تحقيق منهجية متكاملة تأخذ في اعتبارها الظروف البيئية بالإضافة إلى التطور الاقتصادي وكل ذلك يتم بعمران الأرض وتأهيلها بالسكان من كل شرائح المجتمع. 

لقد مرت عصور والدولة المصرية تعاني  من العديد من المشاكل نتيجة البيئات غير الآمنة ومشكلات التلوث ومشكلات شبكات المياه وخطوط الصرف الصحي والمشكلات التكنولوجية التي تؤدي إلى استهلاك للطاقة واستنـزاف للموارد دون الأخذ في الاعتبار حقوق الأجيال القادمة في بيئة وحياة أفضل ومن هنا كانت البيئة السكنية هي محور المقومات الأساسية لمعيشة المواطن بشكل آمن وصحي. إن الأنشطة اليومية للبشر أثرت في مختلف القطاعات مما أدى إلى إدراك الدولة المصرية لأهمية التطور العمراني والإنشائي بشكل حقيقي وباتباع أساليب وتوصيات الأمم المتحدة في الحفاظ على البيئة السكنية وتحقيق التنمية المستدامة على وجه الخصوص بالقطاع العمراني الذي يتطلب توظيف الاستدامة والاستفادة من ذلك في التصميم الحضري المعاصر لضمان تحقيق استدامة البيئة الحضرية للمساهمة في توفير بيئـة عمرانية آمنة ومريحــة بما يضمن استمراريتها للأجيال القادمة والحد من استنزاف الموارد الطبيعية وتقليل الاعتماد على الوسائل الصناعية للطاقة ولهذا فإن الحلول والمعالجات البيئية التي يقدمها التصميم المستدام للبيئة السكنية تقود إلى تحقيق فوائد اقتصادية لا حصر لها على مستوى الفرد والمجتمع مع تقليل المضار الصحية على حياة الإنسان.

إن ما تشهده جمهورية مصر العربية لوقف البناء العشوائي والحفاظ على الأراضي الزراعية وتحديد استخدامات الأراضي والاهتمام بحياة كريمة للمصريين وتطوير المناطق الريفية المعزولة واعتماد الحوزة العمرانية والمناطق القابلة للاستثمار وخريطة متكاملة لمصر بها كافة الاستخدامات والأنشطة المرتقبة هو أولى الخطوات الحقيقية للتطور الحضري والعمراني.

إن الجهود المصرية في تحديد أنماط مختلفة ومتنوعة للسكن لجميع فئات المجتمع (منخفض– اجتماعي– متميز– متوسط– فاخر– فيلات– فيلات الاستخدامات) وعمل نماذج من الدولة لجميع الفئات في صورة مشروعات قومية تحت رعاية الدولة وإشراف وتنفيذ الجهات المختصة لتشجيع المواطنين على المشاركة وتغير أنماط حياتهم بما يتناسب مع إمكانياتهم كان على عاتق القيادة السياسية منذ البداية وقد تولت وزارة الإسكان العديد من المهام والمسئوليات متمثلة في تكثيف المهام لهيئة المجتمعات العمرانية وقطاع التشييد والبناء وكذلك تكثيف دور المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء. ولقد لاحظ القارئ استمرار فتح طرق ومحاور مرورية جديدة تخدم المواطنين كشرايين للوصول إلى المجتمعات العمرانية الجديدة والتوسع في استخدام وسائل النقل العامة النظيفة والصديقة للبيئة للوصول إلى جودة الحياة التي تليق بالمواطنين وبمستوى الدولة المصرية مما يوفر الوقت والوقود والانتقال الآمن اليسير وبسهولة وذلك من جميع مواقع الدولة إلى المدن الجديدة وكذلك مناطق تمركز الأعمال والأنشطة المرتبطة بالحياة والعمران ومتطلبات العمل ولعل افتتاح المرحلة الأولى لمدينة المنصورة الجديدة والتي تتبع إدارياً هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وتمثل المتنفس لسكان الدلتا بما لها من موقع سياحي استراتيجي مميز تتحقق به أنماط السكن والأنشطة التجارية والاقتصادية والخدمية حيث تبلغ مساحة المرحلة الأولى نحو 2063 فداناً، وتضم المرحلة الأولى نحو 19 ألف وحدة سكنية بالإضافة إلى جامعة المنصورة الجديدة، مدرستين للتعليم الأساسي، 8 أسواق، مركز طبي، قسم شرطة ووحدة إطفاء، المرحلة الأولى لمحطة تحلية مياه البحر، والمرحلة الأولى من محطة المعالجة، ومحطة الكهرباء. وتشمل إسكان اجتماعي متميز ويضم 58 عمارة سكنية، إسكان سكن مصر ويضم 196 عمارة سكنية، إسكان جنة ويضم 468 عمارة سكنية، إسكان الفيلات ويضم 1180 فيلا سكنية، وإسكان الأبراج ويضم 30 برج سكني وإداري وتجاري، كما تضم المدينة 30 برجًا تتضمن المرحلة الأولى 12 برجًا بارتفاعات متوسطها 28 طابقًا، تعتبر المنصورة الجديدة من مدن الجيل الرابع في مصر، فهي تعمل بالذكاء الاصطناعي الذي يساعد سكانها من الحصول على كل الخدمات عبر هواتفهم المحمولة دون الحاجة للذهاب لأي مؤسسة، كما توفر المدينة لسكانها جميع المرافق والخدمات والأنشطة ووسائل الترفيه. وكذلك افتتاح تطوير محور التعمير بالإسكندرية والذي يمتد من تقاطعه مع طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي وحتى طريق سيدي كرير المطار بطول 35 كم إلى جانب إنشاء طريق خدمة  على الجانبين بواقع 3 حارات لكل اتجاه (المرحلة الأولى بطول 14كم) من الذراع البحري حتى محور 54 ليخدم حركة الشاحنات إلى ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة. إن محور التعمير بمثابة خطوة على طريق تحقيق استراتيجية مصر والتي تدعم جهود الامتداد العمرانى المنظم، والمدن الجديدة والتجمعات السكنية الحديثة، وتقوي الجوانب الاقتصادية والتجارية، وتوفر فرص عمل، كما تربط المشروعات القومية لتتكامل مع بعضها، وذلك انعكاساً لرؤية تنموية شاملة وفلسفة علمية عميقة نحو البناء والتعمير والتنمية. بالإضافة إلى أن من شأنه أن يفتح آفاق تنموية جديدة لمنطقة غرب محافظة الإسكندرية بكاملها ويزيد من حيزها العمراني، ويربط ميناء الدخيلة بالطريق الصحراوى والطريق الدولى الساحلى ومدينة برج العرب، وليصبح شرياناً تنموياً حيوياً لربط الإسكندرية بمدينة العلمين الجديدة عبر الطريق الساحلى.

إن الدولة المصرية مستمرة في تقديم الجهود لفتح المجال للقطاع الخاص لنقل تجارب البناء الأخضر الذكي والمستدام بالعالم إلى مصر وضخ المزيد من السيولة وكثرة المعروض من البدائل السكنية لكل فئات المجتمع وخاصة المتوسط والفاخر في جميع المدن الجديدة كمناطق جذب للسكان. كما تسعى الدولة لاستكمال وإنهاء أعمال العاصمة الإدارية الجديدة من أجل تطوير القاهرة إلى مركز سياسي وثقافي واقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط من خلال بيئة اقتصادية تدعمها الأنشطة الاقتصادية والتجارية المتنوعة وتحقيق التنمية المستدامة مع ضمان الحفاظ على الأصول التاريخية والطبيعية المميزة التي تمتلكها القاهرة، وتسهيل المعيشة من خلال بنية تحتية تتميز بالكفاءة، ولقد تم البدء فى إنشاء العاصمة الإدارية شرق مدينة القاهرة وذلك لموقعها المتميز وقربها من منطقة قناة السويس والطرق الإقليمية والمحاور الرئيسية ويبلغ عدد السكان المستهدف خلال المرحلة الأولى حوالى 0.5 مليون نسمة بالإضافة إلى عدد 40 إلى 50 ألف موظف حكومي يتم نقلهم بالمقرات الجديدة، مع التخطيط لزيادة الطاقة الاستيعابية إلى 100 ألف موظف بعد الثلاثة أعوام الأولى وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 170 ألف فدان، عدد السكان عند اكتمال نمو المدينة 6.5 مليون نسمة، فرص العمل المتولدة حوالي 2 مليون فرصة عمل. لذا أصبح فكر التوسع في تخصيص منطقة خدمات بكل حي ومنطقة مخصصة للأعمال التجارية والإدارية بكل مدينة وحي للمال والأعمال بكل محافظة وكذا المجتمعات الإدارية الحكومية مجمع صغير لكل حي ومنطقة إدارية لكل مدينة وحي حكومي مصغر بكل محافظة، عمل نماذج لكل نشاط قابل للتكرار مثال لذلك (مدرسة تعليم أساسي– مدرسة ثانوي– حضانة– مراكز طبية– مباني سكنية– مبنى إداري نموذجي وكذلك تجاري– جراجات مركزية) كل بما يتناسب مع كود البناء الموحد والمرجعيات المعتمدة... على غرار العاصمة الإدارية الجديدة مع توفير وسائل الانتقال الآمن والسريع للعمل على مدار 24 ساعة… مع الاعتماد على نظم المعلومات والحوكمة والحكومة الإلكترونية لتقليل الكثافات وتحديد الوقت المناسب بدوريات مختلفة لتواجد المواطنين بالمصالح الحكومية لإحداث تسهيلات متنوعة لكل الأنشطة من خلال التراخيص والبنوك وبيئة العمل، مما يزيد الأمل القائم للتوسع والنجاح وعمل نماذج متميزة قابلة للتكرار في مناطق أخرى مع العمل على إنهاء مركزية العاصمة في إنهاء الأعمال وإعطاء كل الصلاحيات للمحافظات والمدن بما يتناسب مع اللوائح والقوانين ومحاربة الفساد لتخفيف الأعباء عن مواطنين المحافظات والمدن واستمرارا للحركة التنموية للبلاد..

Dr.Radwa
Egypt Air