السبت 1 فبراير 2025

مقالات

حتمية الدروس لدحض الضغينة في النفوس

  • 14-1-2023 | 23:18
طباعة

تزعجني بشدة فكرة عدم نَيل حضارتنا المصرية القديمة ما تستحقه من احترام وتبجيل وتقدير، بقدر يفوق أقدم تراث حضاري أو إنساني على وجه الأرض قديماً أو حديثاً، لأنه مهما بلغ أياً من هذا التراث من جودة أو إبهار، لن يرقَ بأي حال من الأحوال لمستوى عبقرية الحضارة المصرية القديمة علمياً وفنياً وإنسانياً وحتى دينياً، ولا أَقُل لفظ "الحضارة الفرعونية" الذي وجب أن نتوقف عن تكرارهباعتباره بالغ المهانة للحضارة المصرية، التي لا تُنسَب لشخص فرعون موسى الطاغية الهكسوسي الأصل، وإنما تنسَب لأهل مصر من المصريين القدماء بناء الحضارة الأصليين، لا دعاة فوضى أو فساد أو استباحة.

فلطالما ظهرت محاولات النيل من الحضارة المصرية القديمة، تارة بالاستهزاء أو بالاستخفاف، وتارة بوصمها وصمة الكفر والإلحاد والعبودية، وتارة بمحاولة نسبها إلى شعوب أخرى سواء من قبل اليهود (التي مصر هي عقدتهم الأزلية)، أو بعض العرب الأفارقة أو الأسيوين، وكأنها حضارة لقيطة لا صاحب لها ولا صانع منتظرة من يلتقطها من الطرقات.

المؤلم في الأمر، أنه زادت مؤخراً حدة ووتيرة تلك المحاولات حتى بلغت مرحلة فجاجة لم تبلغها من قبل، ففي الوقت الذي تستكمل فيه دولة الاحتلال محاولاتها الدؤوبة التي لا تنتهي بمحاولة إثبات إنتسابهم للحضارة المصرية والأرض المصرية بأي طريقة، سواء بالطرق الناعمة التي كانت تقليدية، أو بالطرق السياسية من خلف الستار أو حتى بالتمرير من تحت المنضدة، هذا لأنهم لا يجرأون على ممارسة عقيدة المواجهة مع المصريين بالتحديد، فمن ناحية أخرى بدت تتحرك بقوة "حركة الأفروسنتريك" تجاه خطوات جدية لإثبات وتدويل إدعاءهم الباطل المشوه ضمنياً وظاهرياً بأنهم بُناة الحضارة المصرية القديمة، بل وأن المصريين الحاليين هم من سرقوها منهم ونسبوها لأنفسهم!!

هو أمر أقل ما يوصف من قِبَل أي إنسان طبيعي بأنه سفيه لا يصدر إلا من أخرق وحقود، ولا يصدقه ويردده إلا كل أرعن وإمعة، لكن الحقيقة تحدثنا أن هناك قصوراً شديداً في تعامل الجبهة الداخلية المصرية مع الأمر حتى بلغ ذروته في محاولات متعددة من بعض النماذج الأفريقية – أو ذوي الجذور الأفريقية- التي تلقً قبولاً واسعاً في الخارج لكونها من نماذج القوى الناعمة كالغناء أو التمثيل أو غيرهم، بما يمنحهم ميزة الانتشار وقوة التأثير دون مراجعة الحقائق المنطقية أو محاولة الإدراك وإعمال العقل.

ففي الوقت الذي أُعلن فيه عن موعد تنظيم حفلة للمؤدِ الهزلي الأمريكي من أصل أفريقي كيفن هارت، وهو ليس توصيف من أجل الاستهزاء، بل هو وصف حقيقي لمهنته الحقيقية كممثل ستاند أب كوميدي، وتنقسم فيه أسعار تذاكر حفلته إلى سبعة فئات تبدأ من 5 آلاف جنيه وتنتهي بـألف ومئتين، وهو المعروف بتصريحاته السابقة بأن المصريين لصوص حضارة، وتصريح آخر يقول فيه "يجب أن نعلّم أولادنا تاريخ الأفارقة السود الحقيقي عندما كانوا ملوكا في مصر، وليس فقط حقبة العبودية التي يتم ترسيخها فيهم في أمريكا، تتذكرون الوقت الذي كنا فيه ملوكاً"!!

من الجدير بالذكر أن الفنان الكوميدي الأمريكي سخر شركته الخاصة، للترويج لفكر الحركة، إذ أنتج وقام ببطولة مسلسل  Kevin Hart's Guide to Black Historyكيفين هارت دليلك إلى تاريخ السود، الذي عرض عبر منصة نتفليكس عام 2019، ويتناول تاريخ الأفارقة السود، من خلال حلقات موجهة للأطفال تشاركه في التمثيل فيه ابنته.

وهو ما حدا بالمصريين من مريدي منصات التواصل الاجتماعي المختلفة بالدعوة إلى إلغاء حفله المقرر إقامته باستاد القاهرة برعاية شركة خاصة، مهاجمين في ذلك الفكرة في حد ذاتها، وملومين في ذلك أيضاً الدور الغائب للجهات المعنية بمواجهة تلك الادعاءات أولاً بأول، سواء بالمواجهة المباشرة أو بتفعيل مؤثرات وأوجه القوى الناعمة المصرية المختلفة، وتدويلها على مستوى يليق بها وبالحضارة المُدافع عنها محل الفخر والاعتزاز والشرف أيضاً.

محاولات سرقة تاريخنا في 2011 من خلال الهجوم الممنهج على المتحف المصري والمجمع العلمي يتكرر من جديد بأشكال متعددة لا تنتهي، الأمر جلل ولا يتم اختزاله في شخص هذا النموذج النكرة على مستوى العقل الإنساني، لكنه من حيث المبدأ يرقى لمستوى العِرض الذي يجري في دماء المصريين ولا يقبل تفاوضاً أو جدلاً، تماماً كما سُئلت في إحدى المرات من خالد الذكر اللواء/ ناجي شهود، رحمه الله، يا مها لو حد قرّب من أرضك أو دينك أو عِرضك، هتعملي فيه إيه؟ فرددت بشكل قاطع، هاشيله من فوق وش الأرض.

تلك هي الخلاصة التي يجب أن تكون، القوة الغاشمة في مواجهة الفِكر والفُجر الغاشم

السبت 14 يناير 2023

أخبار الساعة

الاكثر قراءة