الأحد 30 يونيو 2024

هدرا جرجيس: الإبداع الحقيقي يكشف حجم إساءاتنا لأنفسنا... (حوار)

17-8-2017 | 19:39

ـ رواج الروايات ليس دليلًا على جودتها

ـ الجماهيرية ليست المعيار في الأدب

ـ الأكثر مبيعًا معيار تجاري

تحتشد التجربة السردية للروائي والقاص هدرا جرجس، بالكثير من العوالم والتفاصيل المغايرة على مستوى الرؤية والبناء السردي، إذ تنطلق من تجربةٍ أشمل تتعلق بالواقع العام والخاص الذي أبدع خلاله نتاجه الأدبي، بدءًا من مخطوطة رواية الجسد اللين لامرأة الصلصال مرورًا بـ"مواقيت التعري" التي حصل بها على جائزة ساويرس، ووصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة "البوكر" للرواية العربية.

وفي حواره لـ"الهلال اليوم" تحدث هدرا عن قصته الطويلة "خطية رابضة عند الباب" التي من المزمع أن تتحول إلى عمل فني مرئي، يتناول فيه عالم الأبواب المغلقة في حياتنا وعدم الانفتاح على الآخر، ما يؤدي إلى الكثير من النتائج المأساوية والمؤسفة وربما لأسبابٍ تافهة.

كما تحدث عن رؤيته للجوائز الأدبية والوسط الثقافي المصري، وتناوله لقضية الفتنة الطائفية وعن خططه الأدبية وعمله القادم..  فإلى نص الحوار

ـ لماذا الجوائز الأدبية لم تعد تصنع نجم؟

أختلف معك، فالأعمال التي تفوز بالجوائز تُقرأ على نطاق أوسع، وجوائز مثل البوكر العربية تهتم بالفائزين بها وبالدعاية والترجمة لأعمالهم، ووفقًا لمعيار مصداقية الجوائز وقيمتها المادية وقدرتها على الدعاية لنفسها يكون معدل الاهتمام بها.

ـ هل ترى أن الـ"بيست سيلر" أو الأكثر مبيعًا، مقياس لجودة العمل؟ وهل يؤثر على كتابات المبدعين الحقيقيين؟

لم تكن أعمال نجيب محفوظ الأكثر مبيعًا في زمنه، كان هناك آخرون أعمالهم رائجة أكثر منه لم يعد أحد يعرفهم الآن، أما هو فقد صار خالدًا في تاريخ الرواية العربية، ولذلك فرواج الروايات ليس دليلًا على مطلقا على جودتها، صموئيل بيكت لم يكن يحضر مسرحياته إلا بضع مشاهدين، وعندما سألوه عن ذلك كان يقول ساخرًا: مسرحيتي القادمة لن يحضرها أحد مطلقًا، الجماهيرية ليست المعيار في الأدب أو أعمال الفكر والرسالات العظيمة، إنما البقاء هو المعيار، هناك أفكار بدأت محدودة جدًا بل ومضطهدة ولكنها أصبحت تغزو العالم فيما بعد، إنما الأكثر مبيعًا هو معيار تجارى مطلوب أيضا وهام، لكنه يرتبط بالكتب كسلعة تُباع وتُشترى أو كصناعة فيها مكسب وخسارة، ولا يرتبط بالأفكار التي تحتويها ولا يمكن تقييم تلك الأفكار بهذا المعيار وحده.

ـ في طرح القضايا عبر السرد.. هل ينحاز المبدع لأطرافٍ بعينها أم يكون محايدًا في طرحه؟

الإبداع الذى يطرح فكرًا حقيقيًا لا يمكن أن يسيء، لأنه يدور في فلك الإنسان، الإنسان هو البطل الرئيس، هو الغاية والوسيلة، وهو الهدف والطموح، وتقييم أي أفكار يرتبط بدرجة قربها من المفاهيم العظمى للإنسان، لكن ما الذى يحدث أثناء القراءة، فيجعل الأفكار أو الروايات تُغضب البعض، سواء من مؤسسات دينية أو سياسية أو حتى أفراد، ما يحدث هو أن هذه الروايات تكشف لهم الحقيقة، وتضعهم أمام مرآة ليروا أنفسهم على حقيقتها فيغضبون، ولكن ـ صدقنى ـ الأفكار والإبداع الحقيقي لا يسيء لأحد، إنما يكشف حجم إساءاتنا لأنفسنا وللعالم من حولنا فنتضايق.

أثناء كتابة "صياد الملائكة" لم أكن في معركة حتى أكون مع طرف على حساب طرف، لم يكن هناك طرفان من الأساس، فصياد الملائكة كان بطلها "حنا دميان" ليس لديه يقين عمن يكون، نموذج للمغترب الحقيقي وهو على أرض الوطن، يبحث عن نفسه وعن معنى للحياة، يحلم بالملائكة ويظن ـ وهو طفل ـ بأنه نبي ويعتقد أنه يحمل معنى ما أو رسالة، ولكنه يُصلب فعليًا على أعمدة مدينته، ويكتشف مقامه الحقيقي في هذه الدنيا، ولم يعد المجتمع كما كان، فهذه صيحة إنذار، تلك وظيفة من وظائف الأدب بالمناسبة، لم نعد نقبل الآخر، بعد أن كانت مصر مجمعًا كوزموبولتانيا مختلطًا.

وماذا عن روايتك "خطية رابضة عند الباب "؟

هي قصة طويلة "نوفيلا" عن باب مغلق يتحول إلى قاتل، وهكذا ستكون كل الأبواب المغلقة في حايتنا، ستتحول جميعها إلى قتلة، لو لم نبادر بفتحها، ونتعرف على بعضنا بعض مباشرة، نتلاقى ويرى الواحد منا الآخر، ونكف عن الحديث من وراء الأبواب المقفلة.

فالقصة تدور عند باب يقف خلفه كهل عمره مائة سنة وعلى الجانب الآخر من الباب يقف طفل 12 سنة، لا يفهم كلاهما الآخر وينتهى الأمر بأحدهما أن يقتل الثاني نتيجة سوء تفاهم بسيط، وهذه القصة تستوحي حادثة القتل الأولى، بين هابيل وقابيل".

    الاكثر قراءة