رسالة إلى النيل

بالذي أجراكَ في قلبي وحرَّكْ

في دمي سرَّ الهوى يدفعُ سِركْ

بالذي ينثر تبرًا ولُجينًا

ذائبينِ .. بهما زيَّنَ صدركْ

أيها النيل الذي لا نهرَ يدنو

منكَ في عَلياك أو يبلغُ قدركْ

رُدَّ عقلي وتقبلني صديقًا

أرقبُ الشمسَ التي تلعقُ تِبرَك

ما الذي ترجوه منا غير حبٍّ

عطرُه يرسم في الأجواء عطركْ

حبنا مصرَ التي نعشق منها

كلَّ هذا الحسنَ إذ كانت مقركْ

هي، قالوا، هبةُ النيل وظلت

هبةَ النيل وما أجمل بِركْ

أنتَ أعطيتَ لها ضحكتَها

والحضاراتِ وفنًّا ليس يُدركْ

وتغزلتَ بأهراماتِ خوفو

والمسلاتِ وشبَّبتَ بكرنك

وملوكا خلدوا أعمالهم بالفنِّ 

يا نهرُ فكان الفنُّ نَهرَك

ما الذي أهدرَ فيك المجدَ عهدًا

بعد عهدٍ، فأطال الصبرُ صبرَك

عُدْ إلى صورتك الأولى وحقق

حلُمًا.. لن تقبل الأيامُ عُذرَك

انطلقْ نحو العُلا في ثقةٍ

ترقبُ الآبادُ أن تلعبَ دورَك

ارتفع فوق الجراحاتِ عظيمًا

إن بعدَ العُسر والتعتيمِ يُسرَك

أيها النيلُ الذي لا نهرَ يدنو

منك في علياك أو يبلغ قدرك

طاهرٌ أنت فهل في ذات يوم

حَطَّ من أعلى ملاكٌ شقَّ صدرك؟!