الجمعة 17 مايو 2024

أيمن شرف: موسى النبي أخذ الألواح من برديات المصريين وقومه سرقوا ذهبهم

17-8-2017 | 19:29

حوار – صلاح البيلي

روايتي عن موت المطلقات ونسبية الحقيقة وتجديد الخطاب الديني

موسى النبي أخذ الألواح من برديات المصريين وقومه سرقوا ذهبهم

بابا الفاتيكان أكد أن جهنم أسطورة

تجسيد المقدس أحد أبواب تجديد الخطاب الديني مثلما فعل الشيعة

نجيب محفوظ كان غنوصيا يضمر كره القاهرة في باطنه

 

يصف الكتب الصحفي الزميل أيمن شرف روايته ( السرادق ) بأنها تكتب شهادة بموت المطلقات والأيدولوجيا، مؤكدا أن الزمن لحظة واحدة بلا ماض ولا حاضر ولا مستقبل، ولذلك أجرى محاكمة علنية لأصحاب الديانات وقادة الثورات والفكر في سرادق عزاء كبير ضم الصوفي والماركسي والوجودي والمتدين والملحد والمؤرخ والروائي، وأجرى بينهم حوارات ممتدة في إعادة لتفسير التاريخ والأحداث وترتيبها من جديد، وإلى نص الحوار:

 

( السرادق ) روايتك الأولى فماذا أردت أن تقول من خلال المحاكمات التي أجريتها بين أبطالها؟

روايتي عمل فكري بالأساس وشخوصها هم صناع التاريخ في مصر والعالم وتاريخنا ثري جدا وممتد ويضم الأنبياء والزعماء والمفكرين، وناقشت أفكار هؤلاء بأثر رجعي في ضوء وعي اللحظة الراهنة وليس على ضوء زمانهم، ولذلك استدعيتهم بعد موتهم للحياة وجعلتهم في سرادق واحد وهدفي أن أثبت موت المطلقات لأن تراث البشرية يذهب بنا الآن إلى أن كل الحقائق نسبية وأنها عصية على الإدراك ووجدت أن كل الأديان السماوية والأرضية تتمحور حول الدين ونحن الآن باتجاه يقين آخر لاديني أو تمييز الديني عن اللاديني!.

 

يبدو أنك تتهم كل شخصيات التاريخ ولم تمنح البراءة لأحد فهل كل تاريخنا بهذا السوء؟

أبطال الرواية شخوص مروا على ذهني وقرأت عنهم وعايشتهم من حكم السادات لمبارك والإخوان المسلمين، ولذلك عقدت ركنا للحوار بين مبارك وحسن البنا وأنصارهما ورجال كل طرف من السابقين واللاحقين تناقشوا فيما فعلوه ورأي كل طرف في الآخر وفكرة النظام السياسي من عبد الناصر لمبارك وقد أطل عليهم من آخر السرادق محمد علي باشا واتهمهم بأنهم أضاعوا أساس الدولة المصرية.

 

وما هو أساس الدولة المصرية بنظرك ؟

التنوع والجماعية .

 

استدعيت أشخاص مثل ماركس ولينين ممن لا صلة لهم بواقعنا فلماذا؟

نعم استدعيت ألهة مصرية قديمة وأنبياء سماويين وأصحاب ديانات أرضية، ومذاهب، وحكى كل منهم حكايته أو أعاد النظر فيما حدث معه، وبذلك أثبت أن التاريخ كسجل بشري لم يعد حكرا على أحد أو على المتخصصين فقط؛ بل نصنعه حاليا على مرأى ومسمع من الجميع وكلنا نشارك فيه وهو يصنع على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الشاشات وأصبح كل فرد مشاركا في صناعة التاريخ.

 

هل يمكن تشبيه روايتك برواية ( أمام العرش ) لنجيب محفوظ ؟

لا ولست أقول إنني كتبتها على منوال أحد أو تقليدا لأحد ولم يسبق لي أن كتبت رواية ولم أسع لذلك، ولا أقتدي بأحد ولا أستدعي روائيا بعينه، وإن كنت تأثرت بمحفوظ في قراءاتي له، وحين قررت كتابتها لم يكن لدي مشروع لكتابتها بل كانت مجرد فكرة محددة ناسبت عباءة الرواية.

ورواية نجيب محفوظ تستدعي حكام مصر بالتتابع ليبرروا ما صنعوا أما أنا فقد استدعيت كل من أثروا في التاريخ من زعماء وثوار وفلاسفة من ماركس لجيفارا وكونفوشيوس حتى تحية كاريوكا التي مدحها إدوارد سعيد، وكيف تعلم الاستمتاع بالحياة منها كراقصة، وتتسع لرواية موسى النبي الذي سرق قومه ذهب المصريين وأخذ هو ألواح حكمته من المصريين وبردياتهم. فالسرادق مأتم عزاء لموت المطلقات على صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وهو يتلو القرآن وكلهم يتحدثون في لحظة واحدة وكأنهم معا وليس تراكميا واتبعت تقنية محفوظ وسلمان رشدي في الكلام عن المقدسات بالرموز أما الشخصيات التاريخية فهي سافرة لا رمز فيها حتى يتعود الناس على رؤية المقدس في الميديا.

 

كيف جهزت نفسك لكتابة الرواية ؟

قرأت عن كل شخصية كثيرا لأعرف النقطة المركزية في فكر كل واحد منهم وحاليا أنا مستغرق في القراءة عن إخناتون ولا أعتبره أول الموحدين كما أشيع عنه، والرواية هكذا تحاول استجلاء الحقيقة فيما يتعلق بتاريخنا والأساطير السائدة أو المروجة عن هذا التاريخ، ولا أطمع أن أكون روائيا، بل الأفكار كتبت نفسها ووضعت المراجع في الهامش لأنني اعتبرتها كتابا لمناقشة التاريخ وعندما كنت رئيسا لتحرير ( الدستور ) سنة 1996 طرحت فكرة كشف الزائف في التاريخ، وكنت مغامرا في كشف أبطالنا شبه المقدسين من سعد زغلول لأدهم الشرقاوي وأم كلثوم وهيكل وغيرهم ممن تحولوا لرموز لا يجوز الاقتراب منها،  قدمناهم كبشر يصيبون ويخطئون وعرفة الدوافع والأسباب التي كانت تحركهم .

 

هل يمكن فهم روايتك على أنها تهدف لتجديد الخطاب الديني؟

كلنا نحاول الخروج من الحظيرة بعد نجيب محفوظ، وهكذا قال بابا الفاتيكان إنه لا يمانع من وجود بابا امرأة، وقال إن قصة آدم وحواء والتفاحة ما هي إلا أسطورة وكذلك جهنم، وفي الإسلام يحاول الشيعة تجسيد الأنبياء، وهذا التجسيد للمقدس أحد أبواب تجديد لخطاب الديني، وكذلك رواية ( شفرة دافنشى ) التي منعتها الكنيسة المصرية، وهي رابع كنيسة بالعالم ترفضها بعد (روما والقسطنطينية وأنطاكية) وقد رفض بابا الإسكندرية سنة 332 ميلادية في مؤتمر (أريوس) مبدأ التثليث (الأب والابن والروح القدس)، وهذا شبيه بمحنة خلق القرآن عند المتزلة والتي حبس فيه أحمد ابن حنبل، وبهذا الشكل الرواية جاءت كتجديد للخطاب الديني، ونظرت للأديان داخل سياق التاريخ وليس من خارجه وهذا ما حدث مع ( أولاد حارتنا والحرافيش ) لنجيب محفوظ حيث عاشور الناجي هو رمز للنبي نوح الناجي من الطوفان وصاحب المئذنة هو رسول الإسلام وبعد ( أولاد حارتنا ) كتب محفوظ ( الحرافيش ) مختصرا المقدس في ثلاثة أجيال وأعتقد أن محفوظ كان يكره القاهرة في باطنه لما تحمله من روح بداوة وهو كرجل غنوصي له باطن كبير.